التعبئة الروحية والنظامية لبني إسرائيل أوحى الله إلى موسى وأخيه هارون أن يجمعا بني إسرائيل الذين ...
التعبئة الروحية والنظامية لبني إسرائيل
أوحى الله إلى موسى وأخيه هارون أن يجمعا بني إسرائيل الذين تبعثروا في أماكن عده، ويتبوآ (1) لهم بيوتاً متقاربة ومتقابلة، وذلك لفرزهم وتنظيمهم ونسج رابطة أخوة قوية بين أفرادهم، استعداداً للرحيل من مصر في الوقت الذي يختاره الله لهم ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ﴾ يونس:87
ثم كلفهم بتطهير بيوتهم، وتزكية نفوسهم، وإقامة الصلاة فيها إذ لم يعد بوسعهم الصلاة جهراً كما كان، فاضطروا إلى الصلاة خلسة في بيوتهم وتحولت صلاتهم بدعائهم إلى أسلحة يوجهونها ضد فرعون، فالله يستجيب دعوة المظلومين ولو بعد حين، كما أوصاهم بالاستبشار بقرب نصر الله ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ يونس:87
وإلى جانب هذه التعبئة الروحية كانت هناك تعبئة نظامية؛ فقد أمّر موسى عليه السلام واحداً على كل اثني عشر رجلاً هو بمثابة المسئول التنظيمي والتربوي لهم، ليكون موسى على رأس الهرم التنظيمي ثم يليه هارون عليه السلام نائباً ومساعداً، وتحتهما اثنا عشر رجلاً من الأتباع المقربين؛ كل واحد منهم مسئول مسئولية خاصة عن اثني عشر رجلاً، وهكذا إلى آخر الهرم التنظيمي.
وتلك التعبئة النظامية إلى جانب ما كان من تعبئة روحية، ضروريتان للأفراد والجماعات، وبخاصة قبيل المعارك والمشقات، وقد يستهين قوم بمثل هذه التعبئة الروحية والفكرية، ولكن التجارب ما تزال إلى هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأول في المعركة، وأن الأداة الحربية في يد جندي خائر العقيدة لا تساوي شيئاً في ساعة الشدة.
وهذه التجربة التي أمر الله موس وهارون بتنفيذها ليست خاصة ببني إسرائيل فقط، بل هي تجربة إيمانية عامة، وقد يجد المؤمنون أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع، وقد عمت الفتنة وتجبر الظلمة، وفسد الناس- كما كان الحال على عهد فرعون - وهنا يرشدهم الله إلى اعتزال الجاهلية بنتنها وفسادها وشرها- ما أمكن ذلك- لتتجمع هذه العُصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها، لتطهرها وتزكيها، وتدربها وتنظمها، حتى يأتي وعد الله لها.
الإنذار السابع (الوباء القاتل).
والآن هذه هي الزيارة الأخيرة إلى قصر فرعون، فهذا هو الإنذار السابع والأخير – كما علِم موسى من ربه – والإنذار هذه المرة مرضٌ معدٍ شديدُ الخطورة، ينتشر كوباء في مصر يلاحق كل من عصى الله وكذّب رسوله، إنه الطاعون -الرِّجْزُ(1)- أو سمه إن شئت بالوباء القاتل.
فالطاعون يسبب ألماً شديداً وحمى وورماً في الغدد اللمفاوية، ويسبب هذا المرض بقعاً حمراء على الجلد ثم تتحول إلى بقع سوداء مخيفة، ويشعر مريض الطاعون بالصداع والبرد في الأطراف، وتسارع في ضربات القلب، ثم يحدث نزيف تحت الجلد، ثم يبدأ الجهاز العصبي بالانهيار، وتبدأ بعد ذلك الاضطرابات العصبية الغريبة والتي يتمايل منها المريض وكأنه يرقص رقصة الموت! وخلال عدة أيام يكون الجلد قد اسودّ وفارق المريض الحياة(2).
وهذا الذي كان؛ فقد حصد الطاعون أرواحاً كثيرة قدرت بعشرات الآلاف(3)، وعجز الطب المصري - رغم تفوقه آنذاك - عن محاصرة المرض أو علاجه، وانتشر المرض بين عموم المصريين المؤيدين لفرعون، وبات كل مريض منهم يتمنى الموت من شدة الآلام ولا يجده، وأصبح كل صحيح يخاف على نفسه من العدوى، وأصيب المصريون بحالة ذعر وخوف من هذا المرض القاتل.
لم يتماسك فرعون ونظامه هذه المرة خشية أن يصابوا بهذا المرض، فأرسلوا إلى موسى عليه السلام يستنجدون به، ويطلبون منه أن يدعو الله برفع هذا البلاء العظيم عنهم، فلقد أصبح نظام فرعون بعد هذه المحن المتتابعة كنبتة هزيلة، تعصف بها الريح فيما تعصف به من نبات وأعشاب(1)! إنهم يلوذون بموسى عدوّهم، يطلبون منه أن يمد إليهم يده ليدفع عنهم هذا البلاء الذي نزل بهم مقابل أن يؤمنوا له ويرسلوا معه بني إسرائيل كما طلب منهم من قبل!
﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ الأعراف:134
وبالرغم من كل ما عاناه موسى منهم على مدار السنوات الماضية، إلا أنه قبل بنفس المؤمن المتسامحة– متناسياً الماضي– ورفع يده لله يدعو لهم؛ بأن يرفع عنهم هذا البلاء العظيم.
فاستجاب الله الدعاء، وأمر هذا "الميكروب البسيط" - الذي أحدث كل هذه الضجة- بالانسحاب من أرض مصر، ويستجيب الجندي لربه، فما أمسى مريض إلا وقد شفاه الله.
نقض العهد والميثاق
انتشر بين جموع الشعب أن فرعون ومن حوله وعدوا موسى وهارون أنهم سيؤمنون لهم بإلههم، وأن فرعون سيلغي قانون السخرة الذي استُعِبد به بنو إسرائيل، وسيسمح لهم بالخروج من مصر إلى حيث شاءوا مع موسى وهارون ..
وسادت حالة من الترقب بين جموع الشعب وهم ينتظرون صدور هذه القرارات المصيرية التي كانت سبباً في رفع البلاء عنهم، ولكن فرعون نكث وعوده التي جعلها حيلة لاستجماع قواه، والتقاط أنفاسه !!
﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾ الأعراف:135
وقد كان في كلماتهم من البداية ما يفضح هذا الغدر الذي أخفته صدورهم(2)، ولكنّ المؤمنين أمروا ألا ينقبوا عما أخفته صدورهم، وأن يسلموا بظواهر أقوالهم وأفعالهم.
خطاب فرعون للأمة
خرج فرعون على الشعب المصري بخطابه المنتظر، ولكنه كان خطاباً عاطفياً أراد منه أن يستجدي رضاهم، ويجمعهم حوله مرة أخرى، فهو الضمانة الوحيدة لاستقرار البلاد وأمنها ورخائها ..
﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ﴾ الزخرف:53.
بدأ فرعون خطابه بنبرة عاطفية حزينة تناسب الظروف الأليمة التي مرت بها البلاد ..
«يَا قَوْمِ» يا أهلي ويا أحبابي !!
بداية عاطفية تنفذ إلى قلوب المصريين البسطاء، فتقلبها رأساً على عقب، وتحولها كلها إلى صفه، فمنذ متى وفرعون المتكبر المغرور ينادي شعبه بنداء التقريب والحب «يَا قَوْمِ»(1)!.
ولكنه دهاء منه لاستمالة قلوب بدأت تميل إلى غيره ..
ثم يستمر محاولاً التوغل في قلوبهم والتحكم فيها بذكر أمجاده وإنجازاته منذ أن حكم مصر، فيقول: «أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ».
