لأنها الأصل فيه وهذا هو المشهور وترك تعريف النار الذي في الكشاف لعدم احتياجها للتعريف كما لا يخفى. ...

لأنها الأصل فيه وهذا هو المشهور وترك تعريف النار الذي في الكشاف لعدم احتياجها للتعريف كما لا يخفى. قوله: (أي النار ما حول المستوقد إلخ) الضمير المؤنث في قول المصنف رحمه الله جعلتها للإضاءة المفهومة من أضاءت أو لأضاء باعتبار أنها كلمة، والإضاءة جعل الشيء مضيثاً نيرا، وأضاء يكون متعدّياً ولازما كما صرّج به الجوهريّ، وغيره من أئمة اللغة فعلى الأوّل ما موصولة أو موصوفة والظرف المستقرّ صلة أو صفة وهي مفعوله، وعلى الثاني فما كذلك وهي فاعل وأنث فعله لتأويله بمؤنث كالجهات والأمكنة أو فاعله ضمير النار، وما في محل نصب على الظرفية أو زائدة وحوله ظرف كما سيأتي تحقيقه، ونصب ما محلاَ على الظرفية لأنه في معنى الأمكنة الآ أنه قيل على هذا إنه يقتضي التصريح بقي إمّا لأنّ ما موصولة معرفة أو في معناها، ولا بدّ في المكان المعين من ذكر في فإنه لا يقال جلست المسجد، وأمّا ما قيل من إنّ في إنما تحذف في لفظ مكان لكثرة استعماله في كلام العرب، ولا كثرة في الموصول الذي عبر به عنه وما أجيب به عنه من أنها تركت لما في الحول من الإبهام وإن كان مضافاً لمعرفة أو إنه مخرج على نحو قوله: كما عسل الطريق الثعلب
فاعترض عليه بأنه لا دخل للتعريف، وغيره في النصب على الظرفية على ما تقرّر في
كتب النحو، وبانّ ما خرج عليه شاذ أو ضرورة لا يقاس عليه، وأمّا الحل بأن ما حوله في معنى عند ونصسب ما في معنى عند لإخفاء فيه، فليس بشيء، وقولهم: إنه مختص بلفظ مكان مخالف لما قرّره النحاة قال: نجم الأئمة الرضي لفظ مكان، وكذا لفظ الموضع والمقام ونحوه ينصب بشرطه، وهو انتصابه بما فيه معنى الاستقرار كقعدت وقمت وهو صريح في خلافه، وهذا كله على ما فيه مما لا يجدي فالحق أن يقال إنّ ما الموصولة أو الموصوفة إذا جعلت ظرفاً فالمراد بها الأمكنة التي تحيط بالمستوقد، وهي جهاته الست وأسصاء الجهات الست مما ينصب على الظرفية قياساً مطرداً فكذا ما عبر به عنها، وهو المراد بالأمكنة اختصارا لا المكان وحده وهذا اللفظ هو الذي أوقعهم فيما وفعوا فيه، وهذا معنى قوله في الكشاف وفيه وجه آخر وهو أن يستتر في الفعل ضمير النار ويجعل إشراق ضوء النار حوله بمنزلة إشراق النار نفسها على أن ما مزيدة أو موصولة في معنى الأمكنة قال قدس سرّه:! أنّ سائلا يقول إذا استتر في الفعل ضمير النار وجب أن توجد النار حول المستوقد حتى يتصوّر إضاءتها وإشرإقها، فأجاب بأنّ النار وإن لم توجد فيما حوله فقد وجد ضوءها فيه فجعل إشراق ضوء النار حوله بمنزلة
إشراق النار نفسها فيه فأسند إليها إسناد الفعل إلى السبب كبني الأمير المدينة فإنّ النار سبب لإشراق ضوئها حول المستوقد، وما-له ما اشتهر في العرف من أنّ الضوء ينتشر من المضيء إلى مقابلاته فيجعلها مستضيئة، وقد قيل عليه إنّ هذا بناء على أنّ إشراق النير في البيت إنما يطلق إذا حل ذلك النير في البيت، وكأنّ المصنف رحمه الله لم يتعرّض له لأنه لا يقول به لإقتضائه أت لا يصلح أن يقال أضاءت الشمس في الأرض إلا على التجوّز، وهو خلاف الظاهر وعلى المدعي إثباته وأيضاً النار في جهة مما حوله ولا يلزم أن تكون في جميع جهاته كما لا يلزم في قولنا أشرق السراج في البيت كونه في جميعه إذ يكفي وقوعه في موضع مّا منه ألا ترى إلى قوله تعالى {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ} [التوبة: 101] ونحوه مما هو شائع في كلام العرب كقول حسان رضي الله عنه:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم
- إلى آخر ما فصلوه.
(أ-! ول) قد تقرّر في الحكمة أنّ الضوء عرض، وكيفية مغايرة للون وليس عبارة عن ظهور اللون كما ذهب إليه بعض الحكماء وليس أجساما صغاراً تنفصل من المضيء فتتصل بالمستضيء كما ذهب إليه بعض الحكماء، وان كان قد يشاهد للضوء بروق، وتلألؤ على الجسم حتى كأنه يفيض منه ويضطرب مجيئا وذهابا بحيث يكاد يستره فإن كان ذاتيا كما للشمس سمي شعاعا، وان كان عرضيا كما للمرآة سمي بريقا، وهذا ما أشار إليه قدّس سرّه، ثم إنه إذا تعلق الظرف بفعل قاصر صار ظرفا لفاعله بالذات 6 ولحدثه بالتبع كما في قام زيد في الدأر، وهذا غنيّ عن البيان فإن كان ذلك الحدث له أئر متعد كالإشراق والإصباح فهل يشترط في تحقق النسبة للظرفية ذلك أيضا فلا بدّ من قولك أشرق كذا في لو كذا من كون الإشراق، والمشربن فيه أو يكفي وجود أثره فيه، وإن لم يوجد هو بذاته كما في الأفعال المتعدّية فإنك إذا قلت رميت الصيد في الحرم يكون حقيقة
.
.
.
t4t
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ الْبُسْرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالُوا لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: " مَا لَكُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ؟ قَالُوا: لِأَنَّا أَعْمَلُ النَّاسِ بِهِ "