*هذا.حالنا.عندما.غابت.الرحمة.فينا.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد ...
*هذا.حالنا.عندما.غابت.الرحمة.فينا.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/G7_H96tMZB8
🗓️- تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 17/رجب/1443هـ.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
فكم سمعنا من كوارث، وويلات، ومدلهمات، وخطوب، وشدائد دخيلة على بلدنا، وعلى مجتمعاتنا الإسلامية، أمور تحدث يندى لها الجبين، ويفزع منها المؤمنون الوجلون، أمور لا تصدق في الحقيقة سمعناها، أو شاهدناها، أو حُدثنا بها، فذلك الوالد الذي يقتل ولده ابن العامين، وذبحـًا، وبآلة لا يحش بها إلا الزرع، ولم يستعملها مجرم سواه قبله، وذلك الآخر الذي يحرق أولاده حرقـًا، وذاك الذي يقتل زوجته بالزيت المغلي أيضًا، والآخر الذي يرمي ولده في بئر، وكل هذا وأكثر منه في بلد الإيمان والحكمة، أخبار مفزعة، وكوارث عظيمة، وشديدة، وهي والذي نفسي بيده لتنذر بخطر شديد، وأمر جليل، وعقوبة لا تبقي ولا تذر: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾.
ـ وإني هنا لا أتحدث عن القتل المستمر والدماء التي تجري في كل الجبهات وفي ميادين القتال، نتحدث عن المسالمين، نتحدث عن الأطفال، نتحدث عن النساء، نتحدث عن الناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل لا في حرب، ولا في قتل، ولا في جيش، ولا في شيء من ذلك أبدا، بل نتحدث عن أولئك الصغار الذين ذبحوا لا يعرفون لماذا ذبُحوا، عن أولئك المساكين، عن اولئك العطشى الذين ماتوا ظمـًأ وجوعًا وبردًا وانتحارًا وحرقًا وذبحًا وسلخًا وقصفًا… في بلد الإيمان والحكمة، لا رحمة، لا تعاطف، لا تواد، لا شجب، لا إدانة، لا صراخ، لا قول قف، لا قول يكفي، شبعنا، سأمنا، هلكنا، قُتلنا، دُمرنا، شُردنا… لا شيء من ذلك يحدث، الكل ساكت، والمجرمون يذبحون، وينهبون، ويقتلون، ويسلخون بصمت… وبكل حرية، وأريحية…!.
ـ إنها والله لتحدث على مرأى ومسمع منا، وتنقلها لنا وسائل الإعلام كل لحظة، وأصبحت أمور واضحة للعلن، لقد رأيت ورأيتم ذلك الطفل الذي لم يُذبح بطريقة عادية، بل ذُبح بما يذبح به الحشائش من الأرض والشجر، لم يُذبح حتى بكرامة، لم يُذبح حتى بخوف، لا من ظالم، ولا من كافر، ولا من جبروت، بل من أبيه، أي فحشاء ومنكر وجبروت وعظمة وغلظة وفجور وكفر أيما كفر، وهل لمسلم يدعي الإسلام أن يفعل مثل هذه الموبقات…
- أو قل عن الآخر الذي جاءني سائل، وأرسل لي بعض صور ذلك الطفل الصغير الذي لم يبلغ الحلم بعد لكن قتله أبوه بطلق ناري في رقبته فمات من لحظته، وللعلم فقد قتل أبوه قبل ذلك أحد إخوانه ويدعي كذبـًا أنه عن خطأ، بينما هو قاتل بالعمد مراراً وتكراراً، وسيعيدها وأيضًا في ظل صمت الكل؛ فالقاتل، المجرم، الظالم، السارق، الناهب، السفيه، الملعون، الحقير، مُطلق حر على وجه الأرض إذا لم يكن يمشي محميا من المجرمين أمثاله، وعادة فهؤلاء السرق القتلة المجرمون يمشون بالحراسات، وأناس يرافقونهم بالسيارات، والجيش أو ما يدعونه كذبا بالأمن يحمون أولئك، بينما ذلك الفقير المسكين الضعيف البريء النزيه الخائف لربه مطارد مشرد، لا يجد ما يشبع بطنه، ولا ما يروي نفسه، ولا ما يهدئ من روعه، يمسي فيهم صباحه، ويصبح فيهم مساه، يفطر فيفكر في غداه، ويتغدى ثم قد يتعشى وقد لا يفعل عادة، فضلا عن نومه، وأمراضه، وهمومه، وغمومه، وأحزانه…
ـ قُلبت الموازين، وتغيرت الأحوال، وضعف الإيمان، أو انعدم إلا ما رحم الرحمن، كيف يتحدث عنا أننا في إسلام، ونقرأ القرآن بينما نحن ننحر الإسلام بأفعالنا، بصمتنا، بسكوتنا على جرائم كبرى في واقعنا دون قلب يحن، ويأن، ولسان يشجب وينكر، بعدم توادنا وتراحمنا، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في البخاري ومسلم: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم"، ثلاث كلمات مترادفات قريبات من بعض: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، فالمسلمون جميعـًا كمثل الجسد الواحد، لا يمكن أن يتخلى عن جسده، وينام عن مرض يده، أو أي جراحات في جسده باعتبار أن لا علاقة له، ولا شأن له به، فيداوي نفسه، مرّض نفسك، اذهب وحدك، اسهر وحدك، لا لا بل تتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، من أجل شيء بسيط في الجسد يتألم الجسد كله، هؤلاء هم المؤمنون لا من يدعون الإيمان، هؤلاء هم المسلمون لا من يدعون الإسلام، هؤلاء من عرفوا الله لا من ادعوا معرفة الله، هؤلاء المحسنون الذين يراقبون الله لا من يدعون ذلك كذبـًا وزورًا على عباد الله، هؤلاء أناس سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين: " مثل المؤمنين"، فأين نحن من هؤلاء، ومن هذا التوحد والاعتصام، والحب، والإخاء، والتراحم، والتعاطف الذي دلنا عليه حبيبنا صلى الله عليه وسلم…!
ـ ألا نريد رحمة الله أن تنزل بنا، ألا نرجو ذلك صباح مساء، ألم يقل رسولنا صلى الله عليه وسلم فيما نعلم ونحفظ جميعـًا " الراحمون يرحمهم الرحمن عز وجل"، والجزاء من جنس العمل؛ فمن يرحم الناس يرحمه رب الناس، من يشفق على الناس يشفق الله عليه، من يعطف على الناس يعطف الله عليه، من يراعي ظروف الناس يراعي الله ظروفه، من ينظر ويتفقد أحوال الناس فإن الله يتفقد احواله، من يفرج عن الناس يفرج الله عنه، من يفك عن معسر، أو ينظر في حاجة مسلم، أو يسعى في خدمة مؤمن، كل ذلك يجازيه الله به وأعظم، وأفضل وأجزل: {إنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، ثم ماذا سنسد من كرب الناس، ونفرج عنهم ونيسر ونعطي…لهم؟ ماذا سنفعل أمام ما سيفعل الله جل جلاله لنا؛ جزاء بما فعلنا، ما الذي سأسدده من دين فلان عشرة وعشرين ومئة ألف، وماذا سيعطيني الله من الدنيا، وخزائنها كلها بيده جل جلاله، ما الذي سأفرج من كرب الآخرين فيفرج الله من كروبي الدائمة والمستمرة، بل أنا في كرب منذ أن وجدت في هذه الدنيا، سأفك عن الناس بينما الله يفك عني وأنا في أسر دائم، ما الذي سأفعل للناس أمام ما يقابلني الله جل جلاله وما سيفعل لي جزاء عملي، ألا نلاحظ، ونتفكر في هذا، ونعتبر بهذا، ونعرف قدر ما نحفظ ونعلم، وبالتالي نندفع فنعمل…
ـ "الراحمون يرحمهم الرحمن" وهو في البخاري ومسلم، وأيضـًا في البخاري ومسلم "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله"، وكلها أحاديث صحيحة، واضحة، بينة، بل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفي عن الإسلام من لم يرحم الناس فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا"، ليس من الإسلام، ليس من الدين، ليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ليس من الأمة، بل يقول صلى الله عليه وسلم: " لا ينزع الله الرحمة إلا من شقي"، وذلك الشقي هو صاحب النار ومن أهلها: ﴿فَأَمَّا الَّذينَ شَقوا فَفِي النّارِ لَهُم فيها زَفيرٌ وَشَهيقٌ﴾، فلا ينزع الله رحمته إلا من قلب شقي تعيس، ينظر يرى يسمع يفرح إذا أُصيب مسلم بمصيبة، بألم، بدمار، بقتل، بفقر، بمرض، بكرب، بغم، بهم، بحزن… يفرح، يستبشر، يسكت، لا يعنيه هذا كله، وكأن ذلك ليس بمسلم أصلا، أي إسلام لهذا، أي دين له، أي رب يعبده… !
ـ وهذا الله جل في علاه رحمان راحم رحيم رحمة… ونكرر وجوبـًا في كل ركعة من صلاتنا وإذا لم نفعل لا تقبل، هل تفكرنا فيها نرددها مرتين: ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، ثم نعيدها أيضـًا في سورة الفاتحة كركن من أركان الصلاة أعني سورة الفاتحة وما فيها من آيتي الرحمة ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، ابتدأ بها كتابه، ثم كررها في نفس السورة: ﴿الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، فهل نبتدئ بها دنيانا، مشاريعنا، أول ايامنا، أواخر أيامنا، هل عملنا بها، هل أشعنا الرحمة، والتراحم، والتعاطف فينا، هل نرحم هذا وذاك، نرحم أنفسنا أولاً لننقذها من النار، هل ادركنا لماذا كررها الله في أول سورة من كتابه، وفرضها في كل ركعة من صلواتنا؛ لندرك معنى الرحمة التي نحتاجها من الله، والتي يجب أن تشيع في الخلق جميعا لا البشر وفقط، ولولها لما حنّت، وعطفت، ورحمت، وأرضعت أم وليدها أيا كانت تلك الأم…
- والذي نفسي بيده لو وجدت الرحمة في قلوبنا، في ضمائرنا، وعشنا بها، ترعرت فينا، الفتنا لمن حولنا ما وُجد ذلك الجائع، وذلك الظامئ، وذلك الفقير المريض، وذلك الإنسان التعيس في الحياة، والذي لا يجد مأوى ينام إنما على أرصفة الشواع، لما وُجد من لا يعرف قوته، ولا يعرف شبعه، ولا يعرف مسكنه، ولا هدوأه، ولا سعادته، ولا السلامة من مدلهمات الحياة… لو عمت الرحمة فينا لرحمنا الله عز وجل؛ فالراحمون يرحم الرحمن عز وجل، ألا فلنجعل هذا شعارنا الدائم والباقي إذا أردنا القدوة برب العالمين جل جلاله، وإذا أردنا أن تتنزل علينا الرحمة منه عز وجل فعلينا أن نرحم الصغار والكبار، أن نرحم الأبناء والبنات، أن نرحم المسلمين، أن نرحم الفقراء، أن نرحم الضعفاء، أن نرحم العطشى، أن نرحم الجوعى، أن نرحم أولئك الذين يئنون من الديون والأمراض في المستشفيات هنا وهناك لا يجدون من يلتفت لهم، لا يجدون من يعتني بهم، لا يجدون من ينظر في حوائجهم، ونحن في بلد الإيمان والحكمة بنص حديث من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فأين الإيمان، وأين الرحمة، وأين الألفة، وأين التواد، وأين التعاطف، لو وجد هذا في نفوسنا ما قتل ذلك المجرم القاتل ولده، ولا ما اعتدى ذلك الظالم الخائن على زوجته، ولا ما انتشرت الرذائل في مجتمعاتنا، ولا تطاول السفهاء على ديننا، ولما كان الفقراء على أرصفة شوارعنا، ولن يوجد المرضى الذين يموتون ألما، ولن يوجد القتل، والدمار، والتشريد، والهلاك…
والغلاء والمجاعات والقتل والدمار الكائن كل هذا وأكثر في وطننا بل وأمتنا…
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ فإني نظرت في أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مراراَ وتكراراً منذ زمن، فوجدت بونًا شاسعًا، وبعدًا واسعًا، وفرقًا كبيرًا وعظيمًا، ووجدت خندقًا واسعًا فيما بين مسلم يرجو الله والدار الآخرة، وبين مسلم لا يريد إلا نفسه ودنياه: ﴿مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فيها وَهُم فيها لا يُبخَسونَ أُولئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعوا فيها وَباطِلٌ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، ﴿مَن كانَ يُريدُ العاجِلَةَ عَجَّلنا لَهُ فيها ما نَشاءُ لِمَن نُريدُ ثُمَّ جَعَلنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصلاها مَذمومًا مَدحورًا﴾…
-والأحاديث التي أعني هي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدثنا عن امرأة زانية من بني اسرائيل، لكنها في مرة من المرات عطشت، ظمئت، فنزلت إلى بئر لتشرب منه، فلما شربت وارتوت، صعدت لتذهب فرأت كلبًا بذلك البئر فلم تجد ما تسقي ذلك الكلب، وهو كلب، كلب، فنزلت إلى البئر، وملأت موقها، حذاءها، خفها، نعلها، ثم صعدت إلى الكلب وسقته وذهبت، فنظر الله لها فادخلها الجنة، وفي رواية فغفر الله لها، أي زناها، وخطاياها، وجرائمها، ومصائبها، وكبائرها، وذنوبها، ومعاصيها وما تقدم من سنوات ليس بالمئة بل كانوا يتعمرون آلاف السنين أعني من سبقونا، والحديث في البخاري ومسلم: " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فغفر لها".
ـ هذا حديث واحد، أما الآخر فهو عند مسلم أن رجلاَ كان يمشي في طريق المسلمين فوجد شيئـًا يؤذيهم من شوكة لا تساوي أصبعا واحدة فأزال الشوك من طريق المسلمين فغفر الله له فأ دخله الجنة، وهو شوك شوك فقط…
- وفي الجهة المقابلة على الجانب الآخر هناك امرأة مجرمة عمدت إلى هرة فحبستها لم تطعمها ولم تسقها فماتت جوعًا وظمًأ فنظر الله لها فأدخلها النار بسبب هرتها..
-وأيضًا في جانب أخير وكلها في البخاري ومسلم أو عند أحدهما، أن امرأة جاءت إلى عائشة رضي الله عنها فطلبتها صدقة فلم تجد عائشة غير ثلاث تمرات في غرفتها فتصدقت بها عائشة رضي الله عنها على المرأة فقسمت المرأة الثلاث الثمرات واحدة لها واثنتين لبنتها، فبدأت المرأة لتأكل تمرتها، وقد التهمت احدى البنات التمرة التي معها في يدها، فطلبت أمها تمرتها، فقسمت الام التمرة إلى نصفين ووزعتها بين ابنتيها وبقت بلا تمرة. فأعجبها عائشة هذا المنظر فحكت للنبي صلى الله عليه وسلم هذا فقال لها صلى الله عليه وسلم: " لقد رحمها الله وادخلها الجنة، برحمتها لابنتيها"؟ تمرة لهذه ولهذه دخلت الجنة…
ـ وأقول اذا كانت تلك البغي الزانية المجاهرة ببغيهادخلت الجنة لأنها آزالت همًا وغمًا وكربًا وعطشًا وظمًأ على كلب، وذلك الرجل الذي أزال غصن شوك من طريق المسلمين، وتلك المرأة التي دخلت النار بسبب هرة، وهذه التي دخلت الجنة بسبب تمرة، فماذا نقول من ينقذ المسلمين، من يسعى في حوائج المسلمين، من يفك كرب المسلمين، من يفرج عن المؤمنين، من يسقي، من يشبع، من يلتفت، من يرعى، من يعطف، من يرحم، من يزور، من يسأل عن احوال أقاربه، وجيرانه، والمسلمين حوله، ويلتفت إلى الضعفاء، ويرحم الفقراء، لينقذه الله، ليدخله الله الجنة، ليفرج الله عنه، ليكشف عنه… وفي المقابل ما العذاب الشديد، والإثم العظيم لمن تسبب في قتل، ودمار، وفقر، وعذاب… المسلمين، تلك هرة فقط حبستها فماتت فكيف بنفس مسلمة…!.
ـ وقبل أن أختم خطبتي أوجه رسالة لأولئك الأغنياء، ولأصحاب المسؤوليات الكبرى في الدولة المعدومة أعني اليمن، والحكومة المسافرة… هذه الرسالة أوجهها لا مني بل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي دعاء منه صلى الله عليه وسلم على من ولي من أمر الأمة شيئًا فشق عليهم: " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فشفق عليه"، فإذا أراد المسئولون أن يلطف الله بهم، أن يرحمهم الله، أن يدخلهم الله الجنة، أن ينقذهم مما هم فيه، فعليهم أن يرحموا الناس، ولا يناموا على آهات الناس، وعلى أسقام الناس، وأمراضهم، وإبادتهم، وعلى جوع، وعلى فقر الناس ليتقوا الله في أنفسهم، لا يكفي المسئول أن يأخذ مسئولية ثم يسافر إلى الخارج أو ينام في فندق أو يركب سيارة أو يذهب هنا وهناك، ولا يعنيه شؤون الناس، أو يفتح محلاً أو مؤسسة او مكسبَا ثم لا يداوم ولا يرى ولا ينظر إليه، ايًا كانت تلك المسئولية من صغيرها إلى كبيرها وأي ولاية كانت، فمن أراد أن يرفق الله به فليرفق بمن بين يديه، ومن أراد أن يشق الله عليه فليشفق على من ولا الله أمره، "اللهم من ولي من أمر اكأمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه"…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/G7_H96tMZB8
🗓️- تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 17/رجب/1443هـ.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
فكم سمعنا من كوارث، وويلات، ومدلهمات، وخطوب، وشدائد دخيلة على بلدنا، وعلى مجتمعاتنا الإسلامية، أمور تحدث يندى لها الجبين، ويفزع منها المؤمنون الوجلون، أمور لا تصدق في الحقيقة سمعناها، أو شاهدناها، أو حُدثنا بها، فذلك الوالد الذي يقتل ولده ابن العامين، وذبحـًا، وبآلة لا يحش بها إلا الزرع، ولم يستعملها مجرم سواه قبله، وذلك الآخر الذي يحرق أولاده حرقـًا، وذاك الذي يقتل زوجته بالزيت المغلي أيضًا، والآخر الذي يرمي ولده في بئر، وكل هذا وأكثر منه في بلد الإيمان والحكمة، أخبار مفزعة، وكوارث عظيمة، وشديدة، وهي والذي نفسي بيده لتنذر بخطر شديد، وأمر جليل، وعقوبة لا تبقي ولا تذر: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾.
ـ وإني هنا لا أتحدث عن القتل المستمر والدماء التي تجري في كل الجبهات وفي ميادين القتال، نتحدث عن المسالمين، نتحدث عن الأطفال، نتحدث عن النساء، نتحدث عن الناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل لا في حرب، ولا في قتل، ولا في جيش، ولا في شيء من ذلك أبدا، بل نتحدث عن أولئك الصغار الذين ذبحوا لا يعرفون لماذا ذبُحوا، عن أولئك المساكين، عن اولئك العطشى الذين ماتوا ظمـًأ وجوعًا وبردًا وانتحارًا وحرقًا وذبحًا وسلخًا وقصفًا… في بلد الإيمان والحكمة، لا رحمة، لا تعاطف، لا تواد، لا شجب، لا إدانة، لا صراخ، لا قول قف، لا قول يكفي، شبعنا، سأمنا، هلكنا، قُتلنا، دُمرنا، شُردنا… لا شيء من ذلك يحدث، الكل ساكت، والمجرمون يذبحون، وينهبون، ويقتلون، ويسلخون بصمت… وبكل حرية، وأريحية…!.
ـ إنها والله لتحدث على مرأى ومسمع منا، وتنقلها لنا وسائل الإعلام كل لحظة، وأصبحت أمور واضحة للعلن، لقد رأيت ورأيتم ذلك الطفل الذي لم يُذبح بطريقة عادية، بل ذُبح بما يذبح به الحشائش من الأرض والشجر، لم يُذبح حتى بكرامة، لم يُذبح حتى بخوف، لا من ظالم، ولا من كافر، ولا من جبروت، بل من أبيه، أي فحشاء ومنكر وجبروت وعظمة وغلظة وفجور وكفر أيما كفر، وهل لمسلم يدعي الإسلام أن يفعل مثل هذه الموبقات…
- أو قل عن الآخر الذي جاءني سائل، وأرسل لي بعض صور ذلك الطفل الصغير الذي لم يبلغ الحلم بعد لكن قتله أبوه بطلق ناري في رقبته فمات من لحظته، وللعلم فقد قتل أبوه قبل ذلك أحد إخوانه ويدعي كذبـًا أنه عن خطأ، بينما هو قاتل بالعمد مراراً وتكراراً، وسيعيدها وأيضًا في ظل صمت الكل؛ فالقاتل، المجرم، الظالم، السارق، الناهب، السفيه، الملعون، الحقير، مُطلق حر على وجه الأرض إذا لم يكن يمشي محميا من المجرمين أمثاله، وعادة فهؤلاء السرق القتلة المجرمون يمشون بالحراسات، وأناس يرافقونهم بالسيارات، والجيش أو ما يدعونه كذبا بالأمن يحمون أولئك، بينما ذلك الفقير المسكين الضعيف البريء النزيه الخائف لربه مطارد مشرد، لا يجد ما يشبع بطنه، ولا ما يروي نفسه، ولا ما يهدئ من روعه، يمسي فيهم صباحه، ويصبح فيهم مساه، يفطر فيفكر في غداه، ويتغدى ثم قد يتعشى وقد لا يفعل عادة، فضلا عن نومه، وأمراضه، وهمومه، وغمومه، وأحزانه…
ـ قُلبت الموازين، وتغيرت الأحوال، وضعف الإيمان، أو انعدم إلا ما رحم الرحمن، كيف يتحدث عنا أننا في إسلام، ونقرأ القرآن بينما نحن ننحر الإسلام بأفعالنا، بصمتنا، بسكوتنا على جرائم كبرى في واقعنا دون قلب يحن، ويأن، ولسان يشجب وينكر، بعدم توادنا وتراحمنا، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في البخاري ومسلم: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم"، ثلاث كلمات مترادفات قريبات من بعض: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، فالمسلمون جميعـًا كمثل الجسد الواحد، لا يمكن أن يتخلى عن جسده، وينام عن مرض يده، أو أي جراحات في جسده باعتبار أن لا علاقة له، ولا شأن له به، فيداوي نفسه، مرّض نفسك، اذهب وحدك، اسهر وحدك، لا لا بل تتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، من أجل شيء بسيط في الجسد يتألم الجسد كله، هؤلاء هم المؤمنون لا من يدعون الإيمان، هؤلاء هم المسلمون لا من يدعون الإسلام، هؤلاء من عرفوا الله لا من ادعوا معرفة الله، هؤلاء المحسنون الذين يراقبون الله لا من يدعون ذلك كذبـًا وزورًا على عباد الله، هؤلاء أناس سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين: " مثل المؤمنين"، فأين نحن من هؤلاء، ومن هذا التوحد والاعتصام، والحب، والإخاء، والتراحم، والتعاطف الذي دلنا عليه حبيبنا صلى الله عليه وسلم…!
ـ ألا نريد رحمة الله أن تنزل بنا، ألا نرجو ذلك صباح مساء، ألم يقل رسولنا صلى الله عليه وسلم فيما نعلم ونحفظ جميعـًا " الراحمون يرحمهم الرحمن عز وجل"، والجزاء من جنس العمل؛ فمن يرحم الناس يرحمه رب الناس، من يشفق على الناس يشفق الله عليه، من يعطف على الناس يعطف الله عليه، من يراعي ظروف الناس يراعي الله ظروفه، من ينظر ويتفقد أحوال الناس فإن الله يتفقد احواله، من يفرج عن الناس يفرج الله عنه، من يفك عن معسر، أو ينظر في حاجة مسلم، أو يسعى في خدمة مؤمن، كل ذلك يجازيه الله به وأعظم، وأفضل وأجزل: {إنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، ثم ماذا سنسد من كرب الناس، ونفرج عنهم ونيسر ونعطي…لهم؟ ماذا سنفعل أمام ما سيفعل الله جل جلاله لنا؛ جزاء بما فعلنا، ما الذي سأسدده من دين فلان عشرة وعشرين ومئة ألف، وماذا سيعطيني الله من الدنيا، وخزائنها كلها بيده جل جلاله، ما الذي سأفرج من كرب الآخرين فيفرج الله من كروبي الدائمة والمستمرة، بل أنا في كرب منذ أن وجدت في هذه الدنيا، سأفك عن الناس بينما الله يفك عني وأنا في أسر دائم، ما الذي سأفعل للناس أمام ما يقابلني الله جل جلاله وما سيفعل لي جزاء عملي، ألا نلاحظ، ونتفكر في هذا، ونعتبر بهذا، ونعرف قدر ما نحفظ ونعلم، وبالتالي نندفع فنعمل…
ـ "الراحمون يرحمهم الرحمن" وهو في البخاري ومسلم، وأيضـًا في البخاري ومسلم "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله"، وكلها أحاديث صحيحة، واضحة، بينة، بل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفي عن الإسلام من لم يرحم الناس فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا"، ليس من الإسلام، ليس من الدين، ليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ليس من الأمة، بل يقول صلى الله عليه وسلم: " لا ينزع الله الرحمة إلا من شقي"، وذلك الشقي هو صاحب النار ومن أهلها: ﴿فَأَمَّا الَّذينَ شَقوا فَفِي النّارِ لَهُم فيها زَفيرٌ وَشَهيقٌ﴾، فلا ينزع الله رحمته إلا من قلب شقي تعيس، ينظر يرى يسمع يفرح إذا أُصيب مسلم بمصيبة، بألم، بدمار، بقتل، بفقر، بمرض، بكرب، بغم، بهم، بحزن… يفرح، يستبشر، يسكت، لا يعنيه هذا كله، وكأن ذلك ليس بمسلم أصلا، أي إسلام لهذا، أي دين له، أي رب يعبده… !
ـ وهذا الله جل في علاه رحمان راحم رحيم رحمة… ونكرر وجوبـًا في كل ركعة من صلاتنا وإذا لم نفعل لا تقبل، هل تفكرنا فيها نرددها مرتين: ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، ثم نعيدها أيضـًا في سورة الفاتحة كركن من أركان الصلاة أعني سورة الفاتحة وما فيها من آيتي الرحمة ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، ابتدأ بها كتابه، ثم كررها في نفس السورة: ﴿الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، فهل نبتدئ بها دنيانا، مشاريعنا، أول ايامنا، أواخر أيامنا، هل عملنا بها، هل أشعنا الرحمة، والتراحم، والتعاطف فينا، هل نرحم هذا وذاك، نرحم أنفسنا أولاً لننقذها من النار، هل ادركنا لماذا كررها الله في أول سورة من كتابه، وفرضها في كل ركعة من صلواتنا؛ لندرك معنى الرحمة التي نحتاجها من الله، والتي يجب أن تشيع في الخلق جميعا لا البشر وفقط، ولولها لما حنّت، وعطفت، ورحمت، وأرضعت أم وليدها أيا كانت تلك الأم…
- والذي نفسي بيده لو وجدت الرحمة في قلوبنا، في ضمائرنا، وعشنا بها، ترعرت فينا، الفتنا لمن حولنا ما وُجد ذلك الجائع، وذلك الظامئ، وذلك الفقير المريض، وذلك الإنسان التعيس في الحياة، والذي لا يجد مأوى ينام إنما على أرصفة الشواع، لما وُجد من لا يعرف قوته، ولا يعرف شبعه، ولا يعرف مسكنه، ولا هدوأه، ولا سعادته، ولا السلامة من مدلهمات الحياة… لو عمت الرحمة فينا لرحمنا الله عز وجل؛ فالراحمون يرحم الرحمن عز وجل، ألا فلنجعل هذا شعارنا الدائم والباقي إذا أردنا القدوة برب العالمين جل جلاله، وإذا أردنا أن تتنزل علينا الرحمة منه عز وجل فعلينا أن نرحم الصغار والكبار، أن نرحم الأبناء والبنات، أن نرحم المسلمين، أن نرحم الفقراء، أن نرحم الضعفاء، أن نرحم العطشى، أن نرحم الجوعى، أن نرحم أولئك الذين يئنون من الديون والأمراض في المستشفيات هنا وهناك لا يجدون من يلتفت لهم، لا يجدون من يعتني بهم، لا يجدون من ينظر في حوائجهم، ونحن في بلد الإيمان والحكمة بنص حديث من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فأين الإيمان، وأين الرحمة، وأين الألفة، وأين التواد، وأين التعاطف، لو وجد هذا في نفوسنا ما قتل ذلك المجرم القاتل ولده، ولا ما اعتدى ذلك الظالم الخائن على زوجته، ولا ما انتشرت الرذائل في مجتمعاتنا، ولا تطاول السفهاء على ديننا، ولما كان الفقراء على أرصفة شوارعنا، ولن يوجد المرضى الذين يموتون ألما، ولن يوجد القتل، والدمار، والتشريد، والهلاك…
والغلاء والمجاعات والقتل والدمار الكائن كل هذا وأكثر في وطننا بل وأمتنا…
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ فإني نظرت في أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مراراَ وتكراراً منذ زمن، فوجدت بونًا شاسعًا، وبعدًا واسعًا، وفرقًا كبيرًا وعظيمًا، ووجدت خندقًا واسعًا فيما بين مسلم يرجو الله والدار الآخرة، وبين مسلم لا يريد إلا نفسه ودنياه: ﴿مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فيها وَهُم فيها لا يُبخَسونَ أُولئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعوا فيها وَباطِلٌ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، ﴿مَن كانَ يُريدُ العاجِلَةَ عَجَّلنا لَهُ فيها ما نَشاءُ لِمَن نُريدُ ثُمَّ جَعَلنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصلاها مَذمومًا مَدحورًا﴾…
-والأحاديث التي أعني هي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدثنا عن امرأة زانية من بني اسرائيل، لكنها في مرة من المرات عطشت، ظمئت، فنزلت إلى بئر لتشرب منه، فلما شربت وارتوت، صعدت لتذهب فرأت كلبًا بذلك البئر فلم تجد ما تسقي ذلك الكلب، وهو كلب، كلب، فنزلت إلى البئر، وملأت موقها، حذاءها، خفها، نعلها، ثم صعدت إلى الكلب وسقته وذهبت، فنظر الله لها فادخلها الجنة، وفي رواية فغفر الله لها، أي زناها، وخطاياها، وجرائمها، ومصائبها، وكبائرها، وذنوبها، ومعاصيها وما تقدم من سنوات ليس بالمئة بل كانوا يتعمرون آلاف السنين أعني من سبقونا، والحديث في البخاري ومسلم: " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فغفر لها".
ـ هذا حديث واحد، أما الآخر فهو عند مسلم أن رجلاَ كان يمشي في طريق المسلمين فوجد شيئـًا يؤذيهم من شوكة لا تساوي أصبعا واحدة فأزال الشوك من طريق المسلمين فغفر الله له فأ دخله الجنة، وهو شوك شوك فقط…
- وفي الجهة المقابلة على الجانب الآخر هناك امرأة مجرمة عمدت إلى هرة فحبستها لم تطعمها ولم تسقها فماتت جوعًا وظمًأ فنظر الله لها فأدخلها النار بسبب هرتها..
-وأيضًا في جانب أخير وكلها في البخاري ومسلم أو عند أحدهما، أن امرأة جاءت إلى عائشة رضي الله عنها فطلبتها صدقة فلم تجد عائشة غير ثلاث تمرات في غرفتها فتصدقت بها عائشة رضي الله عنها على المرأة فقسمت المرأة الثلاث الثمرات واحدة لها واثنتين لبنتها، فبدأت المرأة لتأكل تمرتها، وقد التهمت احدى البنات التمرة التي معها في يدها، فطلبت أمها تمرتها، فقسمت الام التمرة إلى نصفين ووزعتها بين ابنتيها وبقت بلا تمرة. فأعجبها عائشة هذا المنظر فحكت للنبي صلى الله عليه وسلم هذا فقال لها صلى الله عليه وسلم: " لقد رحمها الله وادخلها الجنة، برحمتها لابنتيها"؟ تمرة لهذه ولهذه دخلت الجنة…
ـ وأقول اذا كانت تلك البغي الزانية المجاهرة ببغيهادخلت الجنة لأنها آزالت همًا وغمًا وكربًا وعطشًا وظمًأ على كلب، وذلك الرجل الذي أزال غصن شوك من طريق المسلمين، وتلك المرأة التي دخلت النار بسبب هرة، وهذه التي دخلت الجنة بسبب تمرة، فماذا نقول من ينقذ المسلمين، من يسعى في حوائج المسلمين، من يفك كرب المسلمين، من يفرج عن المؤمنين، من يسقي، من يشبع، من يلتفت، من يرعى، من يعطف، من يرحم، من يزور، من يسأل عن احوال أقاربه، وجيرانه، والمسلمين حوله، ويلتفت إلى الضعفاء، ويرحم الفقراء، لينقذه الله، ليدخله الله الجنة، ليفرج الله عنه، ليكشف عنه… وفي المقابل ما العذاب الشديد، والإثم العظيم لمن تسبب في قتل، ودمار، وفقر، وعذاب… المسلمين، تلك هرة فقط حبستها فماتت فكيف بنفس مسلمة…!.
ـ وقبل أن أختم خطبتي أوجه رسالة لأولئك الأغنياء، ولأصحاب المسؤوليات الكبرى في الدولة المعدومة أعني اليمن، والحكومة المسافرة… هذه الرسالة أوجهها لا مني بل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي دعاء منه صلى الله عليه وسلم على من ولي من أمر الأمة شيئًا فشق عليهم: " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فشفق عليه"، فإذا أراد المسئولون أن يلطف الله بهم، أن يرحمهم الله، أن يدخلهم الله الجنة، أن ينقذهم مما هم فيه، فعليهم أن يرحموا الناس، ولا يناموا على آهات الناس، وعلى أسقام الناس، وأمراضهم، وإبادتهم، وعلى جوع، وعلى فقر الناس ليتقوا الله في أنفسهم، لا يكفي المسئول أن يأخذ مسئولية ثم يسافر إلى الخارج أو ينام في فندق أو يركب سيارة أو يذهب هنا وهناك، ولا يعنيه شؤون الناس، أو يفتح محلاً أو مؤسسة او مكسبَا ثم لا يداوم ولا يرى ولا ينظر إليه، ايًا كانت تلك المسئولية من صغيرها إلى كبيرها وأي ولاية كانت، فمن أراد أن يرفق الله به فليرفق بمن بين يديه، ومن أراد أن يشق الله عليه فليشفق على من ولا الله أمره، "اللهم من ولي من أمر اكأمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه"…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199