ولأن الشعب المصري – كعادته – ينسى أو يتناسى الذكريات المؤلمة في حياته، من قتل وتعذيب وتشريد واستضعاف، سينطلي عليه هذا اللون من الخطاب، ففرعون بالفعل يستحق بجدارة لقب بطل الحرب والسلام(2)! ثم تطرق في خطابه بصيغة التعريض لموضوع موسى ودينه الجديد فقال: ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ فموسى لا يصلح أن يكون بديلاً لحكم بلد في حجم مصر، فهو من أصل دنيء مهين، وازداد في السخرية منه فاتهمه أنه لا يجيد الكلام.
وأما فيما يخص ما أشيع أنه سيتبعه ويؤمن بإلهه، فقد أوضح فرعون أنه سيكون أول أتباعه لو أن معه أي دليل يشير إلى صدقه، وتساءل بكل سخرية - راضياً بحكمهم – لو كان هذا الإنسان رسولاً من عند الله حقّا كما يدعي؛ أيضنّ عليه ربه بأن يلقى عليه أسورة من ذهب، كأمارة على أنه موفد من جهة عالية، ذات بأس، وذات سلطان؟! ﴿ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ﴾ ؟ فإن لم يكن أهلاً لأن ينال من ربه هذه المكرمة، أفلا جاء معه ملائكة من السماء، يشهدون له أنه رسول من عند الله ؟
فإذا لم يكن هذا أو ذاك، فبأي وجه يكون له مقام بيننا ومكانة فينا، وبأي وجه يُقارن بيني وبينه ويضعه أحدكم معي في كفة ميزان واحدة ؟.
ردود فعل الشارع المصري على الخطاب العاطفي
التهبت أكف الحاشية بالتصفيق والإشادة بما حواه الخطاب، وأفرد القطاع الإعلامي أوقاتاً كثيرة لتحليل نقاط الخطاب وأهم ما جاء فيه، ولم يغب عن بعضهم تحليل "لغة الجسد" للزعيم الكبير ذي الحكمة والقوة والنظر الثاقب.
فتلقى الشعب منهم هذا الخطاب السطحي الساذج، بالتسليم والطاعة، وانهمرت دموعهم عند سماعهم قوله "ياقوم"، ومدحوا حكمته التي تغنى بها إعلامه عندما تساءل عن الأسورة التي لم يأت بها موسى كدليل على نبوته! ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ﴾.
ولم يقم من بين جموع المتلقين عاقل يسفه هذا المنطق السفيه الذي لا يقبله عقل، ولا يستسيغه عاقل !! فأسورة من ذهب مهما ازداد بريقها، وغلا ثمنها لا تُصدق بها رسالة رسول ؟!
ثم هل أسورة من ذهب تكون أكثر دلالة على نبوة موسى من كل الآيات والنذر التي جاءهم بها منذ بعثته؟!
اللقاء الأخير
أمر الله موسى أن يذهب بصحبة هارون إلى قصر فرعون بعدما نكث وعده، ونقض شرطه، لينذره بقرب هلاكه، واقتراب أجله، وزوال ملكه.
فذهبا إلى القصر الفرعوني، وانتظرا حتى خرج عليهما فرعون ..
فسأل موسى: ما الذي جعلك تنقض عهدك؟ ألم تعاهدني أنك ستؤمن بالله وستُخرج معي بني إسرائيل بعدما رأيت معجزات الله ؟
فرد عليه فرعون متطاولاً وضحكاته تملأ أركان قصره فقال:
- مخبول العقل أنت يا موسى؟! نعم .. أنا على يقين أنك مسحور !، كيف تظن يا كالح البشرة أنني سأؤمن بك وأرسل معك عبيدي من بني إسرائيل؟! ﴿ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ﴾، ثم كيف تظن أنني قد أؤمن بإلهك الذي يُبيد شعبي بالجفاف ونقص الثمرات ويُغرقه بالمطر؟! ذلك ليس بإله ! إنه شيطان يفسد مصر، ويذهب بخيراتها.
