دين الإسلام وجماعة المسلمين (2) [1/3] بينا في الحلقة السابقة أن حقيقة الإسلام لغة وشرعا ...

دين الإسلام
وجماعة المسلمين (2)

[1/3]

بينا في الحلقة السابقة أن حقيقة الإسلام لغة وشرعا هي السلامة (أي الإخلاص) والاستسلام (أي الانقياد) لله، وأن المرء لا يكون مسلما ما لم يكن مستسلما لله، سالما له...

ومما يجب على المرء معرفته أن الله -جل وعلا- فرض على طوائف الناس السلامة والاستسلام له كما فرض ذلك على أفرادهم، ففرض عليهم الحكم بشرعه وحده، والتحاكم إليه وحده، والاحتساب على من خالفه، وقتال من امتنع عن بعضه، فيقاتلون الناس كافة على هذا الدين بهذين المعنيين: السلامة والاستسلام لله، ولا يتركون قتالهم ما لم يلتزموا شرائع الإسلام طوعا، إلا إن قبلوا الجزية وخضعوا لحكم الإسلام كرها.
قال الله، جل وعلا: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصدٍ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفورٌ رحيمٌ} [سورة التوبة: 5]، وقال جل وعلا: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقومٍ يعلمون} [سورة التوبة: 11]، وقال جل وعلا: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} [سورة البقرة: 193]، وقال جل وعلا: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصيرٌ} [سورة الأنفال: 39]، وقال جل وعلا: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا} [سورة النساء: 76]، وقال جل وعلا: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [سورة التوبة: 29].
وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتال الناس حتى يلتزموا أركان الإسلام الظاهرة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وإن قوام هذا الأمر إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) [رواه أحمد عن معاذ]، وقال صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا، عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) [رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر].

وأمر خليفته شيخ الإسلام أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بمثله، فعن حنظلة بن علي بن الأسقع أن أبا بكر -رضي الله عنه- بعث خالد بن الوليد -رضي الله عنه- وأمره أن يقاتل الناس على خمس، فمن ترك واحدة من خمس، فقاتله عليها كما تقاتل على الخمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان [وحج البيت] [السنة للخلال وتاريخ الإسلام للذهبي].

وإنما كان الفرض أن يقاتل أهل الإسلام أهل الإشراك من وراء راية واحدة، لا بفرق وأحزاب بلا جماعة ولا إمام، {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيانٌ مرصوصٌ} [سورة الصف: 4]، ولا يكون الصف الواحد والتمكين لدينه من غير ولاء وبراء، قال جل وعلا: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيزٌ حكيمٌ} [سورة التوبة: 72]، وقال جل وعلا: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعضٍ إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ} [سورة الأنفال: 73]، وقال جل وعلا: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضلٍ على العالمين} [سورة البقرة: 251]، وقال جل وعلا: {ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائمٍ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسعٌ عليمٌ} [سورة المائدة: 54].


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at