إسباغ الوضوء: تعريفه وفضله وحكمه ▪ تعريف الإسباغ: * الإسباغ لغةً: هو ...


إسباغ الوضوء: تعريفه وفضله وحكمه

▪ تعريف الإسباغ:

* الإسباغ لغةً: هو مصدر أَسْبَغَ يُسْبِغُ ، إسباغًا ، فهو مُسبِغ ، والمفعول مُسبَغ .
وأَسبغ وضوءَهُ : وفَّى كلَّ عضوٍ حَقَّهُ في الغَسل .
[ 📚 كذا في "معحم المعاني الجامع" ]

* الإسباغ اصطلاحًا:
- قال ابن قدامة - وهو يتحدث عن الغسل - : "مَعْنَى الْإِسْبَاغِ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ الْأَعْضَاءِ بِالْمَاءِ بِحَيْثُ يَجْرِي عَلَيْهَا".
[📚 المغني (١٦٤/١)].

- قال صاحب الشرح الكبير : و"هذا مَذْهَبُ الشافعيِّ وأكثَرِ أهلِ العلمِ".
[📚 الشرح الكبير على المقنع (١٤٦/٢)].

- وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: كَمَال إِتْمَامِ الْوُضُوءِ وَتَوْفِيَتِهِ.
[📚 انظر : الموسوعة الفقهية الكويتية (١٤٢/٣)].
----------------------------------------------------------------------

▪ فضل إسباغ الوضوء

* عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقولُ: "إنَّ أُمَّتي يَأْتُونَ يَومَ القِيامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن أَثَرِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطاعَ مِنكُم أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَل"ْ.
[📚 صحيح مسلم (برقم: ٢٤٦)].

قال غير واحد من أهل العلم: قوله( فمن استطاع ... ) مدرجٌ ، أي : من كلام أبي هريرة رضي الله عنه.

قال النووي - رحمه الله - : "قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْغُرَّةُ بَيَاضٌ فِي جَبْهَةِ الْفَرَسِ وَالتَّحْجِيلُ بَيَاضٌ فِي يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ سُمِّيَ النُّورُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرَّةً وَتَحْجِيلًا تَشْبِيهًا بِغُرَّةِ الْفَرَسِ وَاللَّهُ أَعْلَم"ُ.
[📚 شرح صحيح مسلم للنووي(١٣٥/٣)].

* وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: "أَلا أدُلُّكُمْ على ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ على المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ".
[📚 صحيح مسلم (برقم: ٢٥١)].


قال النووي: "وَقَوْلُهُ (فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ ) أي: الرِّبَاطُ الْمُرَغَّبُ فِيهِ وَأَصْلُ الرِّبَاطِ الحبس على الشئ كَأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى هَذِهِ الطَّاعَة"ِ.
[📚 شرح صحيح مسلم للنووي(١٤١/٣)].

* وعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن تَوَضَّأَ فأحْسَنَ الوُضُوءَخَرَجَتْ خَطاياهُ مِن جَسَدِهِ، حتّى تَخْرُجَ مِن تَحْتِ أَظْفارِهِ".
[📚 صحيح مسلم(برقم: ٢٤٥].
----------------------------------------------------------------------

▪معنى الإسباغ المراد شرعًا ومعنى إطالة الغرَّة.

سُئل الشيخ ابن باز - رحمه الله- : ما معنى إسباغ الوضوء وإطالة الغرة؟

فأجاب: معنى إسباغ الوضوء إتمامه، وإكماله على كل عضو، بإبلاغ الماء بسيل الماء عليه، فإسباغه في الوجه أي يعمه بالماء ولو مرةً واحدة، فإن عمه ثلاثاً فهو أفضل.
وإسباغ الماء في اليدين أن يعم اليدين بالماء من أطراف الأصابع إلى المرافق مع غسل طرف العضد حتى يدخل المرفق، والواجب مرة فقط، فإن كرر مرتين فهو أفضل، وإن كرر ثلاث فهو أفضل وأكمل، وإن دلك فلا بأس، فالدلك أفضل، ولكن لا يلزم الدلك، يكفي إمرار الماء، والواجب الغسل، والرأس يمسحهما مرةً واحدة، هذا هو الأفضل يمسح رأسه مرةً واحدة مع الأذنين يبدأ بمقدمه إلى قفاه، ثم يعيد يديه إلى مقدمه هذا هو الأفضل، ويدخل أصابعه السبابتين في أذنيه، ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، هذا هو السنة، ولا حاجة إلى التكرار. أما القدمان فيغسلهما ثلاثًا ثلاثًا هذا هو الأفضل، كل قدم ثلاثاً يعم الماء، يعم الماء القدم كله، من الكعبين إلى أطراف الأصابع، فإن عمه بالماء فهذا إسباغ، وإن كرر مرتين فهو أفضل، وإن كرر ثلاثًا فهو أكمل وأفضل، ولا يزيد على ثلاث، وإن دلك فهو أفضل وأكمل وليس بواجب.
المقدم: جزاكم الله خيراً، يسأل سماحتكم عن إطالة الغرة جزاكم الله خيراً؟

