الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة • تتنوع التفسيرات البشرية المتجردة غير المبنية على الكتاب ...
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
• تتنوع التفسيرات البشرية المتجردة غير المبنية على الكتاب والسنة لأحداث التاريخ، فمنها ما يركز على التحليل الاقتصادي، ويجعل من الاقتصاد قاعدة للتحولات التاريخية، وعلى أساس التغيرات في أحوال الناس الاقتصادية تحدث التغيرات في كل نواحي حياتهم، وما الصراعات بين الأفراد، وبين الطبقات الاجتماعية، وبين الدول والأمم والشعوب، سوى ظل للصراع على المادة بمفهومها الاقتصادي، ومنها ما يرى أن السياسة هي محرك التاريخ، وأن غريزة حب السيطرة عند الإنسان هي وقود هذا المحرك الذي تنتج عنه الأحداث بمختلف مستوياتها، ابتداء بالصراعات داخل الأسرة الواحدة، حتى الصراعات والحروب بين الدول والأمم، ومنها ما يتجه إلى التفسير الفكري أو "الأيديولوجي" الذي يجعل من الصراعات في الواقع انعكاسا لاختلاف الأفكار والعقائد التي يحملها المتصارعون في أذهانهم وعقولهم، وبمقدار إيمان الأطراف المتصارعة بأفكار متناقضة تزداد حدة الصراع بين الطرفين ويطول أمده، بل منها من مال باتجاه تحميل الظروف البيئية التي يعيشها الإنسان المسؤولية عن كل أحداث التاريخ ونتائجها، فالتضاريس والمناخ والمياه، وغيرها من خصائص الأمكنة التي يعيش فيها الإنسان، هي السبب -حسب هذه المناهج- لكل ما يجري في التاريخ من أحداث، وبالتالي فإن معرفة أحوال الطبيعة في المكان في كل مرحلة زمنية كافية -حسب نظرهم- لتفسير كل ما جرى في هذا المكان من أحداث، وهناك غير هذه المناهج السابق ذكرها الكثير من المناهج المجتزأة في دراسة التاريخ التي يركز كل منها على وجه من وجوه احتياجات الإنسان وخصائصه النفسية، فيجعله الأساس في كل سلوكياته واندفاعاته، وتفسير كل الأحداث على أساس هذه الصفة، أو هذه الغريزة، دون سواها، وبالتالي وقوعها جميعا في أخطاء كبيرة رغم انطلاقها من الواقع، بسبب اجتزائها لجزء منه وعدم اشتمالها على كل العوامل التي تؤثر في سلوك الإنسان، والأحداث التي يصنعها.
ونتيجة عقم هذه المناهج البشرية عن إنتاج تفسير متماسك متكامل لأحداث التاريخ، لجأ كثير من الناس إلى البحث عن افتراضات لا تمت لأي من العلوم بصلة، وإنما صاغها لهم من يشبهون المشعوذين والكهان من أدعياء المعرفة ببواطن الأمور، وخلفيات الأحداث، وإدراك ما لا يرى من الوقائع، وكان من أبرز ما تفتقت عنه أذهان هؤلاء الدجالين من الخرافات، وتلقفه المدمنون على المخدّرات الفكرية من مسكّنات، تريحهم من آلام الواقع، وأحزان الماضي، وهموم المستقبل، ما يعرف عند الجهال بنظرية المؤامرة.
• ماهي نظرية المؤامرة؟
تقوم هذه الفرضية على أساس وجود مجموعة من الناس، هم من اليهود غالبا، يجتمعون في مكان مجهول من العالم بشكل دوري، ليضعوا خططا لتغيير العالم، يطلق عليها تسمية بروتوكولات، ويطبقونها، عن طريق اصطناع الأحداث الكبرى فيه، التي هي في الغالب الحروب، والكوارث الاقتصادية، والثورات الاجتماعية، وتسيطر هذه المجموعة من الناس على كامل اقتصاد العالم، وعلى كل السلطات الحاكمة فيه، وعلى كل الحركات والتنظيمات بطريقة أو بأخرى، والنتيجة التي يخلص إليها معتنق هذه الفرضية، أن كل ما يجري في العالم من أحداث إنما هو من تدبير هذه المجموعة من المتآمرين الدوليين، الذين يمتلكون المال من خلال سيطرتهم على رأس المال عن طريق البنوك الربوية العالمية، وعلى السلطة بسيطرتهم على كل الحكومات والأنظمة، وعلى الشعوب والمجتمعات عن طريق سيطرتهم على الإعلام، والمنظمات والأحزاب بمختلف أنواعها، وأن نتيجة الأحداث في العالم كيفما كانت فهي في خدمة أهداف المؤامرة الدولية التي تقصد في النهاية إلى التمكين لمجموعة المتآمرين من حكم العالم، والتمهيد لحكم الشيطان، أو لقدوم المسيح الدجال، أو على الأقل لسيادة اليهود على العالم.
