رسالة من شيخ الإسلام إلى جنود دولة الإسلام • واعلموا -رحمكم الله- أن الجهاد فيه خيري الدنيا ...
رسالة من شيخ الإسلام إلى جنود دولة الإسلام
• واعلموا -رحمكم الله- أن الجهاد فيه خيري الدنيا والآخرة وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة، قال الله تعالى في كتابه: {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}، يعني: إما النصر والظفر وإما الشهادة والجنة، فمن عاش من المجاهدين كان عزيزا كريما، ومن مات منهم أو قتل فإلى الجنة.
وقد اتفق العلماء على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد، فهو أفضل من الحج وأفضل من الصوم التطوع وأفضل من الصلاة التطوع والمرابطة في سبيل الله أفضل من المجاورة بمكة والمدينة وبيت المقدس حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه: «لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر عند الحجر الأسود»، فاختار رضي الله عنه الرباط ليلة واحدة على العبادة في أفضل الليالي عند أفضل البقاع ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقيمون بالمدينة دون مكة؛ لمعان عدة، منها: أنهم كانوا مرابطين بالمدينة
وهذا في الرباط فكيف بالجهاد؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في وجه عبد أبدا) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار) [رواه البخاري] وهذا في الغبار الذي يصيب الوجه والرجل فكيف بما هو أشق منه، كالثلج والبرد والوحل؟
ولهذا عاب الله عز وجل المنافقين الذين يتعللون بالعوائق، كالحر والبرد، فقال سبحانه وتعالى: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرًا لو كانوا يفقهون}، وهكذا الذين يقولون: لا تنفروا في البرد، فيقال لهم: نار جهنم أشد بردا
فالمؤمن يدفع بصبره على الحر والبرد في سبيل الله حر جهنم وبردها والمنافق يفر من حر الدنيا وبردها حتى يقع في حر جهنم وزمهريرها
واعلموا -أصلحكم الله- أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيرا أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد الله فيه الدين، ويحيي فيه شعار المسلمين وأحوال المؤمنين والمجاهدين حتى يكون شبيها بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فمن قام في هذا الوقت بذلك كان من التابعين لهم بإحسان، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار
فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله وهذه الفتنة التي باطنها نعمة حتى -والله- لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم حاضرين في هذا الزمان، لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين
ولا يفوت مثل هذه الغزاة إلا من خسرت تجارته وسفه نفسه وحرم حظا عظيما من الدنيا والآخرة ما لم يكن ممن عذر الله تعالى كالمريض والفقير والأعمى وغيرهم وإلا فمن كان له مال وهو عاجز ببدنه فليغز بماله، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا)
ومن كان قادرا ببدنه وهو فقير، فليأخذ من أموال المسلمين ما يتجهز به سواء كان المأخوذ زكاة أو صلة أو من بيت المال أو غير ذلك حتى لو كان الرجل قد حصل بيده مال حرام وقد تعذر رده إلى أصحابه لجهله بهم ونحو ذلك، أو كان بيده ودائع أو رهون أو عوار قد تعذر معرفة أصحابها، فلينفقها في سبيل الله فإن ذلك مصرفها
ومن أراد التخلص من المال الحرام والتوبة، ولا يمكن رده إلى أصحابه فلينفقه في الجهاد في سبيل الله، فإن ذلك طريق حسنة إلى خلاصه مع ما يحصل له من أجر الجهاد.
ومن كان كثير الذنوب فأعظم دواء له هو الجهاد، فإن الله يغفر ذنوبه، كما أخبر سبحانه في كتابه بقوله: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم علىٰ تجارةٍ تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذٰلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذٰلك الفوز العظيم}.
وكذلك من أراد أن يكفر الله عنه سيئاته في دعوى الجاهلية وحميتها فعليه بالجهاد؛ فإن الذين يتعصبون للقبائل وغير القبائل كل هؤلاء إذا قتلوا، فإن القاتل والمقتول في النار، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) [متفق عليه]، وقال: (من قتل تحت راية عمية: يغضب لعصبية، ويدعو لعصبية، فهو في النار) [رواه مسلم].
فعليكم بالجماعة، والائتلاف على الطاعة والجهاد في سبيل الله يجمع الله قلوبكم، ويكفر عنكم سيئاتكم ويحصل لكم خير الدنيا والآخرة.
أعاننا الله وإياكم على طاعته وصرف عنا وعنكم سبيل معصيته وجعلنا وإياكم ممن رضي الله عنه ورضوا عنه إنه على كل شيء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم».
انتهى باختصار وتصرف يسير من مجموع فتاوى شيخ الإسلام، رحمه الله.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ
• واعلموا -رحمكم الله- أن الجهاد فيه خيري الدنيا والآخرة وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة، قال الله تعالى في كتابه: {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}، يعني: إما النصر والظفر وإما الشهادة والجنة، فمن عاش من المجاهدين كان عزيزا كريما، ومن مات منهم أو قتل فإلى الجنة.
وقد اتفق العلماء على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد، فهو أفضل من الحج وأفضل من الصوم التطوع وأفضل من الصلاة التطوع والمرابطة في سبيل الله أفضل من المجاورة بمكة والمدينة وبيت المقدس حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه: «لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر عند الحجر الأسود»، فاختار رضي الله عنه الرباط ليلة واحدة على العبادة في أفضل الليالي عند أفضل البقاع ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقيمون بالمدينة دون مكة؛ لمعان عدة، منها: أنهم كانوا مرابطين بالمدينة
وهذا في الرباط فكيف بالجهاد؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في وجه عبد أبدا) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار) [رواه البخاري] وهذا في الغبار الذي يصيب الوجه والرجل فكيف بما هو أشق منه، كالثلج والبرد والوحل؟
ولهذا عاب الله عز وجل المنافقين الذين يتعللون بالعوائق، كالحر والبرد، فقال سبحانه وتعالى: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرًا لو كانوا يفقهون}، وهكذا الذين يقولون: لا تنفروا في البرد، فيقال لهم: نار جهنم أشد بردا
فالمؤمن يدفع بصبره على الحر والبرد في سبيل الله حر جهنم وبردها والمنافق يفر من حر الدنيا وبردها حتى يقع في حر جهنم وزمهريرها
واعلموا -أصلحكم الله- أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيرا أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد الله فيه الدين، ويحيي فيه شعار المسلمين وأحوال المؤمنين والمجاهدين حتى يكون شبيها بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فمن قام في هذا الوقت بذلك كان من التابعين لهم بإحسان، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار
فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله وهذه الفتنة التي باطنها نعمة حتى -والله- لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم حاضرين في هذا الزمان، لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين
ولا يفوت مثل هذه الغزاة إلا من خسرت تجارته وسفه نفسه وحرم حظا عظيما من الدنيا والآخرة ما لم يكن ممن عذر الله تعالى كالمريض والفقير والأعمى وغيرهم وإلا فمن كان له مال وهو عاجز ببدنه فليغز بماله، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا)
ومن كان قادرا ببدنه وهو فقير، فليأخذ من أموال المسلمين ما يتجهز به سواء كان المأخوذ زكاة أو صلة أو من بيت المال أو غير ذلك حتى لو كان الرجل قد حصل بيده مال حرام وقد تعذر رده إلى أصحابه لجهله بهم ونحو ذلك، أو كان بيده ودائع أو رهون أو عوار قد تعذر معرفة أصحابها، فلينفقها في سبيل الله فإن ذلك مصرفها
ومن أراد التخلص من المال الحرام والتوبة، ولا يمكن رده إلى أصحابه فلينفقه في الجهاد في سبيل الله، فإن ذلك طريق حسنة إلى خلاصه مع ما يحصل له من أجر الجهاد.
ومن كان كثير الذنوب فأعظم دواء له هو الجهاد، فإن الله يغفر ذنوبه، كما أخبر سبحانه في كتابه بقوله: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم علىٰ تجارةٍ تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذٰلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذٰلك الفوز العظيم}.
وكذلك من أراد أن يكفر الله عنه سيئاته في دعوى الجاهلية وحميتها فعليه بالجهاد؛ فإن الذين يتعصبون للقبائل وغير القبائل كل هؤلاء إذا قتلوا، فإن القاتل والمقتول في النار، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) [متفق عليه]، وقال: (من قتل تحت راية عمية: يغضب لعصبية، ويدعو لعصبية، فهو في النار) [رواه مسلم].
فعليكم بالجماعة، والائتلاف على الطاعة والجهاد في سبيل الله يجمع الله قلوبكم، ويكفر عنكم سيئاتكم ويحصل لكم خير الدنيا والآخرة.
أعاننا الله وإياكم على طاعته وصرف عنا وعنكم سبيل معصيته وجعلنا وإياكم ممن رضي الله عنه ورضوا عنه إنه على كل شيء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم».
انتهى باختصار وتصرف يسير من مجموع فتاوى شيخ الإسلام، رحمه الله.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