قصة شهيد: أبو الزبير العراقي مسعر حرب وقائد ركب أبو الزبير العراقي، أركان جاسم محمد العزاوي، ...

قصة شهيد:
أبو الزبير العراقي
مسعر حرب وقائد ركب

أبو الزبير العراقي، أركان جاسم محمد العزاوي، تقبله الله، ولد في سنة 1401 من الهجرة في ولاية ديالى، بين بساتين قرية السادة الواقعة شمال شرقي بعقوبة، تلك القرية التي ذلّ فيها الصليبيون، وتمزقت على ثراها أجسادهم، أمضى فيها أركان سنين نشأته وفتوّته، ثم انتقل إلى بعقوبة فعمل فيها نجارا، طالبا من الله بذلك الرزق وقوت العيش، له ولعائلته.

(٢/٢)
وفي أواخر عام 1428هـ أُسر الشيخ وأودع في سجن بوكا الذي يُديره الصليبيون، فمكث سنة وثمانية أشهر، ليبدأ فصلا جديدا من الإعداد والتحضير لمرحلة أخرى من الجهاد، فدرس العقيدة والتجويد والفقه على يد الشيخ أبي حفص العراقي -تقبله الله- والي كركوك، كما صب جل اهتمامه على دراسة العلوم العسكرية، وأخذ كثيرا من الدروس النظرية في تطوير الأسلحة والمتفجرات، كما كان مدربا بدنيا للإخوة هناك.

خرج من الأسر في منتصف 1431هـ، ليعود إلى ساحات القتال من جديد، إذ أصبح أميرا أمنيا لقاطع شهربان، وفي إحدى العمليات الأمنية أُسر مرة أخرى ولكنه أودع في سجون المرتدين، وكتب الله له الخروج بعد شهرين مع عدد من إخوانه.

وفي بداية سنة 1434هـ، اختير أبو البراء (كنيته حينها) أميرا عسكريا عاما لولاية ديالى، فعمل على استنزاف الحكومة الرافضية، وأشرف على العمليات النوعية فيها، ومنها عملية مديرية الأفواج، وعملية مركز شرطة هبهب، وعمليات الاقتحام في العظيم، ثم اختير نائباً للشيخ أبي عبد الله العزي -تقبله الله- والي ديالى.

ولم تحل المسؤوليات التي كان يتحملها ولا شدة انشغاله دون مباشرة القتال بنفسه، فكان يقود إخوانه بنفسه في كثير من الغزوات ويقتحم المهالك أمامهم، وفي إحدى الغزوات في قاطع العظيم كان هو الأمير العام، فحاصر هو ومن معه جمعا من المرتدين في إحدى المقرات العسكرية، فاقتحم عليهم المقر وحده واشتبك مع المرتدين لبعض الوقت، وإخوانه على الأسوار ينظرون إلى شجاعة أميرهم وإقدامه، وما هي إلا دقائق حتى وقع انفجار داخل المقر وجلت له القلوب، وجهشت له النفوس بالبكاء، وكلهم يقول: قُتل أبو البراء، وإذ به يعود مقطوع اليد ممزق الثياب جريح الجسد، في مشهد أدهش أمراءه وقادته، لما وجدوه من فرط شجاعته وإقدامه، وبسبب شدة الإصابة ابتعد عن الساحة فترة من الزمن للعلاج، إذ قد امتلأ جسده بالجراح، لكنه كان حريصا على العودة إليها ليشارك في أهم مراحل هذه الحقبة الجهادية.

ولما بزغ فجر التمكين في الفلوجة، أُرسل الشيخ عسكريا لقاطع الكرمة، وكان يكنى هناك بأبي حذيفة، فأشرف على غزواتها وفتح الله على يديه منطقة السجر التي كان الجيش الرافضي يتخذها حصنا له، والتي كانت تفصل منطقة الكرمة عن مدينة الفلوجة، وردَّ عادية الصحوات في قرية البوخنفر، وساهم في إطفاء نار أشعلها صحوات الإخوان المرتدين في مدينة الكرمة.

وبعد الفتح المبين وإعلان الخلافة عاد إلى ولاية ديالى والياً، فكانت عودته إعلان مقتلة للرافضة فيها، حيث أشرف على التخطيط والتجهيز لغزوات كبيرة داخل الولاية بعد أن ظن الروافض أنهم قد استحوذوا عليها، فكانت عمليات خان بني سعد، والهويدر، وعمليات بلدروز، وعمليات الخالص وغيرها شاهدة على حسن إدارته للمعارك والعمليات في أحلك الظروف، كما أذهل الروافض باستهداف الرافضي المجرم صادق الحسيني داخل مكتبه في جامعة ديالى، وكان لهذه العملية أبعد الأثر في إشعال الرعب في قلوب الروافض.

وأما درة هذه العمليات وتاج جبينها، فهي التخطيط وإدارة عملية كسر القيود في سجن الخالص، التي جعلت الروافض يتخبطون من عظيم المصاب، فقد كُسر القيد عن أكثر من 40 فارسا من فرسان الخلافة، كان من بينهم العسكري العام لولاية ديالى أبو معاذ العراقي -تقبله الله- الذي قُتل فيما بعد في ثغور علاس بولاية كركوك.

كُلِّف الشيخ بعد ذلك بإدارة المعارك في ثغور علاس وعجيل في ولاية كركوك، فكان مشرفاً ومباشراً للغزوات فيها، إذ قاد العشرات من الغزوات والعمليات اليومية ضد قطعان الحشد الرافضي، وكان مدرباً لكتائب القنص هناك، إلى جانب بصمته في التصنيع العسكري، إذ أشرف على تصنيع المدافع والهاونات والصواريخ والمضادات الأرضية وأسلحة القنص الثقيلة، ثم تطوير المواد المتفجرة والإشراف على عمليات القصف الجوي من الطائرات الصغيرة كما في العملية على تازة الرافضية، كذلك أشرف على تفخيخ وتدريع السيارات.

ثم أصبح الشيخ عضوا في هيئة الأركان التابعة لديوان الجند، وخاض العديد من المعارك وأشرف عليها في ولاية كركوك ثم في ولاية دجلة، وبعد أن أكمل 35 عاما من عمره الذي قضى أهمّه في ساحات الجهاد، جاءه أجله حين استهدفته طائرة صليبية مع اثنين من رفقاء دربه، وهما أبو جابر العراقي وأبو صدّيق العراقي، فالتحقوا بركب السابقين، تقبلهم الله جميعا، وحشرهم مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وحسُن أولئك رفيقا.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 54
الخميس 10 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at