الشباب في الإسلام الشباب في كل أمة هم قلبها النابض، ودمها المتدفق، وعصب حياتها، وسرّ نهضتها، ...
الشباب في الإسلام
الشباب في كل أمة هم قلبها النابض، ودمها المتدفق، وعصب حياتها، وسرّ نهضتها، وعنوان تقدمها، وأمل مستقبلها، وبحر علمها الفياض، فهم أصحاب الهمم العالية والنفوس الطاهرة الزكية؛ لذلك فقد أولى الإسلام عناية كبيرة لشريحة الشباب، حيث كانوا أسرع شرائح المجتمع استجابة للدعوة الإسلامية، فقد دخلوا والحمد لله في دين الله أفواجا. ومن المعلوم أن الشباب هم أعظم ثروة في الأمة، فثروة الأمم ليست في الذهب الأبيض ولا في الذهب الأسود، وإنما في الإنسان فهو أغلى من كل شيء،
وأعظم ما يكون الإنسان في مرحلة الشباب؛ لأنَّ مرحلة الشباب هي مرحلة القوة والعطاء، فالشباب قوة بين ضعفين، ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم في قول الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)، «سورة الروم: الآية 54». لذلك فقد حرص نبينا- صلى الله عليه وسلم- على العناية بالشباب وإعدادهم إعداداً جيداً، فقال- عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَعْجَبُ مِنْ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ»، (أخرجه أحمد)، «أي شذوذ وانحراف». كما بين مكانة الشاب الملتزم بطاعة الله وعبادته، فقال صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: وذكر منها: شابٌّ نَشَأَ في عِبادة الله» (أخرجه الشيخان).
كما دعا صلى الله عليه وسلم الشباب لاغتنام الفرص لتكوين شخصيتهم في شتى المجالات، فقال- عليه الصلاة والسلام: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَشَبَابَكَ قَبْلَ هَرِمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ»،(أخرجه الحاكم).
كما بين عليه الصلاة والسلام أهمية هذه المرحلة وما يترتب عليها من تبعات ومحاسبة ومسؤولية أمام رب العالمين، فقد ورد في الحديث أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكتسبه؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟»، (أخرجه الترمذي).
لقد شاء الله عزَّ وجل أن يكون أنصار النبيين شباباً، وأن يكون المؤمنون شباباً، لأنهم أتقى قلباً، وأصدق مثالاً، وأنقى سلوكاً، فالشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، ومن هنا كانت عناية الإسلام بالشباب كبيرة، فقد ورد في كتب السيرة أن أبا حمزة الشاري يوم أن وصل مكة المكرمة ومعه جيشه، وقف أهل مكة في وجهه وقالوا له: هؤلاء أصحابك من الشباب، فقال لهم: تعيروني بأصحابي، وتزعمون أنهم شباب، نعم والله شباب، وهل كان أصحاب رسول الله إلا شبابا؟ هم والله شباب مكتملون، عمية عن الباطل أعينهم، ثقيلة إلى الشرِّ أرجلهم، وظل أبو حمزة يُعَدِّدُ لهم محاسن وفضائل أصحابه وعلاقتهم بالله وكتابه وسنة رسوله، لذلك نرى بأن للشباب مكانة سامية في الإسلام، حيث إن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا الناس جميعاً فخالفوه ورفضوه إلا الشباب.
حاجة الأمة للشباب
إننا نعيش في وقتٍ أحوج ما نكون فيه إلى الشباب، فالقرآن الكريم قصَّ علينا قصصاً كثيرة عن الشباب، مثل: أهل الكهف، وسيدنا إبراهيم، وسيدنا يوسف، وسيدنا موسى وغيرهم من الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، كما حدثنا عن الشباب الذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلَّغ دعوته، ونصر الله بهم الدين، وأَيَّدَ بهم الحق، فالشباب هم الذين حملوا راية الإسلام عالية خفاقة ورفعوا لواء الحق، حيث تولوا الدفاع عن دولة الإسلام الفتية أمثال: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير، وأبي عبيدة، ومصعب بن عمير، وسعد أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وخالد بن الوليد . . . وغيرهم كثير من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين.
