معركة الجماعة والفصائل 5 الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام - 3- الهيئات "الشرعيّة"، ودُور ...
معركة الجماعة والفصائل 5
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام
- 3- الهيئات "الشرعيّة"، ودُور "العدل":
• وهذه التّجمعات من ألاعيب "جبهة الجولانيّ" لتجميع الفصائل تحت قيادتها بشكلٍ تدريجيٍّ وغير مباشرٍ، فلمّا كانت المناطق الخارجة عن سيطرة النّظام النّصيريّ تفتقد لأيّ شكل من أشكال السّلطة الموحّدة، وحاجة هذه المناطق إلى ضبط الأمن وتقديم الخدمات، ونظراً لزعم أغلب الفصائل أنّها تريد تطبيق الشّريعة، اختُرعت هذه التّسمية "الهيئات الشّرعيّة" للدّلالة على المحاكم التي أنشأتها "جبهة الجولانيّ" وبعض الفصائل الأخرى على أساس التّشاركيّة، حيث يقدّم كلّ فصيلٍ عدداً من القضاة، ويشارك بعددٍ من العناصر في "القوّة التّنفيذيّة" التي تنفّذ أحكام القضاة، وكذلك يقع على عاتقها جزء من العبء الماليّ لتسيير هذه "الهيئات" التي بدأت رويداً رويداً توسّع من صلاحيّاتها، وتسعى للاستيلاء على أكبر كمٍّ ممكن من الموارد المتوفّرة في المناطق التي تعمل ضمنها، بزعم تأمين الاحتياجات الماليّة لتسيير شؤون هذه المناطق عبر المؤسّسات الخدميّة والأمنيّة المختلفة، بل وحتّى العسكريّة التي ألحقت بها، حيث قامت "هيئة حلب" بالسّيطرة على (معبر كراج الحجز) الذي كان يمثّل - في وقتها - الرّئة الوحيدة للمناطق الواقعة تحت سيطرة النّظام من المدينة، وذلك للاستيلاء على الرّسوم التي كانت تفرض على البضائع الدّاخلة إلى هذه المناطق، كما بدأت "هيئة المنطقة الشّرقيّة" بالسّيطرة على آبار النّفط في ولاية الخير بزعم تمويل العمل العسكريّ في المدينة، وبالتّالي إعلان الحرب على كلّ الفصائل والعشائر التي تقع الآبار تحت سيطرتها.
انهار مشروع "الهيئات الشّرعيّة" الذي لم يكن أصحابه يرجون منه وجه الله وتحكيم شريعته كما كانوا يزعمون لعدّة أسباب، أهمّها أنّ هذه الهيئات لم تكن تحكم بشرع الله عزّ وجلّ وإنما بأهواء القضاة المختلفين عقيدةً وديناً، فمنهم الصّوفيّ القبوريّ، ومنهم المرجئي الجهميّ، ومنهم "السّلفيّ الجهاديّ"، ومنهم من كان قاضياً أو محامياً في محاكم الطّاغوت ولم يتبْ من رِدّته، وكلٌّ منهم يحكم بما يؤمن ويعتقد، وفضلاً عن هذا فإنّ قرارات هذه الهيئات ومحاكمها كانت مسلّطة على المستضعفين من النّاس، دون عناصر الفصائل المنتمية إليها، كونهم تحت حمايتها، أمّا الكتائب القويّة التي لم تشترك في هذه الهيئات فإنّها كانت هي وعناصرها بعيدةً عن أيّ شكلٍ من أشكال المساءلة والحساب مهما بلغ إجرامها، وكذلك ساد التّنازع بين الفصائل على الموارد الماليّة الواقعة تحت تصرّف الهيئات، وبالتّالي انهارت "هيئة حلب" أولاً، خاصّة بعد إعلان الدّولة الإسلاميّة، وتبعتها "هيئة الشّرقيّة" التي حُوِّلت إلى إطارٍ لتنظيم العمل العسكريّ ضد الدّولة الإسلاميّة، وكان أوّل أعمالها العسكريّة الهجوم على جنود الدّولة الإسلاميّة في ولاية الخير للسّيطرة على الموارد التي صارت تحت سيطرتهم، ثم انهارت هذه الهيئة وزالت بزوال "جبهة الجولانيّ" والفصائل المتحالفة معها، وهروبهم من المنطقة الشّرقيّة باتجاه درعا والقلمون.
