الدولة الإسلامية صحيفة النبأ - العدد 96 الخميس 16 ذو الحجة 1438 ه‍ـ الافتتاحية: معارك بادية ...

الدولة الإسلامية صحيفة النبأ - العدد 96
الخميس 16 ذو الحجة 1438 ه‍ـ

الافتتاحية:

معارك بادية الشام
ملحمة جديدة من ملاحم الموحدين


من جديد، يسعى الجيش النصيري المتهالك إلى إثبات أنه ما زال قادرا على القتال، وتحقيق الانتصارات، مستشهدا على ذلك بتمكُّن مجموعة من قواته من عبور الصحراء والدخول إلى قواته المحاصرة في مدينة الخير، غير مبالٍ بالثمن الباهظ الذي دفعه لقاء هذه الصورة الاستعراضية، من قتل للمئات من جنوده، وسحق لكتائبه المدرعة، وإبادة لميليشياته المتعددة، في أطراف ولاية الخير الغربية والجنوبية.

لقد أثبتت الصولات الأخيرة لجنود الخلافة في ريف الرقة الجنوبي أن أي تقدم يحققه الجيش النصيري تحت الغطاء الكثيف من الطيران الصليبي الروسي هو تقدم هش، سهلٌ كسرُه، إذ رأينا كيف استعاد العشرات من المجاهدين الأبطال عدة قرى من يد النصيرية، وقتلوا أكثر من 200 من جنودهم واغتنموا كميات كبيرة من أسلحتهم، في صولة واحدة استغرقت يوما أو يومين، وهكذا حاله في كل مكان يتمكن من التقدم فيه.

وقد رأينا من قبل حاله في تدمر، إذ سيطر على المدينة بعد سنة من المعارك الطاحنة في منطقة الدوة والجبال الواقعة غرب المدينة، ثم مكّن الله -تعالى- جنود الدولة الإسلامية من استعادة المدينة في هجوم سريع، فهرب المئات من جنود الجيش النصيري وحلفائه من الروافض المشركين والروس الصليبيين من المدينة لا يلوون على شيء، تاركين وراءهم أكداسا من السلاح والعتاد، والعشرات من الدبابات والمدرعات والآليات التي أخذها المجاهدون غنيمة باردة منَّ الله بها عليهم دون كبير عناء، ثم استمروا في مطاردتهم حتى باتوا على أبواب مطار الـ T4، وكاد أن يقع أيضا غنيمة بيد المجاهدين، لولا أن قدَّر الله -تعالى- انشغال جيش الخلافة بجبهات أخرى، منعتهم من تعزيز الهجوم وصولا إلى عمق مناطق النظام النصيري في حمص وريف دمشق.

إن النظام النصيري يعلم قبل غيره حالة جيشه المنهك، ولا أدَلَّ على علمه بذلك من زجه خيرة قواته كالحرس الجمهوري والفرقة الرابعة في المعارك بزخم كبير، بالرغم من أنه لم يعد يملك من القوات النظامية غيرها تقريبا، في ظل تفكك جيشه وتحوله إلى حالة هي أقرب للعصابات المسلحة منها إلى الجيوش التقليدية، وكذلك اعتماده الكبير على القوات الروسية التي صارت تشارك بفعالية في المعارك الأرضية سعيا لتقوية الجيش المهلهل، والحرس الثوري الإيراني الذي تلقى ضربات موجعة من المجاهدين في حميمة ووادي الوعر وغيرها من مناطق بادية الشام الفسيحة.

إن على جنود الخلافة اليوم أن يبذلوا قصارى جهدهم في إنهاك الجيش النصيري، وتدمير قواته المنتشرة على مد الصحراء، فهو أضعف من أن يتحمل حربا بقسوة حروب الصحراء التي عجزت جيوش كبرى عن تحمل خسائرها، وكثرة المفاجآت فيها، وعليهم في الوقت نفسه أن يجعلوا أسلحة عدوهم وعتاده نصب أعينهم، فهي مصادر تمويلهم وإمدادهم الأساسية، وكلما سلبوها منه أكثر، أجبروه على جلب المزيد منها إلى ساحة المعركة ليغتنمها المجاهدون من جديد، وهكذا... في دوامة من الاستنزاف لا تنتهي -بإذن الله- إلا بإسقاطه.

ومن المهم للغاية أن يحرصوا على البحث والتنقيب عن مواقع انتشار الجنود الروس الصليبيين، والروافض الإيرانيين، ويضربوهم بكل ما أوتوا من قوة، ويبذلوا الجهد لأسرهم أو قتلهم، فهم أثمن من غيرهم بكل المقاييس، وخسارتهم باهظة التكاليف على النظام النصيري، وتشكل له حرجا كبيرا أمام حلفائه، خاصة إن شعر هؤلاء أنهم يتحولون شيئا فشيئا إلى قوات مواجهة واشتباك، بدل كونهم مستشارين، وقوات دعم ومساندة كما يزعم قادتهم.

إن بادية الشام ستشهد خلال الشهور القادمة ملاحم كبيرة بين الموحدين والمشركين، أبطالها أسود الصحراء من جنود الدولة الإسلامية، وستكون نتائج معاركها حاسمة بالنسبة إلى الحرب في الشام عامة، بإذن الله، ومن يكتب الله له الحياة ويثبته فسيرى خيرا كثيرا، ومن يكتب له القتل في سبيله فقد فاز فوزا عظيما، {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6].