الشيخ: أما الغرة فمعناها إطالة الغرة بمعنى الاستكمال للوجه.
أما أن يزيد على ذلك فلا، فهو من إدراج أبي هريرة المعروف أنه موقوف على أبي هريرة.
وهكذا التحجيل، السنة أن لا يطيل التحجيل، بل يقتصر على المرافق والكعبين، وقد ثبت عنه ﷺ أنه توضأ فلما غسل يده أشرع في العضد، يعني أدخل المرافق، ولما غسل رجليه أشرع في الساق يعني أدخل الكعبين، هذا هو السنة.
وكان أبو هريرة يطيل في التحجيل إلى الآباط في اليدين وإلى حول الركبتين في الرجلين، وهذا اجتهاد منه ، والسنة خلاف ذلك.
السنة هو ما فعله النبي ﷺ، وقوله في الحديث: "من استطاع أن يطيل غرته وتحجيله فيلفعل"، والصواب أنه مدرج من حديث أبي هريرة، وليس من نفس المرفوع إلى النبي ﷺ؛ لأن الغرة ما يمكن إطالتها، الغرة محدودة من منابت الشعر من فوق، ومن الذقن من أسفل، ومن الأذنين من الجانبين، هذا غسل الوجه، فكونه يغسل شيئاً من الرأس غير مشروع، بل يمسح، وهكذا الرجلان واليدان، السنة أن يغسل المرافق والكعبين، أما إن يغسل العضد كله أو الساق لا، غير مشروع هذا، لم يفعله النبي ﷺ، وفعله هو القدوة -عليه الصلاة والسلام-.
وإنما فعله أبو هريرة اجتهادًا منه ، والصواب أن هذا موقوف عليه.

[ 📚 من برنامج نور على الدرب || السؤال الثاني من الشريط رقم (٢٥٧) ||| من كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (٥/ ١٢٠)].
----------------------------------------------------------------------

▪حكم الإسباغ.

يجب إسباغ الوضوء ؛ لأن معناه إتمام الوضوء وتعميم أعضائه بالماء وهذا واجب .

* قال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى - : "ثم اعلم أيها المسلم: أنه يجب إسباغ الوضوء، وهو إتمامه باستكمال الأعضاء وتعميم كل عضو بالماء، ولا يترك منه شيئا لم يصبه الماء.

فقد رأي النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً ترك موضع ظفر على قدمه؛ فقال له: "ارجع؛ فأحسن وضوءك".

وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه رأى رجلاً يصلي وفي بعض قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، وقال صلى الله عليه وسلم: "ويل للأعقاب من النار" أو تبقى فيهما بقية لا يعمها الماء؛ فيعذبان بالنار بسبب ذلك.

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: "إنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله؛ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم يمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين".

* ثم بين الشيخ الفرق بين الاسراف والإسباغ فقال:

"ثم اعلم أيها المسلم: أنه ليس معنى إسباغ الوضوء كثرة صب الماء، بل معناه تعميم العضو بجريان الماء عليه كله، وأما كثرة صب الماء؛ فهذا إسراف منهي عنه، بل قد يكثر صب الماء ولا يتطهر الطهارة الواجبة، وإذا حصل إسباغ الوضوء مع تقليل الماء؛ فهذا هو المشروع.

فقد ثبت في "الصحيحين": أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد.

ونهى صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في الماء، فقد مر صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يتوضأ؛ فقال: "ما هذا السرف؟ "، فقال: أفي الوضوء إسراف؟! فقال: "نعم، ولو كنت على نهر جار" رواه أحمد وابن ماجه، وله شواهد، والسرف ضد القصد".
[📚 كتاب الملخص الفقهي للفوزان (١ / ٤٩- ٥٠)].
----------------------------------------------------------------------

نسأل الله أن يغفر لنا ذنوبنا وأن يعيننا على حسن عبادته.

وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
----------------------------------------------------------------------

✍ أبو الحسن حسين العرموي