أهمية التربية الإيمانية صحيفة النبأ العدد 471 - الافتتاحية , استعمل متصفح التور لتجنب الطاغوت ...
أهمية التربية الإيمانية صحيفة النبأ العدد 471 - الافتتاحية , استعمل متصفح التور لتجنب الطاغوت واعوانه قبل الدخول لرابط الصحيفة كاملة :
https://archive.org/details/471_2024
*أهمية التربية الإيمانية - الافتتاحية
تشتد حاجة المجاهد في هذا العصر الذي يقطر جاهلية، إلى تعزيز تربيته الإيمانية وتجديدها وترميمها وجعلها عملية مستمرة، مع التسليم بفضل بيئة الجهاد على غيرها من البيئات، وفضل الجهاد على غيره من العبادات.
لكن أفضلية الجهاد على سائر العبادات، لا تعفي المجاهد من تحصيل التربية الإيمانية، ولا تعنى زهده في الطاعات أو تساهله في الصغائر واللمم... بل العكس تماما فإن القائم بفريضة الجهاد في هذا الزمان العصيب أحوج الناس إلى رصيد من التربية الإيمانية تبلغه مراده وتعينه في طريقه.
إن التربية الإيمانية مهمة للمجاهد في سائر ميادينه وثغوره، صحيح أن ميادين الجهاد هي ميادين تربية تصقل النفس وتربي المؤمن، لكن في واقع الجهاد المعاصر لا يكون المجاهد ملاقيا للعدو على الدوام، ولا يتصور المرء أن بيئة الجهاد هو ميدان الرماية والاشتباك، بل بيئة الجهاد أوسع وأعم، فقد يقضي المجاهد أسابيع وأشهر في المضافات بغير صولات ولا جولات، ويكون مجاهدا لا ينفك عن وصف الجهاد وحقيتته رلا ينتنع أجره، أو يكون تكليفه الجهادي في بيئة جاهلية معادية، فهو بحاجة دورية إلى تجديد وتعزيز حالته الإيمانية جنبا إلى جنب مع حالته الأمنية، ولا ينفعه في هذه الظروف إلا تربيته التى اأخرها لمثل هذه الأيام التي يتفاضل بها المجاهدون
في إيمانهم وتقواهم ولذلك قال تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ كما قال: ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ قال ابن كثير: "كثير: "لما ذكر اللباس الحسي نبه مرشدا إلى اللباس المعنوي، وهو الخشوع والطاعة والتقوى". وإنما أوردنا هذا المثل لنقرب للقارئ المقصود بالتربية الإيمانية، فليست هي عين العبادة أو التلاوة أو الصلاة أو النسك وإن كانت بريدها وسبيلا إليها بالجملة؛ وإنما هي أثرها وثمرتها من الخشية والخشوع والوجل والتدبر ودوام المحاسبة وسرعة الإنابة، إنها باب واسع شامل يغلب فيه حركة القلب على حركة الجوارح.
كما لا نقصد بالتربية الإيمانية المجالس العلمية المجردة، فقد يشتغل المرء بذلك ولا يلين قلبه، ويصح إيمانه لكنه لا يزداد!، خصوصا إن طغى على هذه المجالس الجدالات التي ثخرج العلم عن غايته، وفي هذا يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر: "رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب؛ إلا أن يمزج بالرقائق، والنظر في سير السلف الصالحين".
ومن المهم أن يدرك المجاهدون أن التربية الإيمانية لا تخص ساحة دون أخرى أو مرحلة دون أخرى، أو تقتصر على فئة عمرية محددة، كما يظن البعض بأنها تلزم المجاهد في مراحل نفيره الأولى، ثم يعفى منها في مراحله اللاحقة، بل هي ملازمة للمجاهد في كل مراحله، فهي تسبق الجهاد وتمهد له، كما تصاحبه وترافقه في كل محطاته، وهي -بعد صحة التوحيد- المحرك والوقود لاستمرار المجاهد وثباته.
وعلى مدار سنوات طويلة، كانت قضية التربية الإيمانية موضع خلاف بين "الإسلاميين"، فريق ينظر لها مشترطا التخلية قبل التحلية، ولا حد لتخليته ولا أفق لتحليته!، فيبقى المرء عندهم طول العمر وأيد الدهر في التخلية، فتصبر بذلك التزكية الإيمانية مانعا من موانع الجهاد فالرجل لم يكمل طور التخلية بعد، وأمامه عقود من أطوار التحلية، فتصبح تلك ذريعة لإسقاط فريضة الجهاد عن هذا الكائن الذي أرادوه ملاكا فغدا نقيض ذلك تماما.
وفريق آخر يهمل التربية الإيمانية بالكلية بحجة فضل الجهاد وجوازه مع البر والفاجر، ويقآمون حالة العسكرة على ما سواها، فتكون المحصلة مقاتلا عسكريا فارغا أجوف، إن تقوى بطش وتجاوز،
وإن ضعف خار وتراجع، وإن ابتلي فاللهم سلامة من الحور بعد الكور، وإنما مذهب أهل التوفيق وسط بين معطلة الجهاد بمانع التزكية الملائكية، وبين معطلة التزكية بمانع العسكرة التي لا تدوم، والمقصود أن تكون التربية والتزكية الإيمانية مستمرة مصاحبة لكل فصول ومحطات الجهاد، قبل النفير وبعد النفير، في المضافات والمعسكرات، في الولايات القائمة والأمنية، ولكل المهام والتخصصات فليس أحد فوق التربية الإيمانية، ولا يسع المجاهد الزهد فيها فإن الزهد فيها زهد في أسباب الثبات بل زهد في الجهاد ذاته فلا يثبت له إلا من ربى بالإيمان قلبه؛ فتربت جوارحه وانقاد باطنه وظاهره لربه وتعلق قلبه به.
ولا يعنى هذا أننا ننشد مجاهدا ملائكيا لا يخي، فهذا بعيد شرعا وواقعا، فالمجاهد بشر يصيب ويخطئ ويغفل ويزل لكنه لا يستمرئ الخطأ ولا يتساهله، أواب سرعان ما يعود، كما في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} إنما ننشد مجاهدا عىل منهاج النبوة تزكية وسلوكا، سيرة وسريرة، خاشعا قلبه قريبة دمعته توابا أوابا يلوم نفسه وينصب لها موازين الحساب، رحيما في مواطن الرحمة شديدا في مواطن الشدة، وقورا في مواطن الوقار غيورا في مواطن الغيرة هصورا في مواطن الملحمة صبورا في مواطن المحنة، متمترسا في مواطن الثبات، متورعا متريثا في مواطن الشك والريبة، مجاهدا متبتلا في المحاريب إذا خلى بنفسه، متجلدا متصبرا إذا لاح له عدوه، إننا ننشد مجاهدا قلبه في الأرض وروحه تحلق حول العرش كما
قال ابن القيم: "فترى الرجل روخه في الرفيق الأعلى وبدئه عندك، فيكون نائما على فراشه وروحه عند سدرة المنتهى تجول حول العرش". إننا نريد جيلا من المجاهدين يتأهب لفصول قادمة من المعامع والملاحم لا يثبت لها إلا أهل التربية الإيمانية المتجذرة المتجددة، المتقين القانتين المخبتين
الذين ربوا قلوبهم على التقوى وصانوا جوارحهم، ترفعوا عن الدنيا والدنايا، وتربعوا على عرش العزم والهمم، يسهرون لياليهم، ويصبحون عدوهم، يتنافسون على الطاعة ويتسابقون نحو المنايا يطلبون الموت في مظانه وينازلون العدو في مكامنه ويطاردونه في مآمنه، ويباغتونه من حيث لا يحتسب.
إن العلاقة بين محاريب الإخبات ومحاريب الجهاد علاقة وطيدة ومتى انفكت العلاقة أو ضعفت، فاعلم أن هناك خللا في التربية الإيمانية وصدعا في جدارها لا بد من تداركه قبل فوات الأوان، وهي مهمة فردية من حيث أن كل مجاهد أدرى بنفسه ومواطن قوته وضعفه ومواضع إخفاقه وتوفيقه، ومع ذلك فهي مهمة يتقاسمها الجميع ويحتاجها الجميع، فإنا قد لا نؤتى من قبل طائرات عدونا كما نؤتى من ضعف إيماننا، فنحن نقاتل بالإيمان، فإن ضعف ضعفت قوتنا وتسلط علينا عدونا، وإن قوي إيماننا لم تقو علينا قوة في الأرض، فهذه دعوة لتشييد وترميم صروح التربية الإيمانية بيننا لنبني
للإسلام صروحا من العز لا تنهدم.
- كلمات البحث يرجى التجاهل #
صحيفة النبأ , افتتاحية النبا , افتتاحية النبأ , العدد , 0-500 , 471 , ٤٧١ , ٠-٥٠٠ , اخبار الدولة الاسلامية , اخبار الخلافة
https://archive.org/details/471_2024
*أهمية التربية الإيمانية - الافتتاحية
تشتد حاجة المجاهد في هذا العصر الذي يقطر جاهلية، إلى تعزيز تربيته الإيمانية وتجديدها وترميمها وجعلها عملية مستمرة، مع التسليم بفضل بيئة الجهاد على غيرها من البيئات، وفضل الجهاد على غيره من العبادات.
لكن أفضلية الجهاد على سائر العبادات، لا تعفي المجاهد من تحصيل التربية الإيمانية، ولا تعنى زهده في الطاعات أو تساهله في الصغائر واللمم... بل العكس تماما فإن القائم بفريضة الجهاد في هذا الزمان العصيب أحوج الناس إلى رصيد من التربية الإيمانية تبلغه مراده وتعينه في طريقه.
إن التربية الإيمانية مهمة للمجاهد في سائر ميادينه وثغوره، صحيح أن ميادين الجهاد هي ميادين تربية تصقل النفس وتربي المؤمن، لكن في واقع الجهاد المعاصر لا يكون المجاهد ملاقيا للعدو على الدوام، ولا يتصور المرء أن بيئة الجهاد هو ميدان الرماية والاشتباك، بل بيئة الجهاد أوسع وأعم، فقد يقضي المجاهد أسابيع وأشهر في المضافات بغير صولات ولا جولات، ويكون مجاهدا لا ينفك عن وصف الجهاد وحقيتته رلا ينتنع أجره، أو يكون تكليفه الجهادي في بيئة جاهلية معادية، فهو بحاجة دورية إلى تجديد وتعزيز حالته الإيمانية جنبا إلى جنب مع حالته الأمنية، ولا ينفعه في هذه الظروف إلا تربيته التى اأخرها لمثل هذه الأيام التي يتفاضل بها المجاهدون
في إيمانهم وتقواهم ولذلك قال تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ كما قال: ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ قال ابن كثير: "كثير: "لما ذكر اللباس الحسي نبه مرشدا إلى اللباس المعنوي، وهو الخشوع والطاعة والتقوى". وإنما أوردنا هذا المثل لنقرب للقارئ المقصود بالتربية الإيمانية، فليست هي عين العبادة أو التلاوة أو الصلاة أو النسك وإن كانت بريدها وسبيلا إليها بالجملة؛ وإنما هي أثرها وثمرتها من الخشية والخشوع والوجل والتدبر ودوام المحاسبة وسرعة الإنابة، إنها باب واسع شامل يغلب فيه حركة القلب على حركة الجوارح.
كما لا نقصد بالتربية الإيمانية المجالس العلمية المجردة، فقد يشتغل المرء بذلك ولا يلين قلبه، ويصح إيمانه لكنه لا يزداد!، خصوصا إن طغى على هذه المجالس الجدالات التي ثخرج العلم عن غايته، وفي هذا يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر: "رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب؛ إلا أن يمزج بالرقائق، والنظر في سير السلف الصالحين".
ومن المهم أن يدرك المجاهدون أن التربية الإيمانية لا تخص ساحة دون أخرى أو مرحلة دون أخرى، أو تقتصر على فئة عمرية محددة، كما يظن البعض بأنها تلزم المجاهد في مراحل نفيره الأولى، ثم يعفى منها في مراحله اللاحقة، بل هي ملازمة للمجاهد في كل مراحله، فهي تسبق الجهاد وتمهد له، كما تصاحبه وترافقه في كل محطاته، وهي -بعد صحة التوحيد- المحرك والوقود لاستمرار المجاهد وثباته.
وعلى مدار سنوات طويلة، كانت قضية التربية الإيمانية موضع خلاف بين "الإسلاميين"، فريق ينظر لها مشترطا التخلية قبل التحلية، ولا حد لتخليته ولا أفق لتحليته!، فيبقى المرء عندهم طول العمر وأيد الدهر في التخلية، فتصبر بذلك التزكية الإيمانية مانعا من موانع الجهاد فالرجل لم يكمل طور التخلية بعد، وأمامه عقود من أطوار التحلية، فتصبح تلك ذريعة لإسقاط فريضة الجهاد عن هذا الكائن الذي أرادوه ملاكا فغدا نقيض ذلك تماما.
وفريق آخر يهمل التربية الإيمانية بالكلية بحجة فضل الجهاد وجوازه مع البر والفاجر، ويقآمون حالة العسكرة على ما سواها، فتكون المحصلة مقاتلا عسكريا فارغا أجوف، إن تقوى بطش وتجاوز،
وإن ضعف خار وتراجع، وإن ابتلي فاللهم سلامة من الحور بعد الكور، وإنما مذهب أهل التوفيق وسط بين معطلة الجهاد بمانع التزكية الملائكية، وبين معطلة التزكية بمانع العسكرة التي لا تدوم، والمقصود أن تكون التربية والتزكية الإيمانية مستمرة مصاحبة لكل فصول ومحطات الجهاد، قبل النفير وبعد النفير، في المضافات والمعسكرات، في الولايات القائمة والأمنية، ولكل المهام والتخصصات فليس أحد فوق التربية الإيمانية، ولا يسع المجاهد الزهد فيها فإن الزهد فيها زهد في أسباب الثبات بل زهد في الجهاد ذاته فلا يثبت له إلا من ربى بالإيمان قلبه؛ فتربت جوارحه وانقاد باطنه وظاهره لربه وتعلق قلبه به.
ولا يعنى هذا أننا ننشد مجاهدا ملائكيا لا يخي، فهذا بعيد شرعا وواقعا، فالمجاهد بشر يصيب ويخطئ ويغفل ويزل لكنه لا يستمرئ الخطأ ولا يتساهله، أواب سرعان ما يعود، كما في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} إنما ننشد مجاهدا عىل منهاج النبوة تزكية وسلوكا، سيرة وسريرة، خاشعا قلبه قريبة دمعته توابا أوابا يلوم نفسه وينصب لها موازين الحساب، رحيما في مواطن الرحمة شديدا في مواطن الشدة، وقورا في مواطن الوقار غيورا في مواطن الغيرة هصورا في مواطن الملحمة صبورا في مواطن المحنة، متمترسا في مواطن الثبات، متورعا متريثا في مواطن الشك والريبة، مجاهدا متبتلا في المحاريب إذا خلى بنفسه، متجلدا متصبرا إذا لاح له عدوه، إننا ننشد مجاهدا قلبه في الأرض وروحه تحلق حول العرش كما
قال ابن القيم: "فترى الرجل روخه في الرفيق الأعلى وبدئه عندك، فيكون نائما على فراشه وروحه عند سدرة المنتهى تجول حول العرش". إننا نريد جيلا من المجاهدين يتأهب لفصول قادمة من المعامع والملاحم لا يثبت لها إلا أهل التربية الإيمانية المتجذرة المتجددة، المتقين القانتين المخبتين
الذين ربوا قلوبهم على التقوى وصانوا جوارحهم، ترفعوا عن الدنيا والدنايا، وتربعوا على عرش العزم والهمم، يسهرون لياليهم، ويصبحون عدوهم، يتنافسون على الطاعة ويتسابقون نحو المنايا يطلبون الموت في مظانه وينازلون العدو في مكامنه ويطاردونه في مآمنه، ويباغتونه من حيث لا يحتسب.
إن العلاقة بين محاريب الإخبات ومحاريب الجهاد علاقة وطيدة ومتى انفكت العلاقة أو ضعفت، فاعلم أن هناك خللا في التربية الإيمانية وصدعا في جدارها لا بد من تداركه قبل فوات الأوان، وهي مهمة فردية من حيث أن كل مجاهد أدرى بنفسه ومواطن قوته وضعفه ومواضع إخفاقه وتوفيقه، ومع ذلك فهي مهمة يتقاسمها الجميع ويحتاجها الجميع، فإنا قد لا نؤتى من قبل طائرات عدونا كما نؤتى من ضعف إيماننا، فنحن نقاتل بالإيمان، فإن ضعف ضعفت قوتنا وتسلط علينا عدونا، وإن قوي إيماننا لم تقو علينا قوة في الأرض، فهذه دعوة لتشييد وترميم صروح التربية الإيمانية بيننا لنبني
للإسلام صروحا من العز لا تنهدم.
- كلمات البحث يرجى التجاهل #
صحيفة النبأ , افتتاحية النبا , افتتاحية النبأ , العدد , 0-500 , 471 , ٤٧١ , ٠-٥٠٠ , اخبار الدولة الاسلامية , اخبار الخلافة