حيدرة الأحواز أبو عزام تاب من الرفض ولبى داعي الجهاد، فقتل على ثرى دولة الإسلام! سار من الأحواز ...

حيدرة الأحواز أبو عزام
تاب من الرفض ولبى داعي الجهاد، فقتل على ثرى دولة الإسلام!

سار من الأحواز قاصدا أرض الجهاد، باحثا عن رضى الرحمن، وخشيةَ ليلةٍ صبحُها بين يدي الديّان، فإما رزْق كريم وفردوس وجنان، أو خزْي وعذاب وكبٌّ للوجوه في كبد النيران... لم يُعِر لدنياه بالا، ولم يمنعه تعلق بأهل ولا حب لجاه أو مال، ما رده عن النفير القول "إن الوصول لأرض الجهاد من المحال"، فقد حسم أمره، وعقد النية، وتوكل على رب البرية، فهاجر كي يكون له الإسلام الحق هوية.

إنه أبو عزام الأحوازي، الذي عرف التوحيد وسلك دربه، بعدما كان رافضيا حتى النخاع، فقد اكتشف الضلال الذي كان يدور في فلكه، فهداه الله وشرح قلبه للإسلام، فسعى لأن تكون كل عائلته على المنهج الصافي ذاته الذي عرفه، بعيدا عن الشرك الرافضي وأهله.

لم يحتمل أن يجلس في تلك البقعة المنسية، فحينما عرف التوحيد رفض عيش الذل، بعدما أوجعته جراح أمته، لهذا قرر أن يتخلى عن عار القعود، يتخلى عن ماضيه، عن ذكرياته، عن حياته، وعن أهله وأحبائه، ويسخّر شبابه - ما مد الله عمره - في نصرة الإسلام والمسلمين، وسبيله في ذلك الجهاد، فذاك هو طريق الحق، وهو الذي يضمن له جنة عرضها السماوات والأرض، إنْ أخلص النية لله في سيره نحو فردوسها الأعلى.

لقد كان قرار أبي عزام أن يهاجر إلى سوح الوغى، ويتّجه إلى أرض الخلافة، أرض دولة الإسلام ودين الإسلام حيث تجتمع ملل الكفر كلها لمحاربة دين الله، فأخذ يبحث عمَّن هو قادر على إيصاله إليها، فيسّر الله له العثور على من يعينه ويساعده على تحقيق حلمه المنشود.

وحينما جاء ذلك اليوم الموعود، وحلّت ساعة الصفر، أخرج أبو عزام حقيبته، ووضع فيها بعض ما يحتاجه في طريق السفر، ثم اتجه لقريب له تائب من الرفض، ليكون رفيق رحلته، بعدما اتّفقا على النفير سويّة.

غادر ولم يلتفت خلفه، فهو قد طلّق الدنيا، وقرّر أنْ لا تقف بوجه هجرته أي عوائق، فانطلقا في رحلة لا عودة منها، وكان الأحوازي يدرك ذلك جيدا، بل يسعى أن تكون رحلته لا عودة منها، رحلة خاتمتها الشهادة، شهادة متقبلة عند الله، لعل الله يغفر له تلك السنوات التي عاشها في ضلال دين الرافضة، أو أن يرزق الله دولة الإسلام نصرا، يمكّنها من الوصول إلى الأحواز فيكون أبو عزام من بين فاتحيها، وحينها فقط له أن يدخل داره ثانية كما كان يردد.

قطع صاحبا السفر عدة مدن إيرانية، حتى وصلا إلى شخص يظنانه المهرّب الذي سيتولى عملية نقلهما إلى نهاية حدود إيران، لكنهما - وحينما تحدثا إليه - تبيّن أنه ليس الشخص المقصود، فخطفهما، بعدما أشهر السلاح بوجهيهما، ليقتادهما بعد ذلك إلى سجن سري في دار منعزلة، ويطالبهما بدفع فدية، وإلا سيقوم بتسليمهما للسلطات الإيرانية الرافضية، وحينها ستكون النتيجة محسومة في نظرهما، الموت على أيدي الروافض... ولأن أبا عزام وقريبه لم يكونا يملكان من المال شيئا سوى دولارات معدودة، لا تكاد تكفي أجرة السيارة، التي من المفترض أنْ تُقلّهما إلى نقطة العبور الحدودية، فقد جعل ذلك حبسهما يطول لأسابيع!

بعد أن طالت أيام السجن، عرض أبو عزام ورفيق رحلته على خاطفهما أن يسمح لهما بالاتصال على أحد الأشخاص، لعله يستطيع تأمين المبلغ الذي طلبه، وقدره عشرة آلاف دولار عن كل واحد منهما، فوافق الخاطف، وسلمهم أحد الهواتف النقالة التي صادرها منهما، ليتصلا على الشخص الذي تكفّل بمساعدتهما للوصول إلى أراضي الدولة الإسلامية، وما أن سمع بخطفهم، حتى سارع إلى تأمين مبلغ عشرين ألف دولار، ليوصلها بطريقته الخاصة إلى ذلك الخاطف، وليُخرِج أبا عزام وصاحبه من فوهة الموت، ومن عنق الزجاجة التي علقا بها.

بعد تحريرهما من الخاطف عثرا على من يساعدهما على عبور الجبال، فاستقلا حافلة، قطع بهما سائقها كثيرا من الأودية، وصعد بهما شواهق الجبال، لكنهما كانا قلقين جدا، فجُلُّ همّهما أن يخرجا من حدود إيران الرافضية بسلام.

طيلة مدة الرحلة كان أبو عزام صامتا، فهو لا يجيد الحديث بالفارسية على الإطلاق، ما جعله يسلّم مقاليد الرحلة لرفيقه، الذي كان يتقنها بطلاقة، طالبا من أبي عزام أن يدّعي المرض، وأن تورّماً أصاب لثته وأسنانه جعله يعجز عن الكلام من شدة الوجع، وهو ما فعله أبو عزام ولأيام، خشية أن تُكتشف حقيقتهما بأنهما عربيان أحوازيان، حيث يمكن أن يعتقلهم الرافضة لمجرد وجودهما خارج الأحواز.


مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 12
السنة السابعة - الثلاثاء 24 ربيع الأول 1437 هـ

قصة شهيد:
حيدرة الأحواز أبو عزام
تاب من الرفض ولبى داعي الجهاد، فقتل على ثرى دولة الإسلام!

حيدرة الأحواز أبو عزام

تاب من الرفض ولبى داعي الجهاد، فقتل على ثرى دولة الإسلام!

وبعدما يقرب من عشرين ساعة، قضياها بشكل متواصل وبطيء، بسبب تعرجات وتموجات الطريق، وصلا أخيرا إلى نقطة يتوجّب فيها الترجّل وإكمال الرحلة مشيا، فقَطْع الحدود لا بد أن يكون سيرا على الأقدام، وهو ما كان، حيث استمر أبو عزام وصاحبه وبقية المتسللين في السير لما يقرب من تسع ساعات، حتى وجد الجميع أنفسهم محاطين بجمع غفير من حراس الحدود من مرتدي الأتراك بعد خروجهم من الأراضي الإيرانية، فوضعت القيود في معاصمهم، ولتبدأ مع أبي عزام رحلة في السجون استمرت لأشهر وأسابيع كانت كفيلة لتجعل "الأحوازي" يراجع حساباته، ويعود أدراجه من حيث أتى، لكن أشهُر السجن ما زادته إلا صلابة وإصرارا على مواصلة المشوار نحو أرض الخلافة.

خرج الرفيقان من السجن، بعد أن أمضيا شهورا طويلة فيها، حيث أخبرا المحققين في سجنهما أنّ وجهتهما كانت أوروبا، وتحديدا الدانيمارك، ولكن الدنيا التي فتحت ذراعيها لأبي عزام وصاحبه -بعد أنْ ظن مرتدو الأتراك أنهما لاجئان- كانت لا تساوي عندهما يوما واحدا يقضيانه في ربوع دولة الإسلام.

فما أن خرجا من السجن، حتى استقلا حافلة متوكلين على الله ليتجها صوب دولة الخلافة، ولم يكونا يمتلكان حتى قيمة أجرتها كاملة، فأرسل الله لهما شخصا لا يعرفانه ولا يعرفهما، فقام من فوره ودفع عنهما أجرة الحافلة، بعد أن رأى حيرة أبي عزام وصاحبه أثناء عملية دفع الأجرة، فعرفوا أن الله - سبحانه وتعالى - أرسله إليهم كمنحة ليخرجهم من تلك المحنة التي وقعا فيها.

ما أن وطئت قدمه أرض الدولة الإسلامية، بعد شهور مضنية متعبة عسيرة، عاش فيها الموت مرات ومرات، نزل أبو عزام إلى الأرض وبكى بكاء حارا، من شدة فرحه وسعادته.

كان أبو عزام يتشوق لإنهاء التدريب للثأر من الرافضة، الذين باتوا في قاموس أبي عزام ألدّ الأعداء، بعدما كان منهم يوما، قبل أن يكرمه الله بالتوحيد، بل كان يكنّي نفسه بـ (ذبّاح الروافض)، فلطالما تمنى لو أنه يشرب من دمائهم حتى يشبع، ولن يشبع كما يقول!

كانت مجالسة أبي عزام الأحوازي لا تمُل، وأحاديثه عن الأيام الخوالي لا تنقطع، رجل لا يعرف سوى الابتسام في وجه إخوانه، وكان كثيرا ما يقوم بتقبيل رؤوس المجاهدين واحدا واحدا، بسيطاً طيباً هيّناً ليّناً، وكان يكثر من القول لأصحابه بأنه يحبهم في الله، وكلما رأى فعلا طيبا من أخ، مع أي مجاهد آخر، سارع إليه وقال له: أخي إني أحبك في الله.

أبو عزام، حيدرة الأحواز، الذي نفر إلى الجهاد، ولم يرض بالهوان، فلبّى النداء يوم أن دعاه الإله، ليذود عن حمى التوحيد، الذي كتب على غلاف دفتره الخاص بالمعسكرات دعاءه الذي لطالما كان يكرره "اللهم ارزقني الشهادة"، استجاب الله لدعائه حينما كان يقاتل على ثرى الشام في دولة الإسلام، فسقط الليث شهيدا، مضرّجا بالدماء، بل ولم يجد رفاقه من جسده شيئا، فقد تناثر أشلاء وأشلاء، بعد أن صال في آخر معاركه وجال...


مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 12
السنة السابعة - الثلاثاء 24 ربيع الأول 1437 هـ

قصة شهيد:
حيدرة الأحواز أبو عزام
تاب من الرفض ولبى داعي الجهاد، فقتل على ثرى دولة الإسلام!