علماء السوء... ملعونـون مغضــوب عليهـــم [2/2] وكذا بيّن القرآن أنّ مَن عَلِمَ وكتم علمه فهو ...

علماء السوء...
ملعونـون مغضــوب عليهـــم
[2/2]

وكذا بيّن القرآن أنّ مَن عَلِمَ وكتم علمه فهو ملعون، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]. فعُلِم من هذا كله أن أولي العلم هم الحاملون له العاملون به الصادعون به.

وقد وصف الله تعالى مَن لم يعمل بعلمه بالجهل، وذلك في قوله تعالى عن علماء اليهود لما رغبوا في السحر واختاروه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة 102]. ومحل الشاهد من الآية قوله تعالى: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، فحيث لم يعملوا بعلمهم، صاروا جهالاً.

ولذلك فمن لم يعمل بعلمه من الصدعٍ بالحق والجهاد، أو كَتمه وألْبَس الحق بالباطل فليس بعالم، بل هو إما شيطان أخرس أو شيطان ناطق.
وقد كان أهل العلم لا يَعدّون أهل البدع من العلماء، كما قال ابن عبد البر عن المبتدعة من أهل الكلام: «أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ ولا يُعدّون عند الجميع في طبقات الفقهاء، وإنما العلماء أهل الأثر...» [جامع بيان العلم وفضله]، فكيف لو رأوا ما ابتليت الأمة به من أئمة الكفر؟

والناظر في المنتسبين للعلم في عصورنا المتأخرة يجد أنّ الأعمّ الأغلب منهم ليسوا علماء ولا يدخلون في زمرة أهل العلم؛ لتخلّفهم عن واجب العمل، فما صدعوا بالحق في وجوه الطواغيت، بل كتموا العلم وألبسوا الحق بالباطل، وضللوا عباد الله، وعلموا آيات القتال والغزو، ثم أعرضوا عن القيام بواجب العمل فيها مخالفين بذلك سنة النبي ﷺ وما كان عليه الصحابة والتابعون، وتجدهم درسوا النصوص في الولاء والبراء وحادوا عنها، وعلموا الآيات في وجوب البلاغ وبيان الحق ثم كتموا وداهنوا، فهل هؤلاء هم الذين سماهم الله بأولي العلم؟! حاشا وكلّا، بل هم أهل ضلال، وهم متوعدون بالعذاب لتركهم العمل وكتمهم للحق، فكيف إذا عرفنا أن جلّ من يُشار إليهم بالبنان من المنتسبين إلى العلم في عصرنا قد أظهروا الطاعة للطاغوت والدخول في ولايته ونصرته على من خرج عليه من الموحّدين! وحكم من فعل هذا معروف في كتاب الله وسنّة رسوله ﷺ.

وعلى هذا، فإن ابن باز، وابن عثيمين، والفوزان، وآل الشيخ (المعاصرين)، ومحمد حسان، والحويني، وحسين يعقوب، والقرضاوي، والبوطي، والنابلسي، والغرياني، والمقدسي، وأبا قتادة، والحدوشي، والفحل، ليسوا علماء!

أين عملهم بالعلم؟! أين صدْعُهم بالحق؟! أين إنكارهم لشرك الطواغيت؟! أين غزوهم وقتالهم ورباطهم؟! أين بيانهم للحق وإرشادهم الناس؟! أين تصديهم للحملات الكافرة الصائلة على المسلمين؟! أم أنهم صاروا برضاهم عُصيّ في أيدي الطواغيت لضرب المجاهدين والقضاء عليهم باسم الشريعة والدين؟ فهل هؤلاء إلا أئمة ضلال وعلماء طاغوت؟

فلا يغرنّك هؤلاء ولا حملهم العلم، فعلمهم حجة عليهم، بل إنّ حمْل هؤلاء العلمَ الشرعيَّ شبيه بحمل المستشرقين العلم، بل قد برع بعض النصارى المستشرقين في علم الحديث مثل المدعو: (أرِند جان فِنسِنك) وهو مستشرق هولندي، صاحب «المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي»، وكذا قام المستشرق جوستا فتستام بتحقيق كتاب «الرد على الجهمية» للدارمي، فهل دخل أولئك المستشرقون في مسمى «أولي العلم» وهل يصح وسمهم بـ «العلماء»؟!
ألم يخبر النبي ﷺ بأول الناس الذين يقضى يوم القيامة عليهم فذكر منهم: (ورجل تعلَّم العلم، وعلَّمه وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرَفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: تعلّمتُ العلم، وعلّمتُه، وقرأتُ فيك القرآن، قال: كذبتَ، ولكنّك تعلمتَ العلم ليقال: عالم، وقرأتَ القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار) [رواه مسلم].

فإذا كان فساد نية العالم يورده المهالك فكيف بمن خالف عملُه علمَه وكتم الحق وضلل الناس؟! بل كيف بمن دخل في ولاية الطاغوت ونصر حكمه؟!
عن هَرِم بن حيان، أنه قال: «إياكم والعالم الفاسق»، فبلغ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فكتب إليه -وأشفق منها- ما العالم الفاسق؟ قال: «فكتب إليه هَرِم: ... يكون إمام يتكلم بالعلم، ويعمل بالفسق، فيشبه على الناس فيضلوا» [رواه الدارمي]، هذا في الفاسق، فكيف بالضال المضل الخارج من الملّة؟

وبهذا يتبيّن لنا فساد مقولة بعض الجهّال عن المنتسب للعلم: «خذ علمه ودع عمله»، بل اسأل عن عمله وصدعه بالحق وجهاده وخشيته ربه؛ كما تسأل عن علمه وضبطه، وحينئذ يتبيّن لنا من هو العالم، فإن مَن خان الأمانة في العمل يخونها في العلم.


* المصدر
صحيفة النبأ - العدد 45
الثلاثاء 26 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

◾ لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at