وبانهيار "الهيئات الشرعيّة"، وانسحاب "جبهة الجولانيّ" منها بعد أن ساءت سمعتها وكرهها النّاس، ابتُدعت لعبة تجميع جديدةٌ أطلق عليها اسم "دار العدل"، للإشارة إلى المحاكم التي أنشأتها "جبهة الجولانيّ" في مناطق الشّمال وحوران وكان لها فيها سطوةٌ ونفوذٌ أشدّ، بل وصل الأمر بهم أن يهدّدوا بالحرب كل من يرفض الانضمام والخضوع لهذه المحاكم التي لم تكن بأفضل من محاكم "الهيئات الشّرعيّة"، لتعود "جبهة الجولانيّ" إلى الانسحاب منها، كما حدث مع "دار العدل في حوران"، التي أعلنت لاحقاً التزامها بتطبيق "القانون العربيّ الموحّد" الوضعيّ الذي أصدرته "جامعة الدّول العربيّة"، فانهارت هذه المشاريع البدعيّة، التي باتت في حقيقتها مشاريع ردّةٍ عن الدّين وامتناع عن شرائع الإسلام، بل واستبدالها بشرائع الكفر الظاهرة لاحقاً، وظل أصحابها يبحثون عن وسائل بدعيّةٍ جديدةٍ لجمع الفصائل إليهم، والتوحّد تحت لوائهم، وكلٌّ منهم يظنّ أنّه يخدع صاحبه، وفي النّهاية يكتشف الجميع أنّهم خُدعوا بهذه المشاريع فيتركونها ويعلنون فشلها.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (5)
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام
- 3- الهيئات "الشرعيّة"، ودُور "العدل":
• وهذه التّجمعات من ألاعيب "جبهة الجولانيّ" لتجميع الفصائل تحت قيادتها بشكلٍ تدريجيٍّ وغير مباشرٍ، فلمّا كانت المناطق الخارجة عن سيطرة النّظام النّصيريّ تفتقد لأيّ شكل من أشكال السّلطة الموحّدة، وحاجة هذه المناطق إلى ضبط الأمن وتقديم الخدمات، ونظراً لزعم أغلب الفصائل أنّها تريد تطبيق الشّريعة، اختُرعت هذه التّسمية "الهيئات الشّرعيّة" للدّلالة على المحاكم التي أنشأتها "جبهة الجولانيّ" وبعض الفصائل الأخرى على أساس التّشاركيّة، حيث يقدّم كلّ فصيلٍ عدداً من القضاة، ويشارك بعددٍ من العناصر في "القوّة التّنفيذيّة" التي تنفّذ أحكام القضاة، وكذلك يقع على عاتقها جزء من العبء الماليّ لتسيير هذه "الهيئات" التي بدأت رويداً رويداً توسّع من صلاحيّاتها، وتسعى للاستيلاء على أكبر كمٍّ ممكن من الموارد المتوفّرة في المناطق التي تعمل ضمنها، بزعم تأمين الاحتياجات الماليّة لتسيير شؤون هذه المناطق عبر المؤسّسات الخدميّة والأمنيّة المختلفة، بل وحتّى العسكريّة التي ألحقت بها، حيث قامت "هيئة حلب" بالسّيطرة على (معبر كراج الحجز) الذي كان يمثّل - في وقتها - الرّئة الوحيدة للمناطق الواقعة تحت سيطرة النّظام من المدينة، وذلك للاستيلاء على الرّسوم التي كانت تفرض على البضائع الدّاخلة إلى هذه المناطق، كما بدأت "هيئة المنطقة الشّرقيّة" بالسّيطرة على آبار النّفط في ولاية الخير بزعم تمويل العمل العسكريّ في المدينة، وبالتّالي إعلان الحرب على كلّ الفصائل والعشائر التي تقع الآبار تحت سيطرتها.
