أيُّها المُجاهد جدّد النيَّة وأخلِص الطويَّة [1/2] إن الجهاد في سبيل الله هو أحب الأعمال إليه ...

أيُّها المُجاهد
جدّد النيَّة وأخلِص الطويَّة
[1/2]

إن الجهاد في سبيل الله هو أحب الأعمال إليه سبحانه، وهو ذروة سنام الدين، وقد بشّر ذو الجلال والإكرام عباده المجاهدين في سبيله بأن لهم أعلى الدرجات.

وكذلك فإن الجهاد هو من أخطر ما يعمله المؤمن في حياته من الأعمال، نظرا لأنه يخاطر بحياته لإرضاء ربّه ذي الجلال والإكرام، ومن فقد حياته لم يعد لديه الفرصة ليصلح ما فسد، أو يجدّد ما بلي.

ولهذا وذاك كان من الواجب على المجاهد أن يحرص على ثمرة جهاده، فلا تضيع هباء، أو يجد ما ظنه مجلبة للثواب وقد تحول إلى أوزار يحملها يوم القيامة. ومن أهم الأسس التي تنبني عليها الأعمال كلها، وتتحقق بها الأجور، ويزيد الله فيها الحسنات، باب النية.

فإخلاص النية، بأن يكون العمل خالصا لوجه الله تعالى، هو أحد شرطي قبول العمل عند الله، إذ لا يقبل الله عملا قُصد به غيره، فضلا أن يكون العمل مغضبا له سبحانه.

ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنه قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) وفي رواية أن الرجل سأل رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما القتال في سبيل الله، فإن أحدنا يقاتل غضبا، ويقاتل حمية؟ فقال له، صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل).

واعلم أخي في الله، أن آثار إخلاص النية في الجهاد في سبيل الله أكثر من أن تحصى، وثمراته أعظم من أن تحصر، وأبرزها:

خامسا: سبب للنصر والتمكين

عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها؛ بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم) [رواه النسائي بسند صحيح].

قال المنذري: «ومعناه أن عبادة الضعفاء ودعاءهم أشد إخلاصا لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا، وجعلوا همهم واحدا، فأجيب دعاؤهم وزكت أعمالهم» [عون المعبود].

فيا من تتربصون النصر على الحلف الصليبي القائم اليوم لقتال الدولة الإسلامية، عليكم بالإخلاص، عليكم بالإخلاص، ففيه الخلاص بإذن الله تعالى.
سادسا: نزول الفرج والنجاة من الكرب والعون في الشدة وقد تعجب لو علمتَ أن الله تعالى يفرج عن المشرك بالإخلاص لو أخلص لله قليلا، مع أنه مشرك! فما ظنك بالمؤمن! قال تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [سورة لقمان: 32].

فعلى المقاتلين في سبيل الله في جبهات القتال، والمرابطين في الثغور، وجنود الخلافة جميعا، إخلاص النية وتخليصها، ففيه الفرج القريب إن شاء الله.

سابعا: الشعور بالاطمئنان وسكينة الإيمان

قال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [سورة الفتح: 18]، قال الطبري في تفسيره: «وقوله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} يقول تعالى ذكره: فعلم ربك يا محمد ما في قلوب المؤمنين من أصحابك إذ يبايعونك تحت الشجرة، من صدق النية، والوفاء بما يبايعونك عليه، والصبر معك. يقول: فأنزل الطمأنينة، والثبات على ما هم عليه من دينهم وحسن بصيرتهم بالحق الذي هداهم الله له».

وقال ابن النحّاس في تفسيره: «{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} من الإخلاص»، وهذه الآية دليل على أن الله تعالى يثيب المخلص في الجهاد بالنصر والعون على الطاعة وتقوية الإيمان وغير ذلك من الثواب في الدنيا، فضلا عن ثواب الآخرة.

ومن هذا كله يتبين أهمية أن يجدد المجاهد نيته في كل وقت، ويحرص على إخلاص عمله لله سبحانه، فإذا ما وجد في نفسه غير ذلك بادر إلى التوبة والتصحيح، والله غفور رحيم.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at