... ثم نزل فرعون من على العرش قائلاً:
- اثبتا لي أن إلهكما موجود، ليظهر لنا الآن بجسده في القاعة، أو ليتحدث إليّ الآن كي أسمعه، أم أنه خجول لا يستطيع الكلام ؟!
نظر موسى لهارون الذي أجاب:
- ربنا قادر على كل شيء و ...
فقاطعه فرعون بضحكاته المستفزة ثم قال:
لِمَ لا يقتلني إذن ؟
فأجابه موسى بحدة تناسب هذا الموقف المتأزم قائلاً: إنه سبحانه وتعالى لا يُسأل عن حكمته في بقائك، ولكل أجل معاد.
فقال له فرعون:
تلك إجابة العاجزين.
فقال له موسى: اترك بني إسرائيل تغادر أرض مصر كما وعدتني، وإلا فانتظر الهلاك.
فقال له فرعون: لم أعرف التهديد يوماً ولم ينل مني وعيد، واعلم أن الدبابير التي تغادر عشها تقتل، وما جئت به من سحر لن يرهبنا.
فرد عليه موسى: ﴿ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ﴾ - المعجزات والإنذارات التي رأيتها(1)- ﴿ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وقد جاءتكم هذه المعجزات والإنذارات ﴿بَصَائِرَ﴾ واضحة الرؤية؛ لتقيم لديكم علماً محققاً، ويقيناً راسخاً بأنها من عند الله، ولكن الكبر والتعالي صرفكم عن الإيمان بالله ﴿ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ الإسراء:102، فيقيني أنك ستكون خلال الأيام القادمة مغلوباً مدمراً بقوة الله التي رأيت خوارقها وآثارها، وأنكرتها ورفضت أن تستسلم لها.
ثم تركه وانصرف! ..
فبدأ فرعون من وراء الكواليس يدبر لحرب إبادة جماعية(2)؛ يستأصل بها كل أنصار موسى، فقد خطط لمحاصرة خرائب وأكواخ بني إسرائيل وحرقها بمن فيها، حتى لا يكون لهم وجود على أرض مصر ﴿ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾ الإسراء:103، وهكذا يفكر الطغاة دوماً إذا عجزوا أمام الحق الذي جاء على لسان معارضيهم.
الاستعداد للخروج
وعلى الجانب الآخر فإن موسى وهارون - عليهما السلام – قد أعدا العدة وجهزا بني إسرائيل، وهيئوهم على أن ينطلقوا سراً في خفاء الليل وصمته، بعدما جاء الوحي من الله يقول: ﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ﴾ الدخان:23.
وأثناء خروجهم من أرض مصر نفذوا وصية يوسف عليه السلام التي أوصى بها أجدادهم قبل موته، وهي أن ينبشوا قبره ويحملوا تابوته معهم إذا أرادوا الخروج من مصر(1).
وقد ساعد تجمع بيوتهم - إضافة إلى البناء التنظيمي الذي أشرنا إليه من قبل - في خروجهم سوياً في توقيت واحد، حاملين ما خف من أمتعتهم مع أطفالهم، متجهين نحو شرق البلاد.
ولكن سرعان ما فاح خبر خروجهم، حتى وصل إلى فرعون فهاج وماج؛ وأصدر قراراً ملكياً بإعلان الحرب على موسى وكل من هرب معه خارج البلاد.
ثم أرسل رسله على وجه السرعة بهذا القرار إلى قادة أفرع جيشه في كل مدائن مصر؛ وأمرهم بصفته القائد الأعلى بضرورة تعبئة الوحدات العسكرية تعبئة عامة، وإعلان النفير والتحرك الفوري نحو العاصمة، لينطلقوا منها جميعاً خلف بني إسرائيل؛ فيفسد عليهم تدبيرهم، ولكنه كان لا يعلم حينها أنه ينفذ تدبير صاحب التدبير !
﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ﴾ الشعراء:53.
