...

_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
⏳⏳⏳
-485-
وحكى لي بعض أشياخي عن ذي النون أنه قال لبعض الرهبان: ما معنى المحبة؟ فقال: لا يطيق العبد حمل محبتين: من أحب الله لا يحب الأغيار، ومن أحب الأغيار لا يحب الله خالصا، فتفكر في حالك من أي القبيلين أنت؟ قال: قلت: صف لي المحبة. فقال: المحبة عقل ذاهب، ودمع ساكب، ونوم طريد، وشوق شديد، والحبيب يفعل ما يريد. قال ذو النون: فعمل هذا الكلام معي، فعلمت أنه خرج من
المعدن وأن الراهب مسلم. ثم فارقته فبينما أنا أطوف بالكعبة، وإذا بالراهب يطوف وقد نحل، فقال لي: يا أبا الفيض، تم الصلح وانفتح باب المؤانسة، ومن الله علي بالاسلام وحملني ما عجزت عنه السموات والأرض. قال ذو النون: حمل نفسه محبة الله تعالى التي عجزت عنها السموات والأرض، وصم الجبال، وحملها أجلاد الرجال
بلطائف الأحوال. وأنشد يقول:
حبّك يا سؤلي ويا منيتي ... قد أنحل الجسم وقد كدّه
لو أنّ ما في القلب من حبّكم ... بالجندل الصّلد لقد هدّه
ثم قال ذو النون: لا أحياء ولا أموات، ولا صحاة ولا سكرى، ولا مقيمون ولا ظاعنون، ولا مفيقون ولا صرعى، ولا أصحاء ولا مرضى، ولا منتبهون ولا نيام، فهم كأصحاب الكهف، في فجوة الكهف لا يدرون ما يفعل بهم، ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال.