بسم الله الرحمن الرحيم صبرا أهل غزة ...

بسم الله الرحمن الرحيم
صبرا أهل غزة
الخطبة الاولى:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فاتقوا الله حق تقاته، وراقبوه في السر والعلانية، فالتقوى هي مفتاح السعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة.
أيها الإخوة: لا يسعنا ـ ونحن على منبر حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أتباع حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ـ أن نقول لأهل غزة إلا كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما تقطعت الأسباب وعجز عن نصرة المظلومين، ومرَّ على أسرة ياسر ورآهم يعذَّبون وهو صلى الله عليه وسلم لا يملك لهم شيئاً إلا الدعاء، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: (صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدُكُمْ الْجَنّةُ) رواه الحاكم والطبراني والبيهقي.
ونحن نقول لأهلنا في غزة وقد تقطعت الأسباب عندنا ـ نحن عامة الناس ـ متأسين بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: صبراً يا أهل غزة فإن موعدكم إما النصر وإما الشهادة بإذن الله تعالى، فإن موعدكم النصر، أو جنة عرضها السماوات والأرض أُعدَّت للمتقين، وأنتم منهم إن شاء الله تعالى ببركة صبركم وصمودكم.
يا أهل غزة: لا يسعنا إلا أن نقول: اللهم ثبِّتهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، اللهم أرسل إليهم المدد من السماء يا من بيده ملكوت كل شيء.
يا أهل غزة: لا يسعنا إلا أن نقول: حسبكم الله، لأنكم توكلتم على الله، {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.
يا أهل غزة: نحسبكم والله حسيبكم أنكم مع الله، ومن كان مع الله كان الله معه.
يا أهل غزة أنتم أهل الإيمان والقرآن، فأبشروا بوعد الله، فإن وعد الله لا يُخلف، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون}. وقال جلَّت قدرته: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِين * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُون * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُون}. فأنتم إن شاء الله تعالى من جند الله الذين لا يُغلبون، ولا نزكي على الله أحداً.
تذكروا يا أهل الإيمان قول الله عز وجل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير}. فأنتم مظلومون والنصر حليفكم بإذن الله، والمستقبل لهذا الدين، بعز عزيز او بذل ذليل، روى البخاري عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ وفي رواية لمسلم (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ.
يا من آتاه الله المُلك، اغتنموا هذه النعمة نعمة الملك في نصرة المظلومين المقهورين من بني البشر ـ فضلاً عن المؤمنين ـ حتى لا يكون ملككم حسرة وندامة عليكم يوم القيامة، قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيه * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيه * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَة * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيه * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيه} ما هي النتيجة؟ {خُذُوهُ فَغُلُّوه * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوه * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوه}. أترضيكم هذه النتيجة بعد ملككم؟
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
فيا عباد الله، الإسلام ينادي فهل من مجيب؟!
انا الإسلام أدعوكم أنادي
فلبوا أيها الأبناء أجيبوا
أنا الإسلام جاريةً دموعي
لأني بين أبنائي غريبُ
تداعى القوم جوعى ينهشوني
ولا خل يذود ولا حبيبُ
وأبنائي أراهم في خلاف
على حال لها كبدي تذوبُ
أرى المليار باسمي قد تسموا
وفي البأساء خذلان عجيب
إذا ما الإبن لم ينصر أباه
فلا كان الوليد ولا النسيب
أرى ولدي تمزقه الاعادي
يقول أبي فتخذلني الكروبُ
وأسال أين أخوته أماتوا؟
وهل بقيت لدى الأحياء قلوبُ؟!
أعيدوني فبي سيعود مجد؟
ويمسح عن رؤوسكم المشيبُ
فعزي عزكم ثمري جناكم
وبي ستطوف حولكم الشعوبُ
عباد الله، ما واجبنا نحو أهل غزة.؟
واجبنا نحو أهل غزة نحن العامة فلا نملك لإخوتنا في غزة إلا الدعاء والجهاد بالمال، وبعده الاستقامة على شريعة الله عز وجل، لأن الدعاء أسهمه لا تخيب، انظروا إلى دعاء سيدنا موسى عليه السلام عندما قال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيم * قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُون}.
الدعاء يقيناً مستجاب في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي نريد، لأن الله يعلم ونحن لا نعلم، وهو الحكيم الخبير، فعلينا بالدعاء ثم بالاستقامة على شرع الله تعالى بتحليل الحلال وبتحريم الحرام، فهذا من أسباب النصر لإخوتنا في غزة، ثم بعد ذلك ننتظر الفرج، وانتظار الفرج عبادة بحمد الله عز وجل، كما جاء في الحديث: (سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ) رواه الترمذي. وأسأل الله تعالى أن يعجِّل بالفرج.
أسأل الله عز وجل أن يُكرِم أهل غزة بالنصر من عنده، لأنه القائل: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ}، أسأل الله تعالى ألا يجعل يداً لمنافق ولا لمجرم على أهلنا في غزة، وأن ينصرهم من عنده نصراً معززاً عاجلاً غير آجل.