وبالفعل تجمع بين يديه أكبر جيش يستطيع به أن يبيد أضعاف أضعاف أنصار موسى، ولا يٌبقيِ منهم أحداً.
أوحى الله إلى موسى وأخيه هارون أن يجمعا بني إسرائيل الذين تبعثروا في أماكن عده، ويتبوآ (1) لهم بيوتاً متقاربة ومتقابلة، وذلك لفرزهم وتنظيمهم ونسج رابطة أخوة قوية بين أفرادهم، استعداداً للرحيل من مصر في الوقت الذي يختاره الله لهم ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ﴾ يونس:87
ثم كلفهم بتطهير بيوتهم، وتزكية نفوسهم، وإقامة الصلاة فيها إذ لم يعد بوسعهم الصلاة جهراً كما كان، فاضطروا إلى الصلاة خلسة في بيوتهم وتحولت صلاتهم بدعائهم إلى أسلحة يوجهونها ضد فرعون، فالله يستجيب دعوة المظلومين ولو بعد حين، كما أوصاهم بالاستبشار بقرب نصر الله ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ يونس:87
وإلى جانب هذه التعبئة الروحية كانت هناك تعبئة نظامية؛ فقد أمّر موسى عليه السلام واحداً على كل اثني عشر رجلاً هو بمثابة المسئول التنظيمي والتربوي لهم، ليكون موسى على رأس الهرم التنظيمي ثم يليه هارون عليه السلام نائباً ومساعداً، وتحتهما اثنا عشر رجلاً من الأتباع المقربين؛ كل واحد منهم مسئول مسئولية خاصة عن اثني عشر رجلاً، وهكذا إلى آخر الهرم التنظيمي.
وتلك التعبئة النظامية إلى جانب ما كان من تعبئة روحية، ضروريتان للأفراد والجماعات، وبخاصة قبيل المعارك والمشقات، وقد يستهين قوم بمثل هذه التعبئة الروحية والفكرية، ولكن التجارب ما تزال إلى هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأول في المعركة، وأن الأداة الحربية في يد جندي خائر العقيدة لا تساوي شيئاً في ساعة الشدة.
وهذه التجربة التي أمر الله موس وهارون بتنفيذها ليست خاصة ببني إسرائيل فقط، بل هي تجربة إيمانية عامة، وقد يجد المؤمنون أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع، وقد عمت الفتنة وتجبر الظلمة، وفسد الناس- كما كان الحال على عهد فرعون - وهنا يرشدهم الله إلى اعتزال الجاهلية بنتنها وفسادها وشرها- ما أمكن ذلك- لتتجمع هذه العُصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها، لتطهرها وتزكيها، وتدربها وتنظمها، حتى يأتي وعد الله لها.
الإنذار السابع (الوباء القاتل).
والآن هذه هي الزيارة الأخيرة إلى قصر فرعون، فهذا هو الإنذار السابع والأخير – كما علِم موسى من ربه – والإنذار هذه المرة مرضٌ معدٍ شديدُ الخطورة، ينتشر كوباء في مصر يلاحق كل من عصى الله وكذّب رسوله، إنه الطاعون -الرِّجْزُ(1)- أو سمه إن شئت بالوباء القاتل.
فالطاعون يسبب ألماً شديداً وحمى وورماً في الغدد اللمفاوية، ويسبب هذا المرض بقعاً حمراء على الجلد ثم تتحول إلى بقع سوداء مخيفة، ويشعر مريض الطاعون بالصداع والبرد في الأطراف، وتسارع في ضربات القلب، ثم يحدث نزيف تحت الجلد، ثم يبدأ الجهاز العصبي بالانهيار، وتبدأ بعد ذلك الاضطرابات العصبية الغريبة والتي يتمايل منها المريض وكأنه يرقص رقصة الموت! وخلال عدة أيام يكون الجلد قد اسودّ وفارق المريض الحياة(2).
وهذا الذي كان؛ فقد حصد الطاعون أرواحاً كثيرة قدرت بعشرات الآلاف(3)، وعجز الطب المصري - رغم تفوقه آنذاك - عن محاصرة المرض أو علاجه، وانتشر المرض بين عموم المصريين المؤيدين لفرعون، وبات كل مريض منهم يتمنى الموت من شدة الآلام ولا يجده، وأصبح كل صحيح يخاف على نفسه من العدوى، وأصيب المصريون بحالة ذعر وخوف من هذا المرض القاتل.
لم يتماسك فرعون ونظامه هذه المرة خشية أن يصابوا بهذا المرض، فأرسلوا إلى موسى عليه السلام يستنجدون به، ويطلبون منه أن يدعو الله برفع هذا البلاء العظيم عنهم، فلقد أصبح نظام فرعون بعد هذه المحن المتتابعة كنبتة هزيلة، تعصف بها الريح فيما تعصف به من نبات وأعشاب(1)! إنهم يلوذون بموسى عدوّهم، يطلبون منه أن يمد إليهم يده ليدفع عنهم هذا البلاء الذي نزل بهم مقابل أن يؤمنوا له ويرسلوا معه بني إسرائيل كما طلب منهم من قبل!
﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ الأعراف:134
وبالرغم من كل ما عاناه موسى منهم على مدار السنوات الماضية، إلا أنه قبل بنفس المؤمن المتسامحة– متناسياً الماضي– ورفع يده لله يدعو لهم؛ بأن يرفع عنهم هذا البلاء العظيم.
فاستجاب الله الدعاء، وأمر هذا "الميكروب البسيط" - الذي أحدث كل هذه الضجة- بالانسحاب من أرض مصر، ويستجيب الجندي لربه، فما أمسى مريض إلا وقد شفاه الله.
نقض العهد والميثاق
انتشر بين جموع الشعب أن فرعون ومن حوله وعدوا موسى وهارون أنهم سيؤمنون لهم بإلههم، وأن فرعون سيلغي قانون السخرة الذي استُعِبد به بنو إسرائيل، وسيسمح لهم بالخروج من مصر إلى حيث شاءوا مع موسى وهارون ..
وسادت حالة من الترقب بين جموع الشعب وهم ينتظرون صدور هذه القرارات المصيرية التي كانت سبباً في رفع البلاء عنهم، ولكن فرعون نكث وعوده التي جعلها حيلة لاستجماع قواه، والتقاط أنفاسه !!
﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾ الأعراف:135
وقد كان في كلماتهم من البداية ما يفضح هذا الغدر الذي أخفته صدورهم(2)، ولكنّ المؤمنين أمروا ألا ينقبوا عما أخفته صدورهم، وأن يسلموا بظواهر أقوالهم وأفعالهم.
خطاب فرعون للأمة
خرج فرعون على الشعب المصري بخطابه المنتظر، ولكنه كان خطاباً عاطفياً أراد منه أن يستجدي رضاهم، ويجمعهم حوله مرة أخرى، فهو الضمانة الوحيدة لاستقرار البلاد وأمنها ورخائها ..
﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ﴾ الزخرف:53.
بدأ فرعون خطابه بنبرة عاطفية حزينة تناسب الظروف الأليمة التي مرت بها البلاد ..
«يَا قَوْمِ» يا أهلي ويا أحبابي !!
بداية عاطفية تنفذ إلى قلوب المصريين البسطاء، فتقلبها رأساً على عقب، وتحولها كلها إلى صفه، فمنذ متى وفرعون المتكبر المغرور ينادي شعبه بنداء التقريب والحب «يَا قَوْمِ»(1)!.
ولكنه دهاء منه لاستمالة قلوب بدأت تميل إلى غيره ..
ثم يستمر محاولاً التوغل في قلوبهم والتحكم فيها بذكر أمجاده وإنجازاته منذ أن حكم مصر، فيقول: «أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ».
