الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 500 الافتتاحية: دولة فارس ودولة اليهود على مرّ التاريخ ...
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 500
الافتتاحية:
دولة فارس ودولة اليهود
على مرّ التاريخ كان اشتعال الحروب بين صفوف أهل الباطل يصبّ في مصلحة الحق، وكان المسلمون يدركون ذلك ويفرحون به ويستبشرون، لأن نصرة الحق كانت غايتهم ومقصدهم بل محور حياتهم، فحياتهم ومماتهم كانت لله وفي سبيل الله.
لكن في عصرنا الحالي حُرم الناس الهداية فتغيرت مواقفهم وتبدّلت مقاصدهم واضطربت موازينهم، ولم يعودوا يرون الحق حقا والباطل باطلا، كما لم يعد الحق غايتهم ومحور حياتهم، بل قدّموا عليه كثيرا من الغايات والمقاصد الوطنية والقومية، ومن نتائج ذلك؛ ما نراه اليوم من تأييد الكثيرين للمحور الإيراني الرافضي تحت ذريعة قتالهم لليهود وتمسُّحهم بفلسطين.
إنّ اصطفاف كثير من الناس خلف المعسكر الرافضي وتألمهم لألمه وحزنهم لمصابه، سببه الانحراف عن عقيدة التوحيد، والالتقاء مع الباطل في طرقاته والذوبان في معسكراته، فهؤلاء القوم قد أسلموا الرافضة وانخرطوا في محاورهم وصدّقوا وعودهم في الدفاع عن فلسطين، في حين أثبتت الحرب اليهودية الإيرانية بجولاتها الثلاث؛ أنّ إيران انطلقت في جميع ردودها العسكرية من مصلحتها الخاصة، فوعودها الكاذبة ثلاثا جاءت ردا على مقتل قادتها وضرب مقدراتها، ولم يكن للقدس أو لغزة فيها نصيب.
وعند التعمُّق أكثر في واقع أشياع إيران، نجد أنّ تقديس هؤلاء للمحور الإيراني؛ سببه تقديس القضية الفلسطينية وجعلها فوق مقام الإسلام لا تبعا له، إذْ أنه لمّا غاب ميزان الإسلام من حياة هؤلاء ونبذوا شريعة الله وراءهم ظهريًّا؛ اتخذوا موازين أخرى للحكم على الأشياء، ومن ذلك أنهم جعلوا قضية فلسطين ميزانا ومقياسا لتزكية الأفراد والجماعات بغضّ النظر عن دينهم أو مناهجهم، وبهذا المقياس الجاهلي الوطني حاز الرافضة على ولاء وتأييد هؤلاء الأشياع.
هذا هو الواقع الذي يطغى على مشهد الصراع اليهودي الرافضي اليوم، وهو نفس الواقع الذي طغى على القضية الفلسطينية منذ أول طلقة فيها، ولذلك لا تجد في قضية فلسطين قتيلا واحدا لم ينل مرتبة الشهادة، يستوي عندهم في ذلك المسلم والمرتد والكافر! بل حتى لو كان من "الجيش الأحمر الياباني" الذي كتبوا على قبور جنوده في جنوب لبنان "شهداء!".
أما الذين أنار الله بصيرتهم فأراهم الحق حقا والباطل باطلا؛ فإنهم يرون تدبير الله تعالى لأوليائه ومكره بأعدائه في مقتل قادة الفرس الإيرانيين الذين قادوا الحرب ضد المسلمين في العراق والشام بالتحالف مع الروم الصليبيين، ثم دارت الدائرة عليهم بعد أنْ تعدّوا حدود العتبة الدولية؛ فعادوا يُقتلون بنفس الطائرات الأمريكية التي شكّلت من قبل غطاءً جويا لحشودهم في الموصل وغيرها، والجزاء من جنس العمل.
