الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون • أخبر الله تعالى في كتابه الكريم أن إعطاء الزكاة سبب في الفوز ...
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
• أخبر الله تعالى في كتابه الكريم أن إعطاء الزكاة سبب في الفوز والفلاح، فقال سبحانه: {الم * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 1-5].
كما وعد جل جلاله الذين يؤدون الزكاة بأن يرحمهم ويدخلهم في رحمته الواسعة، فقال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 156].
ورتّب عز وجل الأجور العظيمة المضاعفة لمن يُخرج زكاة ماله ابتغاء مرضاته، فقال تعالى: {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: 39].
ثم بين ربنا سبحانه أن من أدى زكاة ماله، فسينجيه من عذاب النار يوم القيامة، فقال تعالى: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ * وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ} [الليل: 14-18].
ووصف عباده المؤمنين بصفات كثيرة، منها أنهم يؤدّون الزكاة، فقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 1-4]
ولعظيم أمر الزكاة وأهميتها، فإن الحق سبحانه فرضها على الأمم السابقة وأوصى بها الأنبياء والرسل، فقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 54-55]، وقال تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 30-31].
وكذلك حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على أداء الزكاة ورغّب في أجرها في أحاديث كثيرة، منها ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: يا ابن آدم أنفِقْ أُنفق عليك»، ومنها ما رواه الترمذي عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما نقص مال عبد من صدقة» وهو حديث حسن صحيح، ومنها أيضا ما رواه الإمام أحمد بسند صحيح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة حتى يُقضى بين الناس».
فهنيئا لمن وفقه الله وأدّى زكاة ماله طيبة بها نفسُه، فمن فعل ذلك فليبشر بالخير الكثير والبركة من الله، قال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]، وقال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 17
السنة السابعة - الثلاثاء 29 ربيع الآخر 1437 هـ
مقال:
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
• الترهيب من منع الزكاة:
وفيه أدلة كثيرة من القرآن والسنة، فكما أن الله عز وجل أعد تلك الفضائل العظيمة لمن أدّى زكاة ماله طيبة بها نفسُه؛ توعد جلت عظمته مانعي الزكاة بالوعيد العظيم، فقال تعالى: {وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6-7].
وبيّن تبارك وتعالى أن كراهية إخراج الزكاة من علامات النفاق، قال تعالى عن المنافقين: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 54].
وأنها صفة من صفات أهل النار الذين قال الله تعالى عنهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 42-44].
كما أن مانعي الزكاة من أشد الناس عذابا يوم القيامة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34-35].
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان هذه الآية في الحديث الذي رواه مسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدّي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة»، وحقها هو الزكاة.
وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزميه (يعني شدقيه) ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك» ثم تلا قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران: 180].
وروى الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفا: «لا يكون رجل يكنز فيمس درهم درهما، ولا دينار دينارا، يوسع جلده حتى يوضع كل دينار ودرهم على حدته»، وقال المنذري: إسناده صحيح.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 17
السنة السابعة - الثلاثاء 29 ربيع الآخر 1437 هـ
مقال:
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
• مسألة مهمة:
دفع أموال الزكاة إلى جباة إمام المسلمين "بيت مال الزكاة"، وبراءة ذمة من أداها إليهم، وعدم جواز كتمان قدر الزكاة:
قال الشوكاني في (نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار): "باب براءة رب المال بالدفع إلى السلطان مع العدل والجور"، ثم أورد حديث أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أدّيت الزكاة لرسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها، فلك أجرها، وإثمها على من بدلها» رواه أحمد بإسناد صحيح، كما أورد رحمه الله حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها»، قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم»، متفق عليه.
وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي" باختصار: "باب المعتدي في الصدقة كمانعها، الاعتداء مجاوزة الحد، فيحتمل أن يكون المراد به المزكي الذي يعتدي بإعطاء الزكاة لغير مستحقيها وعلى غير وجهها، وعلى المعتدي في الصدقة من الإثم ما على المانع، فلا يحل لرب المال كتمان المال وإن اعتدى عليه الساعي، ويؤيده حديث بشير بن الخصاصية الذي رواه أبو داود قال: قلنا: يا رسول الله: إن قوما من أصحاب الصدقة يعتدون علينا، أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا".
فوائد إخراج الزكاة:
اعلم أخي المسلم: أن للزكاة فوائد عظيمة، منها:
أولا: أن الزكاة أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، فمن أداها فقد أقام ركنا من أركان الدين، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان».
ثانيا: أنها تطهر المال وتطهر النفس، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103]
ثالثا: أنها تكفر الذنوب، فعن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلك على أبواب الخير؛ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار...» أخرجه الترمذي وغيره، وقال: حديث حسن صحيح.
رابعا: أنها تجعل صاحبها من المحسنين المحبوبين لرب العالمين، قال تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 159].
خامسا: أنها سبب لنماء المال وحلول البركة، قال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]
سادسا: أنها دليل على صدق إيمان المزكي، ولذا سميت صدقة، فإنها تدل على صدق صاحبها في طلب رضا الله تعالى.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 17
السنة السابعة - الثلاثاء 29 ربيع الآخر 1437 هـ
مقال:
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
• أخبر الله تعالى في كتابه الكريم أن إعطاء الزكاة سبب في الفوز والفلاح، فقال سبحانه: {الم * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 1-5].
