(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

3/5
• البعض يزعم أن إلزام المسلمين بالجهاد في سبيل الله ليس من سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفائه الراشدين، ويظن أنه من ابتداع الطواغيت الحاكمين لبلاد المسلمين اليوم، الذين يسوقون الشباب راضين أو مرغمين ليخدموا في جيوشهم الكافرة، فما حقيقة الأمر؟

هذا من الجهل بالدين، ومن التكلم بغير علم في تاريخ المسلمين، فإن كان الأصل في صحابة النبي -رضوان الله عليهم- أنهم لا يتأخرون عن الجهاد في سبيل الله حتى لو لم يكن واجبا عليهم، فهذا لا يعني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يلزمهم بالقتال في بعض المواطن، التي أشهرها غزوة تبوك التي استنفر لها كل المسلمين، فلم يتأخر عنها إلا من تقدّم بعذر، فقبِل منهم علانيتهم، وترك أمرهم إلى الله تعالى، فهو العليم بسرائرهم، أما من تخلف عن الخروج إلى الغزوة، فإنه -عليه الصلاة والسلام- عزّرهم بما كان أشد عليهم من الضرب والحبس، فأمر المسلمين بمقاطعتهم، حتى تاب الله عليهم، رغم أنها كانت من أشق غزوات النبي عليه الصلاة والسلام، فالعدو مخوف، والمسافة بعيدة، والوقت في أحر الصيف.

وكذلك فإننا نجد في تاريخ خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على إلزامهم الناس بالخروج للجهاد في سبيل الله تعالى، حين يحتاج المسلمون لذلك، فهذا الفاروق عمر -رضي الله عنه- يرسل إلى أمراء الأمصار، يحضهم على إخراج الناس لنجدة المجاهدين في حربهم مع الفرس، وقال لهم كما روى الطبري وابن الأثير: "ولاتدعوا في ربيعة أحدا، ولا في مضر، ولا حلفائهم أحدا، من أهل النجدات أو فارسا، إلا اجتلبتموه، فإن جاء طائعا وإلا حشرتموه" أي مكرها.

وعلى هذا مضى أمر الدول الإسلامية من زمن الصحابة حتى يومنا هذا، فكان الأئمة، والأمراء، والسلاطين، يخرجون للجهاد في سبيل الله، ويُخرجون للجهاد حاجته، وألزم كثير منهم الناس بذلك ولو مكرهين، وعلماء المسلمين بينهم، لا ينكرون عليهم، ولا يرون في ذلك بأسا، بل ونجد في كلام بعضهم تحريضا للأمراء على ذلك.
ولكننا اليوم في زمان غربة من الدين، لذلك فإن كثيرا من الناس يستغربون أحكامه، وهذا ما شاهدناه مرارا خلال السنوات الماضية من عمر الدولة الإسلامية، التي جدد الله بها ما اندرس من الدين، وأحيى بها كثيرا من السنن المتروكة، والناس لجهلهم أو لأهوائهم يظنون هذه الأمور بدعا من الدين ما أنزل الله بها من سلطان، ولذلك نجدهم كما كانوا يستغربون أن يأتيهم من يلزمهم بالصلاة، واللحية، وبحجاب نسائهم، فإنهم اليوم يستغربون أن يأتيهم من يلزمهم بالجهاد في سبيل الله تعالى، وهم يحسبون أن الجهاد نافلة من النوافل، لا تجب في حقهم بحال.

وما ذكرته أنت بخصوص "التجنيد الإجباري" الذي يفرضه الطواغيت على من يحكمونه من الناس مثال جيد على مدى اختلال الموازين عند أغلب الناس، فهم يخضعون لحكم الطواغيت في ذلك، ويذهبون طائعين مذعنين لينتسبوا إلى الجيوش الكافرة، ويخرجوا بذلك عن دين الإسلام، بل ويقاتلوا المسلمين في سبيل الطاغوت، ولا أحد يستنكر ذلك، أو ينهى عنه، بل نجد علماء السوء المرتدين يحُضُّون عليه، ويصورونه زورا جهادا في سبيل الله، واليوم نجد هؤلاء أنفسهم يستنكرون أن يُلزِم خليفةُ المسلمين رعيته بالجهاد في سبيل الله، ويقولون أن الجهاد لا إلزام فيه، وما إلى ذلك من الأقاويل.

والخلاصة أن إلزام المسلمين بالجهاد في سبيل الله عند الحاجة إلى ذلك هو عمل صالح، يُؤجر فيه الإمام إن أمر به، ويُؤجر فيه المستنفَر إن لبَّى طاعةً لله ورسوله وطاعة لولاة أمره، أما إلزام الناس بالانتساب إلى جيوش الطواغيت، أو القتال فيها، فهو كفر، يكفر من يأمر الناس بذلك أو يجيزه، ويكفر من يستجيب لهذا الأمر فيلتحق بالجيوش الكافرة، ولو كان يكره الطواغيت ويعاديهم، ويزعم حب المسلمين والولاء لهم.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