انهار مشروع "الهيئات الشّرعيّة" الذي لم يكن أصحابه يرجون منه وجه الله وتحكيم شريعته كما كانوا يزعمون لعدّة أسباب، أهمّها أنّ هذه الهيئات لم تكن تحكم بشرع الله عزّ وجلّ وإنما بأهواء القضاة المختلفين عقيدةً وديناً، فمنهم الصّوفيّ القبوريّ، ومنهم المرجئي الجهميّ، ومنهم "السّلفيّ الجهاديّ"، ومنهم من كان قاضياً أو محامياً في محاكم الطّاغوت ولم يتبْ من رِدّته، وكلٌّ منهم يحكم بما يؤمن ويعتقد، وفضلاً عن هذا فإنّ قرارات هذه الهيئات ومحاكمها كانت مسلّطة على المستضعفين من النّاس، دون عناصر الفصائل المنتمية إليها، كونهم تحت حمايتها، أمّا الكتائب القويّة التي لم تشترك في هذه الهيئات فإنّها كانت هي وعناصرها بعيدةً عن أيّ شكلٍ من أشكال المساءلة والحساب مهما بلغ إجرامها، وكذلك ساد التّنازع بين الفصائل على الموارد الماليّة الواقعة تحت تصرّف الهيئات، وبالتّالي انهارت "هيئة حلب" أولاً، خاصّة بعد إعلان الدّولة الإسلاميّة، وتبعتها "هيئة الشّرقيّة" التي حُوِّلت إلى إطارٍ لتنظيم العمل العسكريّ ضد الدّولة الإسلاميّة، وكان أوّل أعمالها العسكريّة الهجوم على جنود الدّولة الإسلاميّة في ولاية الخير للسّيطرة على الموارد التي صارت تحت سيطرتهم، ثم انهارت هذه الهيئة وزالت بزوال "جبهة الجولانيّ" والفصائل المتحالفة معها، وهروبهم من المنطقة الشّرقيّة باتجاه درعا والقلمون.
وبانهيار "الهيئات الشرعيّة"، وانسحاب "جبهة الجولانيّ" منها بعد أن ساءت سمعتها وكرهها النّاس، ابتُدعت لعبة تجميع جديدةٌ أطلق عليها اسم "دار العدل"، للإشارة إلى المحاكم التي أنشأتها "جبهة الجولانيّ" في مناطق الشّمال وحوران وكان لها فيها سطوةٌ ونفوذٌ أشدّ، بل وصل الأمر بهم أن يهدّدوا بالحرب كل من يرفض الانضمام والخضوع لهذه المحاكم التي لم تكن بأفضل من محاكم "الهيئات الشّرعيّة"، لتعود "جبهة الجولانيّ" إلى الانسحاب منها، كما حدث مع "دار العدل في حوران"، التي أعلنت لاحقاً التزامها بتطبيق "القانون العربيّ الموحّد" الوضعيّ الذي أصدرته "جامعة الدّول العربيّة"، فانهارت هذه المشاريع البدعيّة، التي باتت في حقيقتها مشاريع ردّةٍ عن الدّين وامتناع عن شرائع الإسلام، بل واستبدالها بشرائع الكفر الظاهرة لاحقاً، وظل أصحابها يبحثون عن وسائل بدعيّةٍ جديدةٍ لجمع الفصائل إليهم، والتوحّد تحت لوائهم، وكلٌّ منهم يظنّ أنّه يخدع صاحبه، وفي النّهاية يكتشف الجميع أنّهم خُدعوا بهذه المشاريع فيتركونها ويعلنون فشلها.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (5)
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام