فضائل وفوائد التبكير للصلوات في المساجد [1/2] الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى ...

فضائل وفوائد التبكير للصلوات في المساجد
[1/2]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد حثَّ الحقُّ سبحانه عبادَه على المسارعة إلى مرضاته والتسابق في طاعته والتنافس على علو الدرجات، فقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}، وقال سبحانه: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقال جلَّ جلاله: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}، وقال تبارك وتعالى مادحاً أنبياءه ورسله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}، وقال صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال) [رواه مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك) [رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي].

وقد كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خير الناس في الاجتهاد في العبادات وأحسنهم في المسارعة في الخيرات وأسبقهم في المنازل والدرجات، فقد قام الليل حتى تفطَّرت قدماه، وصام حتى قال الناس: ما يُفطر! وقاتل في سبيل الله حتى كان بعض الصحابة يحتمون به عند النزال إذا حمي الوطيس، ولم يُبقِ باباً من أبواب الخير والطاعة إلا واستبق فيه وسبق، صلوات الله وسلامه عليه.

ولعل من أهم أبواب الخير التي حثَّ الله تعالى الناس عليها وندبَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أمته للمسارعة والتسابق فيها هو: التبكير إلى الصلوات، قال صلى الله عليه وسلم: (لو يعلمون ما في التهجير -وهو التبكير للصلاة في المسجد- لاستبقوا عليه) [رواه البخاري ومسلم]، فإنَّ للذهاب إلى المساجد مبكراً لأداء الصلوات المفروضة ثمراتٍ وفوائدَ وفضائلَ عظيمة، لعل أهمها:

1- منتظِرُ الصلاة لا يزال في صلاة ما انتظرها، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة) [متفق عليه]، وفي رواية للبخاري: (لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة).

2- الذي ينتظر الصلاة تصلي عليه الملائكة وتدعو له بالمغفرة والرحمة ما دام في مصلَّاه، قال صلى الله عليه وسلم: (الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، ما لم يحدث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) [متفق عليه].

3- انتظار الصلاة بعد الصلاة سببٌ في محو الخطايا ورفع الدرجات، قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط) [رواه مسلم].

4- في التبكير إلى المسجد ضمانٌ لإدراك صلاة الجماعة في المسجد التي هي أفضل من صلاة المنفرد في بيته بكثير، قال صلى الله عليه وسلم: (صلاةُ الجماعة تفضلُ صلاة الفذِّ بسبع وعشرين درجة) [متفق عليه].

5- الـمُبكِّر إلى المسجد حريٌّ بأن يُدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام، التي قال فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يُدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق) [حَسَن، رواه الترمذي].

6- الـمُبكِّر إلى المسجد أقربُ للفوز بالصف الأول، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلّا أن يستَهِموا عليه لاستَهَموا) [متفق عليه]، وفي التبكير إدراكٌ لميامن الصفوف التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) [حَسَن، رواه أبو داود].

7- في التبكير حضور ما قد يكون من مجالس الذكر والعلم التي تُقام بين الصلوات، والتي قال فيها صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) [رواه مسلم].

8- في التبكير للصلوات الجهرية إدراكٌ للتأمين وراء الإمام، وفي فضل التأمين قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه) [رواه البخاري]، وقال -صلى الله عليه وسلم- عن اليهود: (إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين) [صحيح، رواه أحمد].

9- في المبادرة إلى المسجد فرصة لأداء النوافل المشروعة، كتحية المسجد والتطوُّع بين الأذان والإقامة التي سنّها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (بين كل أذانين صلاة، لمن شاء) [متفق عليه]، وغيرها من النوافل.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at