صحيفة النبأ العدد 479 المقال الافتتاحي: السودان المنسي! ولئن تورطت ميليشيا الطاغوت "حميدتي" ...

صحيفة النبأ العدد 479
المقال الافتتاحي: السودان المنسي!

ولئن تورطت ميليشيا الطاغوت "حميدتي" بدعم من الإمارات وغيرها، باقتراف أبشع المجازر بحق المسلمين؛ فإن قوات الطاغوت "البرهان" تورطت بذلك أيضا، وهي جزء من النظام العالمي الكافر، تسعى لترسيخ الحدود الجاهلية التي تقيّد المسلمين وتسجنهم خلف شِبَاكِها وتجلدهم بقوانينها، وطاغوتها يوالي الكافرين ويحادّ حكم الشريعة ويتواصى بتنحيتها ويضاد أحكامها، ومن تابع سلسلة خطواتهم التي أجروها بإشراف أمريكا ومباركة آل سلول؛ علِم أنهم يجتهدون في إرساء دولة علمانية محاربة للشريعة موالية لليهود والنصارى، وبالتالي، فالفرق بين الطرفين كالفرق بين الباطل والباطل.

وفي المقابل، فإن موقف أكثر الناس اليوم مما يتعرض له إخوانهم في السودان، هو موقف سلبي لا مبالي، يتراوح بين قعود عن النصرة، أو نصرة خجولة لا تزيد في أحسن أحوالها عن المظاهرات السلمية والحملات الإعلامية التي سرعان ما تخبو وتتلاشى مع مرور الأيام، ولو وضع المرء نفسه في محل صاحب المأساة، لساءه موقف إخوانه تجاهه.

ومما لا شك فيه أن امتناع المسلم القادر أو تقصيره في نصرة أخيه المسلم، خلل يقدح في كمال الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير) [متفق عليه]، ومنه يفهم أنه لن يكتمل إيمانك ما لم تحقق هذه الخصلة العظيمة، فما تحب أن يصيبك من الخير فلتحبه لإخوانك، وما تكره أن يصيبك من الأذى والشرور فلتكرهه لإخوانك وتسعى لرفعه عنهم، ولا يجوز لك أن تتخلف عن نصرتهم أو تتركهم لعدوهم يفتنهم في دينهم، كما في الحديث الصحيح: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه)، ومعلوم في ديننا أن الجزاء من جنس العمل ولذا قال في نفس الحديث: (ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة)، ومن أحب أن ينصره الله وقت محنته فلينصر أخاه في محنته، وليحذر وعيد الله له بالخذلان إن هو ترك نصرة أخيه مع القدرة عليها، كما في الحديث: (ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته). [أحمد]

وإن نصرة المسلمين في السودان واجب كل مسلم قادر تماما كما هو الحال في العراق والشام واليمن وفلسطين وغيرها، ولا يكون ذلك إلا بالجهاد والقتال أو ما يعين عليه من الإنفاق والتحريض، قال الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}، فمن عجز عن الجهاد بكل صوره والإنفاق بكل سبله، فلا أقل من الدعاء لهم.

ولئن كان الطواغيت يتحالفون فيما بينهم من أجل مصالحهم ومخططاتهم؛ فمن باب أولى أن يتحالف المسلمون فيما بينهم نصرة لإخوانهم في هذه القضية المنسية، فالأصل أنها قضية تعني المسلمين جميعا، فالمسلمون في السودان جزء من أمة الإسلام وأحد أعضاء الجسد الواحد، والأصل ألا تفرقهم حدود قومية ولا قوانين كفرية، وإن هذه الأحداث تؤكد مجددا أن هذه الحدود ومفرزاتها هي أكبر عائق لنصرة المسلمين بعضهم بعضا، وهو ما أدركه المجاهدون مبكرا، ولذلك سعوا منذ اليوم الأول لهدمها وكسرها لتعود بلاد المسلمين واحدة كما كانت.

في الجانب العملي، فهذه رسالة إلى شباب المسلمين وأنصار المجاهدين في السودان، بوجوب العمل والسعي الحثيث لاستغلال الأحداث لمصلحة الجهاد، عبر الاستقطاب والتجنيد والإعداد والاستعداد بغية إنشاء نواة للجهاد تتصدى للأخطار المحدقة وتؤسس لجهاد طويل المدى، وهذا لا يتأتى إلا بالإخلاص والجهد وضبط العقائد {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}.

أيها المسلمون في السودان وكل مكان، إن الحل في العودة إلى الله سبحانه، واتباع أمره جل وعلا وتحقيق الولاء للمؤمنين جميعا والبراء من الكافرين جميعا، وإعلان الجهاد على منهاج النبوة لإقامة حكم الشريعة، ودحر جنود الطاغوت كما قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.


➖ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 479
السنة السادسة عشرة - الخميس 23 رجب 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
السودان المنسي!