يقول الإمام الذهبي في ترجمة ابن حزم: وكان قد مَهُرَ أولاً في الأدب والأخبار والشعر، وفي المنطق ...
يقول الإمام الذهبي في ترجمة ابن حزم: وكان قد مَهُرَ أولاً في الأدب والأخبار والشعر، وفي المنطق وأجزاء الفلسفة، فأثرت فيه تأثيراً ليته سلم من ذلك، ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق، ويقدمه على العلوم؛ فتألمت له، فإنه رأس في علوم الإسلام، متبحر في النقل، عديم النظير، على يبس فيه، وفرط ظاهرية في الفروع والأصول، وصنف في ذلك كتبا كثيرة؛ أي في المذهب الظاهري، وناظر عليه، وبسط لسانه وقلمه، ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجج العبارة وسب وجدع، فكان جزاؤه من جنس فعله؛ بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة وهجروها، ونفروا منها، وأُحرقت في وقت، واعتنى بها آخرون من العلماء، وفتشوها انتقاداً واستفادة وأخذاً ومؤاخذة، ورأوا فيها الدر الثمين ممزوجاً في الرصف بالخرز المهين؛ يعني: كأنهم عملوا منها عقداً فيه درر ثمينة، وفيه خرز مهين- فتارة يطربون، ومرة يعجبون، ومن تفرده يهزؤون! وفي الجملة فالكمال عزيز، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ينهض بعلوم جمة، ويجيد النقل، ويحسن النظم والنثر، وفيه دين وخير، ومقاصده جميلة، ومصنفاته مفيدة، وقد زهد في الرئاسة، ولزم منزله مكباً على العلم، فلا نغلو فيه، ولا نجفو عنه، وقد أثنى عليه قبلنا الكبار).