فهذه النظرية وإن كان بعض أسسها حقيقيا كسيطرة اليهود على أكبر رؤوس الأموال في العالم، وعلى أكبر مفاصل الإعلام، وتغلغل نفوذهم داخل دوائر الحكم في العالم، فإن الجانب الساذج من الفرضية، يقوم على افتراضهم أن اليهود بسيطرتهم على المال والإعلام يمكنهم أن يفعلوا في العالم ما يشاؤون من تغييرات، بخلاف الواقع الذي يحوي الكثير من التناقضات والتداخلات في المصالح والأهواء، وبالتالي فإن تضارب هذه الأهواء والمصالح على مساحة العالم تجعل من المستحيل أن يحقق أي من البشر خططه على أرض الواقع بالصورة التي يريد، هذا إذا عزلنا الأرض عن الظروف البيئية وغيرها من العوامل الواقعية التي من شأن التغيرات المفاجئة فيها أن تعيق استمرار أي مشروع، بتغير الشروط الملائمة لنجاح المشروع، وتطبيق الخطة.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
السنة السابعة - الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
• ماهي نظرية المؤامرة؟
تقوم هذه الفرضية على أساس وجود مجموعة من الناس، هم من اليهود غالبا، يجتمعون في مكان مجهول من العالم بشكل دوري، ليضعوا خططا لتغيير العالم، يطلق عليها تسمية بروتوكولات، ويطبقونها، عن طريق اصطناع الأحداث الكبرى فيه، التي هي في الغالب الحروب، والكوارث الاقتصادية، والثورات الاجتماعية، وتسيطر هذه المجموعة من الناس على كامل اقتصاد العالم، وعلى كل السلطات الحاكمة فيه، وعلى كل الحركات والتنظيمات بطريقة أو بأخرى، والنتيجة التي يخلص إليها معتنق هذه الفرضية، أن كل ما يجري في العالم من أحداث إنما هو من تدبير هذه المجموعة من المتآمرين الدوليين، الذين يمتلكون المال من خلال سيطرتهم على رأس المال عن طريق البنوك الربوية العالمية، وعلى السلطة بسيطرتهم على كل الحكومات والأنظمة، وعلى الشعوب والمجتمعات عن طريق سيطرتهم على الإعلام، والمنظمات والأحزاب بمختلف أنواعها، وأن نتيجة الأحداث في العالم كيفما كانت فهي في خدمة أهداف المؤامرة الدولية التي تقصد في النهاية إلى التمكين لمجموعة المتآمرين من حكم العالم، والتمهيد لحكم الشيطان، أو لقدوم المسيح الدجال، أو على الأقل لسيادة اليهود على العالم.
فهذه النظرية وإن كان بعض أسسها حقيقيا كسيطرة اليهود على أكبر رؤوس الأموال في العالم، وعلى أكبر مفاصل الإعلام، وتغلغل نفوذهم داخل دوائر الحكم في العالم، فإن الجانب الساذج من الفرضية، يقوم على افتراضهم أن اليهود بسيطرتهم على المال والإعلام يمكنهم أن يفعلوا في العالم ما يشاؤون من تغييرات، بخلاف الواقع الذي يحوي الكثير من التناقضات والتداخلات في المصالح والأهواء، وبالتالي فإن تضارب هذه الأهواء والمصالح على مساحة العالم تجعل من المستحيل أن يحقق أي من البشر خططه على أرض الواقع بالصورة التي يريد، هذا إذا عزلنا الأرض عن الظروف البيئية وغيرها من العوامل الواقعية التي من شأن التغيرات المفاجئة فيها أن تعيق استمرار أي مشروع، بتغير الشروط الملائمة لنجاح المشروع، وتطبيق الخطة.
كيف يتقبل الناس نظرية المؤامرة؟
رغم سذاجة هذه الفرضية، وصعوبة تصديقها، فإنها راجت كثيرا في العالم، كتعبير عن الروح الانهزامية الجبريّة، التي تستخدم أمثال هذه الأفكار لتبرر واقعها السيء، وتفترض من خلالها أن العالم يُدار من قبل المتآمرين بحيث لا يمكن لأي إنسان أن يخرج من إطارها فضلا عن أن يقف في وجهها، كما يستخدم هذه الفرضية وما يشتق منها بعض الأدعياء تحليلات يقنعون بها المغفلين بأنهم قادرون على إدراك خفايا الأحداث، فيُرضون بذلك غرورهم الساذج بقدراتهم المزعومة، وتسخيف عقول غيرهم ممن يتهمونهم بالسطحية والجري خلف ظواهر الأمور.
ومن جانب آخر فإن فرضية المؤامرة هذه قد جرى الترويج لها من خلال حملات دعائية مكثفة طوال قرن من الزمن، قام بالجزء الأكبر منها أطراف متناقضة في غاياتها، أولهم القوميون المعادون لليهود لأسباب قومية، في أوروبا على شكل الخصوص، الذين كانوا يركزون على قضية أن اليهود هم السبب في كل ما يحل ببلدانهم من مصائب اقتصادية وسياسية، وهزائم عسكرية، ليجعلوا من ذلك مبررا لحملات الانتقام منهم، والتي كان أشهرها حملات النازيين الألمان قبيل الحرب العالمية الثانية وأثناءها.
والطرف الآخر كانوا هم اليهود أنفسهم وحركتهم الصهيونية، الذين استفادوا من فرضية المؤامرة في إخافة خصومهم في العالم، وجذب الراغبين في الزعامات للارتباط بهم، عن طريق إقناع الناس في كل مكان أنهم المهيمنون على العالم وأن كل ما يجري فيه إنما هو بتخطيط منهم، وتنفيذا لمصالحهم ومشاريعهم، وبالتالي لا فائدة من مقاومتهم أو الوقوف في وجه مشاريعهم وطموحاتهم.
كما قامت أطراف أخرى متناقضة باستخدام هذه الفرضية لضرب خصومها، فالاشتراكيون يستخدمونها لإثبات علاقة الرأسمالية العالمية التي يمثلها المرابون الكبار من اليهود بكل ما يحدث في العالم من كوارث ونكبات، وأعداء الاشتراكية يستخدمونها لضرب الشيوعية على أساس أنها صنيعة المؤامرة لضرب الأديان ونشر الإلحاد، وتدمير اقتصادات البلدان، ونشر الجوع والفقر، لتهيئة الأوضاع لسيطرة "الحكومة الخفية" على العالم.
بل حتى داخل الحركات والأحزاب التي تعطي لنفسها لقب "الإسلامية" تجد من كبار منظريها وقادتها من يروّج لفرضية المؤامرة، ليبرر لأتباعها وأنصارها القعود، والاستسلام، بدعوى أن لا فائدة من قتال الطواغيت الحاكمين لأرض الإسلام وجنودهم، باعتبارهم مجرد بيادق على "رقعة الشطرنج" التي تتحكم بها "الحكومة الخفية" التي تديرهم من وراء الستار، وبناء على هذا فالحل عندهم، أن يتم العمل على تدمير هذه "الحكومة الخفية" ورفع قبضتها عن العالم قبل التفكير في إحداث أي تغيير، دون أن يشرحوا طبعا كيف يمكنهم هزيمة هذه الحكومة التي يرونها تقدر على كل شيء، وتعلم بكل شيء، ولا يعجزها شيء، وكأنها إله من دون الله عزّ وجل! تعالى الله عما يشركون.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
• الإسلام.. وحقيقة المؤامرات
لا يختلف اثنان أن الصراع بين الإسلام والكفر شمل كل أشكال الحرب، سواء منها الظاهرة المباشرة، أو الخفية غير المباشرة، التي يمكننا أن نعبر عنها بالمكيدة أو المكر أو حتى بالمؤامرة، فالحرب بين الرسول عليه الصلاة والسلام والمشركين في مكة شهدت كل ذلك، من التضييق والتعذيب وقتل الأنصار، إلى الحصار الاقتصادي والتجويع، إلى استعداء الأهل والعشيرة، إلى المؤامرة والمكر، كما فعلوا في اجتماعهم الشهير في دار الندوة للتحضير لقتله صلى الله عليه وسلم، وهذه المحاولات جميعها بما فيها المؤامرة فشلت جميعا -بفضل الله- وبقي الإسلام، حتى صارت له دولة في المدينة، وقد وصف الله عز وجل بعضا من مؤامراتهم في تلك المرحلة فقال: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [سورة الأنفال: 30].
وفي المدينة التي لم يكن للكفار والمنافقين الشوكة لإعلان الحرب الظاهرة، كان اللجوء إلى المكر والمؤامرات لإنهاء الدولة النبوية، والقضاء على دعوة النبي عليه الصلاة والسلام، وكان القائمون على هذا هم اليهود -أجداد السادة المفترضين للعالم الحالي حسب نظرية المؤامرة- وقد جرب هؤلاء وحلفاؤهم من المنافقين مختلف أنواع المؤامرات من إشعال الفتن بين الأوس والخزرج، إلى التشهير بعرض النبي عليه الصلاة والسلام، بل ومحاولة قتله، ولما فشلت كل محاولاتهم تآمروا مع الكفار من قريش وقبائل العرب وجمعوا أقصى ما استطاعوا لقتال المسلمين في غزوة الأحزاب، فلم تكن نتيجة مؤامراتهم وكيدهم إلا أن أخرج النبي عليه الصلاة والسلام قسما منهم من المدينة، وقتل الآخرين، وسبي ذراريهم، وغنم أموالهم وأرضهم، ودمر مساكنهم وحصونهم، ولو طبقنا نظرية المؤامرة على يهود ذلك الزمان لوجدناهم مخالفين لها تماما، فلا هم كانوا متحدين تقودهم قيادة موحدة تضع لهم خططا طويلة الأمد لفترات تصل إلى قرن من الزمن، ولا هم قادرون على الوصول بمؤامراتهم إلى النتيجة المرجوة، بل فشلت كل مؤامراتهم على الدولة النبوية بفضل الله، لما كان النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته كما أرادهم الله تعالى من الصبر والتقوى (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)، فأزال الله المشركين من قريش ومن اليهود، وارتفعت راية الإسلام عالية في جزيرة العرب رغم مؤامراتهم.
وإننا لنجد أن القرآن ردّ الابتلاءات التي حلّت بالمسلمين في أحد وحنين إلى ذنوب المسلمين لا إلى مؤامرات اليهود والمنافقين، رغم أن قصة انسحاب رأس النفاق وحليف اليهود ابن سلول في معركة أحد بثلث جيش المسلمين كانت ستمثل مادة دسمة لأصحاب نظرية المؤامرة في تفسير ما حدث، إلا أن أهل الإسلام مجمعون على أن سبب ذلك كان معصية بعض الصحابة لله سبحانه وتعالى، بمخالفتهم أمر النبي عليه الصلاة والسلام، لا مؤامرات المنافقين حلفاء اليهود، وكذلك في حنين، فالسبب فيما أصابهم كان معصيتهم لله سبحانه وتعالى، بأن أُعجب بعضهم بقوتهم وكثرتهم، فنالهم ما نالهم.
فالمؤامرات على الإسلام وأهله لم تنقطع يوما، لكنها لم تؤت ثمارها إلا حين فتح لها المسلمون المجال بمخالفتهم للقاعدة الربانية في التصدي لكيد الأعداء بالصبر واليقين.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
السنة السابعة - الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
الدولة الإسلامية في عصر نظرية المؤامرة...
• لو بحثنا في مؤامرات كفار اليوم وعلى رأسهم اليهود والصليبيون ضد الإسلام، فإننا سنجد أن أهم أهدافها كانت إبعاد شريعة الله من الوجود، وترسيخ الفرقة بين المسلمين، وتجزئة أرضهم، وتقاسم ثرواتها بينهم. ولتحقيق ذلك احتلوا بلاد المسلمين، وأنشؤوا فيها الحدود المصطنعة ليقسموها إلى مناطق، تقاسموها فيما بينهم، وأزاحوا عنها شريعة الله وطبقوا فيها شرائعهم الوضعية، ثم فرضوا عليها من يرتضون منه استمرار سياستهم تلك بعد رحيلهم، وبقي الوضع على هذه الحال لفترة طويلة من الزمن، وكانت أهداف مؤامراتهم تلك بمثابة الثوابت التي لا يقبلون التنازل عنها بأي حال.
وبالتالي فإن قيام الدولة الإسلامية بنسف كل تلك الثوابت من خلال إقامتها للدين، وتحكيم الشريعة، وتطبيق الحدود، وكسر الحدود المصطنعة لتوحيد بلاد المسلمين، وإعلان إعادة الخلافة، وتوحيد الجماعات المجاهدة في العالم تحت ظلها، كل ذلك كان نسفا لنظرية المؤامرة التي افترض أصحابها أنه لا يمكن الخروج عن الخط الذي ترسمه "حكومة العالم الخفية"، أو الدول الاستعمارية، أو حتى رؤوس الأموال الدولية والشركات الاحتكارية.
فالدولة الإسلامية قامت -بفضل من الله- خلال سنوات قليلة من العمل الدؤوب الجاد بكسر وثن نظريات المؤامرة التي جعلتها الفصائل والأحزاب والتنظيمات عقبة أمام أي تفكير جاد بإقامة حكم الله في الأرض، وذلك بافتراض أن اليهود والصليبيين لا يمكن أن يسمحوا بذلك مهما كان الثمن، لكن مجاهدي الدولة الإسلامية -بفضل الله- قدّروا الثمن اللازم لذلك من الدماء والأشلاء والأموال، وأعلنوا استعدادهم لدفع هذا الثمن في سبيل إقامة حكم الله في الأرض، وذلك انطلاقا من العقيدة التي يقوم عليها الجهاد، وهي القتال لتحطيم كل أنواع الشرك في الأرض، ومنه شرك نظرية المؤامرة التي تعطي لأمريكا واليهود ولأجهزة المخابرات صفات رب البرية من العلم المطلق والقدرة المطلقة، بل والتحكم فيما قضاه الله وقدره للبشر.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
السنة السابعة - الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
• الإيمان بالله... لا الإيمان بالمؤامرة؟
إن المؤمنين بنظرية المؤامرة عليهم أولا أن يراجعوا إيمانهم، فيعلموا يقينا أن الأمر كله بيد الله عز وجل، وأن كل ما يجري من أحداث في العالم إنما هو مقدر منه سبحانه، ومكتوب في اللوح المحفوظ من قبل أن يخلق الله تعالى السموات والأرض، وأنه لا يعلم الغيب إلا الله، لا "حكومة العالم الخفية" ولا كل أجهزة المخابرات، وبالتالي فإنهم بإعطائهم صفات الربوبية، من القدرة الكاملة، والعلم الكامل، إنما يشركون بالله عز وجل، وهم بعجزهم أمام ما قيدوا به أنفسهم من خرافات وأوهام أساؤوا الظن بالله تعالى، الذي وعد عباده بالنصر على أعدائهم إن هم أخلصوا النية لله تعالى في جهادهم، وسلكوا سبيل الكتاب والسنة في سعيهم لإقامة الدين، وأن المؤامرات والمتآمرين لو كان بيدهم وقف مسيرة الدين، لما بقي الدين قائما حتى الآن، وأن اليهود والمرابين كانوا موجودين في مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلم تكن نهاية مؤامراتهم إلا قطع رؤوس مقاتليهم وسبي ذراريهم، واغتنام أموالهم على يد المؤمنين.
وعليهم ثانيا أن ينظروا في هذا العالم، ويعلموا أن أحداث العالم أكثر تداخلا من أن يتم تفسيرها بفرضياتهم الساذجة، وأن مصالح الأمم والدول، وأصحاب القوى، أكثر تشابكا وتضاربا من أن يتم توجيهها لخدمة مشروع واحد، فالعالم مكون من فرق متصارعة كثيرة، كل منها يريد أن يهيمن عليه كله، أو على جزء منه، والمسلمون يستفيدون من هذا التنازع والتصارع بين أمم الكفر في ضربها جميعاً، وتحقيق مصالحهم هم إن سلكوا طريق السنة، وساروا على منهاج النبوة.
إن الدولة الإسلامية بما منّ الله على جنودها من عز وتمكين، تقدّم النموذج الواضح، والمثال الناصع عن إمكانية إقامة الدين، والانتصار على المشركين، وقمع المرتدين، مهما بلغت قوتهم وزاد عددهم، وإن واقعها اليوم هو نقض لنظرية المؤامرة، وتنكيس لوثنها المعبود من دون الله، وتحطيم للأغلال التي فرضها أصحابها على الناس ليظلوا عبيدا خانعين لهم، وإن القادم من الفتوح سيزيد أهل الإيمان يقينا بقدرة الله، ونصره للمؤمنين، والعاقبة للمتقين.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
السنة السابعة - الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
• تتنوع التفسيرات البشرية المتجردة غير المبنية على الكتاب والسنة لأحداث التاريخ، فمنها ما يركز على التحليل الاقتصادي، ويجعل من الاقتصاد قاعدة للتحولات التاريخية، وعلى أساس التغيرات في أحوال الناس الاقتصادية تحدث التغيرات في كل نواحي حياتهم، وما الصراعات بين الأفراد، وبين الطبقات الاجتماعية، وبين الدول والأمم والشعوب، سوى ظل للصراع على المادة بمفهومها الاقتصادي، ومنها ما يرى أن السياسة هي محرك التاريخ، وأن غريزة حب السيطرة عند الإنسان هي وقود هذا المحرك الذي تنتج عنه الأحداث بمختلف مستوياتها، ابتداء بالصراعات داخل الأسرة الواحدة، حتى الصراعات والحروب بين الدول والأمم، ومنها ما يتجه إلى التفسير الفكري أو "الأيديولوجي" الذي يجعل من الصراعات في الواقع انعكاسا لاختلاف الأفكار والعقائد التي يحملها المتصارعون في أذهانهم وعقولهم، وبمقدار إيمان الأطراف المتصارعة بأفكار متناقضة تزداد حدة الصراع بين الطرفين ويطول أمده، بل منها من مال باتجاه تحميل الظروف البيئية التي يعيشها الإنسان المسؤولية عن كل أحداث التاريخ ونتائجها، فالتضاريس والمناخ والمياه، وغيرها من خصائص الأمكنة التي يعيش فيها الإنسان، هي السبب -حسب هذه المناهج- لكل ما يجري في التاريخ من أحداث، وبالتالي فإن معرفة أحوال الطبيعة في المكان في كل مرحلة زمنية كافية -حسب نظرهم- لتفسير كل ما جرى في هذا المكان من أحداث، وهناك غير هذه المناهج السابق ذكرها الكثير من المناهج المجتزأة في دراسة التاريخ التي يركز كل منها على وجه من وجوه احتياجات الإنسان وخصائصه النفسية، فيجعله الأساس في كل سلوكياته واندفاعاته، وتفسير كل الأحداث على أساس هذه الصفة، أو هذه الغريزة، دون سواها، وبالتالي وقوعها جميعا في أخطاء كبيرة رغم انطلاقها من الواقع، بسبب اجتزائها لجزء منه وعدم اشتمالها على كل العوامل التي تؤثر في سلوك الإنسان، والأحداث التي يصنعها.
ونتيجة عقم هذه المناهج البشرية عن إنتاج تفسير متماسك متكامل لأحداث التاريخ، لجأ كثير من الناس إلى البحث عن افتراضات لا تمت لأي من العلوم بصلة، وإنما صاغها لهم من يشبهون المشعوذين والكهان من أدعياء المعرفة ببواطن الأمور، وخلفيات الأحداث، وإدراك ما لا يرى من الوقائع، وكان من أبرز ما تفتقت عنه أذهان هؤلاء الدجالين من الخرافات، وتلقفه المدمنون على المخدّرات الفكرية من مسكّنات، تريحهم من آلام الواقع، وأحزان الماضي، وهموم المستقبل، ما يعرف عند الجهال بنظرية المؤامرة.
• ماهي نظرية المؤامرة؟
تقوم هذه الفرضية على أساس وجود مجموعة من الناس، هم من اليهود غالبا، يجتمعون في مكان مجهول من العالم بشكل دوري، ليضعوا خططا لتغيير العالم، يطلق عليها تسمية بروتوكولات، ويطبقونها، عن طريق اصطناع الأحداث الكبرى فيه، التي هي في الغالب الحروب، والكوارث الاقتصادية، والثورات الاجتماعية، وتسيطر هذه المجموعة من الناس على كامل اقتصاد العالم، وعلى كل السلطات الحاكمة فيه، وعلى كل الحركات والتنظيمات بطريقة أو بأخرى، والنتيجة التي يخلص إليها معتنق هذه الفرضية، أن كل ما يجري في العالم من أحداث إنما هو من تدبير هذه المجموعة من المتآمرين الدوليين، الذين يمتلكون المال من خلال سيطرتهم على رأس المال عن طريق البنوك الربوية العالمية، وعلى السلطة بسيطرتهم على كل الحكومات والأنظمة، وعلى الشعوب والمجتمعات عن طريق سيطرتهم على الإعلام، والمنظمات والأحزاب بمختلف أنواعها، وأن نتيجة الأحداث في العالم كيفما كانت فهي في خدمة أهداف المؤامرة الدولية التي تقصد في النهاية إلى التمكين لمجموعة المتآمرين من حكم العالم، والتمهيد لحكم الشيطان، أو لقدوم المسيح الدجال، أو على الأقل لسيادة اليهود على العالم.
فهذه النظرية وإن كان بعض أسسها حقيقيا كسيطرة اليهود على أكبر رؤوس الأموال في العالم، وعلى أكبر مفاصل الإعلام، وتغلغل نفوذهم داخل دوائر الحكم في العالم، فإن الجانب الساذج من الفرضية، يقوم على افتراضهم أن اليهود بسيطرتهم على المال والإعلام يمكنهم أن يفعلوا في العالم ما يشاؤون من تغييرات، بخلاف الواقع الذي يحوي الكثير من التناقضات والتداخلات في المصالح والأهواء، وبالتالي فإن تضارب هذه الأهواء والمصالح على مساحة العالم تجعل من المستحيل أن يحقق أي من البشر خططه على أرض الواقع بالصورة التي يريد، هذا إذا عزلنا الأرض عن الظروف البيئية وغيرها من العوامل الواقعية التي من شأن التغيرات المفاجئة فيها أن تعيق استمرار أي مشروع، بتغير الشروط الملائمة لنجاح المشروع، وتطبيق الخطة.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
السنة السابعة - الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
• ماهي نظرية المؤامرة؟
تقوم هذه الفرضية على أساس وجود مجموعة من الناس، هم من اليهود غالبا، يجتمعون في مكان مجهول من العالم بشكل دوري، ليضعوا خططا لتغيير العالم، يطلق عليها تسمية بروتوكولات، ويطبقونها، عن طريق اصطناع الأحداث الكبرى فيه، التي هي في الغالب الحروب، والكوارث الاقتصادية، والثورات الاجتماعية، وتسيطر هذه المجموعة من الناس على كامل اقتصاد العالم، وعلى كل السلطات الحاكمة فيه، وعلى كل الحركات والتنظيمات بطريقة أو بأخرى، والنتيجة التي يخلص إليها معتنق هذه الفرضية، أن كل ما يجري في العالم من أحداث إنما هو من تدبير هذه المجموعة من المتآمرين الدوليين، الذين يمتلكون المال من خلال سيطرتهم على رأس المال عن طريق البنوك الربوية العالمية، وعلى السلطة بسيطرتهم على كل الحكومات والأنظمة، وعلى الشعوب والمجتمعات عن طريق سيطرتهم على الإعلام، والمنظمات والأحزاب بمختلف أنواعها، وأن نتيجة الأحداث في العالم كيفما كانت فهي في خدمة أهداف المؤامرة الدولية التي تقصد في النهاية إلى التمكين لمجموعة المتآمرين من حكم العالم، والتمهيد لحكم الشيطان، أو لقدوم المسيح الدجال، أو على الأقل لسيادة اليهود على العالم.
فهذه النظرية وإن كان بعض أسسها حقيقيا كسيطرة اليهود على أكبر رؤوس الأموال في العالم، وعلى أكبر مفاصل الإعلام، وتغلغل نفوذهم داخل دوائر الحكم في العالم، فإن الجانب الساذج من الفرضية، يقوم على افتراضهم أن اليهود بسيطرتهم على المال والإعلام يمكنهم أن يفعلوا في العالم ما يشاؤون من تغييرات، بخلاف الواقع الذي يحوي الكثير من التناقضات والتداخلات في المصالح والأهواء، وبالتالي فإن تضارب هذه الأهواء والمصالح على مساحة العالم تجعل من المستحيل أن يحقق أي من البشر خططه على أرض الواقع بالصورة التي يريد، هذا إذا عزلنا الأرض عن الظروف البيئية وغيرها من العوامل الواقعية التي من شأن التغيرات المفاجئة فيها أن تعيق استمرار أي مشروع، بتغير الشروط الملائمة لنجاح المشروع، وتطبيق الخطة.
كيف يتقبل الناس نظرية المؤامرة؟
رغم سذاجة هذه الفرضية، وصعوبة تصديقها، فإنها راجت كثيرا في العالم، كتعبير عن الروح الانهزامية الجبريّة، التي تستخدم أمثال هذه الأفكار لتبرر واقعها السيء، وتفترض من خلالها أن العالم يُدار من قبل المتآمرين بحيث لا يمكن لأي إنسان أن يخرج من إطارها فضلا عن أن يقف في وجهها، كما يستخدم هذه الفرضية وما يشتق منها بعض الأدعياء تحليلات يقنعون بها المغفلين بأنهم قادرون على إدراك خفايا الأحداث، فيُرضون بذلك غرورهم الساذج بقدراتهم المزعومة، وتسخيف عقول غيرهم ممن يتهمونهم بالسطحية والجري خلف ظواهر الأمور.
ومن جانب آخر فإن فرضية المؤامرة هذه قد جرى الترويج لها من خلال حملات دعائية مكثفة طوال قرن من الزمن، قام بالجزء الأكبر منها أطراف متناقضة في غاياتها، أولهم القوميون المعادون لليهود لأسباب قومية، في أوروبا على شكل الخصوص، الذين كانوا يركزون على قضية أن اليهود هم السبب في كل ما يحل ببلدانهم من مصائب اقتصادية وسياسية، وهزائم عسكرية، ليجعلوا من ذلك مبررا لحملات الانتقام منهم، والتي كان أشهرها حملات النازيين الألمان قبيل الحرب العالمية الثانية وأثناءها.
والطرف الآخر كانوا هم اليهود أنفسهم وحركتهم الصهيونية، الذين استفادوا من فرضية المؤامرة في إخافة خصومهم في العالم، وجذب الراغبين في الزعامات للارتباط بهم، عن طريق إقناع الناس في كل مكان أنهم المهيمنون على العالم وأن كل ما يجري فيه إنما هو بتخطيط منهم، وتنفيذا لمصالحهم ومشاريعهم، وبالتالي لا فائدة من مقاومتهم أو الوقوف في وجه مشاريعهم وطموحاتهم.
كما قامت أطراف أخرى متناقضة باستخدام هذه الفرضية لضرب خصومها، فالاشتراكيون يستخدمونها لإثبات علاقة الرأسمالية العالمية التي يمثلها المرابون الكبار من اليهود بكل ما يحدث في العالم من كوارث ونكبات، وأعداء الاشتراكية يستخدمونها لضرب الشيوعية على أساس أنها صنيعة المؤامرة لضرب الأديان ونشر الإلحاد، وتدمير اقتصادات البلدان، ونشر الجوع والفقر، لتهيئة الأوضاع لسيطرة "الحكومة الخفية" على العالم.
بل حتى داخل الحركات والأحزاب التي تعطي لنفسها لقب "الإسلامية" تجد من كبار منظريها وقادتها من يروّج لفرضية المؤامرة، ليبرر لأتباعها وأنصارها القعود، والاستسلام، بدعوى أن لا فائدة من قتال الطواغيت الحاكمين لأرض الإسلام وجنودهم، باعتبارهم مجرد بيادق على "رقعة الشطرنج" التي تتحكم بها "الحكومة الخفية" التي تديرهم من وراء الستار، وبناء على هذا فالحل عندهم، أن يتم العمل على تدمير هذه "الحكومة الخفية" ورفع قبضتها عن العالم قبل التفكير في إحداث أي تغيير، دون أن يشرحوا طبعا كيف يمكنهم هزيمة هذه الحكومة التي يرونها تقدر على كل شيء، وتعلم بكل شيء، ولا يعجزها شيء، وكأنها إله من دون الله عزّ وجل! تعالى الله عما يشركون.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
• الإسلام.. وحقيقة المؤامرات
لا يختلف اثنان أن الصراع بين الإسلام والكفر شمل كل أشكال الحرب، سواء منها الظاهرة المباشرة، أو الخفية غير المباشرة، التي يمكننا أن نعبر عنها بالمكيدة أو المكر أو حتى بالمؤامرة، فالحرب بين الرسول عليه الصلاة والسلام والمشركين في مكة شهدت كل ذلك، من التضييق والتعذيب وقتل الأنصار، إلى الحصار الاقتصادي والتجويع، إلى استعداء الأهل والعشيرة، إلى المؤامرة والمكر، كما فعلوا في اجتماعهم الشهير في دار الندوة للتحضير لقتله صلى الله عليه وسلم، وهذه المحاولات جميعها بما فيها المؤامرة فشلت جميعا -بفضل الله- وبقي الإسلام، حتى صارت له دولة في المدينة، وقد وصف الله عز وجل بعضا من مؤامراتهم في تلك المرحلة فقال: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [سورة الأنفال: 30].
وفي المدينة التي لم يكن للكفار والمنافقين الشوكة لإعلان الحرب الظاهرة، كان اللجوء إلى المكر والمؤامرات لإنهاء الدولة النبوية، والقضاء على دعوة النبي عليه الصلاة والسلام، وكان القائمون على هذا هم اليهود -أجداد السادة المفترضين للعالم الحالي حسب نظرية المؤامرة- وقد جرب هؤلاء وحلفاؤهم من المنافقين مختلف أنواع المؤامرات من إشعال الفتن بين الأوس والخزرج، إلى التشهير بعرض النبي عليه الصلاة والسلام، بل ومحاولة قتله، ولما فشلت كل محاولاتهم تآمروا مع الكفار من قريش وقبائل العرب وجمعوا أقصى ما استطاعوا لقتال المسلمين في غزوة الأحزاب، فلم تكن نتيجة مؤامراتهم وكيدهم إلا أن أخرج النبي عليه الصلاة والسلام قسما منهم من المدينة، وقتل الآخرين، وسبي ذراريهم، وغنم أموالهم وأرضهم، ودمر مساكنهم وحصونهم، ولو طبقنا نظرية المؤامرة على يهود ذلك الزمان لوجدناهم مخالفين لها تماما، فلا هم كانوا متحدين تقودهم قيادة موحدة تضع لهم خططا طويلة الأمد لفترات تصل إلى قرن من الزمن، ولا هم قادرون على الوصول بمؤامراتهم إلى النتيجة المرجوة، بل فشلت كل مؤامراتهم على الدولة النبوية بفضل الله، لما كان النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته كما أرادهم الله تعالى من الصبر والتقوى (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)، فأزال الله المشركين من قريش ومن اليهود، وارتفعت راية الإسلام عالية في جزيرة العرب رغم مؤامراتهم.
وإننا لنجد أن القرآن ردّ الابتلاءات التي حلّت بالمسلمين في أحد وحنين إلى ذنوب المسلمين لا إلى مؤامرات اليهود والمنافقين، رغم أن قصة انسحاب رأس النفاق وحليف اليهود ابن سلول في معركة أحد بثلث جيش المسلمين كانت ستمثل مادة دسمة لأصحاب نظرية المؤامرة في تفسير ما حدث، إلا أن أهل الإسلام مجمعون على أن سبب ذلك كان معصية بعض الصحابة لله سبحانه وتعالى، بمخالفتهم أمر النبي عليه الصلاة والسلام، لا مؤامرات المنافقين حلفاء اليهود، وكذلك في حنين، فالسبب فيما أصابهم كان معصيتهم لله سبحانه وتعالى، بأن أُعجب بعضهم بقوتهم وكثرتهم، فنالهم ما نالهم.
فالمؤامرات على الإسلام وأهله لم تنقطع يوما، لكنها لم تؤت ثمارها إلا حين فتح لها المسلمون المجال بمخالفتهم للقاعدة الربانية في التصدي لكيد الأعداء بالصبر واليقين.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
السنة السابعة - الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
الدولة الإسلامية في عصر نظرية المؤامرة...
• لو بحثنا في مؤامرات كفار اليوم وعلى رأسهم اليهود والصليبيون ضد الإسلام، فإننا سنجد أن أهم أهدافها كانت إبعاد شريعة الله من الوجود، وترسيخ الفرقة بين المسلمين، وتجزئة أرضهم، وتقاسم ثرواتها بينهم. ولتحقيق ذلك احتلوا بلاد المسلمين، وأنشؤوا فيها الحدود المصطنعة ليقسموها إلى مناطق، تقاسموها فيما بينهم، وأزاحوا عنها شريعة الله وطبقوا فيها شرائعهم الوضعية، ثم فرضوا عليها من يرتضون منه استمرار سياستهم تلك بعد رحيلهم، وبقي الوضع على هذه الحال لفترة طويلة من الزمن، وكانت أهداف مؤامراتهم تلك بمثابة الثوابت التي لا يقبلون التنازل عنها بأي حال.
وبالتالي فإن قيام الدولة الإسلامية بنسف كل تلك الثوابت من خلال إقامتها للدين، وتحكيم الشريعة، وتطبيق الحدود، وكسر الحدود المصطنعة لتوحيد بلاد المسلمين، وإعلان إعادة الخلافة، وتوحيد الجماعات المجاهدة في العالم تحت ظلها، كل ذلك كان نسفا لنظرية المؤامرة التي افترض أصحابها أنه لا يمكن الخروج عن الخط الذي ترسمه "حكومة العالم الخفية"، أو الدول الاستعمارية، أو حتى رؤوس الأموال الدولية والشركات الاحتكارية.
فالدولة الإسلامية قامت -بفضل من الله- خلال سنوات قليلة من العمل الدؤوب الجاد بكسر وثن نظريات المؤامرة التي جعلتها الفصائل والأحزاب والتنظيمات عقبة أمام أي تفكير جاد بإقامة حكم الله في الأرض، وذلك بافتراض أن اليهود والصليبيين لا يمكن أن يسمحوا بذلك مهما كان الثمن، لكن مجاهدي الدولة الإسلامية -بفضل الله- قدّروا الثمن اللازم لذلك من الدماء والأشلاء والأموال، وأعلنوا استعدادهم لدفع هذا الثمن في سبيل إقامة حكم الله في الأرض، وذلك انطلاقا من العقيدة التي يقوم عليها الجهاد، وهي القتال لتحطيم كل أنواع الشرك في الأرض، ومنه شرك نظرية المؤامرة التي تعطي لأمريكا واليهود ولأجهزة المخابرات صفات رب البرية من العلم المطلق والقدرة المطلقة، بل والتحكم فيما قضاه الله وقدره للبشر.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
السنة السابعة - الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة
• الإيمان بالله... لا الإيمان بالمؤامرة؟
إن المؤمنين بنظرية المؤامرة عليهم أولا أن يراجعوا إيمانهم، فيعلموا يقينا أن الأمر كله بيد الله عز وجل، وأن كل ما يجري من أحداث في العالم إنما هو مقدر منه سبحانه، ومكتوب في اللوح المحفوظ من قبل أن يخلق الله تعالى السموات والأرض، وأنه لا يعلم الغيب إلا الله، لا "حكومة العالم الخفية" ولا كل أجهزة المخابرات، وبالتالي فإنهم بإعطائهم صفات الربوبية، من القدرة الكاملة، والعلم الكامل، إنما يشركون بالله عز وجل، وهم بعجزهم أمام ما قيدوا به أنفسهم من خرافات وأوهام أساؤوا الظن بالله تعالى، الذي وعد عباده بالنصر على أعدائهم إن هم أخلصوا النية لله تعالى في جهادهم، وسلكوا سبيل الكتاب والسنة في سعيهم لإقامة الدين، وأن المؤامرات والمتآمرين لو كان بيدهم وقف مسيرة الدين، لما بقي الدين قائما حتى الآن، وأن اليهود والمرابين كانوا موجودين في مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلم تكن نهاية مؤامراتهم إلا قطع رؤوس مقاتليهم وسبي ذراريهم، واغتنام أموالهم على يد المؤمنين.
وعليهم ثانيا أن ينظروا في هذا العالم، ويعلموا أن أحداث العالم أكثر تداخلا من أن يتم تفسيرها بفرضياتهم الساذجة، وأن مصالح الأمم والدول، وأصحاب القوى، أكثر تشابكا وتضاربا من أن يتم توجيهها لخدمة مشروع واحد، فالعالم مكون من فرق متصارعة كثيرة، كل منها يريد أن يهيمن عليه كله، أو على جزء منه، والمسلمون يستفيدون من هذا التنازع والتصارع بين أمم الكفر في ضربها جميعاً، وتحقيق مصالحهم هم إن سلكوا طريق السنة، وساروا على منهاج النبوة.
إن الدولة الإسلامية بما منّ الله على جنودها من عز وتمكين، تقدّم النموذج الواضح، والمثال الناصع عن إمكانية إقامة الدين، والانتصار على المشركين، وقمع المرتدين، مهما بلغت قوتهم وزاد عددهم، وإن واقعها اليوم هو نقض لنظرية المؤامرة، وتنكيس لوثنها المعبود من دون الله، وتحطيم للأغلال التي فرضها أصحابها على الناس ليظلوا عبيدا خانعين لهم، وإن القادم من الفتوح سيزيد أهل الإيمان يقينا بقدرة الله، ونصره للمؤمنين، والعاقبة للمتقين.
• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 18
السنة السابعة - الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
الدولة الإسلامية وتحطيم وثن المؤامرة