وجوب صلاة الجماعة ومشروعية إغلاق المحلات التجارية أثناء أدائها • الحمد لله ذي الإنعام، والصلاة ...
وجوب صلاة الجماعة ومشروعية إغلاق المحلات التجارية أثناء أدائها
• الحمد لله ذي الإنعام، والصلاة والسلام على خير الأنام، وعلى آله وصحبه الكرام، أما بعد:
فلقد أكثر سبحانه من ذكر الصلاة في كتابه الكريم، وعظم شأنها، وأمر بالمحافظة عليها وأدائها في الجماعة، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة معلومة، فالواجب على كل مسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يقيمها كما أمر الله بها، وأن يؤديها مع إخوانه المسلمين جماعة، ولا يقدم عليها أمور الدنيا ومشاغل الحياة.
- إغلاق المحلات التجارية وقت صلاة الفريضة:
ومن هنا كان أول واجبات الإمام إقام الصلاة وأمر الناس بها، قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41]، وقال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته) [متفق عليه].
لذا عمد المجاهدون في الدولة الإسلامية إلى إلزام الرعية بالصلاة في جماعة، والأمر بإغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة، ذلك لأن صلاة الجماعة واجبة على الرجال، وشهودها لا يتحقق لأصحاب المحلات التجارية إلا بإغلاقها، و(ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 36-37].
قال ابن كثير: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}: هي المساجد، أمر الله ببنائها ورفعها، وأمر بعمارتها وتطهيرها. {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}: يتلى فيها كتابه. {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}: التسبيح هو الصلاة، ويعني بالغدو: صلاة الغداة، وهي صلاة الفجر، ويعني بالآصال: صلاة العصر، وهما أول ما افترض الله من الصلاة، فأحب -سبحانه- أن يذكرهما وأن يذكر بهما عباده. {رِجَالٌ} فيه إشعار بهممهم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية، التي بها صاروا عُمّارا للمساجد. {لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}: لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن ذكر ربهم الذي هو خالقهم ورازقهم. {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}: قال هشيم: عن سيار قال: «حدثت عن ابن مسعود أنه رأى قوما من أهل السوق، حيث نودي بالصلاة، تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة، فقال عبد الله: هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}»، وهكذا روى عمرو بن دينار القهرماني عن سالم عن عبد الله بن عمر: «أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد، فقال ابن عمر: فيهم نزلت: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}»، وقال عمرو بن دينار الأعور: «كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد، فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصلاة وخمروا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، فتلا سالم هذه الآية: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} ثم قال: هم هؤلاء»، وكذا قال سعيد والضحاك: «لا تلهيهم التجارة والبيع أن يأتوا الصلاة في وقتها»، وقال الوراق: «كانوا يبيعون ويشترون، ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه، وأقبل إلى الصلاة»، وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: «{لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}: عن الصلاة المكتوبة»، وقال السدي: «عن الصلاة في جماعة»، وعن مقاتل بن حيان: «لا يلهيهم ذلك عن حضور الصلاة، وأن يقيموها كما أمرهم الله، وأن يحافظوا على مواقيتها».
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقال:
وجوب صلاة الجماعة
ومشروعية إغلاق المحلات التجارية أثناء أدائها
• الحمد لله ذي الإنعام، والصلاة والسلام على خير الأنام، وعلى آله وصحبه الكرام، أما بعد:
فلقد أكثر سبحانه من ذكر الصلاة في كتابه الكريم، وعظم شأنها، وأمر بالمحافظة عليها وأدائها في الجماعة، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة معلومة، فالواجب على كل مسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يقيمها كما أمر الله بها، وأن يؤديها مع إخوانه المسلمين جماعة، ولا يقدم عليها أمور الدنيا ومشاغل الحياة.
- إغلاق المحلات التجارية وقت صلاة الفريضة:
ومن هنا كان أول واجبات الإمام إقام الصلاة وأمر الناس بها، قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41]، وقال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته) [متفق عليه].
لذا عمد المجاهدون في الدولة الإسلامية إلى إلزام الرعية بالصلاة في جماعة، والأمر بإغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة، ذلك لأن صلاة الجماعة واجبة على الرجال، وشهودها لا يتحقق لأصحاب المحلات التجارية إلا بإغلاقها، و(ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 36-37].
قال ابن كثير: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}: هي المساجد، أمر الله ببنائها ورفعها، وأمر بعمارتها وتطهيرها. {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}: يتلى فيها كتابه. {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}: التسبيح هو الصلاة، ويعني بالغدو: صلاة الغداة، وهي صلاة الفجر، ويعني بالآصال: صلاة العصر، وهما أول ما افترض الله من الصلاة، فأحب -سبحانه- أن يذكرهما وأن يذكر بهما عباده. {رِجَالٌ} فيه إشعار بهممهم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية، التي بها صاروا عُمّارا للمساجد. {لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}: لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن ذكر ربهم الذي هو خالقهم ورازقهم. {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}: قال هشيم: عن سيار قال: «حدثت عن ابن مسعود أنه رأى قوما من أهل السوق، حيث نودي بالصلاة، تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة، فقال عبد الله: هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}»، وهكذا روى عمرو بن دينار القهرماني عن سالم عن عبد الله بن عمر: «أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد، فقال ابن عمر: فيهم نزلت: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}»، وقال عمرو بن دينار الأعور: «كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد، فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصلاة وخمروا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، فتلا سالم هذه الآية: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} ثم قال: هم هؤلاء»، وكذا قال سعيد والضحاك: «لا تلهيهم التجارة والبيع أن يأتوا الصلاة في وقتها»، وقال الوراق: «كانوا يبيعون ويشترون، ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه، وأقبل إلى الصلاة»، وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: «{لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}: عن الصلاة المكتوبة»، وقال السدي: «عن الصلاة في جماعة»، وعن مقاتل بن حيان: «لا يلهيهم ذلك عن حضور الصلاة، وأن يقيموها كما أمرهم الله، وأن يحافظوا على مواقيتها».
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقال:
وجوب صلاة الجماعة
ومشروعية إغلاق المحلات التجارية أثناء أدائها