خطورة تغييب العلماء وقطع الصلة بينهم وبين الشباب بقلم د. محمد إسماعيل المقدم في الحقيقة نحن ...
خطورة تغييب العلماء وقطع الصلة بينهم وبين الشباب
بقلم د. محمد إسماعيل المقدم
في الحقيقة نحن مشكلتنا أن كل من أراد فعل شيء يفعله، ولا أحد يمنعه، ويتحمل الجميع العواقب مهما كانت على الأمة، وبعبارة أخرى: نستطيع أن نقول إن لسان حال بعض الشباب: (إن مفيش كبير).
أنا أذكر كلمة ذكرها العلامة الشيخ الطاهر الجزائري رحمه الله تعالى وهو على فراش الموت، حذَّر الأمة بكلماتٍ حقها أن تُكتب بماء العيون لا بماء الذهب، يقول رحمه الله تعالى: "عدُّوا رجالكم" يعني: كباركم، "عدُّوا رجالكم، واغفروا لهم بعض زلاتهم، وعضوا عليهم بالنواجذ لتستفيد الأمة منهم، ولا تنفروهم لئلا يزهدوا في خدمتكم".
فإذا خلت الساحة من أهل العلم والتقوى والورع والحكمة، واتخذ الناس رؤوسًا جهالًا يفتونهم بغير علم، فإذا أفتوهم بغير علم فلا تسأل عن الحرمات التي تُستباح، والدم المعصوم الذي يُراق، والعرض الذي يُنتهك، والمال الذي يُهدر، ونظرة واحدة إلى الواقع الأليم في بعض بلاد المسلمين وما يقع فيها من مجازر ومذابح بأيدي الأدعياء الذين استبدوا برأيهم وتأولوا بأهوائهم، وركبوا رؤوسهم، ولم يصغوا إلى نصائح العلماء تنبئك عن أخطار تغييب العلماء وقطع الصلة بينهم وبين الشباب.
إن العلماء هم عقول الأمة، والأمة التي لا تحترم عقولها غير جديرة بالبقاء.
قال الحافظ السخاوي رحمه الله: "إنما الناسُ بشيوخهم، فإذا ذهب الشيوخ فمع من العيش؟".
هذا الكلام قولته في أحداث الجزائر، وهذا نموذج، ونحن لا نعتبر مع الأسف بالنماذج، في الجزائر كانت تحصل هناك مذابح رهيبة، لدرجة أن الانسان من شناعتها ما كان يصدق أن هناك من ينتمي للإنسانية أو لآدم عليه السلام ويقوى على فعل هذا؛ يبقر بطون الحوامل ويذبح الأجنة وهم مسلمون، لماذا؟ لأنهم يكفِّرون هؤلاء الناس، فيستحلون دماءهم، وهذه الجرائم الوحشية.
كانوا ينزلوا على القبيلة فيذبحونها، فهل هذا جهاد!
بسبب ماذا؟ بسبب انحراف الفكر، يؤدي إلى انتهاك حرمات الله سبحانه وتعالى، وانتهاك حرمات المسلمين، لأنهم لم يوافقوهم في مشربهم فيكفِّروهم، وبالتالي عواقب التكفير مثل هذه التصرفات.
فأعتقد أن مشكلتنا الآن هي أن أمر الإفتاء يُوسدُّ إلى غير أهله من الشباب الصغار.
وفي حديث عُبادة بن الصامت رضي الله عنه المتفق عليه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" وألا ننازع الأمر أهله".
فكل من أراد أن يفتي ليس فقط يفتي، يا ليتها فقط فتوى، بل وينفذ، يعني يعمل محكمة وينفذ ما رآه، بغض النظر عن الرجوع لأهل العلم المعتبرين الذين يُجمع على إمامتهم، وعلى علمهم.
وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تُسوَّدوا".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قتلوه قتلهم الله، إنما شفاء العِي -الجهل- السؤال».
وعن مالكٍ قال: أخبرني رجلٌ دخل على ربيعة بن أبي عبد الرحمن فوجده يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ وارتاع لبكائه، فقال له: أدخلت عليك مصيبة؟ فقال:( لا، ولكن اُستُفتي من لا علم عنده، فظهر في الإسلام أمرٌ عظيم، ولبعض من يفتي ها هنا أحقُّ بالسجن من السُراق).
وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: " السائل لا يصح أن يسأل من لا يُعتبرُ في الشريعة جوابه؛ لأنه إسنادُ أمرٍ إلى غير أهله، والإجماع على عدم صحة مثل هذا، بل لا يمكن في الواقع؛ لأن السائل يقول لمن ليس بأهلٍ لما سُئل عنه: أخبرني عما لا تدري وأنا أسند أمري لك فيما نحن بالجهل به على سواء. ومثل هذا لا يدخل في زُمرة العقلاء؛ إذ لو قال له: دلني في هذه المفازة على الطريق إلى الموضع الفلاني وقد علم أنهما في الجهل بالطريق سواءٌ لعُدَّ من زمرة المجانين. فالطريق الشرعي أولى؛ لأنه هلاكٌ أخروي، وذلك هلاكٌ دنيوي خاصة".
فالسيف الذي يُرفع الآن في وجه العلماء من الذم والتطاول والشتم، الهدف منه إسقاط حرمة كلام أهل العلم، ليستأثر بعض الشباب الصغار بالإفتاء، ثم بالتنفيذ، بلا رقابة علمية، أو رجوع لأهل العلم.
بقلم د. محمد إسماعيل المقدم
في الحقيقة نحن مشكلتنا أن كل من أراد فعل شيء يفعله، ولا أحد يمنعه، ويتحمل الجميع العواقب مهما كانت على الأمة، وبعبارة أخرى: نستطيع أن نقول إن لسان حال بعض الشباب: (إن مفيش كبير).
أنا أذكر كلمة ذكرها العلامة الشيخ الطاهر الجزائري رحمه الله تعالى وهو على فراش الموت، حذَّر الأمة بكلماتٍ حقها أن تُكتب بماء العيون لا بماء الذهب، يقول رحمه الله تعالى: "عدُّوا رجالكم" يعني: كباركم، "عدُّوا رجالكم، واغفروا لهم بعض زلاتهم، وعضوا عليهم بالنواجذ لتستفيد الأمة منهم، ولا تنفروهم لئلا يزهدوا في خدمتكم".
فإذا خلت الساحة من أهل العلم والتقوى والورع والحكمة، واتخذ الناس رؤوسًا جهالًا يفتونهم بغير علم، فإذا أفتوهم بغير علم فلا تسأل عن الحرمات التي تُستباح، والدم المعصوم الذي يُراق، والعرض الذي يُنتهك، والمال الذي يُهدر، ونظرة واحدة إلى الواقع الأليم في بعض بلاد المسلمين وما يقع فيها من مجازر ومذابح بأيدي الأدعياء الذين استبدوا برأيهم وتأولوا بأهوائهم، وركبوا رؤوسهم، ولم يصغوا إلى نصائح العلماء تنبئك عن أخطار تغييب العلماء وقطع الصلة بينهم وبين الشباب.
إن العلماء هم عقول الأمة، والأمة التي لا تحترم عقولها غير جديرة بالبقاء.
قال الحافظ السخاوي رحمه الله: "إنما الناسُ بشيوخهم، فإذا ذهب الشيوخ فمع من العيش؟".
هذا الكلام قولته في أحداث الجزائر، وهذا نموذج، ونحن لا نعتبر مع الأسف بالنماذج، في الجزائر كانت تحصل هناك مذابح رهيبة، لدرجة أن الانسان من شناعتها ما كان يصدق أن هناك من ينتمي للإنسانية أو لآدم عليه السلام ويقوى على فعل هذا؛ يبقر بطون الحوامل ويذبح الأجنة وهم مسلمون، لماذا؟ لأنهم يكفِّرون هؤلاء الناس، فيستحلون دماءهم، وهذه الجرائم الوحشية.
كانوا ينزلوا على القبيلة فيذبحونها، فهل هذا جهاد!
بسبب ماذا؟ بسبب انحراف الفكر، يؤدي إلى انتهاك حرمات الله سبحانه وتعالى، وانتهاك حرمات المسلمين، لأنهم لم يوافقوهم في مشربهم فيكفِّروهم، وبالتالي عواقب التكفير مثل هذه التصرفات.
فأعتقد أن مشكلتنا الآن هي أن أمر الإفتاء يُوسدُّ إلى غير أهله من الشباب الصغار.
وفي حديث عُبادة بن الصامت رضي الله عنه المتفق عليه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" وألا ننازع الأمر أهله".
فكل من أراد أن يفتي ليس فقط يفتي، يا ليتها فقط فتوى، بل وينفذ، يعني يعمل محكمة وينفذ ما رآه، بغض النظر عن الرجوع لأهل العلم المعتبرين الذين يُجمع على إمامتهم، وعلى علمهم.
وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تُسوَّدوا".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قتلوه قتلهم الله، إنما شفاء العِي -الجهل- السؤال».
وعن مالكٍ قال: أخبرني رجلٌ دخل على ربيعة بن أبي عبد الرحمن فوجده يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ وارتاع لبكائه، فقال له: أدخلت عليك مصيبة؟ فقال:( لا، ولكن اُستُفتي من لا علم عنده، فظهر في الإسلام أمرٌ عظيم، ولبعض من يفتي ها هنا أحقُّ بالسجن من السُراق).
وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: " السائل لا يصح أن يسأل من لا يُعتبرُ في الشريعة جوابه؛ لأنه إسنادُ أمرٍ إلى غير أهله، والإجماع على عدم صحة مثل هذا، بل لا يمكن في الواقع؛ لأن السائل يقول لمن ليس بأهلٍ لما سُئل عنه: أخبرني عما لا تدري وأنا أسند أمري لك فيما نحن بالجهل به على سواء. ومثل هذا لا يدخل في زُمرة العقلاء؛ إذ لو قال له: دلني في هذه المفازة على الطريق إلى الموضع الفلاني وقد علم أنهما في الجهل بالطريق سواءٌ لعُدَّ من زمرة المجانين. فالطريق الشرعي أولى؛ لأنه هلاكٌ أخروي، وذلك هلاكٌ دنيوي خاصة".
فالسيف الذي يُرفع الآن في وجه العلماء من الذم والتطاول والشتم، الهدف منه إسقاط حرمة كلام أهل العلم، ليستأثر بعض الشباب الصغار بالإفتاء، ثم بالتنفيذ، بلا رقابة علمية، أو رجوع لأهل العلم.