فالشباب هم السواعد التي تفجر الأرض خيراً، لتصب في حقل البشرية الخصيب، وإذا كان الشباب مخلصاً مؤمناً فإنه يحقق لنفسه الفوز في الدنيا والفلاح في الآخرة، ومن هنا كان للشباب دور الريادة والقيادة في تاريخ الإسلام المشرق، ففي ميدان الفتوحات كان لهم السبق، فعندما ننظر إلى الرجال المقاتلين نرى الثلاثة الذين قتلوا في غزوة مؤتة: زيد بن حارثة، جعفر بن أبي طالب، عبد الله بن رواحة . . . كانوا شباباً تقريباً في الثلاثين من أعمارهم. أما من الناحية العلمية فعندما ننظر إلى الرجال الذين اعْتُبروا أئمة لهذه الأمة نرى أنهم كانوا من الشباب، فعبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي غار منه بعض كبار السن؛ لأن عمر رضي الله عنه كان يجعله مع مشيخة الأمة في استشارته والأخذ برأيه، كان شاباً، وكذلك عبد الله بن الزبير، وعبدالله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، فالعبادلة الأربعة الذين ورثوا الدين كانوا شباباً، وغيرهم كثير من الأئمة والعلماء رضي الله عنهم أجمعين.
الرفق بالشباب
من المعلوم أن ديننا الإسلامي الحنيف لا يحارب الشهوة أو الغرائز، لكنه يعمل على تهذيبها ضمن الأطر الشرعية، فقد حرم الإسلام الزنا وأوجد البديل وهو الزواج، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخاطب الشباب قائلاً: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»، (أخرجه البخاري).
وقد عالج صلى الله عليه وسلم بعض الحالات الشاذة هنا وهناك بحكمته المعهودة، كما جاء في الحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه أن شاباً أتي النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يدخل في الدين الإسلامي، لكنه لا يستطيع ترك الزنا، فقال: «يا نبي الله أتأذن لي في الزنا، فصاح الناس به، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «قربوه، أدن» فدنا حتى جلس بين يديه - صلى الله عليه وسلم-، فقال - عليه الصلاة والسلام-: أتحبه لأمك؟، قال: لا، فداك أبي وأمي، قال: أتحبه لابنتك؟، قال: لا، فداك أبي وأمي، قال: أتحبه لأختك؟ قال: لا فداك أبي وأمي»، (أخرجه أحمد). وجاء في بعض الروايات أنه- صلى الله عليه وسلم- ذكر العمة والخالة، والشاب يقول في كل واحدة: لا، فقال الرسول: كذلك الناس يا أخا العرب لا يحبونه لأمهاتهم، ولا لزوجاتهم، ولا لأخواتهم، ولا لبناتهم...!!
«ولما كان جواب الحبيب صلى الله عليه وسلم- مقنعاً ومؤثراً، قال الشاب: ادع الله لي يا رسول الله، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على صدره ودعا له بثلاث دعوات قائلاً: «اللهم طَهِّر قلبه، واغفر ذنبه، وحَصِّن فرجه»، يقول الشاب: «والله ما إن قال الرسول ما قال، حتى انصرفتُ عنه ولا شيء أبغض إلي نفسي من الزنا !!».
فحفظ النسل من أهم ما دعا إليه ديننا الإسلامي الحنيف، حيث اتفق علماء أصول الفقه على ضرورة صيانة الأركان الضرورية للحياة البشرية، وهي: الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فقد ذكر الإمام الغزالي في كتابه المستصفى بأن حرمة الضرورات الخمس لم تُبَح في ملة قط، ومن الجدير بالذكر أن ديننا الإسلامي الحنيف يريد مجتمعاً متماسكاً، مبنياً على العلاقات المشروعة والأخلاق الفاضلة بين أبنائه، وهذا ما تتمتع به المجتمعات الإسلامية والحمد لله، فعنوانها العفة والطهارة والنقاء. نداء من الأعماق أقول لإخواني الشباب: علينا أن نتمسك بالإسلام قولاً وعملاً وعقيدة وشريعة ودستوراً ونظام حياة، حتى تستقيم أمور حياتنا، لقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله»، كما ويجب علينا أن نتحلى بالأخلاق الإسلامية كالصدق والأمانة والوفاء والتسامح وحب الخير للناس جميعاً، فنحن أخوة وأبناء أمة واحدة في السراء والضراء، ومن المعلوم أن سِرَّ قوتنا في وحدتنا وأن ضعفنا في فرقتنا وتخاذلنا، فالله عز وجل لا يُغَيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، كما يجب علينا أن نتكافل اجتماعياً، فيرحم القوي الضعيف، ويعطف الغني على الفقير، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. أملي أن نستجيب.
الشباب في كل أمة هم قلبها النابض، ودمها المتدفق، وعصب حياتها، وسرّ نهضتها، وعنوان تقدمها، وأمل مستقبلها، وبحر علمها الفياض، فهم أصحاب الهمم العالية والنفوس الطاهرة الزكية؛ لذلك فقد أولى الإسلام عناية كبيرة لشريحة الشباب، حيث كانوا أسرع شرائح المجتمع استجابة للدعوة الإسلامية، فقد دخلوا والحمد لله في دين الله أفواجا. ومن المعلوم أن الشباب هم أعظم ثروة في الأمة، فثروة الأمم ليست في الذهب الأبيض ولا في الذهب الأسود، وإنما في الإنسان فهو أغلى من كل شيء،
وأعظم ما يكون الإنسان في مرحلة الشباب؛ لأنَّ مرحلة الشباب هي مرحلة القوة والعطاء، فالشباب قوة بين ضعفين، ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم في قول الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)، «سورة الروم: الآية 54». لذلك فقد حرص نبينا- صلى الله عليه وسلم- على العناية بالشباب وإعدادهم إعداداً جيداً، فقال- عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَعْجَبُ مِنْ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ»، (أخرجه أحمد)، «أي شذوذ وانحراف». كما بين مكانة الشاب الملتزم بطاعة الله وعبادته، فقال صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: وذكر منها: شابٌّ نَشَأَ في عِبادة الله» (أخرجه الشيخان).
كما دعا صلى الله عليه وسلم الشباب لاغتنام الفرص لتكوين شخصيتهم في شتى المجالات، فقال- عليه الصلاة والسلام: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَشَبَابَكَ قَبْلَ هَرِمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ»،(أخرجه الحاكم).
كما بين عليه الصلاة والسلام أهمية هذه المرحلة وما يترتب عليها من تبعات ومحاسبة ومسؤولية أمام رب العالمين، فقد ورد في الحديث أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكتسبه؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟»، (أخرجه الترمذي).
لقد شاء الله عزَّ وجل أن يكون أنصار النبيين شباباً، وأن يكون المؤمنون شباباً، لأنهم أتقى قلباً، وأصدق مثالاً، وأنقى سلوكاً، فالشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، ومن هنا كانت عناية الإسلام بالشباب كبيرة، فقد ورد في كتب السيرة أن أبا حمزة الشاري يوم أن وصل مكة المكرمة ومعه جيشه، وقف أهل مكة في وجهه وقالوا له: هؤلاء أصحابك من الشباب، فقال لهم: تعيروني بأصحابي، وتزعمون أنهم شباب، نعم والله شباب، وهل كان أصحاب رسول الله إلا شبابا؟ هم والله شباب مكتملون، عمية عن الباطل أعينهم، ثقيلة إلى الشرِّ أرجلهم، وظل أبو حمزة يُعَدِّدُ لهم محاسن وفضائل أصحابه وعلاقتهم بالله وكتابه وسنة رسوله، لذلك نرى بأن للشباب مكانة سامية في الإسلام، حيث إن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا الناس جميعاً فخالفوه ورفضوه إلا الشباب.
حاجة الأمة للشباب
إننا نعيش في وقتٍ أحوج ما نكون فيه إلى الشباب، فالقرآن الكريم قصَّ علينا قصصاً كثيرة عن الشباب، مثل: أهل الكهف، وسيدنا إبراهيم، وسيدنا يوسف، وسيدنا موسى وغيرهم من الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، كما حدثنا عن الشباب الذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلَّغ دعوته، ونصر الله بهم الدين، وأَيَّدَ بهم الحق، فالشباب هم الذين حملوا راية الإسلام عالية خفاقة ورفعوا لواء الحق، حيث تولوا الدفاع عن دولة الإسلام الفتية أمثال: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير، وأبي عبيدة، ومصعب بن عمير، وسعد أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وخالد بن الوليد . . . وغيرهم كثير من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين.
فالشباب هم السواعد التي تفجر الأرض خيراً، لتصب في حقل البشرية الخصيب، وإذا كان الشباب مخلصاً مؤمناً فإنه يحقق لنفسه الفوز في الدنيا والفلاح في الآخرة، ومن هنا كان للشباب دور الريادة والقيادة في تاريخ الإسلام المشرق، ففي ميدان الفتوحات كان لهم السبق، فعندما ننظر إلى الرجال المقاتلين نرى الثلاثة الذين قتلوا في غزوة مؤتة: زيد بن حارثة، جعفر بن أبي طالب، عبد الله بن رواحة . . . كانوا شباباً تقريباً في الثلاثين من أعمارهم. أما من الناحية العلمية فعندما ننظر إلى الرجال الذين اعْتُبروا أئمة لهذه الأمة نرى أنهم كانوا من الشباب، فعبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي غار منه بعض كبار السن؛ لأن عمر رضي الله عنه كان يجعله مع مشيخة الأمة في استشارته والأخذ برأيه، كان شاباً، وكذلك عبد الله بن الزبير، وعبدالله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، فالعبادلة الأربعة الذين ورثوا الدين كانوا شباباً، وغيرهم كثير من الأئمة والعلماء رضي الله عنهم أجمعين.
الرفق بالشباب
من المعلوم أن ديننا الإسلامي الحنيف لا يحارب الشهوة أو الغرائز، لكنه يعمل على تهذيبها ضمن الأطر الشرعية، فقد حرم الإسلام الزنا وأوجد البديل وهو الزواج، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخاطب الشباب قائلاً: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»، (أخرجه البخاري).
وقد عالج صلى الله عليه وسلم بعض الحالات الشاذة هنا وهناك بحكمته المعهودة، كما جاء في الحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه أن شاباً أتي النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يدخل في الدين الإسلامي، لكنه لا يستطيع ترك الزنا، فقال: «يا نبي الله أتأذن لي في الزنا، فصاح الناس به، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «قربوه، أدن» فدنا حتى جلس بين يديه - صلى الله عليه وسلم-، فقال - عليه الصلاة والسلام-: أتحبه لأمك؟، قال: لا، فداك أبي وأمي، قال: أتحبه لابنتك؟، قال: لا، فداك أبي وأمي، قال: أتحبه لأختك؟ قال: لا فداك أبي وأمي»، (أخرجه أحمد). وجاء في بعض الروايات أنه- صلى الله عليه وسلم- ذكر العمة والخالة، والشاب يقول في كل واحدة: لا، فقال الرسول: كذلك الناس يا أخا العرب لا يحبونه لأمهاتهم، ولا لزوجاتهم، ولا لأخواتهم، ولا لبناتهم...!!
«ولما كان جواب الحبيب صلى الله عليه وسلم- مقنعاً ومؤثراً، قال الشاب: ادع الله لي يا رسول الله، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على صدره ودعا له بثلاث دعوات قائلاً: «اللهم طَهِّر قلبه، واغفر ذنبه، وحَصِّن فرجه»، يقول الشاب: «والله ما إن قال الرسول ما قال، حتى انصرفتُ عنه ولا شيء أبغض إلي نفسي من الزنا !!».
فحفظ النسل من أهم ما دعا إليه ديننا الإسلامي الحنيف، حيث اتفق علماء أصول الفقه على ضرورة صيانة الأركان الضرورية للحياة البشرية، وهي: الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فقد ذكر الإمام الغزالي في كتابه المستصفى بأن حرمة الضرورات الخمس لم تُبَح في ملة قط، ومن الجدير بالذكر أن ديننا الإسلامي الحنيف يريد مجتمعاً متماسكاً، مبنياً على العلاقات المشروعة والأخلاق الفاضلة بين أبنائه، وهذا ما تتمتع به المجتمعات الإسلامية والحمد لله، فعنوانها العفة والطهارة والنقاء. نداء من الأعماق أقول لإخواني الشباب: علينا أن نتمسك بالإسلام قولاً وعملاً وعقيدة وشريعة ودستوراً ونظام حياة، حتى تستقيم أمور حياتنا، لقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله»، كما ويجب علينا أن نتحلى بالأخلاق الإسلامية كالصدق والأمانة والوفاء والتسامح وحب الخير للناس جميعاً، فنحن أخوة وأبناء أمة واحدة في السراء والضراء، ومن المعلوم أن سِرَّ قوتنا في وحدتنا وأن ضعفنا في فرقتنا وتخاذلنا، فالله عز وجل لا يُغَيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، كما يجب علينا أن نتكافل اجتماعياً، فيرحم القوي الضعيف، ويعطف الغني على الفقير، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. أملي أن نستجيب.