وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ ...
وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)
بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ
[آل عمران: 123- 126] ، ثم وعدهم أنهم إن صبروا واتقوا أمدهم بخمسة آلاف. فهذا من قول رسوله، والإمداد الذي ببدر من قوله تعالى، وهذا بخمسة آلاف، وإمداد بدر بألف، وهذا معلق على شرط، وذلك مطلق. والقصة في سورة آل عمران، هي قصة (أحد) مستوفاة مطولة، و (بدر) ذكرت فيها اعتراضا.
والقصة في سورة الأنفال قصة (بدر) مستوفاة مطولة، فالسياق في آل عمران غير السياق في الأنفال. يوضح هذا أن قوله: وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا [آل عمران: 125] ، قد قال مجاهد: هو يوم (أحد) ، وهذا يستلزم أن يكون الإمداد المذكور فيه، فلا يصح قوله إن الإمداد بهذا العدد كان يوم بدر وإتيانهم من فورهم هذا يوم أحد، والله أعلم. انتهى.
وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (8) : آية 10]
وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)
وَما جَعَلَهُ اللَّهُ أي هذا الإمداد إِلَّا بُشْرى أي بشارة لكم بالنصر وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ، وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أي من غير أن يكون فيه شركة لغيره إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
قال بعض الحكماء: ذكر تعالى في هذه الآية حكمة إخبارهم بالنصر، وأنه يريد بشراهم وطمأنينتهم وتوكلهم عليه، وهو أدعى إلى قوة العزيمة.
فإن العامل إذا أيقن بأن معه قاهر الكون: رفعته تلك الفكرة، وجعلته أقوى الناس، وأقدرهم على صعاب الأمور، لا كما يظنه المنتكسون الجاهلون الكسالى اليائسون من روح الله، حيث جعلوا التوكل ذريعة إلى البطالة، فباءوا بغضب على غضب. انتهى.
ثم ذكّرهم سبحانه بنعم أخرى جعلها سببا لنصرهم، وللعناية بهم، فقال:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (8) : آية 11]
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (11)
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ أي يلقي عليكم النوم للأمن الكائن منه تعالى،
.
.
.
.
.
.
.
.
t4t
يا نفس ويحك توبي واعملي حسنا ... عسى تجازين بعد الموت بالحسن«1»
22-* (عن جبير بن نفير قال: لمّا فتحت قبرص فرّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض فرأيت أبا الدّرداء جالسا وحده يبكي فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأهله؟
فقال: ويحك يا جبير. ما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره. بينما هي أمّة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى) * «2» .
23-* (قال سفيان: «من أذنب ذنبا فعلم أنّ الله تعالى قدّره عليه ورجا غفرانه غفر الله له ذنبه» ) * «3» .
24-* (وذكر عن مالك بن دينار قال: قرأت في الحكمة: «يقول الله عزّ وجلّ: «أنا الله مالك الملوك. قلوب الملوك بيدي، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك، ولكن توبوا إليّ أعطّفهم عليكم» ) * «4» .
25-* (قال عبد الله بن المبارك- رحمه الله-
أيضمن لي فتى ترك المعاصي ... وأرهنه الكفالة بالخلاص
أطاع الله قوم فاستراحوا ... ولم يتجرّعوا غصص المعاصي
«5»
26-* (عن عبد الله بن المبارك، في ذكر شروط التّوبة،
قال: النّدم،
والعزم على عدم العود،
وردّ المظلمة
وأداء ما ضيّع من الفرائض،
وأن يعمد إلى البدن الّذي ربّاه بالسّحت فيذيبه بالهمّ والحزن حتّى ينشأ له لحم طيّب،
وأن يذيق نفسه ألم الطّاعة،
كما أذاقها لذّة المعصية» ) * «6» .
27-* (عن عروة بن عامر- رحمه الله- قال:
المؤمن تعرض عليه ذنوبه يوم القيامة فيمرّ بالذّنب من ذنوبه يقول: أمّا إنّي كنت منك مشفقا فيغفر له» ) * «7» .
28-* (قال طلق بن حبيب: «التّقوى:العمل بطاعة الله رجاء رحمة الله، على نور من الله، والتّقوى ترك معاصي الله، مخافة عقاب الله، على نور من الله» ) * «8» .
29-* (قال مالك- رحمه الله-: «دخل عمر ابن عبد العزيز على فاطمة امرأته فطرح عليها خلق ساج عليه، ثمّ ضرب على فخذها فقال: يا فاطمة لنحن ليالي دابق أنعم منّا اليوم «9» ، فذكّرها ما كانت نسيته من عيشها، فضربت يده ضربة فيها عنف
فنحّتها عنها وقالت: لعمري لأنت اليوم أقدر منك يومئذ، فقام وهو يقول بصوت حزين: يا فاطمة إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يوم عظيم. فبكت فاطمة وقالت: اللهمّ أعذه من النّار» ) * «1» .
__________
(1) الشوارد في الشعر (50) .
(2) الجواب الكافي (61) .
(3) إحياء علوم الدين للغزالي (145) .
(4) الجواب الكافي لابن القيم (67) .
(5) أدب الدنيا والدين للماوردي (106) .
(6) البخاري- الفتح 11 (103) .
(7) الزهد لابن المبارك (52) .
(8) الدر المنثور للسيوطي (1/ 61) .
(9) ليالي دابق ... إلخ: يعني أن حياتنا في الليالي التي عشناها في منطقة (دابق) أكثر نعومة ورفاهية من حياتنا التي نحياها اليوم.
بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ
[آل عمران: 123- 126] ، ثم وعدهم أنهم إن صبروا واتقوا أمدهم بخمسة آلاف. فهذا من قول رسوله، والإمداد الذي ببدر من قوله تعالى، وهذا بخمسة آلاف، وإمداد بدر بألف، وهذا معلق على شرط، وذلك مطلق. والقصة في سورة آل عمران، هي قصة (أحد) مستوفاة مطولة، و (بدر) ذكرت فيها اعتراضا.
والقصة في سورة الأنفال قصة (بدر) مستوفاة مطولة، فالسياق في آل عمران غير السياق في الأنفال. يوضح هذا أن قوله: وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا [آل عمران: 125] ، قد قال مجاهد: هو يوم (أحد) ، وهذا يستلزم أن يكون الإمداد المذكور فيه، فلا يصح قوله إن الإمداد بهذا العدد كان يوم بدر وإتيانهم من فورهم هذا يوم أحد، والله أعلم. انتهى.
وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (8) : آية 10]
وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)
وَما جَعَلَهُ اللَّهُ أي هذا الإمداد إِلَّا بُشْرى أي بشارة لكم بالنصر وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ، وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أي من غير أن يكون فيه شركة لغيره إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
قال بعض الحكماء: ذكر تعالى في هذه الآية حكمة إخبارهم بالنصر، وأنه يريد بشراهم وطمأنينتهم وتوكلهم عليه، وهو أدعى إلى قوة العزيمة.
فإن العامل إذا أيقن بأن معه قاهر الكون: رفعته تلك الفكرة، وجعلته أقوى الناس، وأقدرهم على صعاب الأمور، لا كما يظنه المنتكسون الجاهلون الكسالى اليائسون من روح الله، حيث جعلوا التوكل ذريعة إلى البطالة، فباءوا بغضب على غضب. انتهى.
ثم ذكّرهم سبحانه بنعم أخرى جعلها سببا لنصرهم، وللعناية بهم، فقال:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (8) : آية 11]
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (11)
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ أي يلقي عليكم النوم للأمن الكائن منه تعالى،
.
.
.
.
.
.
.
.
t4t
يا نفس ويحك توبي واعملي حسنا ... عسى تجازين بعد الموت بالحسن«1»
22-* (عن جبير بن نفير قال: لمّا فتحت قبرص فرّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض فرأيت أبا الدّرداء جالسا وحده يبكي فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأهله؟
فقال: ويحك يا جبير. ما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره. بينما هي أمّة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى) * «2» .
23-* (قال سفيان: «من أذنب ذنبا فعلم أنّ الله تعالى قدّره عليه ورجا غفرانه غفر الله له ذنبه» ) * «3» .
24-* (وذكر عن مالك بن دينار قال: قرأت في الحكمة: «يقول الله عزّ وجلّ: «أنا الله مالك الملوك. قلوب الملوك بيدي، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك، ولكن توبوا إليّ أعطّفهم عليكم» ) * «4» .
25-* (قال عبد الله بن المبارك- رحمه الله-
أيضمن لي فتى ترك المعاصي ... وأرهنه الكفالة بالخلاص
أطاع الله قوم فاستراحوا ... ولم يتجرّعوا غصص المعاصي
«5»
26-* (عن عبد الله بن المبارك، في ذكر شروط التّوبة،
قال: النّدم،
والعزم على عدم العود،
وردّ المظلمة
وأداء ما ضيّع من الفرائض،
وأن يعمد إلى البدن الّذي ربّاه بالسّحت فيذيبه بالهمّ والحزن حتّى ينشأ له لحم طيّب،
وأن يذيق نفسه ألم الطّاعة،
كما أذاقها لذّة المعصية» ) * «6» .
27-* (عن عروة بن عامر- رحمه الله- قال:
المؤمن تعرض عليه ذنوبه يوم القيامة فيمرّ بالذّنب من ذنوبه يقول: أمّا إنّي كنت منك مشفقا فيغفر له» ) * «7» .
28-* (قال طلق بن حبيب: «التّقوى:العمل بطاعة الله رجاء رحمة الله، على نور من الله، والتّقوى ترك معاصي الله، مخافة عقاب الله، على نور من الله» ) * «8» .
29-* (قال مالك- رحمه الله-: «دخل عمر ابن عبد العزيز على فاطمة امرأته فطرح عليها خلق ساج عليه، ثمّ ضرب على فخذها فقال: يا فاطمة لنحن ليالي دابق أنعم منّا اليوم «9» ، فذكّرها ما كانت نسيته من عيشها، فضربت يده ضربة فيها عنف
فنحّتها عنها وقالت: لعمري لأنت اليوم أقدر منك يومئذ، فقام وهو يقول بصوت حزين: يا فاطمة إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يوم عظيم. فبكت فاطمة وقالت: اللهمّ أعذه من النّار» ) * «1» .
__________
(1) الشوارد في الشعر (50) .
(2) الجواب الكافي (61) .
(3) إحياء علوم الدين للغزالي (145) .
(4) الجواب الكافي لابن القيم (67) .
(5) أدب الدنيا والدين للماوردي (106) .
(6) البخاري- الفتح 11 (103) .
(7) الزهد لابن المبارك (52) .
(8) الدر المنثور للسيوطي (1/ 61) .
(9) ليالي دابق ... إلخ: يعني أن حياتنا في الليالي التي عشناها في منطقة (دابق) أكثر نعومة ورفاهية من حياتنا التي نحياها اليوم.