كما وعد جل جلاله الذين يؤدون الزكاة بأن يرحمهم ويدخلهم في رحمته الواسعة، فقال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 156].
ورتّب عز وجل الأجور العظيمة المضاعفة لمن يُخرج زكاة ماله ابتغاء مرضاته، فقال تعالى: {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: 39].
ثم بين ربنا سبحانه أن من أدى زكاة ماله، فسينجيه من عذاب النار يوم القيامة، فقال تعالى: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ * وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ} [الليل: 14-18].
ووصف عباده المؤمنين بصفات كثيرة، منها أنهم يؤدّون الزكاة، فقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 1-4]
ولعظيم أمر الزكاة وأهميتها، فإن الحق سبحانه فرضها على الأمم السابقة وأوصى بها الأنبياء والرسل، فقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 54-55]، وقال تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 30-31].
وكذلك حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على أداء الزكاة ورغّب في أجرها في أحاديث كثيرة، منها ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: يا ابن آدم أنفِقْ أُنفق عليك»، ومنها ما رواه الترمذي عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما نقص مال عبد من صدقة» وهو حديث حسن صحيح، ومنها أيضا ما رواه الإمام أحمد بسند صحيح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة حتى يُقضى بين الناس».
فهنيئا لمن وفقه الله وأدّى زكاة ماله طيبة بها نفسُه، فمن فعل ذلك فليبشر بالخير الكثير والبركة من الله، قال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]، وقال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 17
السنة السابعة - الثلاثاء 29 ربيع الآخر 1437 هـ
مقال:
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
• الترهيب من منع الزكاة:
وفيه أدلة كثيرة من القرآن والسنة، فكما أن الله عز وجل أعد تلك الفضائل العظيمة لمن أدّى زكاة ماله طيبة بها نفسُه؛ توعد جلت عظمته مانعي الزكاة بالوعيد العظيم، فقال تعالى: {وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6-7].
وبيّن تبارك وتعالى أن كراهية إخراج الزكاة من علامات النفاق، قال تعالى عن المنافقين: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 54].
وأنها صفة من صفات أهل النار الذين قال الله تعالى عنهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 42-44].
كما أن مانعي الزكاة من أشد الناس عذابا يوم القيامة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34-35].
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان هذه الآية في الحديث الذي رواه مسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدّي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة»، وحقها هو الزكاة.
وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزميه (يعني شدقيه) ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك» ثم تلا قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران: 180].
وروى الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفا: «لا يكون رجل يكنز فيمس درهم درهما، ولا دينار دينارا، يوسع جلده حتى يوضع كل دينار ودرهم على حدته»، وقال المنذري: إسناده صحيح.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 17
السنة السابعة - الثلاثاء 29 ربيع الآخر 1437 هـ
مقال:
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون
• مسألة مهمة:
دفع أموال الزكاة إلى جباة إمام المسلمين "بيت مال الزكاة"، وبراءة ذمة من أداها إليهم، وعدم جواز كتمان قدر الزكاة:
قال الشوكاني في (نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار): "باب براءة رب المال بالدفع إلى السلطان مع العدل والجور"، ثم أورد حديث أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أدّيت الزكاة لرسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها، فلك أجرها، وإثمها على من بدلها» رواه أحمد بإسناد صحيح، كما أورد رحمه الله حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها»، قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم»، متفق عليه.
وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي" باختصار: "باب المعتدي في الصدقة كمانعها، الاعتداء مجاوزة الحد، فيحتمل أن يكون المراد به المزكي الذي يعتدي بإعطاء الزكاة لغير مستحقيها وعلى غير وجهها، وعلى المعتدي في الصدقة من الإثم ما على المانع، فلا يحل لرب المال كتمان المال وإن اعتدى عليه الساعي، ويؤيده حديث بشير بن الخصاصية الذي رواه أبو داود قال: قلنا: يا رسول الله: إن قوما من أصحاب الصدقة يعتدون علينا، أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا".
فوائد إخراج الزكاة:
اعلم أخي المسلم: أن للزكاة فوائد عظيمة، منها:
أولا: أن الزكاة أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، فمن أداها فقد أقام ركنا من أركان الدين، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان».
ثانيا: أنها تطهر المال وتطهر النفس، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103]
ثالثا: أنها تكفر الذنوب، فعن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلك على أبواب الخير؛ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار...» أخرجه الترمذي وغيره، وقال: حديث حسن صحيح.
رابعا: أنها تجعل صاحبها من المحسنين المحبوبين لرب العالمين، قال تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 159].
خامسا: أنها سبب لنماء المال وحلول البركة، قال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]
سادسا: أنها دليل على صدق إيمان المزكي، ولذا سميت صدقة، فإنها تدل على صدق صاحبها في طلب رضا الله تعالى.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 17
السنة السابعة - الثلاثاء 29 ربيع الآخر 1437 هـ
مقال:
الزكاة.. الزكاة أيها المسلمون