صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان لله في أيامه مواسم أنعم بها على عباده المؤمنين، ليتقرّب ...
صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان
لله في أيامه مواسم أنعم بها على عباده المؤمنين، ليتقرّب إليه محسنهم، ويتوب إليه مسيئهم، ويعود إليه مدبرهم، فهي سوق الرحمن، تُعرض فيه الجنة على المشمرين لها، ومن تلك المواسم الفضیلة التي منّ الله بها على المؤمنين في هذه الأمة شهر رمضان، حيث تُفتح فيه أبواب الجنة وتُغلق فيه أبواب النار، وتُصفّد فيه الشياطين، وينادي فيه منادٍ كل ليلة: يا باغي الخيرِ أقبلْ، ويا باغي الشرّ أقْصر، حتى ينقضي رمضان.
وإن من أهم الأعمال في هذا الشهر العظيم قيام لياليه، ومن أفضل ما تقام به ليالي رمضان المباركة الصلاة، التي تعرف عند المسلمين بصلاة التراويح، أو صلاة التهجد.
فالتهجد وقيام الليل وقيام رمضان والتراويح هي عدة أسماء لمسمى واحد، قال النووي: «والمرادُ بقيام رمضان صلاةُ التراويح» [شرح صحيح مسلم]، وقال الكرماني: «اتَّفَقوا على أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح» [فتح الباري].
1. تسميتها:
قال ابن حجر: «والتّراويح جمع تَرْويحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، كتسليمة من السلام، سُمِّيَت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح؛ لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين» [فتح الباري].
2. حكمها:
قال ابن قدامة: «ولا شك أن صلاة التراويح سنة مؤكدة، أول من سنها بقوله وفعله رسول الله، صلى الله عليه وسلم» [المغني]، وقال النووي: «اتفق العلماء على استحبابها» [شرح صحيح مسلم].
3. عدد ركعاتها:
أما عدد ركعاتها فإن السنة الفعلية الواردة بأسانيد صحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثمان ركعات، والوتر بعدها بثلاث أو خمس، وهو ما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه سأل عائشة، كيف كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان؟ قالت: «ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة» [متفق عليه]. وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة» [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح]. ولم يرد عنه -صلى الله عليه وسلم- بسند صحيح أكثر من هذا ولم يَجمع صحابتَه في المسجد للتراويح إلا ليلتين أو ثلاث، عن عائشة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في المسجد ذات ليلة، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما أصبح قال: قد رأيتُ الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفرض عليكم، قال: وذلك في رمضان) [أخرجه البخاري ومسلم].
وأما الزيادة على هذا المسنون فجائزة عند الأئمة، إن كان المصلي يصليها محققا للطمأنينة ولا يعتقد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى هذه الزيادة، والزيادة واردة عن الصحابة والسلف بأعداد مختلفة، فروي عن بعض الصحابة عشرين ركعة وعن بعض السلف ست وثلاثين وست وأربعين وغيرها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: «وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك، ولا يُكره شيء من ذلك»، ثم يقول: «ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ» [مجموع الفتاوی].
والذی یتتبع السنة وأحوال السلف یتبین له أن عدد الركعات يختلف باختلاف تحمّل القيام، فمن يتحمّل طول القراءة فليصلِّ بإحدى عشر ركعة، وهو الأولى لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن يريد أن يستوعب الليل كله لكن شق عليه طول القيام فليصلِّ حسب حالته، كما روى السائب بن يزيد: «أمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أُبيَّ بن كعب -رضي الله عنه- وتميما الداري -رضي الله عنه- أن يقوما للناس في رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر» [رواه أبو داود والنسائي وغيرهما] وعن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت أبي يقول: «كنا ننصرف في رمضان من القيام فنستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر» [رواه مالك]، أما التراويح المعتادة عند كثير من الناس اليوم أنهم يصلون 23 ركعة في 23 دقيقة، بعجلة ودون طمأنينة، فهي بدعة محضة ولم تثبت عن أحد من السلف، بل من فعل ذلك لم يفهم فقه السلف ولم يصب السنة.
4 . مقدار ما يُقرأ في كل ركعة:
لم يرد في السنة عدد معين من آيات القرآن يُقرأ بها في قيام الليل، إلا أن هناك آثار يَستأنس بها المسلم في عبادته، فقد مر أن الصحابة كانوا يقرؤون فيها بالسور المئين التي تقارب المائة آية، وروي عن أبي عثمان: أن عمر -رضي الله عنه- جمع القرّاء في رمضان فأمر أخفهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية، وأوسطهم خمسا وعشرين، وأثقلهم قراءة عشرين، وأمر عمر بن عبد العزيز القرّاء في رمضان أن يقوموا بست وثلاثين ركعة، ويوتروا بثلاث ويقرؤوا في كل ركعة عشر آيات» [مختصر قیام اللیل للمروزي].
5. الختم في التراويح والقراءة من المصحف فيه:
قال شيخ الاسلام ابن تيمية، رحمه الله: «وأما قراءة القرآن في التراويح فمستحب باتفاق أئمة المسلمين، بل من أجلّ مقصود التراويح قراءة القرآن فيها ليسمع المسلمون كلام الله، فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن وفيه كان جبريل يدارس النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن، (وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن)» [الفتاوى الكبرى]، ويجوز أن يُقرأ من المصحف في التراويح كما روي ذلك عن عائشة -رضي الله عنها- وغيرها من السلف، وسُئِل ابن شهاب -رحمه الله- عن الرجل يَؤُمُّ الناس في رمضان في المصحف، فقال: «ما زالوا يفعلون ذلك منذ كان الإسلام، كان خيارنا يقرؤون في المصاحف» [مختصر قیام اللیل للمروزي]، ويجوز أن يجتمع الناس عند ختم القرآن، قال النووي في آداب حملة القرآن: «يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحبابا متأكدا»، وقال: «وروى الدارمي وابن أبي داود بإسنادهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن، فاذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس فيشهد ذلك»، ولكن لم يثبت عن السلف الصالح حفلات الأناشيد والحلويات وغيرها من الأمور المستحدثة، التي يجب تجنبها، حتى لا يقع المرء في البدع.
6. بعض ما لا ينبغي في التراويح:
• تسريع الإمام في القراءة والصلاة بحيث لا يتمكن كثير من الناس -لا سيما المرضى وكبار السن- أن يفهموا ما يُتلى من القرآن أو أن يدركوا أركان الصلاة.
• خروج بعض الناس قبل إتمام التراويح، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له قيام ليلة) [أخرجه الترمذي والنسائي وغيرهما].
• من المنكرات أن يتخذها الناس محلا للمناظرات في ركعاتها، فترى من اتبع حديث عائشة -رضي الله عنها- يتهم من يصلي عشرين ركعة بالبدعة، ويتعصّب صاحب العشرين لعمله وكأنه محل إجماع، فيفوتهم خير كثير، ولو ردوا الأمر إلى السنة وفهم السلف لرضوا وعبدوا الله بما يحب.
خامسا: صور من قيام السلف الصالح، رحمهم الله
1 - عن عبد الله بن قيس قال: «دخلتُ على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فقالت: يا عبد الله لا تَدَع قيام الليل، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى وهو قاعد» [رواه أبو داود].
2 - وعن أبي عثمان النهدي قال: «تضيفت أبا هريرة سبعة أيام -أي نزلت ضيفا عليه- فكان هو وزوجته وخادمه يقتسمون الليل ثلاثا؛ الزوجة ثلثا، وخادمه ثلثا، وأبو هريرة ثلثا» [رواه أحمد].
3 - وكان ابن مسعود -رضي اللهُ عنه- إذا هدأتِ العيونُ قام فيُسمعُ له دويٌّ كدويِّ النحلِ حتى يصبح.
4 - وعن نافعٍ أنّ ابن عمر -رضي الله عنهما- كلما استيقظ من الليل صلّى.
وذكر آثار السلف لا ينحصر في مثل هذا المقام.
إن رمضان شهر عظيم مبارك تُضاعف فيه الأجور، فعلى المسلمين عموما وعلى جنود الدولة خصوصا أن يتجهوا فيه إلى الله -عز وجل- بكل ما يستطيعون فعله من جهاد، وقيام، وتلاوة قرآن، ونفقة مال، فأبواب الخير كثيرة وغير محصورة.
نسأل الله تعالى أن يجعل شهر رمضان علينا باباً للمغفرة والعتق من النار، وأن يفتح لعباده المؤمنين البلاد وقلوب العباد، وأن يمكن لهم في الأرض، اللهم آمين.
◾ المصدر: صحيفة النبأ العدد 36
مقتطف من مقال: صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان
لله في أيامه مواسم أنعم بها على عباده المؤمنين، ليتقرّب إليه محسنهم، ويتوب إليه مسيئهم، ويعود إليه مدبرهم، فهي سوق الرحمن، تُعرض فيه الجنة على المشمرين لها، ومن تلك المواسم الفضیلة التي منّ الله بها على المؤمنين في هذه الأمة شهر رمضان، حيث تُفتح فيه أبواب الجنة وتُغلق فيه أبواب النار، وتُصفّد فيه الشياطين، وينادي فيه منادٍ كل ليلة: يا باغي الخيرِ أقبلْ، ويا باغي الشرّ أقْصر، حتى ينقضي رمضان.
وإن من أهم الأعمال في هذا الشهر العظيم قيام لياليه، ومن أفضل ما تقام به ليالي رمضان المباركة الصلاة، التي تعرف عند المسلمين بصلاة التراويح، أو صلاة التهجد.
فالتهجد وقيام الليل وقيام رمضان والتراويح هي عدة أسماء لمسمى واحد، قال النووي: «والمرادُ بقيام رمضان صلاةُ التراويح» [شرح صحيح مسلم]، وقال الكرماني: «اتَّفَقوا على أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح» [فتح الباري].
1. تسميتها:
قال ابن حجر: «والتّراويح جمع تَرْويحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، كتسليمة من السلام، سُمِّيَت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح؛ لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين» [فتح الباري].
2. حكمها:
قال ابن قدامة: «ولا شك أن صلاة التراويح سنة مؤكدة، أول من سنها بقوله وفعله رسول الله، صلى الله عليه وسلم» [المغني]، وقال النووي: «اتفق العلماء على استحبابها» [شرح صحيح مسلم].
3. عدد ركعاتها:
أما عدد ركعاتها فإن السنة الفعلية الواردة بأسانيد صحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثمان ركعات، والوتر بعدها بثلاث أو خمس، وهو ما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه سأل عائشة، كيف كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان؟ قالت: «ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة» [متفق عليه]. وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة» [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح]. ولم يرد عنه -صلى الله عليه وسلم- بسند صحيح أكثر من هذا ولم يَجمع صحابتَه في المسجد للتراويح إلا ليلتين أو ثلاث، عن عائشة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في المسجد ذات ليلة، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما أصبح قال: قد رأيتُ الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفرض عليكم، قال: وذلك في رمضان) [أخرجه البخاري ومسلم].
وأما الزيادة على هذا المسنون فجائزة عند الأئمة، إن كان المصلي يصليها محققا للطمأنينة ولا يعتقد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى هذه الزيادة، والزيادة واردة عن الصحابة والسلف بأعداد مختلفة، فروي عن بعض الصحابة عشرين ركعة وعن بعض السلف ست وثلاثين وست وأربعين وغيرها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: «وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك، ولا يُكره شيء من ذلك»، ثم يقول: «ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ» [مجموع الفتاوی].
والذی یتتبع السنة وأحوال السلف یتبین له أن عدد الركعات يختلف باختلاف تحمّل القيام، فمن يتحمّل طول القراءة فليصلِّ بإحدى عشر ركعة، وهو الأولى لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن يريد أن يستوعب الليل كله لكن شق عليه طول القيام فليصلِّ حسب حالته، كما روى السائب بن يزيد: «أمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أُبيَّ بن كعب -رضي الله عنه- وتميما الداري -رضي الله عنه- أن يقوما للناس في رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر» [رواه أبو داود والنسائي وغيرهما] وعن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت أبي يقول: «كنا ننصرف في رمضان من القيام فنستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر» [رواه مالك]، أما التراويح المعتادة عند كثير من الناس اليوم أنهم يصلون 23 ركعة في 23 دقيقة، بعجلة ودون طمأنينة، فهي بدعة محضة ولم تثبت عن أحد من السلف، بل من فعل ذلك لم يفهم فقه السلف ولم يصب السنة.
4 . مقدار ما يُقرأ في كل ركعة:
لم يرد في السنة عدد معين من آيات القرآن يُقرأ بها في قيام الليل، إلا أن هناك آثار يَستأنس بها المسلم في عبادته، فقد مر أن الصحابة كانوا يقرؤون فيها بالسور المئين التي تقارب المائة آية، وروي عن أبي عثمان: أن عمر -رضي الله عنه- جمع القرّاء في رمضان فأمر أخفهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية، وأوسطهم خمسا وعشرين، وأثقلهم قراءة عشرين، وأمر عمر بن عبد العزيز القرّاء في رمضان أن يقوموا بست وثلاثين ركعة، ويوتروا بثلاث ويقرؤوا في كل ركعة عشر آيات» [مختصر قیام اللیل للمروزي].
5. الختم في التراويح والقراءة من المصحف فيه:
قال شيخ الاسلام ابن تيمية، رحمه الله: «وأما قراءة القرآن في التراويح فمستحب باتفاق أئمة المسلمين، بل من أجلّ مقصود التراويح قراءة القرآن فيها ليسمع المسلمون كلام الله، فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن وفيه كان جبريل يدارس النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن، (وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن)» [الفتاوى الكبرى]، ويجوز أن يُقرأ من المصحف في التراويح كما روي ذلك عن عائشة -رضي الله عنها- وغيرها من السلف، وسُئِل ابن شهاب -رحمه الله- عن الرجل يَؤُمُّ الناس في رمضان في المصحف، فقال: «ما زالوا يفعلون ذلك منذ كان الإسلام، كان خيارنا يقرؤون في المصاحف» [مختصر قیام اللیل للمروزي]، ويجوز أن يجتمع الناس عند ختم القرآن، قال النووي في آداب حملة القرآن: «يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحبابا متأكدا»، وقال: «وروى الدارمي وابن أبي داود بإسنادهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن، فاذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس فيشهد ذلك»، ولكن لم يثبت عن السلف الصالح حفلات الأناشيد والحلويات وغيرها من الأمور المستحدثة، التي يجب تجنبها، حتى لا يقع المرء في البدع.
6. بعض ما لا ينبغي في التراويح:
• تسريع الإمام في القراءة والصلاة بحيث لا يتمكن كثير من الناس -لا سيما المرضى وكبار السن- أن يفهموا ما يُتلى من القرآن أو أن يدركوا أركان الصلاة.
• خروج بعض الناس قبل إتمام التراويح، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له قيام ليلة) [أخرجه الترمذي والنسائي وغيرهما].
• من المنكرات أن يتخذها الناس محلا للمناظرات في ركعاتها، فترى من اتبع حديث عائشة -رضي الله عنها- يتهم من يصلي عشرين ركعة بالبدعة، ويتعصّب صاحب العشرين لعمله وكأنه محل إجماع، فيفوتهم خير كثير، ولو ردوا الأمر إلى السنة وفهم السلف لرضوا وعبدوا الله بما يحب.
خامسا: صور من قيام السلف الصالح، رحمهم الله
1 - عن عبد الله بن قيس قال: «دخلتُ على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فقالت: يا عبد الله لا تَدَع قيام الليل، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى وهو قاعد» [رواه أبو داود].
2 - وعن أبي عثمان النهدي قال: «تضيفت أبا هريرة سبعة أيام -أي نزلت ضيفا عليه- فكان هو وزوجته وخادمه يقتسمون الليل ثلاثا؛ الزوجة ثلثا، وخادمه ثلثا، وأبو هريرة ثلثا» [رواه أحمد].
3 - وكان ابن مسعود -رضي اللهُ عنه- إذا هدأتِ العيونُ قام فيُسمعُ له دويٌّ كدويِّ النحلِ حتى يصبح.
4 - وعن نافعٍ أنّ ابن عمر -رضي الله عنهما- كلما استيقظ من الليل صلّى.
وذكر آثار السلف لا ينحصر في مثل هذا المقام.
إن رمضان شهر عظيم مبارك تُضاعف فيه الأجور، فعلى المسلمين عموما وعلى جنود الدولة خصوصا أن يتجهوا فيه إلى الله -عز وجل- بكل ما يستطيعون فعله من جهاد، وقيام، وتلاوة قرآن، ونفقة مال، فأبواب الخير كثيرة وغير محصورة.
نسأل الله تعالى أن يجعل شهر رمضان علينا باباً للمغفرة والعتق من النار، وأن يفتح لعباده المؤمنين البلاد وقلوب العباد، وأن يمكن لهم في الأرض، اللهم آمين.
◾ المصدر: صحيفة النبأ العدد 36
مقتطف من مقال: صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان