*الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل نجاة الأمة* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد ...
*الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل نجاة الأمة*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
لمشاهدة الخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/9pTi3wpjuXE?si=yPuScszmLpw0ZDb1
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا جامعة حضرموت / 18 /ذو القعدة/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الأمة تعيش كارثتها، ومصيبتها، وبلواها، وفي ذروة سنامها، ويصيبها ما يصيبها وهي تبحث عن المخرج هنا وهناك، وتسلك الطريق حائرة لا تعرف أين تتجه، ولا أين تتوجه، ولا أين تذهب، ولا من أي طريق سيكون المخرج، فهي تتخبط تخبط العشواء، وكأنها أمة متروكة ليست موصولة برب العالمين سبحانه وتعالى، وكأن هذه الأمة قد تُرِكَت كما تُرِكَت غيرها من الأُمَم، وأصبحت متفرِّقة تبحث عن الحل عند المغضوبٍ عليهم وعند الضالِّين، وعند من لا كتاب لهم أصلًا مُبين، بينما هذه الأمة لديها المخرج، ولديها الطريق، ولديها الحبل الموصول المُتَّصل بمالك الأرض والسماء جل وعلا ولكن البلوى التي أُصيبت بها الأمة على أنها ما عرفت ذلك الطريق مع أنه أقرب إليها من حبل الوريد وتخبطت هنا وهناك وركنت على الظالمين والكافرين وأعداء الله أجمعين، والله يقول مُحذِّرًا: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ}، ومعناه سيَتْرُكُكُمْ رَبُّكُمْ جَلَّ وَعَلَى فَلَا نَاصِرَ لَكُمْ، وَلَا مَخْرَجَ لَكُمْ، وَلَا مُغِثَ لَكُمْ، وَلَا أَيِّ شَيْءٍ يُمْكِنُ أَن يُنقِذَكُمْ، مَا دُمْتُمْ قَدْ رَكِنْتُمْ عَلَى غَيْرِكُمْ، وَلَمْ تَعُودُوا لِمَنْ يَجِبُ أَنْ تَعُودُوا إِلَيْهِ أَصْلًا أَلا وَهُوَ رَبُّكُمْ!.
- ألم يقل الله جل وعلا في محكم تنزيله، ونص كتابه مبينًا الطريق الذي يجب على الأمة اتباعه:{وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (خطَّ لنا رسول الله ﷺ خطًّا مستقيمًا، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله ثم قال: "هذا صراط الله على الخط المستقيم، وهذه سُبُلُ الشيطان على كل سبيل شيطان يدعو إليها، ثم قرأ ﷺ: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}.
- ألا فهذه سُبُلُ الشيطان متفرِّقة غير مجموعة، كلُّ واحد يدعو لطريقه، ويريد أن يجذب الناس نحوه، ويضلهم ضلالًا بعيدًا عن سبيل الله: ﴿إِنَّ الشَّيطانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدعو حِزبَهُ لِيَكونوا مِن أَصحابِ السَّعيرِ﴾ ، فكل واحد يريد أن يبتز، وكلُّ واحد يريد أن يأخذ ويسلب، وكلُّ واحد يتوعد ويهدِّد، وكلُّ واحد يرى على أن القرار قراره، وعلى أن الأمر له، وعلى أن كل شيء بيده، وأنه المُسيطر والمُتحكم وبيده الأمر والنهي كله، وبيده المخرج برمته، فأصبحت على هذه السُّبُل تُضِل وتَضِل وتُنسِي وتُنسَى وتفترق ولا تتحِد…
- ألم يسمع قومنا قول ربنا وهو يوصيهم ويوجههم بكل وضوح تمامًا: ﴿وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ فتذهب هيبتكم بين أمم الأرض، وفعلًا أصبحت هذه تنهش من جهة وهذه تأخذ من جهة، وبأسماء وحيل مختلفة، وطرق متفرقة، وسياسات كثيرة، ورؤى طويلة… لأنكم لم تعودوا إلى ما عاد إليه أوائلُكم ثم يكون بعد ذلك النظر من ربكم لكم، ويُخرِجكم من مأساتكم، ومن أي شيءٍ كان عليكم ونزل بكم: ﴿أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾…
- فالأمة اليوم هي بحاجةٍ ماسة إلى أن تعتصم بحبل الله وإلى أن تعود إلى الله وإلى التمسُّك بكتاب الله وسُنَّة رسول الله ﷺ: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}، {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}ولكن ردُّوه إلى من؟ ردُّوه إلى الكافرين وإلى الظالِمين وإلى شياطين الأرض أجمعين وإلى أعدائهم واحداً واحداً فأيُّ مخرجٍ إن ضلَّت الأمة المخرج حق جل جلاله الذي بيده الفلاح وبيده الرحمة وبيده النجاة: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} فهي هداية في دنيا ودين تهتدوا إلى سبيل النجاة في الدنيا، وإلى سبيل الرفعة والمنعة والعز والسُّؤدد والرفاهية والسعادة والطمأنينة والحضارة والحياة الكريمة، وفي الآخرة أيضًا: { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا }، بل ليست الهداية وفقط بل حتى الفلاح كل الفلاح هو بالاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } أفلحوا وسعدوا وأمنوا وسموا وارتفعوا وعلوا وملكوا وتملكوا؛ لأنهم أخذوا بالمنهج الحق الذي يجب أن يأخذوا به والذي زكاه ربنا تبارك وتعالى في محكم تنزيله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
- فهذا هو الدين المرضي وهذا هو الإسلام الحق الذي يجب أن يأخذ به الناس إن أرادوا الحق وإن أرادوا النجاة وإن أرادوا السعادة،
أما إن ابتعدوا عن الكتاب والسنة وآخذوا بغيرهما فلن يكون لهم فلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة: ﴿فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكرٌ لَكَ وَلِقَومِكَ وَسَوفَ تُسأَلونَ﴾، والذكر هو الشرف والرفعة والعز والمنعة، وبه السؤدد كله كما أدركه أوائلنا بالرغم كانوا رعاة غنم، وأشقى أهل الأرض فسادوا بعد ربع قرن ثلث الأرض: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}، بل وأي ذكر أعظم من ذكر الكتاب والسنة،
الروح: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا } يعني أن غيره هو الظلام فاستمسك به حق الاستمساك: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}، بل إن الكتاب والسنة ينال العبد بهما ولاية الله كل الولاية: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ }…
- فماذا إذن أنتولى الطواغيت من دون الله وهي كثيرة في الأرض تنافس الله، أفنعتصم بها ونترك ربنا عز وجل وهو يرينا الطريق: ﴿الَّذينَ آمَنوا يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ وَالَّذينَ كَفَروا يُقاتِلونَ في سَبيلِ الطّاغوتِ فَقاتِلوا أَولِياءَ الشَّيطانِ إِنَّ كَيدَ الشَّيطانِ كانَ ضَعيفًا﴾، ويحذرنا منهم كل تحذير: ﴿أَفَحُكمَ الجاهِلِيَّةِ يَبغونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكمًا لِقَومٍ يوقِنونَ﴾، وينهانا كل نهي: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}، والشياطين كثيرة لكن كلها شياطين تدعو إلى صراطها وإلى طريقها بل وإلى جحيمها، بينما الله محذراً يقول للناس منها: ﴿إِنَّ الشَّيطانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدعو حِزبَهُ لِيَكونوا مِن أَصحابِ السَّعيرِ﴾، {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}، ﴿أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا﴾، أجعلتموهم أولياء بدلاً من أن توالوا الله، بدلاً من أن تكونوا أولياء الله، بدلاً من أن تعودوا لله كنتم أولياء للشيطان: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، عدتم إليهم وركنتم عليهم وتوليتموهم، فكان مصيركم هذا، لأنكم لم تعودوا إلى الكتاب المبين وإلى الصراط المستقيم وإلى طريق النبي الأمين ﷺ…
- ألا فالطاعة لله ورسوله من كتاب وسنة فريضة وضرورة: قال الله تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}، {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}،، {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ﴿آمَنَ الرَّسولُ بِما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ وَالمُؤمِنونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِن رُسُلِهِ وَقالوا سَمِعنا وَأَطَعنا غُفرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيكَ المَصيرُ ،
وقد أمر الله سبحانه المؤمنين بالتحاكم إلى الكتاب والسنة عند التنازع والاختلاف، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}، ﴿وَمَا اختَلَفتُم فيهِ مِن شَيءٍ فَحُكمُهُ إِلَى اللَّهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبّي عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنيبُ﴾، ﴿إِنّا أَنزَلنا إِلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ النّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِلخائِنينَ خَصيمًا﴾ ، ونهى كل النهي عن أي اعتراض على حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، بل يجب الأخذ كله: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وطمأنهم أن ما عند رسوله هو من عنده جل جلاله بقوله: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}… {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وقال في آخر سورة النور: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال في سورة الفتح: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا }.
والاتباع للكتاب والسنة حياة ونور ورحمة وسعادة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}، {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا }، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}…
- ولذا النبي عليه الصلاة والسلام قد قال في الحديث الصحيح ضامناً للناس الجنة إن اتبعوه وأطاعوه فقال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى" قيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى"، فهو صلى الله عليه وسلم كالسفينة من سلكها نجا وإلا سيهلك حتما، فإما نجاة وإما هلاك، إما أن يخوض على ظهرها أو أن يخوض في بطنها وينتهي به البحر إلى هوام ما فيه...
وهذه السفينة سفينة الأمة التي تنخر في بحر الخضم يجب أن تعدل ويجب أن تقوم ويجب أن تصان وأن يحافظ عليها وأن تكون القيادة التي تقود هذه هي قيادة خير للناس لأنها إن توجهت إلى خير توجه من في السفينة وإن توجهت إلى شر سيكون من في السفينة بعدهم وسيكون من في السفينة تحت قبضتهم وأيديهم لا يستطيعون خلاصا وإن القائد الحق هو قيادة الكتاب والشنة بهذه الأمة وكل قيادة تنازع هذا فهي تنازع رب العالمين سبحانه وتعالى والله يقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ } لا بأهوائه ولا بشهواته ولا بجاهه ولا بقوانينه ولا بقراراته ولا بإملاءاته ولا بإملاءات غيرك عليك، لا أي شيء من ذلك بل: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}، فمن خان الكتاب والسنة وحكم بغيزهما وارتضى سواهما فلا خير فيه، ولا تخاصم عنه ولا يستحق أن تخاصم عنه أصلا لأنه قد خرج عن الهدي والطريق….
- ألا فهذا هو الطريق، هذا هو المخرج، هذا هو السبيل، وكل سبيل على غير ذلك فهي ضلال بعيد، والنبي ﷺ قد خطب في الناس في حجة الوداع وقال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به وفي رواية ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي"، فضمن النبي عليه الصلاة والسلام للأمة عدم الضلال لا في دنيا ولا في دين ولا في طريق ولا في سبيل ولا في أي شيء من أمرهم في سياساتهم واقتصادهم واجتماعهم وثقافتهم وأخلاقهم وعلى كل أوامرهم ونواهيهم وتحكمهم ودنياهم وما فيها لن يضلوا أبدا، إن اعتصموا بالسبيل وبالطريق وبهدي النبي عليه الصلاة والسلام وبهدي القرآن، فإن تولوا عن ذلك تول الله عنهم وابتعد عنهم وتركهم لأنفسهم ولأهوائهم وشياطينهم ومن يتحكمون فيهم أيًا كانوا…
- فالسبيل هو سبيل الله والنجاة من عند الله والطريق واضح كل الوضوح إن أخذ الناس به وأحسنوا في الأخذ به وإن تركوا ذلك ضلوا وانتهوا وذهبت كرامتهم ومالهم ودنياهم وحياتهم وجاههم وكل شيء يذهب مع ذهاب الحكم بالكتاب والسنة اللذان هما القيادة الحقة لهذه الأمة، والسؤدد والخير لهذه الأمة وما أنقذها إلا الكتاب والسنة ما أنقذها مما هي فيه من ضلال إلا الكتاب والسنة وعلى قدر بعدها عنهما يكون الهلاك المحقق كما قال ربنا سبحانه وتعالى: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، فتنة في أنفسهم وفتنة في أهليهم وفتنة في دنياهم وفتنة في قيادتهم وفتنة في سيادتهم في سياستهم في كل قرار لهم هذه الفتنة العامة التي تصيب الناس بقدر ما ابتعدوا عن كتاب الله وعن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام تكون فتنة ويكون العذاب الأليم عليهم: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}، ويعم ذلك على الناس عامة لأنهم حادوا ومالوا وخرجوا عن هدي الله وهدي رسوله عليه الصلاة والسلام وعن الوصية الكبرى التي أوصانا بها نبينا عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ألا وإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، يقول عليه الصلاة والسلام وفي رواية شاذة وكل ضلالة في النار، فهذه ضلالات متعددة وسبل وطرق غير متحدة، هذه بكلها تدعو هذه الأمة إليها، فإن والله اتبعتها وضلت وأضلت وانتهت وذهبت كما هي الآن عليه من شقاء وتعاسة وتخبط وركوذ و وظلمات تعيشها بعضها فوق بعض، فإن أخذت بالكتاب وبالسنة ارتفعت وعلت وشمخت وحكمت وتحكمت وسيطرت وكان لها الصوت والصدى وكان لها القوة وبقدر فقدها العمل بالكتاب ربها وسنة نبيها تكون النهاية الحتمية لها، نعوذ بالله من ذلك…
أقول قولي هذا وأستغفر الله
*الــخـــطــبة الثانــــية:* ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد...: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…:
- ربنا عز وجل هو أرحم بالأمة من آبائنا ومن أمهاتنا ومن أحب الناس وأشفقهم بنا، فإن عدنا إلى الراحم بنا، وتعرفنا على الخالق لنا، واصطلحنا مع الله عز وجل فرج عنا، ورفع ما بنا، ولن يكشفها غيره حتما، بل يزيدها عمى بل يزيدها ضلالا بل يزيدها محقًا بل يزيدها انتكاسة بل يزيدها ما يزيدها ونعيش أكثر مما نحن نعيش الآن: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}،
{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}،
﴿وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحرِ ضَلَّ مَن تَدعونَ إِلّا إِيّاهُ﴾، فلا أمم متحدة، ولا مجلس أمن، ولا منظمات دولية، ولا حقوق إنسان ولا غيره بل الله وحده: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}، فماذا ننتظر: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ}، ﴿أَم أَمِنتُم أَن يُعيدَكُم فيهِ تارَةً أُخرى فَيُرسِلَ عَلَيكُم قاصِفًا مِنَ الرّيحِ فَيُغرِقَكُم بِما كَفَرتُم ثُمَّ لا تَجِدوا لَكُم عَلَينا بِهِ تَبيعًا﴾، فليس من منج في وقت الضراء إلا رب الأرض والسماء، ونحن نحتاج إلى التعرف عليه، وعلى الهدي الذي نمشي به إليه، فإن لم نتصل بهما بكتاب الله وبسنة رسول الله ﷺ الذي كانا هما الطريق والسبيل لمن ارتفعوا من أسلافنا سنبقى في مأساتنا…!.
- وكونوا على يقين أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها، بل لن يصلح هذه البشرية بكلها إلا الهدي الذي جاء به رسولنا عن ربنا عز وجل من كتاب الله ومن سنة رسوله ﷺ لا سياسات ولا قرارات ولا اجتماعات ولا معسكرات ولا مجنزرات ولا دبابات ولا صواريخ ولا أي شيء من مقومات الدنيا الفانية، كلها ممحوقة إذا لم يكن من يحملها قويا فإذا لم يكن متصلا فإن غيره ممن لديه أكثر مما لديه سيهزمه في أول معركة بينه وبينه وتصادم يسير حتى ولو كان لا شيء من ذلك إلا مجرد تهديد لأنه لم يتصل بالقوة التي يجب أن يتصل بها والمنعة التي يجب أن يتمنع بها لتحرسه من كيد الشيطان ومن أولياء الشيطان…
- فالواجب علينا أن نتمسك في أنفسنا وفي أعمالنا وبين أهلنا وفي كل شيء من أمرنا كنا أفراداً كنا جماعات كنا دولة كنا ما كنا أن نتمسك بهدي الله وبهدي رسول الله ﷺ: فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكرٌ لَكَ وَلِقَومِكَ وَسَوفَ تُسأَلونَ﴾، ﴿وَالَّذينَ يُمَسِّكونَ بِالكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنّا لا نُضيعُ أَجرَ المُصلِحينَ﴾ ، وأن نحكّمهما في كل أمرنا وكل منحى من مناحي حياتنا ألا وهما الكتاب والسنة فإننا ستعيش بسلام وسنعيش بأمان وسنعيش بسعادة وسنعيش بارتياح وسمأنية وحياة كريمة… وإن عم هذا في أفراد الأمة فرداً فرداً عم في الأمة جميعاً والله سبحانه وتعالى قد شرط ذلك شرط جازما: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}…
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
لمشاهدة الخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/9pTi3wpjuXE?si=yPuScszmLpw0ZDb1
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا جامعة حضرموت / 18 /ذو القعدة/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الأمة تعيش كارثتها، ومصيبتها، وبلواها، وفي ذروة سنامها، ويصيبها ما يصيبها وهي تبحث عن المخرج هنا وهناك، وتسلك الطريق حائرة لا تعرف أين تتجه، ولا أين تتوجه، ولا أين تذهب، ولا من أي طريق سيكون المخرج، فهي تتخبط تخبط العشواء، وكأنها أمة متروكة ليست موصولة برب العالمين سبحانه وتعالى، وكأن هذه الأمة قد تُرِكَت كما تُرِكَت غيرها من الأُمَم، وأصبحت متفرِّقة تبحث عن الحل عند المغضوبٍ عليهم وعند الضالِّين، وعند من لا كتاب لهم أصلًا مُبين، بينما هذه الأمة لديها المخرج، ولديها الطريق، ولديها الحبل الموصول المُتَّصل بمالك الأرض والسماء جل وعلا ولكن البلوى التي أُصيبت بها الأمة على أنها ما عرفت ذلك الطريق مع أنه أقرب إليها من حبل الوريد وتخبطت هنا وهناك وركنت على الظالمين والكافرين وأعداء الله أجمعين، والله يقول مُحذِّرًا: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ}، ومعناه سيَتْرُكُكُمْ رَبُّكُمْ جَلَّ وَعَلَى فَلَا نَاصِرَ لَكُمْ، وَلَا مَخْرَجَ لَكُمْ، وَلَا مُغِثَ لَكُمْ، وَلَا أَيِّ شَيْءٍ يُمْكِنُ أَن يُنقِذَكُمْ، مَا دُمْتُمْ قَدْ رَكِنْتُمْ عَلَى غَيْرِكُمْ، وَلَمْ تَعُودُوا لِمَنْ يَجِبُ أَنْ تَعُودُوا إِلَيْهِ أَصْلًا أَلا وَهُوَ رَبُّكُمْ!.
- ألم يقل الله جل وعلا في محكم تنزيله، ونص كتابه مبينًا الطريق الذي يجب على الأمة اتباعه:{وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (خطَّ لنا رسول الله ﷺ خطًّا مستقيمًا، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله ثم قال: "هذا صراط الله على الخط المستقيم، وهذه سُبُلُ الشيطان على كل سبيل شيطان يدعو إليها، ثم قرأ ﷺ: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}.
- ألا فهذه سُبُلُ الشيطان متفرِّقة غير مجموعة، كلُّ واحد يدعو لطريقه، ويريد أن يجذب الناس نحوه، ويضلهم ضلالًا بعيدًا عن سبيل الله: ﴿إِنَّ الشَّيطانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدعو حِزبَهُ لِيَكونوا مِن أَصحابِ السَّعيرِ﴾ ، فكل واحد يريد أن يبتز، وكلُّ واحد يريد أن يأخذ ويسلب، وكلُّ واحد يتوعد ويهدِّد، وكلُّ واحد يرى على أن القرار قراره، وعلى أن الأمر له، وعلى أن كل شيء بيده، وأنه المُسيطر والمُتحكم وبيده الأمر والنهي كله، وبيده المخرج برمته، فأصبحت على هذه السُّبُل تُضِل وتَضِل وتُنسِي وتُنسَى وتفترق ولا تتحِد…
- ألم يسمع قومنا قول ربنا وهو يوصيهم ويوجههم بكل وضوح تمامًا: ﴿وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ فتذهب هيبتكم بين أمم الأرض، وفعلًا أصبحت هذه تنهش من جهة وهذه تأخذ من جهة، وبأسماء وحيل مختلفة، وطرق متفرقة، وسياسات كثيرة، ورؤى طويلة… لأنكم لم تعودوا إلى ما عاد إليه أوائلُكم ثم يكون بعد ذلك النظر من ربكم لكم، ويُخرِجكم من مأساتكم، ومن أي شيءٍ كان عليكم ونزل بكم: ﴿أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾…
- فالأمة اليوم هي بحاجةٍ ماسة إلى أن تعتصم بحبل الله وإلى أن تعود إلى الله وإلى التمسُّك بكتاب الله وسُنَّة رسول الله ﷺ: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}، {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}ولكن ردُّوه إلى من؟ ردُّوه إلى الكافرين وإلى الظالِمين وإلى شياطين الأرض أجمعين وإلى أعدائهم واحداً واحداً فأيُّ مخرجٍ إن ضلَّت الأمة المخرج حق جل جلاله الذي بيده الفلاح وبيده الرحمة وبيده النجاة: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} فهي هداية في دنيا ودين تهتدوا إلى سبيل النجاة في الدنيا، وإلى سبيل الرفعة والمنعة والعز والسُّؤدد والرفاهية والسعادة والطمأنينة والحضارة والحياة الكريمة، وفي الآخرة أيضًا: { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا }، بل ليست الهداية وفقط بل حتى الفلاح كل الفلاح هو بالاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } أفلحوا وسعدوا وأمنوا وسموا وارتفعوا وعلوا وملكوا وتملكوا؛ لأنهم أخذوا بالمنهج الحق الذي يجب أن يأخذوا به والذي زكاه ربنا تبارك وتعالى في محكم تنزيله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
- فهذا هو الدين المرضي وهذا هو الإسلام الحق الذي يجب أن يأخذ به الناس إن أرادوا الحق وإن أرادوا النجاة وإن أرادوا السعادة،
أما إن ابتعدوا عن الكتاب والسنة وآخذوا بغيرهما فلن يكون لهم فلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة: ﴿فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكرٌ لَكَ وَلِقَومِكَ وَسَوفَ تُسأَلونَ﴾، والذكر هو الشرف والرفعة والعز والمنعة، وبه السؤدد كله كما أدركه أوائلنا بالرغم كانوا رعاة غنم، وأشقى أهل الأرض فسادوا بعد ربع قرن ثلث الأرض: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}، بل وأي ذكر أعظم من ذكر الكتاب والسنة،
الروح: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا } يعني أن غيره هو الظلام فاستمسك به حق الاستمساك: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}، بل إن الكتاب والسنة ينال العبد بهما ولاية الله كل الولاية: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ }…
- فماذا إذن أنتولى الطواغيت من دون الله وهي كثيرة في الأرض تنافس الله، أفنعتصم بها ونترك ربنا عز وجل وهو يرينا الطريق: ﴿الَّذينَ آمَنوا يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ وَالَّذينَ كَفَروا يُقاتِلونَ في سَبيلِ الطّاغوتِ فَقاتِلوا أَولِياءَ الشَّيطانِ إِنَّ كَيدَ الشَّيطانِ كانَ ضَعيفًا﴾، ويحذرنا منهم كل تحذير: ﴿أَفَحُكمَ الجاهِلِيَّةِ يَبغونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكمًا لِقَومٍ يوقِنونَ﴾، وينهانا كل نهي: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}، والشياطين كثيرة لكن كلها شياطين تدعو إلى صراطها وإلى طريقها بل وإلى جحيمها، بينما الله محذراً يقول للناس منها: ﴿إِنَّ الشَّيطانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدعو حِزبَهُ لِيَكونوا مِن أَصحابِ السَّعيرِ﴾، {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}، ﴿أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا﴾، أجعلتموهم أولياء بدلاً من أن توالوا الله، بدلاً من أن تكونوا أولياء الله، بدلاً من أن تعودوا لله كنتم أولياء للشيطان: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، عدتم إليهم وركنتم عليهم وتوليتموهم، فكان مصيركم هذا، لأنكم لم تعودوا إلى الكتاب المبين وإلى الصراط المستقيم وإلى طريق النبي الأمين ﷺ…
- ألا فالطاعة لله ورسوله من كتاب وسنة فريضة وضرورة: قال الله تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}، {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}،، {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ﴿آمَنَ الرَّسولُ بِما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ وَالمُؤمِنونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِن رُسُلِهِ وَقالوا سَمِعنا وَأَطَعنا غُفرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيكَ المَصيرُ ،
وقد أمر الله سبحانه المؤمنين بالتحاكم إلى الكتاب والسنة عند التنازع والاختلاف، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}، ﴿وَمَا اختَلَفتُم فيهِ مِن شَيءٍ فَحُكمُهُ إِلَى اللَّهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبّي عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنيبُ﴾، ﴿إِنّا أَنزَلنا إِلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ النّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِلخائِنينَ خَصيمًا﴾ ، ونهى كل النهي عن أي اعتراض على حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، بل يجب الأخذ كله: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وطمأنهم أن ما عند رسوله هو من عنده جل جلاله بقوله: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}… {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وقال في آخر سورة النور: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال في سورة الفتح: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا }.
والاتباع للكتاب والسنة حياة ونور ورحمة وسعادة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}، {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا }، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}…
- ولذا النبي عليه الصلاة والسلام قد قال في الحديث الصحيح ضامناً للناس الجنة إن اتبعوه وأطاعوه فقال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى" قيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى"، فهو صلى الله عليه وسلم كالسفينة من سلكها نجا وإلا سيهلك حتما، فإما نجاة وإما هلاك، إما أن يخوض على ظهرها أو أن يخوض في بطنها وينتهي به البحر إلى هوام ما فيه...
وهذه السفينة سفينة الأمة التي تنخر في بحر الخضم يجب أن تعدل ويجب أن تقوم ويجب أن تصان وأن يحافظ عليها وأن تكون القيادة التي تقود هذه هي قيادة خير للناس لأنها إن توجهت إلى خير توجه من في السفينة وإن توجهت إلى شر سيكون من في السفينة بعدهم وسيكون من في السفينة تحت قبضتهم وأيديهم لا يستطيعون خلاصا وإن القائد الحق هو قيادة الكتاب والشنة بهذه الأمة وكل قيادة تنازع هذا فهي تنازع رب العالمين سبحانه وتعالى والله يقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ } لا بأهوائه ولا بشهواته ولا بجاهه ولا بقوانينه ولا بقراراته ولا بإملاءاته ولا بإملاءات غيرك عليك، لا أي شيء من ذلك بل: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}، فمن خان الكتاب والسنة وحكم بغيزهما وارتضى سواهما فلا خير فيه، ولا تخاصم عنه ولا يستحق أن تخاصم عنه أصلا لأنه قد خرج عن الهدي والطريق….
- ألا فهذا هو الطريق، هذا هو المخرج، هذا هو السبيل، وكل سبيل على غير ذلك فهي ضلال بعيد، والنبي ﷺ قد خطب في الناس في حجة الوداع وقال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به وفي رواية ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي"، فضمن النبي عليه الصلاة والسلام للأمة عدم الضلال لا في دنيا ولا في دين ولا في طريق ولا في سبيل ولا في أي شيء من أمرهم في سياساتهم واقتصادهم واجتماعهم وثقافتهم وأخلاقهم وعلى كل أوامرهم ونواهيهم وتحكمهم ودنياهم وما فيها لن يضلوا أبدا، إن اعتصموا بالسبيل وبالطريق وبهدي النبي عليه الصلاة والسلام وبهدي القرآن، فإن تولوا عن ذلك تول الله عنهم وابتعد عنهم وتركهم لأنفسهم ولأهوائهم وشياطينهم ومن يتحكمون فيهم أيًا كانوا…
- فالسبيل هو سبيل الله والنجاة من عند الله والطريق واضح كل الوضوح إن أخذ الناس به وأحسنوا في الأخذ به وإن تركوا ذلك ضلوا وانتهوا وذهبت كرامتهم ومالهم ودنياهم وحياتهم وجاههم وكل شيء يذهب مع ذهاب الحكم بالكتاب والسنة اللذان هما القيادة الحقة لهذه الأمة، والسؤدد والخير لهذه الأمة وما أنقذها إلا الكتاب والسنة ما أنقذها مما هي فيه من ضلال إلا الكتاب والسنة وعلى قدر بعدها عنهما يكون الهلاك المحقق كما قال ربنا سبحانه وتعالى: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، فتنة في أنفسهم وفتنة في أهليهم وفتنة في دنياهم وفتنة في قيادتهم وفتنة في سيادتهم في سياستهم في كل قرار لهم هذه الفتنة العامة التي تصيب الناس بقدر ما ابتعدوا عن كتاب الله وعن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام تكون فتنة ويكون العذاب الأليم عليهم: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}، ويعم ذلك على الناس عامة لأنهم حادوا ومالوا وخرجوا عن هدي الله وهدي رسوله عليه الصلاة والسلام وعن الوصية الكبرى التي أوصانا بها نبينا عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ألا وإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، يقول عليه الصلاة والسلام وفي رواية شاذة وكل ضلالة في النار، فهذه ضلالات متعددة وسبل وطرق غير متحدة، هذه بكلها تدعو هذه الأمة إليها، فإن والله اتبعتها وضلت وأضلت وانتهت وذهبت كما هي الآن عليه من شقاء وتعاسة وتخبط وركوذ و وظلمات تعيشها بعضها فوق بعض، فإن أخذت بالكتاب وبالسنة ارتفعت وعلت وشمخت وحكمت وتحكمت وسيطرت وكان لها الصوت والصدى وكان لها القوة وبقدر فقدها العمل بالكتاب ربها وسنة نبيها تكون النهاية الحتمية لها، نعوذ بالله من ذلك…
أقول قولي هذا وأستغفر الله
*الــخـــطــبة الثانــــية:* ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد...: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…:
- ربنا عز وجل هو أرحم بالأمة من آبائنا ومن أمهاتنا ومن أحب الناس وأشفقهم بنا، فإن عدنا إلى الراحم بنا، وتعرفنا على الخالق لنا، واصطلحنا مع الله عز وجل فرج عنا، ورفع ما بنا، ولن يكشفها غيره حتما، بل يزيدها عمى بل يزيدها ضلالا بل يزيدها محقًا بل يزيدها انتكاسة بل يزيدها ما يزيدها ونعيش أكثر مما نحن نعيش الآن: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}،
{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}،
﴿وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحرِ ضَلَّ مَن تَدعونَ إِلّا إِيّاهُ﴾، فلا أمم متحدة، ولا مجلس أمن، ولا منظمات دولية، ولا حقوق إنسان ولا غيره بل الله وحده: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}، فماذا ننتظر: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ}، ﴿أَم أَمِنتُم أَن يُعيدَكُم فيهِ تارَةً أُخرى فَيُرسِلَ عَلَيكُم قاصِفًا مِنَ الرّيحِ فَيُغرِقَكُم بِما كَفَرتُم ثُمَّ لا تَجِدوا لَكُم عَلَينا بِهِ تَبيعًا﴾، فليس من منج في وقت الضراء إلا رب الأرض والسماء، ونحن نحتاج إلى التعرف عليه، وعلى الهدي الذي نمشي به إليه، فإن لم نتصل بهما بكتاب الله وبسنة رسول الله ﷺ الذي كانا هما الطريق والسبيل لمن ارتفعوا من أسلافنا سنبقى في مأساتنا…!.
- وكونوا على يقين أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها، بل لن يصلح هذه البشرية بكلها إلا الهدي الذي جاء به رسولنا عن ربنا عز وجل من كتاب الله ومن سنة رسوله ﷺ لا سياسات ولا قرارات ولا اجتماعات ولا معسكرات ولا مجنزرات ولا دبابات ولا صواريخ ولا أي شيء من مقومات الدنيا الفانية، كلها ممحوقة إذا لم يكن من يحملها قويا فإذا لم يكن متصلا فإن غيره ممن لديه أكثر مما لديه سيهزمه في أول معركة بينه وبينه وتصادم يسير حتى ولو كان لا شيء من ذلك إلا مجرد تهديد لأنه لم يتصل بالقوة التي يجب أن يتصل بها والمنعة التي يجب أن يتمنع بها لتحرسه من كيد الشيطان ومن أولياء الشيطان…
- فالواجب علينا أن نتمسك في أنفسنا وفي أعمالنا وبين أهلنا وفي كل شيء من أمرنا كنا أفراداً كنا جماعات كنا دولة كنا ما كنا أن نتمسك بهدي الله وبهدي رسول الله ﷺ: فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكرٌ لَكَ وَلِقَومِكَ وَسَوفَ تُسأَلونَ﴾، ﴿وَالَّذينَ يُمَسِّكونَ بِالكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنّا لا نُضيعُ أَجرَ المُصلِحينَ﴾ ، وأن نحكّمهما في كل أمرنا وكل منحى من مناحي حياتنا ألا وهما الكتاب والسنة فإننا ستعيش بسلام وسنعيش بأمان وسنعيش بسعادة وسنعيش بارتياح وسمأنية وحياة كريمة… وإن عم هذا في أفراد الأمة فرداً فرداً عم في الأمة جميعاً والله سبحانه وتعالى قد شرط ذلك شرط جازما: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}…
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.