إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4) الرافضة الاثنا عشرية من إمامة ...
إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4)
الرافضة الاثنا عشرية
من إمامة المعدوم.. إلى ولاية الطواغيت
[1/4]
أوردنا في الحلقة الماضية من هذه السلسلة لمحات عن تاريخ نشوء دين الرافضة على أساس نظرية (الإمامة الإلهية) الباطلة، وما اشتُق منها من نظريات (الوصية) و(النص)، و(التقية) و(البداء)، و(الغيبة) و(الرجعة)، وغيرها من البدع المكفرة والخرافات.
وسنحاول في هذه الحلقة بإذن الله أن نبين كيف اضطر الروافض إلى التلاعب بنظرية (الإمامة الإلهية) التي اشترطوها لإقامة الدولة الإسلامية، وكيف أضافوا التعديل تلو التعديل عليها حتى وصلوا إلى نظرية (ولاية الفقيه) التي تنقض أصول نظريتهم الأولى، وتقوم عليها دولة إيران الشركية اليوم، وتسعى لتعميمها على بلاد المسلمين كافة.
فبخلاف ما يزعمه الرافضة من أن دينهم وحي من السماء على رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم، وأنه وصل إليهم مسلسلا منه عبر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأبنائه، حتى دوَّنوه في القراطيس ونشروه بين الناس، فإن أكثر الباحثين المحقِّقين يجزمون بأن هذا الدين كتبه علماء الرافضة بعد موت كل من يزعمون له الإمامة والعصمة من أبناء علي، رضي الله عنه، ودخولهم في ما يسمّونه (عصر الغيبة) أي غيبة إمامهم الثاني عشر الذي اختلقوه من العدم، ليرقّعوا به ثوبهم المزِق، ويعززوا به بنيانهم الهدِم.
فلم يكتفِ الرافضة باشتراط العصمة والنص لمنصب الإمامة، ليدعوا بذلك نقض شرعية كل خلفاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من لدن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، ويبرروا الخروج عليهم، وتكفيرهم، بل توجهوا إلى عامة المسلمين ليشترطوا عليهم في دينهم أمورا تُلزمهم ببيعة أئمتهم والدخول في دين الرفض ليكونوا مسلمين.
فكان أهم ما بدؤوا به هو موضوع الإمامة، فجعلوا منها أصلا من أصول الدين، ومن لم يعرف إمام زمانه، ويبايعه فلا إيمان له، ولذلك وقع عندهم الخلاف في إيمان بعض من كبار أصحاب أئمتهم لما ماتوا في فترات الاختلاف على تحديد الإمام.
وليضيِّقوا على أتباع دينهم أكثر، فقد قالوا بتوقيف كل ما يتعلق بمنصب الإمامة من أحكام كالقضاء وإقامة الحدود والحسبة والجهاد والجمعة، وغيرها، فلا يصح أن يقوم بها إلا من يزعمون إمامته أو من ينصِّبه الإمام لذلك، وحرَّموا عليهم أن يتقاضوا إلى من يسمونهم بـ "أئمة الجور"، أو يقاتلوا من ورائهم، أو يصلوا الجمعة خلفهم، أو يؤدوا إليهم زكاتهم.
بل وامتد تحريفهم إلى التشريع في الدين، فمنعوا أتباعهم من الأخذ من كتاب الله، أو سنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- مباشرة، وألزموهم بأن يأخذوا الأحكام عن طريق "الأئمة" فحسب، وزعموا أن كلام أئمتهم هو القرآن الناطق، مقابل ما سموه "القرآن الصامت" الذي في مصاحف المسلمين وصدورهم، ثم تعدوا الأمر لينكروا توقف التشريع في الدين بموت النبي، صلى الله عليه وسلم، زاعمين أنه اختص آل بيته بالكثير من الأحكام التي لم تحدث الحاجة لإظهارها في حياته، وأن كل ما ينسبونه لأئمتهم من أقوال وأفعال، إنما هو مما ورثوه من علم النبوة، بل شطُّوا بعد ذلك بعيدا ليزعموا أن أئمتهم يوحى إليهم من الله تعالى، لتكون أقوالهم وحيا يوحى، ويجعلوها ضمن ما يسمونه "السنة" في باب أصول الفقه، فمنعوا الاجتهاد في الدين، وعدُّوا من يتصدى للفتيا من غير الأئمة بمثابة الطواغيت المشرِّعين، الحاكمين بغير ما أنزل الله.
ولم يقتصروا على حصرهم تفسير الكتاب والسنة بما ينسبونه لأئمتهم من أقوال، وتأويلهم نصوص الوحيين بتأويلات باطنية كاذبة، بل امتدت ألسنتهم الآثمة إلى تلك النصوص بالتكذيب والتحريف، فلا صحيح من السنة إلا ما وافق مذهبهم، بناء على القول المكذوب على جعفر (الصادق): "ما خالف العامة فهو الرشاد"، ويعنون بالعامة أهل السنة والجماعة، بل وكذّبوا حتى بصحة القرآن الكريم، زاعمين أن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرّفوا آياته، وحذفوا منها ما كان فيها من نص واضح على إمامة علي -رضي الله عنه- وآل بيته، وأزالوا ما فيه من لعن لأبي بكر وعمر وبني أمية، وكل من ليس على مذهبهم الباطل وملتهم الكافرة بزعمهم، ونسبوا إلى أئمتهم مصحفا غير الذي في أيدي الناس، وبالتالي فقد ادعوا احتكار الوحيين أيضا بعد أن احتكروا تأويلهما، وبيان الأحكام النازلة فيهما.
وزادوا على حصرهم دين الناس بأئمتهم، بأن ربطوا دنياهم بهم أيضا عن طريق إشاعة شرك العبودية بين أتباعهم، وحثهم على الاستغاثة بأئمتهم ودعائهم، والتقرب إليهم بالذبح والنذور، والتبرك بقبورهم، وما ينسبونه إلى آثارهم، ليرزقوهم الأموال والأولاد، أو يشفوهم من الأمراض، زعموا، وكل ذلك في إطار عملية شاملة لحشد الناس إلى حزبهم، وربطهم بمذهبهم.
وفيما ذكرنا من أخبار بنائهم دينهم كله على أصل الإمامة غنى عن إيراد المزيد من الأمثلة لتوضيح المراد، رغم أن دينهم الخرافي الوضعي مليء بأمثال هذه الغرائب.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
الرافضة الاثنا عشرية
من إمامة المعدوم.. إلى ولاية الطواغيت
[1/4]
أوردنا في الحلقة الماضية من هذه السلسلة لمحات عن تاريخ نشوء دين الرافضة على أساس نظرية (الإمامة الإلهية) الباطلة، وما اشتُق منها من نظريات (الوصية) و(النص)، و(التقية) و(البداء)، و(الغيبة) و(الرجعة)، وغيرها من البدع المكفرة والخرافات.
وسنحاول في هذه الحلقة بإذن الله أن نبين كيف اضطر الروافض إلى التلاعب بنظرية (الإمامة الإلهية) التي اشترطوها لإقامة الدولة الإسلامية، وكيف أضافوا التعديل تلو التعديل عليها حتى وصلوا إلى نظرية (ولاية الفقيه) التي تنقض أصول نظريتهم الأولى، وتقوم عليها دولة إيران الشركية اليوم، وتسعى لتعميمها على بلاد المسلمين كافة.
فبخلاف ما يزعمه الرافضة من أن دينهم وحي من السماء على رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم، وأنه وصل إليهم مسلسلا منه عبر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأبنائه، حتى دوَّنوه في القراطيس ونشروه بين الناس، فإن أكثر الباحثين المحقِّقين يجزمون بأن هذا الدين كتبه علماء الرافضة بعد موت كل من يزعمون له الإمامة والعصمة من أبناء علي، رضي الله عنه، ودخولهم في ما يسمّونه (عصر الغيبة) أي غيبة إمامهم الثاني عشر الذي اختلقوه من العدم، ليرقّعوا به ثوبهم المزِق، ويعززوا به بنيانهم الهدِم.
فلم يكتفِ الرافضة باشتراط العصمة والنص لمنصب الإمامة، ليدعوا بذلك نقض شرعية كل خلفاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من لدن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، ويبرروا الخروج عليهم، وتكفيرهم، بل توجهوا إلى عامة المسلمين ليشترطوا عليهم في دينهم أمورا تُلزمهم ببيعة أئمتهم والدخول في دين الرفض ليكونوا مسلمين.
فكان أهم ما بدؤوا به هو موضوع الإمامة، فجعلوا منها أصلا من أصول الدين، ومن لم يعرف إمام زمانه، ويبايعه فلا إيمان له، ولذلك وقع عندهم الخلاف في إيمان بعض من كبار أصحاب أئمتهم لما ماتوا في فترات الاختلاف على تحديد الإمام.
وليضيِّقوا على أتباع دينهم أكثر، فقد قالوا بتوقيف كل ما يتعلق بمنصب الإمامة من أحكام كالقضاء وإقامة الحدود والحسبة والجهاد والجمعة، وغيرها، فلا يصح أن يقوم بها إلا من يزعمون إمامته أو من ينصِّبه الإمام لذلك، وحرَّموا عليهم أن يتقاضوا إلى من يسمونهم بـ "أئمة الجور"، أو يقاتلوا من ورائهم، أو يصلوا الجمعة خلفهم، أو يؤدوا إليهم زكاتهم.
بل وامتد تحريفهم إلى التشريع في الدين، فمنعوا أتباعهم من الأخذ من كتاب الله، أو سنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- مباشرة، وألزموهم بأن يأخذوا الأحكام عن طريق "الأئمة" فحسب، وزعموا أن كلام أئمتهم هو القرآن الناطق، مقابل ما سموه "القرآن الصامت" الذي في مصاحف المسلمين وصدورهم، ثم تعدوا الأمر لينكروا توقف التشريع في الدين بموت النبي، صلى الله عليه وسلم، زاعمين أنه اختص آل بيته بالكثير من الأحكام التي لم تحدث الحاجة لإظهارها في حياته، وأن كل ما ينسبونه لأئمتهم من أقوال وأفعال، إنما هو مما ورثوه من علم النبوة، بل شطُّوا بعد ذلك بعيدا ليزعموا أن أئمتهم يوحى إليهم من الله تعالى، لتكون أقوالهم وحيا يوحى، ويجعلوها ضمن ما يسمونه "السنة" في باب أصول الفقه، فمنعوا الاجتهاد في الدين، وعدُّوا من يتصدى للفتيا من غير الأئمة بمثابة الطواغيت المشرِّعين، الحاكمين بغير ما أنزل الله.
ولم يقتصروا على حصرهم تفسير الكتاب والسنة بما ينسبونه لأئمتهم من أقوال، وتأويلهم نصوص الوحيين بتأويلات باطنية كاذبة، بل امتدت ألسنتهم الآثمة إلى تلك النصوص بالتكذيب والتحريف، فلا صحيح من السنة إلا ما وافق مذهبهم، بناء على القول المكذوب على جعفر (الصادق): "ما خالف العامة فهو الرشاد"، ويعنون بالعامة أهل السنة والجماعة، بل وكذّبوا حتى بصحة القرآن الكريم، زاعمين أن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرّفوا آياته، وحذفوا منها ما كان فيها من نص واضح على إمامة علي -رضي الله عنه- وآل بيته، وأزالوا ما فيه من لعن لأبي بكر وعمر وبني أمية، وكل من ليس على مذهبهم الباطل وملتهم الكافرة بزعمهم، ونسبوا إلى أئمتهم مصحفا غير الذي في أيدي الناس، وبالتالي فقد ادعوا احتكار الوحيين أيضا بعد أن احتكروا تأويلهما، وبيان الأحكام النازلة فيهما.
وزادوا على حصرهم دين الناس بأئمتهم، بأن ربطوا دنياهم بهم أيضا عن طريق إشاعة شرك العبودية بين أتباعهم، وحثهم على الاستغاثة بأئمتهم ودعائهم، والتقرب إليهم بالذبح والنذور، والتبرك بقبورهم، وما ينسبونه إلى آثارهم، ليرزقوهم الأموال والأولاد، أو يشفوهم من الأمراض، زعموا، وكل ذلك في إطار عملية شاملة لحشد الناس إلى حزبهم، وربطهم بمذهبهم.
وفيما ذكرنا من أخبار بنائهم دينهم كله على أصل الإمامة غنى عن إيراد المزيد من الأمثلة لتوضيح المراد، رغم أن دينهم الخرافي الوضعي مليء بأمثال هذه الغرائب.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar