*الكبر.والغطرسة.سبب.هلاك.الأفراد.والدول.والأنظمة.cc.* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي ...
*الكبر.والغطرسة.سبب.هلاك.الأفراد.والدول.والأنظمة.cc.*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/Dlwk0_nCEP4?si=O8LOaEu-t4nmx_VF
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا / 10/رجب/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الإسلام حريص كل الحرص على الأخلاق، ونشر القيم في المجتمعات، وبين الأفراد، وفي الدول، والمؤسسات، وفي الوظائف العامة والخاصة، ولا تقتصر أخلاق الإسلام على مسألة الأفراد وتوعيتهم بها، بل الأخلاق منظومة إسلامية فردية واجتماعية وشعبوية، وكذا فإنها دولية وعالمية؛ فالأخلاق قضية عظيمة من قضايا ديننا، بل إن الأخلاق هي الثمرة لكل عبادة ولكل طاعة، نعم الأخلاق ثمرة للعبادات والطاعات، فهو ثمرة للصلاة، ثمرة للصيام، ثمرة للحج، ثمرة للزكاة، ثمرة لكل أمر ونهي في الدين فأساسه الأخلاق.
- ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم حث على الأخلاق كثيرًا، وبينها طويلًا، وجعل من لا أخلاق له لا إيمان له، من ليس له أخلاق فكأنه عديم الإيمان، فعلى قدر أخلاقه يكون إيمانه من عدمه، وعلى قدر الأخلاق الموجودة في المرء يكون الإيمان من عدم الإيمان عند الفرد، وعلى قدر الإيمان تكون الأخلاق، فمن ضعُف إيمانه قلت أخلاقه، فالأخلاق أساس ومحدد لذلك المسلم، وكلما زاد زادت أخلاقه، كلما زاد إيمانه، والعكس بالعكس، فكلما نقصت من أخلاقه فأيضًا ينقص من إيمانه بقدر النقص في أخلافه.
- ولذا أكمل المؤمنين إيمانًا كما جاء في الحديث الصحيح: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا"، و:"إن المؤمن ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم النهار القائم الليل"، "وإن من أحبكم، وأقربكم مني منزلة مني يوم الق أحاسنكم أخلاقًا"، و: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"، هكذا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة يبين ويفصل في أمر الأخلاق؛ لأنها قضية مركزية كبرى في الإسلام، لا يحل أن يتهاون فيها امرئ ينتسب للإسلام بأي نسبة، بل الواجب أن يتنبه لذلك أيما انتباه في ألفاظه، وأفعاله، وحركاته، وسكناته، وفي كل مكان اتجه إليه، وفي كل مكان كان.
- وأتحدث عن واحدة من سوء الأخلاق التي يبينها الإسلام، ويحاربها دومًا، بكل قوة بل كانت في النار، وكان أصحابها في النار أيضًا، بل يكفي من كانت فيه، ووجدت فيه هذه الخصلة ولو كان الشيء اليسير منها جدًا فإن مصيره إلى النار ولا يدخل الجنة أبدًا كما جاء في الأحاديث الصحاح الصراح في ذلك: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر".
- إنه الكبر أول ذنب عُصي الله به على الإطلاق، الكبر الذي كانت من طبيعة إبليس فحرص على بثه في أبنائه وأتباعه وأفراده، وكلما تمكن الكبر من إنسان كلما كان بالشيطان ألصق، ومن الرحمن أبعد، فكل متكبر فينتسب إلى الشيطان بتكبره، ويبتعد عن الرحمن بقدر ما فيه من التكبر، أيًا كان ذلك التكبر، وأيًا من تحققت فيه هذه الصفة الذميمة، والجريمة العظيمة في ديننا التي ليست إلا عند إبليس وعند أتباعه ومن قلده واتبعه كما قال الله عز وجل ﴿وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ أَبَى واسْتَكبَرَ﴾…
- إذن الاستكبار هو الذي منع إبليس من أن يعبد الرحمن، وأن يتوجه له بالعبادة والطاعة بالسجود لآدم عليه السلام، فعصى الله لتكبر لديه ومذمة، وجدت في قلبه، واصطنعها لنفسه، ثم كانت في ذريته وفي أتباعه…
- فأي جريمة هي جريمة الكبر، ومذمة الكبر التي ليست جريمة واحدة بل هي جرائم متعددة عادة تلحق بالكبر، فهي جرائم من ظلم، من اضطهاد، من قتل، من سلب، من نهب، من أذى، وغير ذلك من كل أنواع الكبائر تلحق بالكبر عادة.
- بل يكفي أن المتكبر قد أراد أن يسلب صفةً لله جل وعلا، وأن تكون فيه هذه الصفة التي لا تكون إلا لله عز وجل إنها صفة العظمة، إنها صفة الكبرياء، كما قال الله في الحديث القدس "الكبرياء ردائي، والعزة أزاري فمن نازعني في واحد منهما عذبته"، نعم إنه عذاب في الدنيا، وعذاب في الآخرة، خزي وراء خزي، وهلاك وراء هلاك، ودمار على ذلك الذي يتكبر على الرحمن جل وعلا، ويحاول أن يتقمص صفة لله تبارك وتعالى من عزة واستكبار: ﴿وَلِلَّهِ العِزَّةُ﴾ فمن ذا يتكبر على الرحمن، ومن ذا يريد أن يتألى على الله جل وعلا، فإن الله يهلكه ويدمره ويعذبه ويفعل به الأفاعيل، ويستحق ذلك لا محالة، وفي الدنيا وفي الآخرة؛ لأنه اعتدى على مقام الألوهية، اعتدى على أمر لا يحل أن تكون في العبد الذي يبقى العبد عبدًا والرب ربًا.
- ألا فمن وُجدت في صفة الكبر ولو كانت يسيرة كان السبب الأكبر والأعظم لدخوله النار وابتعاده عن الجنة، حتى ولو كان مسلمًا كيف لا والنبي صلى الله عليه وسلم يتحدث للمسلمين بذلك أصلًا، كما في الحديث في البخاري ومسلم" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، إذن ما دام وجد الكبر في المسلم فإن هذا حائل بينه وبين أن يدخل الجنة، فإن هذا يحول بينه وبين دخول الجنة ونيل فيها الكرامة، وبين مرافقة النبي، وبين النظر إلى وجه الله، وبين النعيم فاصل يسير اسمه الكبر، فإما يُعذب، وإما يُنعّم، إما يُعذب بكبره في الدنيا وفي الآخرة، وإما يُنعّم بأن يزيل عن نفسه هذه الصفة السيئة، القبيحة، والجريمة الكبيرة التي هي صفة الشيطان أولا، وصفة أهل النار ثانيا.
- ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند مسلم: "ألا أخبركم بأهل النار... كل جواظ عتل مستكبر"، ذلك الجواظ، ذلك المتكبر، ذلك المتغطرس، ذلك الذي يتقمص الصفة التي لله تبارك وتعالى، الذي يحاول سلب العزة من ربه، ويريد أن يأخذ ما هو لله تبارك وتعالى له، فإن الله يسلبه الكرامة في الدنيا وفي الآخرة، ويحوله إلى شر ما أراد من هلاك وخزي وندامة هنا في الدنيا ثم هناك في الآخرة إنه من أهل النار وبئس المصير…
- ولقد قالت النار كما في المتفق عليه: "أُثرت بالمتكبرين والمتجبرين"، تتحدث عن نفسها، وتجادل عن نفسها مع الجنة… لماذا لا يدخلني إلا هؤلاء النتنى، لماذا يزدحم بي هؤلاء الذين يتكبرون على الخلق، ويتكبرون على الخالق، ويتكبرون على الشرع برفضه، وعلى الرسل بعدم الائتمار بأمرهم، وعلى الله برفض العبادة له تبارك وتعالى:﴿وَإِذا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتهُ العِزَّةُ بِالإِثمِ فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئسَ المِهادُ﴾، ﴿إِنَّهُم كانوا إِذا قيلَ لَهُم لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَستَكبِرونَ﴾،… وقال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الذي يأكل بشماله: "كل بيمينك"، قال: لا أستطيع، فقال له صلى الله عليه وسلم: "لا استطعت ما منعه إلا الكبر"، فيبست يده فلم يرفعها أبدًا، ولم ينتفع بها مطلقا…
- إن المتكبرين يُدعون إلى هذا الشرع، وإلى هذا الوحي، وإلى هذا الأمر، إلى هذا النص وإذا بهم يتكبرون على شرع الله، وعلى الله، وعلى رسل الله، وعلى عباد الله… فارتكبوا الجرائم بكلها، لا جريمة أنهم اعتدوا على ربهم فحسب، بل اعتدوا على رسله، واعتدوا على خلقه، وآذوا الله عز وجل: {إِنَّ الَّذينَ يُؤذونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذابًا مُهينًا وَالَّذينَ يُؤذونَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبوا فَقَدِ احتَمَلوا بُهتانًا وَإِثمًا مُبينًا﴾، فاجتمع كل الأذى هنا في هذه الآيات الكريمات بتكبر المرء، وأن يحمل هذه الصفة الخبيثة السيئة التي ربنا تبارك وتعالى في كتابه وفي سنة رسوله وحتى في الأديان السابقة وفي الفطر السوية حارب الكبر وحارب المتكبرين.
- ولو أن المسلم السوي تفكر في نفسه، وعاد إلى رشده، ونظر في أمره، وفكّر وقدر فإنه سيجد على ماذا، وبماذا يتكبر، وما هو أصله أولًا وآخرًا، وإلى أين سيعود ثانيًا، وكيف سيكون العذاب والمصير أبدًا، فلو تفكّر في ذلك جيدًا على أنه كان في رحم أمه لا يملك حتى قوته، ويأتيه الرزق عبر حبل سري، وفي ظلمات ثلاث، ثم يخرج من مخرج البول، ويكون في البول لسنوات… قال رجل لمالك بن دينار: ألا تعرفني قال بلى، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بينك تحمل العذرة... وقال زين العابدين بن علي: إن الله خلق الجنة لمن أطاعه، ولو كان عبدًا حبشيًا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان حرًا قرشيًا أليس الله يقول: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}… نعم لقد كان فلان بن فلان بالأمس نطفة، واليوم مضغة ثم علقة، ثم عظامًا ما بعده حتى يصبح في يوم جيفة… ألا فيا من لا زال يدب في قلبِه كبر أو غرور ألا تذكرت من ماذا خُلقت: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يمنى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فسوى}، قال الأحنفُ بنُ قيس: عجبتُ لمن يجري في مَجرى البَول مرَّتين، كيف يتكبَّر!: هكذا كنتَ فكيف تتكبر: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}...
- نعم إنه ذلك الإتسان عامة، والمتكبر خاصة… ثم سنوات وهو على هذا الضعف، وما أن يشب قليلاً حتى يهرم كثيرًا، ولربما لا يهرم أصلًا، بل يأتيه الموت فيعيده إلى التراب الذي هو أصله الأصيل، وإلى حفرته المؤقتة، ثم يكون ذلك المصير الأبدي إلى الجنة أو نار إلى أن يأذن الله بقيام الساعة فيقوم الناس لرب العالمين فهنا يكون الجزاء للمتكبر بجنس ما عمل كما جاء في الحديث الصح عن النبي صلى الله عليه وسلم يُحشر المتكبرون كالذر في صور الرجال تدوسهم الناس" ﴿جَزاءً وِفاقًا﴾؛ لأنهم تكبروا على الناس فيحشرهم الله كالذر ضعفًا ومهانة وخذلانًا وفوق هذا تدوسهم الناس يوم القيامة وهم في صورهم وانظروا إلى الحديث في صور الرجال تدوسهم الناس يوم القيامة ثم ماذا، "ثم يساقون إلى نار الأنيار"، انظروا إلى التعبير، ثم إلى سجن في جهنم، فيُسقون مهانة وعذابًا؛ لأنهم تغطرسوا وتكبروا في الدنيا فيسقون من صديد أهل النار؛ لأنهم تكبروا على البشر في الدنيا في مأكلهم، وفي مشربهم، وفي لباسهم، ولأن هذا المتكبر أغنى منهم، أو أجمل منهم، أو أقوى نسبًا منهم، أو أكثر قوة منهم، أو أكثر سلطة منهم، أو أكثر سطوة منهم، أو يملك ما يملك فإنه يتكبر عليهم.
- هذه هي مقومات ذلك المتكبر؛ لأنه يملك اليوم بضع ريالات؛ لأنه يملك اليوم بضع مليارات الدولارات، لأنه يملك اليوم جيوشًا ذليلة خاضعة له، لأنه يملك اليوم قوة وقدرة وسلطة وهيبة، لأنه اليوم يملك سياسة قوية، لأنه اليوم يملك بنية تحتية متينة، لأنه اليوم يملك قوة عالمية أو شعبوية في وطنه، أو في بلده، أو في إقليمه، أو في العالم بأكمله، لأنه يتحكم في قرار الأمم، ويتحكم في الدول، ويتحكم في السلب والنهب، والضرب والسجن القتل والسحل والسجن، لأنه يملك ما يملك في الدنيا فيكون المهانة في الدنيا ثم في الآخرة.
- وما أحداث لوس أنجلوس عنا ببعيدة كم تكبرت إمريكا على الأمة، كم تكبرت على العالم بأكمله فأذاقها الله لباس الخوف، والمحرقة، والقتل، والدمار، والهلاك، والعذاب وأيضًا الأعاصير والزلازل والدمار والقوة التي يتكبرون بها أصبحت هي التي تعذبهم…
- وليس بالضرورة أن يكون هذا العذاب من زلازل، وأعاصير، وبراكين، وحرائق، وصراع، وقتل، وحروب، ودمار، وسفك دماء، وبلطجة سياسية، واقتصادية، وثقافية، وأخلاقية… وقل ما شئت؛ فقد تكون العقوبات معنويًا بالتشتت والتفرق في قلوب المجتمع، وتكون أيضًا بالخوف والقلق والاضطراب والخلاف والانتحار والتفكك الأسري، والمجتمعي وهي دول كثيرة تعاني من هذا بكله: ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ .
- وما الدولة اليهو'دية القومية المحتلة أيضا إلا مثال لذلك بكله وأنموذج التي يعاني أكثر من ثلثي الشعب فيها من الأمراض النفسية القهرية التي أصبح أكثر من ثلثي محتل قد زار الأطباء النفسانيين، وأتو إليهم ولم يجدوا أي حل لهم، بل إن أكثر ما يعانون منه هو ذلك، ولقد نفدت كل السبل والوسائل الأرضية، بل وحتى علاج تخفيف القلق منهم في الصيدليات وحتى الأطباء في نقص كبير فيهم لأنهم يعانون حربًا نفسية وبشرية واقتصادية كبرى، فعند أعداء الدين والمسلمين من المتكبرين عامة كاليهود وأمريكا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من دول العدو والمتآمرين الخونة إلا أنها المعنوية أعظم وأكبر وأجل وأخطر وما لا يظهر للعلن أكبر وأكثر مما يظهر.
إنها إرادة الله ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾، فلكم يدمرون يقتلون يقصفون يحرقون يفعلون الأفاعيل لكن تأتي لحظات وثوان معدودة إذا بها تجهز على القتلة… وتنسي ماضي سحيق لهم ودمار وعذاب اليم على غيرهم منهم، وإذا بهم في خبر كان سواء كان في الماضي، أو في الحاضر، أو في المستقبل بإذن الرحمن. سيكون لا محالة.
إن عدالة الله العدالة الإلهية في الأرض لابد أن تتحقق وفي الدنيا وفي الآخرة إن لم تُر بالأعين فإنها ترى في القلوب والأبصار والأعمال وإن لم تكن ظاهرة للحقائق﴿فَإِنَّها لا تَعمَى الأَبصارُ وَلكِن تَعمَى القُلوبُ الَّتي فِي الصُّدورِ﴾.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد: - فما مثال فرعون إلا واحد من الأمثلة التي أبرزها القرآن وكررها في كثير من السور والآي، هي مثال ونموذج واحد لعل الناس ينزجرون ويرتدعون بدءًا من ملوك وأمراء ومسؤولين ومدراء وكل من لديه سلطة كبرت أو صغرت وأيضًا حتى ذلك الفرد سلطته في نفسه: ﴿وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا أَنفُسَهُم يَظلِمونَ﴾ فكلكم راع فليتق الله الإنسان في رعيته بدءًا من نفسه ولينظر إلى من سبقه ممن تكبر على الخلق كيف أصبحوا رميم ورماد وعبرة وعظة للمتعظين والمعتبرين.
- أما قرأتم قصة قارون أيضًا ﴿قالَ إِنَّما أوتيتُهُ عَلى عِلمٍ عِندي.. ﴾ ورثته من أبائي، من أجدادي، أخذته من قوتي، وحنكتي، وفطنتي، ودهائي، وشهائدي، وخبراتي فإذا به لا أن يخسف بشخصه لا بل وبأملاكه: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلْأَرْضَ...﴾، ﴿ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنوءُ بِالعُصبَةِ أُولِي القُوَّةِ إِذ قالَ لَهُ قَومُهُ لا تَفرَح إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحينَ﴾، يعني حتى المفاتيح للدار الذي فيه القصور أو بنك البنوك لذلك المليار دير لا يستطيع حتى المفاتيح أن يأخذه العصبة عشرة وأكثر فكيف بالكنوز الموجودة وحتى لا يتهم موسى ولا يتهم من آمن معه بأنهم أرادوا ملكه ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُۥ مِن فِئَةٍۢ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾ من ينصر الغرب عندما يتكبرون على الأمة يوم أن يأتيهم أمر الله لا محالة: ﴿وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا سَبَقوا إِنَّهُم لا يُعجِزونَ﴾، ﴿وَكَذلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ القُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَليمٌ شَديدٌ﴾ … ﴿أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتًا وَهُم نائِمونَ أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًى وَهُم يَلعَبونَ أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ﴾..
