سلاح المؤمن! • الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وآله وصحبه وأتباعه إلى ...
سلاح المؤمن!
• الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وآله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد أمر الله عباده بأن يدعوه، ووعدهم بأن يجيب دعاءهم، فقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [سورة غافر: 60].
بيّن الله عز وجل أن الدعاء عبادة بقوله: {عِبَادَتِي} لأن الدعاء أعظم العبادات، كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة) [رواه أحمد وأصحاب السنن]، وفي الآية ترغيب في الدعاء؛ لأنه عبادة لله عز وجل، وفائدته ترجع على العبد بالأجر والقرب من الله عز وجل، وتحقق ما يطلبه العبد من ربه عاجلا أو آجلا، وفي الآية ترهيب كبير لمن أعرض عن الدعاء، حيث وصفهم الله سبحانه وتعالى بالمستكبرين وهي أكبر من وصف المتكبرين، فهي زيادة في الكبر وطلب له، وقد هددهم الله وتوعدهم بدخول جهنم أذلة صاغرين ذليلين، وهو الجزاء المقابل للاستكبار الذي لا يحبه الله ولا يحب أهله، كما في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [سورة النحل: 23]، إذ التكبر من صفات الله عز وجل التي لا يرضى أن ينازعه فيها أحد من خلقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن ربه: (الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النَّار) [رواه أبو داود]، ومنه نعلم أن الطغاة والجبابرة والمتكبرين موعودون بعذاب الله، وقد يكون عذابهم من عنده أو بأيدي المؤمنين، كما قال تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} [سورة التوبة: 52]. هذا في الدنيا، وأما في الآخرة فالذين يستكبرون عن عبادة الله {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} وعدا حقا.
وقد أمرنا الله عز وجل بأن ندعوه مخلصين له الدين: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة غافر: 65]، ولا يرضى سبحانه بأن يدعو عبادُه غيرَه أبدا، فذلك هو الشرك وهو الظلم العظيم، قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [سورة لقمان: 13].
وقد أخبر سبحانه أن كل من يُدعى من دون الله فهو لا يملك لمن يدعونه ضراً ولا نفعاً فقال: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [سورة فاطر: 13-14]، والقطمير هو الغشاء الرقيق الذي يكون على نوى التمر.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله، فغيره كذلك وأولى، قال تعالى: {قُلْ لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [سورة الأعراف: 188].
وأمره ربه سبحانه وتعالى أن يقول: {إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ} [سورة الجن: 21].
وإن أردنا أن يجيب الله دعاءنا فقد طلب منا أن نستجيب له فنفعل ما يأمرنا به وننتهي عما ينهانا عنه، مع الإيمان به سبحانه، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [سورة البقرة: 186]، أي: فليفعلوا ما أريد منهم وليبشروا بإجابة دعائهم.
فإذا دعا اللهَ مسلمٌ فليعلم أنه أولا في عبادة، وكلما زاد وألح في الدعاء كان من الله أقرب، وثانيا: أنه سيستفيد من دعائه -مع الأجر- إحدى ثلاث خصال، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها) قالوا: إذاً نكثر، قال صلى الله عليه وسلم: (الله أكثر). [رواه أحمد]، وقد استثنى من إجابة الدعاء ما كان فيه إثم أو قطيعة رحم.
وعلى الداعي أن لا يعجل، بل يلح ويكثر ويتضرع ويخشع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجّل، يقول دعوت فلم يستجب لي) [رواه البخاري ومسلم].
• صحيفة النبأ – العدد 21
السنة السابعة - الثلاثاء 28 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
سلاح المؤمن!
• الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وآله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد أمر الله عباده بأن يدعوه، ووعدهم بأن يجيب دعاءهم، فقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [سورة غافر: 60].
بيّن الله عز وجل أن الدعاء عبادة بقوله: {عِبَادَتِي} لأن الدعاء أعظم العبادات، كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة) [رواه أحمد وأصحاب السنن]، وفي الآية ترغيب في الدعاء؛ لأنه عبادة لله عز وجل، وفائدته ترجع على العبد بالأجر والقرب من الله عز وجل، وتحقق ما يطلبه العبد من ربه عاجلا أو آجلا، وفي الآية ترهيب كبير لمن أعرض عن الدعاء، حيث وصفهم الله سبحانه وتعالى بالمستكبرين وهي أكبر من وصف المتكبرين، فهي زيادة في الكبر وطلب له، وقد هددهم الله وتوعدهم بدخول جهنم أذلة صاغرين ذليلين، وهو الجزاء المقابل للاستكبار الذي لا يحبه الله ولا يحب أهله، كما في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [سورة النحل: 23]، إذ التكبر من صفات الله عز وجل التي لا يرضى أن ينازعه فيها أحد من خلقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن ربه: (الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النَّار) [رواه أبو داود]، ومنه نعلم أن الطغاة والجبابرة والمتكبرين موعودون بعذاب الله، وقد يكون عذابهم من عنده أو بأيدي المؤمنين، كما قال تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} [سورة التوبة: 52]. هذا في الدنيا، وأما في الآخرة فالذين يستكبرون عن عبادة الله {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} وعدا حقا.
وقد أمرنا الله عز وجل بأن ندعوه مخلصين له الدين: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة غافر: 65]، ولا يرضى سبحانه بأن يدعو عبادُه غيرَه أبدا، فذلك هو الشرك وهو الظلم العظيم، قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [سورة لقمان: 13].
وقد أخبر سبحانه أن كل من يُدعى من دون الله فهو لا يملك لمن يدعونه ضراً ولا نفعاً فقال: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [سورة فاطر: 13-14]، والقطمير هو الغشاء الرقيق الذي يكون على نوى التمر.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله، فغيره كذلك وأولى، قال تعالى: {قُلْ لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [سورة الأعراف: 188].
وأمره ربه سبحانه وتعالى أن يقول: {إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ} [سورة الجن: 21].
وإن أردنا أن يجيب الله دعاءنا فقد طلب منا أن نستجيب له فنفعل ما يأمرنا به وننتهي عما ينهانا عنه، مع الإيمان به سبحانه، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [سورة البقرة: 186]، أي: فليفعلوا ما أريد منهم وليبشروا بإجابة دعائهم.
فإذا دعا اللهَ مسلمٌ فليعلم أنه أولا في عبادة، وكلما زاد وألح في الدعاء كان من الله أقرب، وثانيا: أنه سيستفيد من دعائه -مع الأجر- إحدى ثلاث خصال، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها) قالوا: إذاً نكثر، قال صلى الله عليه وسلم: (الله أكثر). [رواه أحمد]، وقد استثنى من إجابة الدعاء ما كان فيه إثم أو قطيعة رحم.
وعلى الداعي أن لا يعجل، بل يلح ويكثر ويتضرع ويخشع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجّل، يقول دعوت فلم يستجب لي) [رواه البخاري ومسلم].
• صحيفة النبأ – العدد 21
السنة السابعة - الثلاثاء 28 جمادى الأولى 1437 هـ
مقال:
سلاح المؤمن!