ولأن الشعب المصري – كعادته – ينسى أو يتناسى الذكريات المؤلمة في حياته، من قتل وتعذيب وتشريد واستضعاف، سينطلي عليه هذا اللون من الخطاب، ففرعون بالفعل يستحق بجدارة لقب بطل الحرب والسلام(2)! ثم تطرق في خطابه بصيغة التعريض لموضوع موسى ودينه الجديد فقال: ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ فموسى لا يصلح أن يكون بديلاً لحكم بلد في حجم مصر، فهو من أصل دنيء مهين، وازداد في السخرية منه فاتهمه أنه لا يجيد الكلام.
وأما فيما يخص ما أشيع أنه سيتبعه ويؤمن بإلهه، فقد أوضح فرعون أنه سيكون أول أتباعه لو أن معه أي دليل يشير إلى صدقه، وتساءل بكل سخرية - راضياً بحكمهم – لو كان هذا الإنسان رسولاً من عند الله حقّا كما يدعي؛ أيضنّ عليه ربه بأن يلقى عليه أسورة من ذهب، كأمارة على أنه موفد من جهة عالية، ذات بأس، وذات سلطان؟! ﴿ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ﴾ ؟ فإن لم يكن أهلاً لأن ينال من ربه هذه المكرمة، أفلا جاء معه ملائكة من السماء، يشهدون له أنه رسول من عند الله ؟
فإذا لم يكن هذا أو ذاك، فبأي وجه يكون له مقام بيننا ومكانة فينا، وبأي وجه يُقارن بيني وبينه ويضعه أحدكم معي في كفة ميزان واحدة ؟.
ردود فعل الشارع المصري على الخطاب العاطفي
التهبت أكف الحاشية بالتصفيق والإشادة بما حواه الخطاب، وأفرد القطاع الإعلامي أوقاتاً كثيرة لتحليل نقاط الخطاب وأهم ما جاء فيه، ولم يغب عن بعضهم تحليل "لغة الجسد" للزعيم الكبير ذي الحكمة والقوة والنظر الثاقب.
فتلقى الشعب منهم هذا الخطاب السطحي الساذج، بالتسليم والطاعة، وانهمرت دموعهم عند سماعهم قوله "ياقوم"، ومدحوا حكمته التي تغنى بها إعلامه عندما تساءل عن الأسورة التي لم يأت بها موسى كدليل على نبوته! ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ﴾.
ولم يقم من بين جموع المتلقين عاقل يسفه هذا المنطق السفيه الذي لا يقبله عقل، ولا يستسيغه عاقل !! فأسورة من ذهب مهما ازداد بريقها، وغلا ثمنها لا تُصدق بها رسالة رسول ؟!
ثم هل أسورة من ذهب تكون أكثر دلالة على نبوة موسى من كل الآيات والنذر التي جاءهم بها منذ بعثته؟!
اللقاء الأخير
أمر الله موسى أن يذهب بصحبة هارون إلى قصر فرعون بعدما نكث وعده، ونقض شرطه، لينذره بقرب هلاكه، واقتراب أجله، وزوال ملكه.
فذهبا إلى القصر الفرعوني، وانتظرا حتى خرج عليهما فرعون ..
فسأل موسى: ما الذي جعلك تنقض عهدك؟ ألم تعاهدني أنك ستؤمن بالله وستُخرج معي بني إسرائيل بعدما رأيت معجزات الله ؟
فرد عليه فرعون متطاولاً وضحكاته تملأ أركان قصره فقال:
- مخبول العقل أنت يا موسى؟! نعم .. أنا على يقين أنك مسحور !، كيف تظن يا كالح البشرة أنني سأؤمن بك وأرسل معك عبيدي من بني إسرائيل؟! ﴿ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ﴾، ثم كيف تظن أنني قد أؤمن بإلهك الذي يُبيد شعبي بالجفاف ونقص الثمرات ويُغرقه بالمطر؟! ذلك ليس بإله ! إنه شيطان يفسد مصر، ويذهب بخيراتها.
... ثم نزل فرعون من على العرش قائلاً:
- اثبتا لي أن إلهكما موجود، ليظهر لنا الآن بجسده في القاعة، أو ليتحدث إليّ الآن كي أسمعه، أم أنه خجول لا يستطيع الكلام ؟!
نظر موسى لهارون الذي أجاب:
- ربنا قادر على كل شيء و ...
فقاطعه فرعون بضحكاته المستفزة ثم قال:
لِمَ لا يقتلني إذن ؟
فأجابه موسى بحدة تناسب هذا الموقف المتأزم قائلاً: إنه سبحانه وتعالى لا يُسأل عن حكمته في بقائك، ولكل أجل معاد.
فقال له فرعون:
تلك إجابة العاجزين.
فقال له موسى: اترك بني إسرائيل تغادر أرض مصر كما وعدتني، وإلا فانتظر الهلاك.
فقال له فرعون: لم أعرف التهديد يوماً ولم ينل مني وعيد، واعلم أن الدبابير التي تغادر عشها تقتل، وما جئت به من سحر لن يرهبنا.
فرد عليه موسى: ﴿ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ﴾ - المعجزات والإنذارات التي رأيتها(1)- ﴿ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وقد جاءتكم هذه المعجزات والإنذارات ﴿بَصَائِرَ﴾ واضحة الرؤية؛ لتقيم لديكم علماً محققاً، ويقيناً راسخاً بأنها من عند الله، ولكن الكبر والتعالي صرفكم عن الإيمان بالله ﴿ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ الإسراء:102، فيقيني أنك ستكون خلال الأيام القادمة مغلوباً مدمراً بقوة الله التي رأيت خوارقها وآثارها، وأنكرتها ورفضت أن تستسلم لها.
ثم تركه وانصرف! ..
فبدأ فرعون من وراء الكواليس يدبر لحرب إبادة جماعية(2)؛ يستأصل بها كل أنصار موسى، فقد خطط لمحاصرة خرائب وأكواخ بني إسرائيل وحرقها بمن فيها، حتى لا يكون لهم وجود على أرض مصر ﴿ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾ الإسراء:103، وهكذا يفكر الطغاة دوماً إذا عجزوا أمام الحق الذي جاء على لسان معارضيهم.
الاستعداد للخروج
وعلى الجانب الآخر فإن موسى وهارون - عليهما السلام – قد أعدا العدة وجهزا بني إسرائيل، وهيئوهم على أن ينطلقوا سراً في خفاء الليل وصمته، بعدما جاء الوحي من الله يقول: ﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ﴾ الدخان:23.
وأثناء خروجهم من أرض مصر نفذوا وصية يوسف عليه السلام التي أوصى بها أجدادهم قبل موته، وهي أن ينبشوا قبره ويحملوا تابوته معهم إذا أرادوا الخروج من مصر(1).
وقد ساعد تجمع بيوتهم - إضافة إلى البناء التنظيمي الذي أشرنا إليه من قبل - في خروجهم سوياً في توقيت واحد، حاملين ما خف من أمتعتهم مع أطفالهم، متجهين نحو شرق البلاد.
ولكن سرعان ما فاح خبر خروجهم، حتى وصل إلى فرعون فهاج وماج؛ وأصدر قراراً ملكياً بإعلان الحرب على موسى وكل من هرب معه خارج البلاد.
ثم أرسل رسله على وجه السرعة بهذا القرار إلى قادة أفرع جيشه في كل مدائن مصر؛ وأمرهم بصفته القائد الأعلى بضرورة تعبئة الوحدات العسكرية تعبئة عامة، وإعلان النفير والتحرك الفوري نحو العاصمة، لينطلقوا منها جميعاً خلف بني إسرائيل؛ فيفسد عليهم تدبيرهم، ولكنه كان لا يعلم حينها أنه ينفذ تدبير صاحب التدبير !
﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ﴾ الشعراء:53.
وبالفعل تجمع بين يديه أكبر جيش يستطيع به أن يبيد أضعاف أضعاف أنصار موسى، ولا يٌبقيِ منهم أحداً.