*السبيل.لصلاح.الأمة.الداء.والدواء.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد ...
*السبيل.لصلاح.الأمة.الداء.والدواء.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/fwAfsAxiEBE
*📆 تم إلقاؤها : بمسجد الخيرالمكلا 20/ صفـر/1444هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- نداء عظيم، وخطر كبير، وهم جليل، أتحدث عن ذلك الداء المنتشر وعن ذلك الخطر وعن هذا المرض المستعصي عند كثير من الناس، نحاول اليوم أن نشخص هذا الداء، ونحاول معه أن نعطي الدواء الناجع، والغذاء النافع الذي يمكن أن ينهض به المسلم، وأيضًا أن تنهض الأمة بنهضته، وأن تصحى بصحوته، وأن تستيقظ بقومته، ذلك المسلم الذي يئن في كل وقت من الحال، ومن الوضع، ومن هذا وذاك، لا تجد مسلمًا -لربما- إلا وهو يشتكي ما هو فيه، ومن الناس، ومن الذي وصلنا إليه، كلهم على هذا كثرت الشكاوى، وازدادت المصائب، وعظم الخطب، واشتد الكرب، وأصبح الكل يشكو من الكل، ولكن من المشتكي، ومن المشتكى منه؟ وإلى من المشتكى؟.
- الناس أصبحوا يتذمرون من كل شيء، ويوقنون على أن كل شيء هو عليهم لا لهم الا فيما ندر، ويقطعون على أن الناس هلكى، وعلى أن الناس سبب للمصائب والمحن والشدائد والبلاء، وعلى أن غيره واقع في خطأً شديد وجرم كبير ولكن لا يتنبه لنفسه، ولا يذم نفسه، ولا يعرف داء من أدواء نفسه وهواه وشهوته، وعلى أنه قبل كل أحد مسؤول عن نفسه أولاً قبل أن يسائل الناس عن ذنوبهم ثانيًا، مسؤول كل مسلم على أن ينظر لنفسه وأن ينتقد نفسه، أن يطهرها من دنسها وخبثها وبلواها، ومن شرورها وآثامها ولا ينظر إلى الآخرين على أنهم مخطئون وأنه المصيب دونهم أبدا، وإلا كانت وهي كارثتنا اليوم، وهي مأساتنا اليوم، وهي مصيبتنا في كل يوم، ترى فلانًا من الناس يقول على أن فلانًا ظالم وهو أظلم منه، وعلى أن فلانًا يغتاب الناس وهو يغتابه الليل والنهار، وعلى أن فلانًا فاسق وهو أفسق منه، وعلى أن فلانًا يأكل الحرام وهو أشد حرامًا منه، وعلى أن فلانًا ينتهك أموال الناس وهو أكثر انتهاكا لأموال الأخرين منه، وعلى أن فلانًا يشق على الناس في بيعه وشرائه وهو أشد وأفجر منه، وعلى أن فلانا يغش وهو أشد منه، وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية…
- نشكو من الآخرين ثم لا نتحدث عن شكايتنا لأنفسنا، وعن جرمنا وعن ذنوبنا وعن معاصينا وعلى أننا سبب الكارثة قبل أن يتسبب بها غيرنا، هذا هو اليقين، وهذه هي الحقيقة، هذه هي المشكلة وهذا هو الداء الذي ابتلينا به، ننظر لعيوب الآخرين ولا ننظر لعيوب أنفسنا، ولا نرى على أن البلاء منا قبل غيرنا، فهي مشكلة كبيرة وخطيرة تلك تزكية النفس التي قال الله ناهيًا عنها: ﴿فَلا تُزَكّوا أَنفُسَكُم هُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقى﴾، وفي الحديث عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قال الناس هلكى فهو أهلكَُهم" والحديث عند مسلم بروايتين هي هي لا جديد الا حرف واحد يغير الفتح والضم، من قال الناس هلكى فهو أهلكُهم بالضم يعني فهو أشد هلاكا، فهو أهلكَهم بفتح الكاف فهو أوصلهم إلى الهلاك وليسوا كذلك، فهو أهلكهم أي أشدهم هلاكًا أو فهو أهلكهم أي أنه أوصلهم إلى الهلاك وليسوا بذلك، اللفظة تحتمل المعنيين، والمعنيان صحيحان لا ريب فيهما، وواقعان لا محالة منهما.