كم سلبوا، كم قتلوا، كم بطشوا، كم تآمروا، كم خذلو، كم سحقوا، كم أبادوا، كم دمروا، كم خططوا، كم فرقوا، كم سادوا، كم فعلوا ما فعلوا لكن ما ذاقوه قبل قرن من الزمان سيذيقونه وأكبر منه بإذن الرحمن: ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيكُونَ﴿إِن يَشَأ يُذهِبكُم وَيَأتِ بِخَلقٍ جَديدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزيزٍ﴾…
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/Dlwk0_nCEP4?si=O8LOaEu-t4nmx_VF
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا / 10/رجب/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الإسلام حريص كل الحرص على الأخلاق، ونشر القيم في المجتمعات، وبين الأفراد، وفي الدول، والمؤسسات، وفي الوظائف العامة والخاصة، ولا تقتصر أخلاق الإسلام على مسألة الأفراد وتوعيتهم بها، بل الأخلاق منظومة إسلامية فردية واجتماعية وشعبوية، وكذا فإنها دولية وعالمية؛ فالأخلاق قضية عظيمة من قضايا ديننا، بل إن الأخلاق هي الثمرة لكل عبادة ولكل طاعة، نعم الأخلاق ثمرة للعبادات والطاعات، فهو ثمرة للصلاة، ثمرة للصيام، ثمرة للحج، ثمرة للزكاة، ثمرة لكل أمر ونهي في الدين فأساسه الأخلاق.
- ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم حث على الأخلاق كثيرًا، وبينها طويلًا، وجعل من لا أخلاق له لا إيمان له، من ليس له أخلاق فكأنه عديم الإيمان، فعلى قدر أخلاقه يكون إيمانه من عدمه، وعلى قدر الأخلاق الموجودة في المرء يكون الإيمان من عدم الإيمان عند الفرد، وعلى قدر الإيمان تكون الأخلاق، فمن ضعُف إيمانه قلت أخلاقه، فالأخلاق أساس ومحدد لذلك المسلم، وكلما زاد زادت أخلاقه، كلما زاد إيمانه، والعكس بالعكس، فكلما نقصت من أخلاقه فأيضًا ينقص من إيمانه بقدر النقص في أخلافه.
- ولذا أكمل المؤمنين إيمانًا كما جاء في الحديث الصحيح: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا"، و:"إن المؤمن ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم النهار القائم الليل"، "وإن من أحبكم، وأقربكم مني منزلة مني يوم الق أحاسنكم أخلاقًا"، و: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"، هكذا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة يبين ويفصل في أمر الأخلاق؛ لأنها قضية مركزية كبرى في الإسلام، لا يحل أن يتهاون فيها امرئ ينتسب للإسلام بأي نسبة، بل الواجب أن يتنبه لذلك أيما انتباه في ألفاظه، وأفعاله، وحركاته، وسكناته، وفي كل مكان اتجه إليه، وفي كل مكان كان.
- وأتحدث عن واحدة من سوء الأخلاق التي يبينها الإسلام، ويحاربها دومًا، بكل قوة بل كانت في النار، وكان أصحابها في النار أيضًا، بل يكفي من كانت فيه، ووجدت فيه هذه الخصلة ولو كان الشيء اليسير منها جدًا فإن مصيره إلى النار ولا يدخل الجنة أبدًا كما جاء في الأحاديث الصحاح الصراح في ذلك: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر".
- إنه الكبر أول ذنب عُصي الله به على الإطلاق، الكبر الذي كانت من طبيعة إبليس فحرص على بثه في أبنائه وأتباعه وأفراده، وكلما تمكن الكبر من إنسان كلما كان بالشيطان ألصق، ومن الرحمن أبعد، فكل متكبر فينتسب إلى الشيطان بتكبره، ويبتعد عن الرحمن بقدر ما فيه من التكبر، أيًا كان ذلك التكبر، وأيًا من تحققت فيه هذه الصفة الذميمة، والجريمة العظيمة في ديننا التي ليست إلا عند إبليس وعند أتباعه ومن قلده واتبعه كما قال الله عز وجل ﴿وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ أَبَى واسْتَكبَرَ﴾…
- إذن الاستكبار هو الذي منع إبليس من أن يعبد الرحمن، وأن يتوجه له بالعبادة والطاعة بالسجود لآدم عليه السلام، فعصى الله لتكبر لديه ومذمة، وجدت في قلبه، واصطنعها لنفسه، ثم كانت في ذريته وفي أتباعه…
- فأي جريمة هي جريمة الكبر، ومذمة الكبر التي ليست جريمة واحدة بل هي جرائم متعددة عادة تلحق بالكبر، فهي جرائم من ظلم، من اضطهاد، من قتل، من سلب، من نهب، من أذى، وغير ذلك من كل أنواع الكبائر تلحق بالكبر عادة.
- بل يكفي أن المتكبر قد أراد أن يسلب صفةً لله جل وعلا، وأن تكون فيه هذه الصفة التي لا تكون إلا لله عز وجل إنها صفة العظمة، إنها صفة الكبرياء، كما قال الله في الحديث القدس "الكبرياء ردائي، والعزة أزاري فمن نازعني في واحد منهما عذبته"، نعم إنه عذاب في الدنيا، وعذاب في الآخرة، خزي وراء خزي، وهلاك وراء هلاك، ودمار على ذلك الذي يتكبر على الرحمن جل وعلا، ويحاول أن يتقمص صفة لله تبارك وتعالى من عزة واستكبار: ﴿وَلِلَّهِ العِزَّةُ﴾ فمن ذا يتكبر على الرحمن، ومن ذا يريد أن يتألى على الله جل وعلا، فإن الله يهلكه ويدمره ويعذبه ويفعل به الأفاعيل، ويستحق ذلك لا محالة، وفي الدنيا وفي الآخرة؛ لأنه اعتدى على مقام الألوهية، اعتدى على أمر لا يحل أن تكون في العبد الذي يبقى العبد عبدًا والرب ربًا.
- ألا فمن وُجدت في صفة الكبر ولو كانت يسيرة كان السبب الأكبر والأعظم لدخوله النار وابتعاده عن الجنة، حتى ولو كان مسلمًا كيف لا والنبي صلى الله عليه وسلم يتحدث للمسلمين بذلك أصلًا، كما في الحديث في البخاري ومسلم" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، إذن ما دام وجد الكبر في المسلم فإن هذا حائل بينه وبين أن يدخل الجنة، فإن هذا يحول بينه وبين دخول الجنة ونيل فيها الكرامة، وبين مرافقة النبي، وبين النظر إلى وجه الله، وبين النعيم فاصل يسير اسمه الكبر، فإما يُعذب، وإما يُنعّم، إما يُعذب بكبره في الدنيا وفي الآخرة، وإما يُنعّم بأن يزيل عن نفسه هذه الصفة السيئة، القبيحة، والجريمة الكبيرة التي هي صفة الشيطان أولا، وصفة أهل النار ثانيا.
- ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند مسلم: "ألا أخبركم بأهل النار... كل جواظ عتل مستكبر"، ذلك الجواظ، ذلك المتكبر، ذلك المتغطرس، ذلك الذي يتقمص الصفة التي لله تبارك وتعالى، الذي يحاول سلب العزة من ربه، ويريد أن يأخذ ما هو لله تبارك وتعالى له، فإن الله يسلبه الكرامة في الدنيا وفي الآخرة، ويحوله إلى شر ما أراد من هلاك وخزي وندامة هنا في الدنيا ثم هناك في الآخرة إنه من أهل النار وبئس المصير…
- ولقد قالت النار كما في المتفق عليه: "أُثرت بالمتكبرين والمتجبرين"، تتحدث عن نفسها، وتجادل عن نفسها مع الجنة… لماذا لا يدخلني إلا هؤلاء النتنى، لماذا يزدحم بي هؤلاء الذين يتكبرون على الخلق، ويتكبرون على الخالق، ويتكبرون على الشرع برفضه، وعلى الرسل بعدم الائتمار بأمرهم، وعلى الله برفض العبادة له تبارك وتعالى:﴿وَإِذا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتهُ العِزَّةُ بِالإِثمِ فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئسَ المِهادُ﴾، ﴿إِنَّهُم كانوا إِذا قيلَ لَهُم لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَستَكبِرونَ﴾،… وقال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الذي يأكل بشماله: "كل بيمينك"، قال: لا أستطيع، فقال له صلى الله عليه وسلم: "لا استطعت ما منعه إلا الكبر"، فيبست يده فلم يرفعها أبدًا، ولم ينتفع بها مطلقا…
- إن المتكبرين يُدعون إلى هذا الشرع، وإلى هذا الوحي، وإلى هذا الأمر، إلى هذا النص وإذا بهم يتكبرون على شرع الله، وعلى الله، وعلى رسل الله، وعلى عباد الله… فارتكبوا الجرائم بكلها، لا جريمة أنهم اعتدوا على ربهم فحسب، بل اعتدوا على رسله، واعتدوا على خلقه، وآذوا الله عز وجل: {إِنَّ الَّذينَ يُؤذونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذابًا مُهينًا وَالَّذينَ يُؤذونَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبوا فَقَدِ احتَمَلوا بُهتانًا وَإِثمًا مُبينًا﴾، فاجتمع كل الأذى هنا في هذه الآيات الكريمات بتكبر المرء، وأن يحمل هذه الصفة الخبيثة السيئة التي ربنا تبارك وتعالى في كتابه وفي سنة رسوله وحتى في الأديان السابقة وفي الفطر السوية حارب الكبر وحارب المتكبرين.
- ولو أن المسلم السوي تفكر في نفسه، وعاد إلى رشده، ونظر في أمره، وفكّر وقدر فإنه سيجد على ماذا، وبماذا يتكبر، وما هو أصله أولًا وآخرًا، وإلى أين سيعود ثانيًا، وكيف سيكون العذاب والمصير أبدًا، فلو تفكّر في ذلك جيدًا على أنه كان في رحم أمه لا يملك حتى قوته، ويأتيه الرزق عبر حبل سري، وفي ظلمات ثلاث، ثم يخرج من مخرج البول، ويكون في البول لسنوات… قال رجل لمالك بن دينار: ألا تعرفني قال بلى، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بينك تحمل العذرة... وقال زين العابدين بن علي: إن الله خلق الجنة لمن أطاعه، ولو كان عبدًا حبشيًا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان حرًا قرشيًا أليس الله يقول: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}… نعم لقد كان فلان بن فلان بالأمس نطفة، واليوم مضغة ثم علقة، ثم عظامًا ما بعده حتى يصبح في يوم جيفة… ألا فيا من لا زال يدب في قلبِه كبر أو غرور ألا تذكرت من ماذا خُلقت: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يمنى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فسوى}، قال الأحنفُ بنُ قيس: عجبتُ لمن يجري في مَجرى البَول مرَّتين، كيف يتكبَّر!: هكذا كنتَ فكيف تتكبر: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}...
- نعم إنه ذلك الإتسان عامة، والمتكبر خاصة… ثم سنوات وهو على هذا الضعف، وما أن يشب قليلاً حتى يهرم كثيرًا، ولربما لا يهرم أصلًا، بل يأتيه الموت فيعيده إلى التراب الذي هو أصله الأصيل، وإلى حفرته المؤقتة، ثم يكون ذلك المصير الأبدي إلى الجنة أو نار إلى أن يأذن الله بقيام الساعة فيقوم الناس لرب العالمين فهنا يكون الجزاء للمتكبر بجنس ما عمل كما جاء في الحديث الصح عن النبي صلى الله عليه وسلم يُحشر المتكبرون كالذر في صور الرجال تدوسهم الناس" ﴿جَزاءً وِفاقًا﴾؛ لأنهم تكبروا على الناس فيحشرهم الله كالذر ضعفًا ومهانة وخذلانًا وفوق هذا تدوسهم الناس يوم القيامة وهم في صورهم وانظروا إلى الحديث في صور الرجال تدوسهم الناس يوم القيامة ثم ماذا، "ثم يساقون إلى نار الأنيار"، انظروا إلى التعبير، ثم إلى سجن في جهنم، فيُسقون مهانة وعذابًا؛ لأنهم تغطرسوا وتكبروا في الدنيا فيسقون من صديد أهل النار؛ لأنهم تكبروا على البشر في الدنيا في مأكلهم، وفي مشربهم، وفي لباسهم، ولأن هذا المتكبر أغنى منهم، أو أجمل منهم، أو أقوى نسبًا منهم، أو أكثر قوة منهم، أو أكثر سلطة منهم، أو أكثر سطوة منهم، أو يملك ما يملك فإنه يتكبر عليهم.
- هذه هي مقومات ذلك المتكبر؛ لأنه يملك اليوم بضع ريالات؛ لأنه يملك اليوم بضع مليارات الدولارات، لأنه يملك اليوم جيوشًا ذليلة خاضعة له، لأنه يملك اليوم قوة وقدرة وسلطة وهيبة، لأنه اليوم يملك سياسة قوية، لأنه اليوم يملك بنية تحتية متينة، لأنه اليوم يملك قوة عالمية أو شعبوية في وطنه، أو في بلده، أو في إقليمه، أو في العالم بأكمله، لأنه يتحكم في قرار الأمم، ويتحكم في الدول، ويتحكم في السلب والنهب، والضرب والسجن القتل والسحل والسجن، لأنه يملك ما يملك في الدنيا فيكون المهانة في الدنيا ثم في الآخرة.
- وما أحداث لوس أنجلوس عنا ببعيدة كم تكبرت إمريكا على الأمة، كم تكبرت على العالم بأكمله فأذاقها الله لباس الخوف، والمحرقة، والقتل، والدمار، والهلاك، والعذاب وأيضًا الأعاصير والزلازل والدمار والقوة التي يتكبرون بها أصبحت هي التي تعذبهم…
- وليس بالضرورة أن يكون هذا العذاب من زلازل، وأعاصير، وبراكين، وحرائق، وصراع، وقتل، وحروب، ودمار، وسفك دماء، وبلطجة سياسية، واقتصادية، وثقافية، وأخلاقية… وقل ما شئت؛ فقد تكون العقوبات معنويًا بالتشتت والتفرق في قلوب المجتمع، وتكون أيضًا بالخوف والقلق والاضطراب والخلاف والانتحار والتفكك الأسري، والمجتمعي وهي دول كثيرة تعاني من هذا بكله: ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ .
- وما الدولة اليهو'دية القومية المحتلة أيضا إلا مثال لذلك بكله وأنموذج التي يعاني أكثر من ثلثي الشعب فيها من الأمراض النفسية القهرية التي أصبح أكثر من ثلثي محتل قد زار الأطباء النفسانيين، وأتو إليهم ولم يجدوا أي حل لهم، بل إن أكثر ما يعانون منه هو ذلك، ولقد نفدت كل السبل والوسائل الأرضية، بل وحتى علاج تخفيف القلق منهم في الصيدليات وحتى الأطباء في نقص كبير فيهم لأنهم يعانون حربًا نفسية وبشرية واقتصادية كبرى، فعند أعداء الدين والمسلمين من المتكبرين عامة كاليهود وأمريكا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من دول العدو والمتآمرين الخونة إلا أنها المعنوية أعظم وأكبر وأجل وأخطر وما لا يظهر للعلن أكبر وأكثر مما يظهر.
إنها إرادة الله ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾، فلكم يدمرون يقتلون يقصفون يحرقون يفعلون الأفاعيل لكن تأتي لحظات وثوان معدودة إذا بها تجهز على القتلة… وتنسي ماضي سحيق لهم ودمار وعذاب اليم على غيرهم منهم، وإذا بهم في خبر كان سواء كان في الماضي، أو في الحاضر، أو في المستقبل بإذن الرحمن. سيكون لا محالة.
إن عدالة الله العدالة الإلهية في الأرض لابد أن تتحقق وفي الدنيا وفي الآخرة إن لم تُر بالأعين فإنها ترى في القلوب والأبصار والأعمال وإن لم تكن ظاهرة للحقائق﴿فَإِنَّها لا تَعمَى الأَبصارُ وَلكِن تَعمَى القُلوبُ الَّتي فِي الصُّدورِ﴾.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد: - فما مثال فرعون إلا واحد من الأمثلة التي أبرزها القرآن وكررها في كثير من السور والآي، هي مثال ونموذج واحد لعل الناس ينزجرون ويرتدعون بدءًا من ملوك وأمراء ومسؤولين ومدراء وكل من لديه سلطة كبرت أو صغرت وأيضًا حتى ذلك الفرد سلطته في نفسه: ﴿وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا أَنفُسَهُم يَظلِمونَ﴾ فكلكم راع فليتق الله الإنسان في رعيته بدءًا من نفسه ولينظر إلى من سبقه ممن تكبر على الخلق كيف أصبحوا رميم ورماد وعبرة وعظة للمتعظين والمعتبرين.
- أما قرأتم قصة قارون أيضًا ﴿قالَ إِنَّما أوتيتُهُ عَلى عِلمٍ عِندي.. ﴾ ورثته من أبائي، من أجدادي، أخذته من قوتي، وحنكتي، وفطنتي، ودهائي، وشهائدي، وخبراتي فإذا به لا أن يخسف بشخصه لا بل وبأملاكه: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلْأَرْضَ...﴾، ﴿ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنوءُ بِالعُصبَةِ أُولِي القُوَّةِ إِذ قالَ لَهُ قَومُهُ لا تَفرَح إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحينَ﴾، يعني حتى المفاتيح للدار الذي فيه القصور أو بنك البنوك لذلك المليار دير لا يستطيع حتى المفاتيح أن يأخذه العصبة عشرة وأكثر فكيف بالكنوز الموجودة وحتى لا يتهم موسى ولا يتهم من آمن معه بأنهم أرادوا ملكه ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُۥ مِن فِئَةٍۢ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾ من ينصر الغرب عندما يتكبرون على الأمة يوم أن يأتيهم أمر الله لا محالة: ﴿وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا سَبَقوا إِنَّهُم لا يُعجِزونَ﴾، ﴿وَكَذلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ القُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَليمٌ شَديدٌ﴾ … ﴿أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتًا وَهُم نائِمونَ أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًى وَهُم يَلعَبونَ أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ﴾..
كم سلبوا، كم قتلوا، كم بطشوا، كم تآمروا، كم خذلو، كم سحقوا، كم أبادوا، كم دمروا، كم خططوا، كم فرقوا، كم سادوا، كم فعلوا ما فعلوا لكن ما ذاقوه قبل قرن من الزمان سيذيقونه وأكبر منه بإذن الرحمن: ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيكُونَ﴿إِن يَشَأ يُذهِبكُم وَيَأتِ بِخَلقٍ جَديدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزيزٍ﴾…
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A