هـــل يــوجــد ســورتــان أســمــهــما الـحـفـد و الـخـلـع ؟ (نص الشبهة) يزعم النصارى ان هناك ...

هـــل يــوجــد ســورتــان أســمــهــما الـحـفـد و الـخـلـع ؟
(نص الشبهة)
يزعم النصارى ان هناك سورتين حذفتا من القرآن الكريم
و هما سورة الحفد والخلع وأنهما كانتا موجودتان في مصحف ابي بن كعب ونصهما
حَدَّثَنا كَثِيرُ بْنُ هِشامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ، قالَ: قَرَأْتُ فِي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (اللَّهُمَّ نَسْتَعِينُكَ ونَسْتَغْفِرُكَ) إلى قَوْلِهِ (بِالكافِرِينَ مُلْحَقٌ)
حَدَّثَنا وكِيعٌ، عَنْ سُفْيانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أبِي ثابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُوَيْدٍ الكاهِلِيِّ: أنَّ عَلِيًّا قَنَتَ فِي الفَجْرِ بِهاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ: «اللَّهُمَّ إنّا نَسْتَعِينُكَ ونَسْتَغْفِرُكَ ونُثْنِي عَلَيْكَ الخَيْرَ ولا نَكْفُرُكَ، ونَخْلَعُ، ونَتْرُكُ مَن يَفْجُرُكَ، اللَّهُمَّ إيّاكَ نَعْبُدُ، ولَكَ نُصَلِّي ونَسْجُدُ، وإلَيْكَ نَسْعى ونَحْفِدُ، ونَرْجُو رَحْمَتَكَ ونَخْشى عَذابَكَ، إنَّ عَذابَكَ بِالكافِرِينَ مُلْحَقٌ»

وعلي ذلك فالقرآن وقع به التحريف بالنقصان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الرد)
نقول وبالله التوفيق
• أولاً : لم يرد عن الرسول شئ إسمه سورتان الحفد والخلع بل ولم يرد عنه هذان الدعاءان إلا فقط في رواية مرسلة تفيد بأن جبريل عليه السلام علمه هذا الدعاءان والمرسل من أقسام الضعيف فكل الروايات التي واردت به هذان الدعاءان كلها موقوفه علي الصحابة والتابعين بقنوتهم بهذان الدعاءان في الصلاة

• ثانياً : بعد إطلاعي على الروايات التي واردت به هذان الدعاءان نعم أقول إن هناك بعض الروايات واردت بهم لفظة سورتين إشارة إلى هذان الدعاءان وهما ثلاث روايات فقط ذات سند صحيح و ست روايات ضعيفة به لفظة سورتين أما باقي الروايات والتي عددها يصل إلى العشرون رواية لم يرد بهم لفظة سورتين وهذا العدد يرجح أنهم مجرد دعاءان بل حتى جميع الروايات التي واردت به هذان الدعاءان سواء الذي وارد به لفظة سورتين أم الذي لم يرد بها كلها ورد بهم كلمة (قنوت) وهذا تصريح بأنهما دعاء مع استثناء روايتين أو ثلاثة تقول بوجود هذان الدعاءان في مصحف ابي بن كعب وباقي الروايات التي وارد به هذان الدعاءان بمختلف ألفاظها تحكي قنوت الصحابة والتابعين بهذا الدعاءان في الصلاة

• ثالثاً : عدة أسباب منطقية تنسف زعم قرآنية هذان الدعاءان
أول شيء
بالنظر في الروايات الواردة عن الصحابة والتابعين نرى أن بينها اختلافًا في بعض الألفاظ ، فنجد ألفاظ موجودة في بعض الروايات وغير موجودة في آخرا بل ونجد اختلاف في صياغة بعض الألفاظ ونجد اختلاف في ترتيب بعض الكلمات ولو كان هذا قرآنا لاتفقت الفاظه وحروفه في جميع الروايات، وهذا أكبر دليل ينسف هذا الزعم

ثاني شىء هو أن كلمة «اللهم» التى افْتُتِحت بها السورة الأولى المزعومة قد وردت فى القرآن خمس مرات لم تأت أى منها فى بداية أية سورة بتاتا.

ثالث شىء: لم يحدث أن ابتدأت أية سورة قرآنية بمناداة الله، وإنما بمناداة البشر: «يا أيها الناس»، «يا أيها الذين آمنوا»، «يا أيها المُزَّمِّل»، «يا أيها المُدَّثِّر».

رابع شىء: لم تأت كلمة «اللهم» فى أية سورة إلا وسبقتها كلمة تدل على «القول» لفظا أو معنى. وهذه هى المرات الخمس المذكورة نسوقها أمام القارئ ليكون على بينة خالصة مما نقول واطمئنان تام إليه:
«قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشاءُ وتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وتُعِزُّ مَن تَشاءُ وتُذِلُّ مَن تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (آل عمران/ ٢٦)
«قالَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيدًا لأوَّلِنا وآَخِرِنا وآَيَةً مِنكَ وارْزُقْنا وأنْتَ خَيرُ الرّازِقِينَ» (المائدة/ ١١٤)
«وإذْ قالُوا اللَّهُمَّ إنْ كانَ هَذا هُوَ الحَقَّ مِن عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذابٍ ألِيمٍ» (الأنفال/ ٣٢).«دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وآَخِرُ دَعْواهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ» (يونس/ ١٠).
«قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ والأرْضِ عالِمَ الغَيْبِ والشَّهادَةِ أنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» (الزمر/ ٤٦)

• رابعاً : تبويب العلماء اللذين خرجوا هذه الروايات في باب القنوت في الفجر أو في الوتر أو ما يقال في القنوت
ومنهم من وضعه في باب المنسوخ من القرآن كما فعل الحازمي والزركشي والسيوطي لكن هذا الرأي ضعيف
يقول الشيخ مصطفى العدوي عندما سئل بوجود سورتين الحفد والخلع قال أنه لم يقف على سنداً ثابتاً بهذا الأمر ويقول إن بعض العلماء أنهم كانوا سورتين ونسختا ولكن بعد البحث في الناسخ والمنسوخ في سنة الرسول لم يجد سنداً ثابتاً يؤيد هذا الرأي

• خامساً : ما ورد أن هذان الدعائان كانوا مكتوبان في مصحف أبي بن كعب أو بن مسعود وهذا دليل على أنهم سورتان نقول إن هذا ليس بشيء لأن مصاحف الصحابة لم تكن قاصرة على المتواتر، بل كان بعضها مشتملا على المنسوخ تلاوة وعلى رواية الآحاد، وعلى بعض التفسيرات، وتأويلات وأدعية ومأثورات، ومن ذلك هذا الدعاء الذي يقنت به كثير من المسلمين في الوتر، كما أن القنوت في الصلاة لا يدل على القرآنية
قال محمد بن عبد العظيم الزرقاني – رحمه الله - : " قال صاحب " الانتصار " ما نصه : " إن كلام القنوت المروي أن " أبيّ بن كعب " أثبته في مصحفه : لم تقم الحجة بأنه قرآن منزَّل ، بل هو ضرب من الدعاء ، وأنه لو كان قرآناً لنُقل إلينا نقل القرآن وحصل العلم بصحته "
والخلاصة أن بعض الصحابة الذين كانوا يكتبون القرآن لأنفسهم في مصحف أو مصاحف خاصة بهم ربما كتبوا فيها ما ليس بقرآن مما يكون تأويلا لبعض ما غمض عليهم من معاني القرآن أو مما يكون دعاء يجري مجرى أدعية القرآن في أنه يصح الإتيان به في الصلاة عند القنوت أو نحو ذلك وهم يعلمون أن ذلك كله ليس بقرآن. ولكن ندرة أدوات الكتابة وكونهم يكتبون القرآن لأنفسهم وحدهم دون غيرهم هون عليهم ذلك لأنهم أمنوا على أنفسهم اللبس واشتباه القرآن بغيره. فظن بعض قصار النظر أن كل ما كتبوه فيها إنما كتبوه على أنه قرآن مع أن الحقيقة ليست كذلك إنما هي ما علمت. أضف إلى ذلك أن النبي ﷺ أتى عليه حين من الدهر نهى
عن كتابة غير القرآن إذ يقول فيما يرويه مسلم: «لا تكتبوا عني ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه» وذلك كله مخافة اللبس والخلط والاشتباه في القرآن الكريم

وإضافة إلى ما سبق فقد نقل عن أبي بن كعب قراءات قراءة الإمام أبي جعفر المدني، والإمام أبي عمرو البصري، والإمام ابن كثير المكي، والإمام نافع المدني، والإمام الكسائي الكوفي، والإمام حمزة الكوفي، والإمام عاصم الكوفي، وليس فيهم ما يسمي بسورتين الحفد والخلع المزعومتان !!
بل الأدهش من ذلك أن أبي بن كعب نفسه كان من ضمن لجنة كتابه وحفظ المصاحف التي شكله عثمان فلو كانوا سورتين كما هو مزعوم لكنا رأينهم مكتوبتان في المصحف الحالي وهذا دليل أنهم مجرد دعاءان لا أكثر ولا أقل

• سادساً : ولكي ننهي الحديث في هذا الأمر نختم بهذه الأحاديث
[عن عبدالعزيز بن رفيع] دَخَلْتُ أنا وشَدّادُ بنُ مَعْقِلٍ، على ابْنِ عبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما، فقالَ له شَدّادُ بنُ مَعْقِلٍ: أتَرَكَ النبيُّ ﷺ مِن شيءٍ؟ قالَ: ما تَرَكَ إلّا ما بيْنَ الدَّفَّتَيْنِ قالَ: ودَخَلْنا على مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَسَأَلْناهُ، فقالَ: ما تَرَكَ إلّا ما بيْنَ الدَّفَّتَيْنِ.
البخاري (ت ٢٥٦)، صحيح البخاري ٥٠١٩ • [صحيح] •

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/45): "وقد روى أحمد وابن أبي داود والطبري من طريق عبيدة بن عمرو السلماني: أن الذي جمع عليه عثمان الناس يوافق العرضة الأخيرة.
مصنف عبدالرزاق ج١٠ ص٢٧٩
حدثنا حسين بن علي عن ابن عيينة عن ابن جريج وعن بن سيرين عن عبيدة قال :
«القراءة التي عرضت على النبي فى العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرؤها الناس اليوم»

أنتهي