- كثير من الناس يقع في أعراض الناس ويتهم الناس بلا أساس اكتشفت ودققت وحققت ووجدت على أن ما قيل ليس بما قيل إنما هي عبارة عن دعاوى، وعبارة عن فجور، وعبارة عن حب لنقد الأخرين ونسيان الذات دون الحديث عنها، مشكلة تعاني منها الأمة ولو أن كل أحد نظر إلى نفسه فأصلحها لصلحت الأمة، ولكن عندما نشكو من الآخرين هنا تقع المشكلة وتأتي بالمصيبة لأني أنا لن أصلح الآخرين وهم لن يصلحوا بكلامي، لكن عندما أنتقد نفسي أولاً وأحاول إصلاحها قبل كل إصلاح لصلحت الأمة بصلاح أفرادها، أما إذا بقينا نذم الأخرين دون أن نحاول الإصلاح من أنفسنا وأهلينا ثم ننتقل إلى مجتمعاتنا فلن يصلح الحال وسنبقى على ما نحن وأشد منه.
- فنحتاج إلى اعتراف أولاً بالذي فينا لنعالجه، أما من لم يعترف بخطئه فماذا يعالج وماذا يقول ولماذا يتناول العلاج؟ وماذا يحقق الطبيب من لا مرض فيه، بل لا يمكن أن يسعى برجليه إلى الطبيب ليعطيه الأمراض التي ليست فيه كما هو شأن الطب اليوم، فإذا هو صحيح لن يذهب إلى المستشفى، وكذلك الذي يعلم من نفسه ويوقن على أن لا أخطأ منه لن يعالج الخطأ، ولن يعترف بالخطأ ومن لا يعترف بالجرم كيف يحاكم، فإذا ما اعترفنا بذنوبنا ومعاصينا سنسعى لإصلاحها، أما إذا ظللنا ننظّر على الأخرين وننتقد الناس ونهلك فهذه كارثة ومشكلة لن نخرج بحل أبدا، بل يجب النظر إلى النفس: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...}، هكذا قال الله لن يغير الحال في الأمة حتى يغير الأفراد ما بأنفسهم، وليس ينتقد الناس ليغيروا ولن يتغيروا….
- إذن أيها الأخوة واجبنا أن ننظر إلى أنفسنا قبل النظر إلى غيرنا، وواجبنا بأن نشخص الداء في النفس قبل أن ننظر إلى الناس وعيوبهم، كثير هم أولئك الناس الذين يزكون أنفسهم إما بمدح ما، أنا لا ولم أكن كذلك، ولن أفعل، وعاقل، مش معقول… ولكنه أخطأ الناس وأفجر الناس، واذا جئت إليه تسمع منه هذيانًا على الأخرين وهي تزكية للنفس بدلاً من أن يقول أنا وأنا وأنا وأنا يمدح في الناس ليقول أنا عكس ذلك…
- مشكلة كبيرة بل هو علامة السوء إذا وجدت الإنسان يزكي نفسه فهو دليل السوء في نفسه فيسعى إلى ترقيع السوء من نفسه بالمدح لها،
تسلية للنفس أن يهذبها بالمدح الفارغ، يمدحها وكأنه يغطي على نقائصه، انظروا إلى الفاروق رضي الله عنه الذي لم تعرف الأمة بعد نبيها وبعد الصديق خير منه ومع هذا يأتي إلى المسؤول الرسمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر النفاق والمنافقين ويقول اسألك بالله هل سماني رسول الله في المنافقين؟ يتهم نفسه بالنفاق ولو قيل لأحدنا بهذا لجن جنونه ولربما ذهب للقتال وصراع دائم، وكم من وذنوب عندنا ولكننا لا نعترف بها، حذيفة الذي سأله عمر عن هل كتبه رسول الله في المنافقين وسماه بذلك، قال عن نفسه: " والله لو جاء رجل فقال والله أنك لرجل سوء لا تعمل عملاً ترجو به الله والدار الأخرة قال لقلت له لا تكفر عن يمينك فأنا والله على ما تقول حقيقة"، بل هذا الفضيل بن عياض يقول عن نفسه وهو أعبد الناس وأزهد من عرفه ذلك القرن وأعبد الناس فيه على الإطلاق وجمع العلم فقال: " والله لا أعلم شراً مني ومن نفسي سجد للقبلة أبدا"، يقول هكذا نفسه، بل هذا سفيان الثوري لما كان في عرفة ونظر إلى الناس وهو بينهم ورحمهم وقال: "لو لم أكن بين هؤلاء لقلت قد غفر لهم ولكني أنا سبب البلاء"، بل الإمام مالك كان إذا أرعدت المدينة خرج منها وقال اخشى أن ينزل العذاب بها بسبب جرم ومعاصي.
- فهؤلاء على ما هم عليه من عبادة، وعلى ما هم عليه من طاعة، وعلى ما هم عليه من زهد لا يبلغ زهد أحدنا بل زهد أحد من المتأخرين وأحلف عليها جميعًا مثل زهد أحدهم من القائلين ومع هذا يقولون عن أنفسهم هذا الكلام فماذا نقول عن أنفسنا، بل قال مالك بن دينار رحمه الله وهو العابد الزاهد الذي قال: " لو نادى مناد من باب المسجد ليخرج أشر الناس منكم لبادرتكم أنا فأنا أشركم على الإطلاق"، هكذا كانوا يقولون عن أنفسهم وهكذا كانوا يذمونها ويهضمونها وهكذا كانوا ينقدونها وهكذا كانوا يرونها وليس كما يفعل كثير منا يمدح نفسه ويذم الأخرين ويرى على أن البلاء جاء من فلان وفلان ولا يرى على أن بلاء جاء بنفسه أبدا، أقول قولي هذا واستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… أما بعد
- من صفات أهل الإيمان أيها الإخوة على أنهم إذا عملوا عملاً اتهموا أنفسهم واذا فعلوا ذنبًا جرموها وإن كان صغيرا، فهذا الله يقول عنهم في كتابه الكريم، ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾، خائفة مشفقة فزعة الا يُتقبل ذلك العمل منهم وقلوبهم وجلة لأن الله يقول في كتابه الكريم. يتقبل الله من المتقين قال ابن عمر والله لو أعلم أن الله تقبل مني حسنة واحدة لجعلت باقي عمري شكراً لله تعالى لأنه قد مدحني بالتقوى، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ...﴾، فاذا قُبلت منا حسنة واحدة فهو دليل على التقوى، والتقوى باب بل شرط بل مفتاح للجنة ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ ، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظّالِمينَ فيها جِثِيًّا﴾، فالتقي إلى الجنة والتقي هو من يصلاها والتقي هو من يدخلها وبالتالي من قبلت حسناته فهو من المتقين، فالهم الأكبر للمسلم يجب أن يكون هو النفس هل تقبلت أعمالها، هل فسدت، هل صلحت، هل ذهبت لغير مراد الله، هل انطلق لما يريد الله أم إلى غير ذلك، فواجبنا أن نتبع وأن نتتبع أنفسنا وأن نكون منها على حذر دائمًا وأبدا وأن لا نزكيها والا نركن على أعمالها وأن نتهمها دائمًا وأبدا حتى نزكيها وحتى نعالج الخطأ، أما إذا ظللنا لا نتهم أنفسنا بل نتهم غيرنا فلا يمكن أن نصلح أخطائنا ولا يمكن أبدا أن نخرج وننقذ ونعمل خيراً لأنفسنا التي ما جاء القسم الأكبر ولا الأكثر في كتاب الله بعد أكثر من عشرة أقسام في القرآن الكريم الا للنفس، ﴿قَد أَفلَحَ مَن زَكّاها﴾ ﴿وَقَد خابَ مَن دَسّاها﴾، وإن اشر الناس الذي دس نفسه هو الذي يمدحها ولا يذمها، هو الذي يطهرها بأقواله لا بأفعاله، هو الذي يسعى لمرضاتها دائمًا ولا لذمها أبدا، هو الذي يرى العمل اليسير منه كبيرا، ويرى القليل من الناس ليس بشيء وأن قل وأن كثر، هذا أيها الأخوة هو الداء وهو الدواء ايضا.
وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://v.ht/vw5F1
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/fwAfsAxiEBE
*📆 تم إلقاؤها : بمسجد الخيرالمكلا 20/ صفـر/1444هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- نداء عظيم، وخطر كبير، وهم جليل، أتحدث عن ذلك الداء المنتشر وعن ذلك الخطر وعن هذا المرض المستعصي عند كثير من الناس، نحاول اليوم أن نشخص هذا الداء، ونحاول معه أن نعطي الدواء الناجع، والغذاء النافع الذي يمكن أن ينهض به المسلم، وأيضًا أن تنهض الأمة بنهضته، وأن تصحى بصحوته، وأن تستيقظ بقومته، ذلك المسلم الذي يئن في كل وقت من الحال، ومن الوضع، ومن هذا وذاك، لا تجد مسلمًا -لربما- إلا وهو يشتكي ما هو فيه، ومن الناس، ومن الذي وصلنا إليه، كلهم على هذا كثرت الشكاوى، وازدادت المصائب، وعظم الخطب، واشتد الكرب، وأصبح الكل يشكو من الكل، ولكن من المشتكي، ومن المشتكى منه؟ وإلى من المشتكى؟.
- الناس أصبحوا يتذمرون من كل شيء، ويوقنون على أن كل شيء هو عليهم لا لهم الا فيما ندر، ويقطعون على أن الناس هلكى، وعلى أن الناس سبب للمصائب والمحن والشدائد والبلاء، وعلى أن غيره واقع في خطأً شديد وجرم كبير ولكن لا يتنبه لنفسه، ولا يذم نفسه، ولا يعرف داء من أدواء نفسه وهواه وشهوته، وعلى أنه قبل كل أحد مسؤول عن نفسه أولاً قبل أن يسائل الناس عن ذنوبهم ثانيًا، مسؤول كل مسلم على أن ينظر لنفسه وأن ينتقد نفسه، أن يطهرها من دنسها وخبثها وبلواها، ومن شرورها وآثامها ولا ينظر إلى الآخرين على أنهم مخطئون وأنه المصيب دونهم أبدا، وإلا كانت وهي كارثتنا اليوم، وهي مأساتنا اليوم، وهي مصيبتنا في كل يوم، ترى فلانًا من الناس يقول على أن فلانًا ظالم وهو أظلم منه، وعلى أن فلانًا يغتاب الناس وهو يغتابه الليل والنهار، وعلى أن فلانًا فاسق وهو أفسق منه، وعلى أن فلانًا يأكل الحرام وهو أشد حرامًا منه، وعلى أن فلانًا ينتهك أموال الناس وهو أكثر انتهاكا لأموال الأخرين منه، وعلى أن فلانًا يشق على الناس في بيعه وشرائه وهو أشد وأفجر منه، وعلى أن فلانا يغش وهو أشد منه، وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية…
- نشكو من الآخرين ثم لا نتحدث عن شكايتنا لأنفسنا، وعن جرمنا وعن ذنوبنا وعن معاصينا وعلى أننا سبب الكارثة قبل أن يتسبب بها غيرنا، هذا هو اليقين، وهذه هي الحقيقة، هذه هي المشكلة وهذا هو الداء الذي ابتلينا به، ننظر لعيوب الآخرين ولا ننظر لعيوب أنفسنا، ولا نرى على أن البلاء منا قبل غيرنا، فهي مشكلة كبيرة وخطيرة تلك تزكية النفس التي قال الله ناهيًا عنها: ﴿فَلا تُزَكّوا أَنفُسَكُم هُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقى﴾، وفي الحديث عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قال الناس هلكى فهو أهلكَُهم" والحديث عند مسلم بروايتين هي هي لا جديد الا حرف واحد يغير الفتح والضم، من قال الناس هلكى فهو أهلكُهم بالضم يعني فهو أشد هلاكا، فهو أهلكَهم بفتح الكاف فهو أوصلهم إلى الهلاك وليسوا كذلك، فهو أهلكهم أي أشدهم هلاكًا أو فهو أهلكهم أي أنه أوصلهم إلى الهلاك وليسوا بذلك، اللفظة تحتمل المعنيين، والمعنيان صحيحان لا ريب فيهما، وواقعان لا محالة منهما.
- كثير من الناس يقع في أعراض الناس ويتهم الناس بلا أساس اكتشفت ودققت وحققت ووجدت على أن ما قيل ليس بما قيل إنما هي عبارة عن دعاوى، وعبارة عن فجور، وعبارة عن حب لنقد الأخرين ونسيان الذات دون الحديث عنها، مشكلة تعاني منها الأمة ولو أن كل أحد نظر إلى نفسه فأصلحها لصلحت الأمة، ولكن عندما نشكو من الآخرين هنا تقع المشكلة وتأتي بالمصيبة لأني أنا لن أصلح الآخرين وهم لن يصلحوا بكلامي، لكن عندما أنتقد نفسي أولاً وأحاول إصلاحها قبل كل إصلاح لصلحت الأمة بصلاح أفرادها، أما إذا بقينا نذم الأخرين دون أن نحاول الإصلاح من أنفسنا وأهلينا ثم ننتقل إلى مجتمعاتنا فلن يصلح الحال وسنبقى على ما نحن وأشد منه.
- فنحتاج إلى اعتراف أولاً بالذي فينا لنعالجه، أما من لم يعترف بخطئه فماذا يعالج وماذا يقول ولماذا يتناول العلاج؟ وماذا يحقق الطبيب من لا مرض فيه، بل لا يمكن أن يسعى برجليه إلى الطبيب ليعطيه الأمراض التي ليست فيه كما هو شأن الطب اليوم، فإذا هو صحيح لن يذهب إلى المستشفى، وكذلك الذي يعلم من نفسه ويوقن على أن لا أخطأ منه لن يعالج الخطأ، ولن يعترف بالخطأ ومن لا يعترف بالجرم كيف يحاكم، فإذا ما اعترفنا بذنوبنا ومعاصينا سنسعى لإصلاحها، أما إذا ظللنا ننظّر على الأخرين وننتقد الناس ونهلك فهذه كارثة ومشكلة لن نخرج بحل أبدا، بل يجب النظر إلى النفس: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...}، هكذا قال الله لن يغير الحال في الأمة حتى يغير الأفراد ما بأنفسهم، وليس ينتقد الناس ليغيروا ولن يتغيروا….
- إذن أيها الأخوة واجبنا أن ننظر إلى أنفسنا قبل النظر إلى غيرنا، وواجبنا بأن نشخص الداء في النفس قبل أن ننظر إلى الناس وعيوبهم، كثير هم أولئك الناس الذين يزكون أنفسهم إما بمدح ما، أنا لا ولم أكن كذلك، ولن أفعل، وعاقل، مش معقول… ولكنه أخطأ الناس وأفجر الناس، واذا جئت إليه تسمع منه هذيانًا على الأخرين وهي تزكية للنفس بدلاً من أن يقول أنا وأنا وأنا وأنا يمدح في الناس ليقول أنا عكس ذلك…
- مشكلة كبيرة بل هو علامة السوء إذا وجدت الإنسان يزكي نفسه فهو دليل السوء في نفسه فيسعى إلى ترقيع السوء من نفسه بالمدح لها،
تسلية للنفس أن يهذبها بالمدح الفارغ، يمدحها وكأنه يغطي على نقائصه، انظروا إلى الفاروق رضي الله عنه الذي لم تعرف الأمة بعد نبيها وبعد الصديق خير منه ومع هذا يأتي إلى المسؤول الرسمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر النفاق والمنافقين ويقول اسألك بالله هل سماني رسول الله في المنافقين؟ يتهم نفسه بالنفاق ولو قيل لأحدنا بهذا لجن جنونه ولربما ذهب للقتال وصراع دائم، وكم من وذنوب عندنا ولكننا لا نعترف بها، حذيفة الذي سأله عمر عن هل كتبه رسول الله في المنافقين وسماه بذلك، قال عن نفسه: " والله لو جاء رجل فقال والله أنك لرجل سوء لا تعمل عملاً ترجو به الله والدار الأخرة قال لقلت له لا تكفر عن يمينك فأنا والله على ما تقول حقيقة"، بل هذا الفضيل بن عياض يقول عن نفسه وهو أعبد الناس وأزهد من عرفه ذلك القرن وأعبد الناس فيه على الإطلاق وجمع العلم فقال: " والله لا أعلم شراً مني ومن نفسي سجد للقبلة أبدا"، يقول هكذا نفسه، بل هذا سفيان الثوري لما كان في عرفة ونظر إلى الناس وهو بينهم ورحمهم وقال: "لو لم أكن بين هؤلاء لقلت قد غفر لهم ولكني أنا سبب البلاء"، بل الإمام مالك كان إذا أرعدت المدينة خرج منها وقال اخشى أن ينزل العذاب بها بسبب جرم ومعاصي.
- فهؤلاء على ما هم عليه من عبادة، وعلى ما هم عليه من طاعة، وعلى ما هم عليه من زهد لا يبلغ زهد أحدنا بل زهد أحد من المتأخرين وأحلف عليها جميعًا مثل زهد أحدهم من القائلين ومع هذا يقولون عن أنفسهم هذا الكلام فماذا نقول عن أنفسنا، بل قال مالك بن دينار رحمه الله وهو العابد الزاهد الذي قال: " لو نادى مناد من باب المسجد ليخرج أشر الناس منكم لبادرتكم أنا فأنا أشركم على الإطلاق"، هكذا كانوا يقولون عن أنفسهم وهكذا كانوا يذمونها ويهضمونها وهكذا كانوا ينقدونها وهكذا كانوا يرونها وليس كما يفعل كثير منا يمدح نفسه ويذم الأخرين ويرى على أن البلاء جاء من فلان وفلان ولا يرى على أن بلاء جاء بنفسه أبدا، أقول قولي هذا واستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… أما بعد
- من صفات أهل الإيمان أيها الإخوة على أنهم إذا عملوا عملاً اتهموا أنفسهم واذا فعلوا ذنبًا جرموها وإن كان صغيرا، فهذا الله يقول عنهم في كتابه الكريم، ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾، خائفة مشفقة فزعة الا يُتقبل ذلك العمل منهم وقلوبهم وجلة لأن الله يقول في كتابه الكريم. يتقبل الله من المتقين قال ابن عمر والله لو أعلم أن الله تقبل مني حسنة واحدة لجعلت باقي عمري شكراً لله تعالى لأنه قد مدحني بالتقوى، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ...﴾، فاذا قُبلت منا حسنة واحدة فهو دليل على التقوى، والتقوى باب بل شرط بل مفتاح للجنة ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ ، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظّالِمينَ فيها جِثِيًّا﴾، فالتقي إلى الجنة والتقي هو من يصلاها والتقي هو من يدخلها وبالتالي من قبلت حسناته فهو من المتقين، فالهم الأكبر للمسلم يجب أن يكون هو النفس هل تقبلت أعمالها، هل فسدت، هل صلحت، هل ذهبت لغير مراد الله، هل انطلق لما يريد الله أم إلى غير ذلك، فواجبنا أن نتبع وأن نتتبع أنفسنا وأن نكون منها على حذر دائمًا وأبدا وأن لا نزكيها والا نركن على أعمالها وأن نتهمها دائمًا وأبدا حتى نزكيها وحتى نعالج الخطأ، أما إذا ظللنا لا نتهم أنفسنا بل نتهم غيرنا فلا يمكن أن نصلح أخطائنا ولا يمكن أبدا أن نخرج وننقذ ونعمل خيراً لأنفسنا التي ما جاء القسم الأكبر ولا الأكثر في كتاب الله بعد أكثر من عشرة أقسام في القرآن الكريم الا للنفس، ﴿قَد أَفلَحَ مَن زَكّاها﴾ ﴿وَقَد خابَ مَن دَسّاها﴾، وإن اشر الناس الذي دس نفسه هو الذي يمدحها ولا يذمها، هو الذي يطهرها بأقواله لا بأفعاله، هو الذي يسعى لمرضاتها دائمًا ولا لذمها أبدا، هو الذي يرى العمل اليسير منه كبيرا، ويرى القليل من الناس ليس بشيء وأن قل وأن كثر، هذا أيها الأخوة هو الداء وهو الدواء ايضا.
وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://v.ht/vw5F1
