008-وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) ...
008-وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) مكية وهي ستون آية، وثلاثمائة وستون كلمة، وألف ومائتان وتسعة وثمانون حرفا بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: {والذاريات ذَرْواً} أول هذه السورة مناسب لآخرها قبلها، لأنه تعالى لما بين الحشر بدلائله، وقال: {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} [ق: 44] وقال: {وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: 45] تُجْبِرهم على الإيمان، إشارة إلى إصرارهم على الكفر بعد إقامة البرهان، وتلاوة القرآن عليهم، لم يبق إلا اليمين فقال: {والذاريات. . إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} وقال في آخرها {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الذي يُوعَدُونَ} [الذاريات: 60] . فصل وفي الحكمة في القسم ههنا وجوه: أحدها: أن الكفار كانوا يَنْسبون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للجدال، ومعرفة طرقه، وأنه عالم بفساد قولهم، وأنه يغلبهم بمعرفته بالجدال، وحينئذ لا يمكن أن يقابلهم بالأدلة، كما أن من أقام خَصْمُه عليه الدليل ولم يبق له حجة، يقول: إنه غلبني، لعلمه بالجدل وعجزي عن ذلك، وهو يعلم في نفسه أن الحق تبعي ولا يبقى للمتكلم المبرهن غير اليمين، ليقول: والله إن الأمر كما أقول ولا أجادلك بالباطل لأنه لو استدل بطريق آخر يقول خصمه فيه كقوله الأول، فلا يبقى إلا السكوت، أو التمسك بالأيمان، وترك إقامة البرهان.