المصالحة الوطنية في ليبيا (13-2-2022) فرج مراجع فرج بن موسى | FARAG MURAJIA FARAG BIN MOUSA ...

المصالحة الوطنية في ليبيا (13-2-2022)

فرج مراجع فرج بن موسى | FARAG MURAJIA FARAG BIN MOUSA


من أهم أعمال ومساعي ومميزات المصالحة الوطنية الليبية، بأنها تأسس الاسْتقرار السِّياسي والاجْتماعي والثَّقافي، وتهْدف للْمصالحة والتَّسامح ونبذ الخلافات بين أبناء الوطن الواحد، وينتج مما سبق الأمن والأمان في بلادنا الحبيبة، ونشاهد الصَّفاء والضَّياء والنَّقاء في الجوانب السَّياسية، وبذلك تسير عجلة الانتخابات البرلمانية والرئيسية للأمام، وكذلك ينْتشر الازْدهار والتَّطور الثَّقافي في بلادنا، ومن ثمار المصالحة انتهاء المشاكل الاجتماعية، واسْترجاع الحقوق المغتصبة، للْمُمْتلكات الحكومية والمدنية بواسطة القانون الليبي، وبذلك تتغلَّب الرُّوح الوطنية الصَّادقة، وتنصهر الأبعاد المناطقية والجهوية التي تقف عائقاً أمام أي جهود في تحقيق المصالحة الوطنية.

لماذا المصالحة الوطنية:
- لأن أضرار هذه الصِّراعات السِّياسية يعود على مُكونات الشَّعب الليبي، ناهيك بكونها عقبة أساسية في أي مسعى لبناء دولة المؤسسات والمواطنة في ليبيا.
- بهذه المصالحة يتوقف الصراع السَّياسي، وتنتعش الحياة في ليبيا.
- الليبيون سئموا الحرب ومعاناة النُّزوح والهجرة.
- تفعيل دور القضاء الليبي في الدّماء والحقوق بيْن أبناء الوطن الواحد.
وتعدُّ المصالحة الوطنية أهم خطوات جبر الضرر ومعالجة الخطأ ودفع الظلم، وإحقاق الحق، وتساهم المصالحة في الابتعاد عن الخلافات والقبول بالآخر والتعايش معه، كما أنني أذكركم بأن توضيح الأسباب والمسببات في الحرب والصراع مهم جداً، ولكنه أحياناً يعرقل المصالحة الوطنية، لذا فالنية الحقيقة لابد أن تتجه نحو العفو والصُّلح بين أبناء دولتنا الحبيبة، كذلك لابد من التسامح والعفو، ويحتاج هذا الخُلق إلى مشروع وطني واضح المعالم محدد الخطوط، فأحياناً يبدأ بمؤتمر للمصالحة لننتهي بخطوات عملية، يتم فيها جبر الضرر بالتعويض المعنوي أولاً، والمادي ثانياً، ومعرفة من أخطأ، ومن ثم يأتي دور العفو، ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُون﴾ سورة الزخرف الآية (89).
ومما يساهم في رأب الصدع ويقرب وجهات النظر ويحقق النتائج المطلوبة والمرجوة:
1- الاعتراف بالخطأ والاعتذار من أجل أن يتحقق الصلح.
2- التخلص من المكابرة التي تؤجج روح الانتقام، واستحضار النية الصادقة من أجل إصلاح ذات البين.
3- اشتراك جميع القوى الفاعلة في المصالحة، سوء كانت هذه القوى داخل العملية السياسية أو خارجها.
4- بناء الثقة بين الأطراف، والالتزام بالمعايير والقيم التي تتطلبها المصالحة الوطنية.
5- معالجة ترسبات الماضي، برد الممتلكات المصادرة والمنهوبة.
قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)﴾ سورة النساء.ٍ وقال تعالى ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) ﴾ سورة الحجرات، وقال تعالى ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(54)﴾.
وأخيراً:
نختم هذا الموضوع بالتَّأكيد على أن المصالحة الوطنية الشَّاملة بين أبناء الدُّولة الليبية تساهم في التَّسامح والتَّصالح، وتنهي الصِّراع السَّياسي والتَّدخل الخارجي، وتفتح أبواب الانتخابات البرلمانية والرئيسية، وكذلك ينتج عن المصالحة الوطنية إرجاع الممتلكات المسْرُوقة لأصحابها، كما تنهي حالة النُّزوح والتَّهجير التي عانت منها أغلب المدن الليبية لما يُقارب عن 9 سنوات، وبذلك يكون الحكم للقضاء في الفصل بين المتخاصمين والمتنازعين، وبهذه المصالحة بإذن الله ترد الحياة في بلادنا لطبيعتها، وننهض بها في المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية والسياسية والرياضية، وبذلك نطوي صفحة الماضي الأليم، التي راح ضحيتها العديد من أبناء ليبيا، ونحقق السَّلام والاسْتقرار والتَّعايش بيْننا، ونرفع شعار رحماء بينهم.
المراجع:
- العبيدي، جبريل، 2021، ليبيا مشروع المصالحة، الشرق الأوسط (جريدة العرب الدولية،ع15484.
- https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=16022019&id=814dacc7-7652-49d1-971a-301007d6218c