إنّ التوصيف الدقيق للحرب الجارية بين اليهود والرافضة، أنها صراع بين مشروعين متنافسين في محاربة الإسلام؛ مشروع دولة اليهود الكبرى ومشروع دولة فارس الكبرى!، وكلاهما تحرّكه أطماعه وأحقاده في غزو بلادنا وتدنيس مقدساتنا، ولا عجب فالطرفان عدوان لدودان للإسلام وسجلاتهما تضج بذلك قديما وحديثا.
ولا يحق لأحد أن يخيّرنا بين معسكر اليهود ومعسكر الرافضة فهما سيّان لا يمكن المفاضلة بينهما، وليس أمام المسلم سوى الانحياز التام إلى معسكر الإسلام وقوامه التوحيد والجهاد، وإنّ فرحنا باقتتال اليهود والرافضة وخسائرهما المتبادلة في هذه الحرب، فرح مشروع بتضرُّر عدوين رئيسين للإسلام؛ أحدهما أشدّ كفرا والثاني أشدّ خطرا، ولا أدل على اشتداد خطر الرافضة من انخداع كثيرين من أهل القبلة بإيران ومحورها، في حين أنك لا تجد هذا الانخداع ولا عشر معشاره باليهود الكافرين.
ولو قتلت إيران آلاف اليهود فإن ذلك لا يجعلها وليًّا ولا حليفًا للمسلمين، لأنها دولة رافضية كافرة، محاربة لنا والغة في دمائنا، معادية لصحابة نبينا صلى الله عليه وسلم، فبماذا اختلفوا عن اليهود الكافرين؟! وليدرك المسلمون أنّ من تحالف مع أمريكا في غزو بلادنا في العراق والشام، لن يحرر لهم فلسطين، ومن خان وخذل أذرعه الوظيفية في لبنان وسوريا وغزة تقديمًا لمصالحه القومية الفارسية، فهو لغيرهم أشدّ خيانة وخذلانا.
في الشأن الميداني العملياتي، يجب على المسلمين المسارعة إلى استغلال الفوضى الناجمة عن هذه الحروب، في مضاعفة الجهاد على كل الصُعد، في الإمداد والإسناد والإعداد والاستقطاب والتجنيد والتسليح، والحذر من تفويت الفرصة لأن السنن لا تحابي والنصر لا يأتي بالتمني، فخذوا بالأسباب واعقلوها وتوكلوا، فإنْ لم تبادروا بادر عدوكم.
فهذه الحروب والصراعات بين صفوف اليهود والرافضة والصليبيين، لن تتوقف كمّا ونوعا، فمسافات الأمان التي حرصوا على إبقائها فيما بينهم، قد تقلصت وبدأت دورة الصدامات فيما بينهم، فاضطربت علاقاتهم وتبعثرت تحالفاتهم، وانتقل شطر كبير من حروبهم إلى داخل معسكراتهم بعد أنْ كانت جميعها تطحن ديار المسلمين، وهذا خير لا يماري فيه مسلم.
في الشأن الدولي، أكّد طواغيت بريطانيا وفرنسا وألمانيا ومعهم أمريكا على حق اليهود في الدفاع عن أنفسهم، جاء ذلك بعد موجة الأوهام التي تحدثت عن "قطيعة بين إسرائيل وأوروبا" بسبب حرب غزة!، تلك الأوهام التي لم يصدّقها ويتفاعل معها إلا "دراويش الإخوان" أشياع إيران.
فما جرى من اصطفاف أوروبا وأمريكا خلف اليهود في حربهم، يؤكد تصاعد سيطرة اليهود على المشهد الدولي، خصوصا بعد إسقاطهم "أذرع" إيران في لبنان وغزة وسوريا وصولا إلى "رؤوسها" في طهران وبرنامجها النووي الذي وضعته يهود على قائمة أهدافها منذ نشأته، واخترقته حتى نخاعه، واختارت الوقت المناسب لتحييده وضربه في مكامن قوته، كما لو أنه نشأ على عينها!
كل ما جرى يؤكد استمرار علوّ اليهود وتفرُّدهم في السيطرة، وتجاوزهم أمريكا وأوروبا اللتين لا تملكان سوى الإذعان لهم طوعا أو كرها سواء حكمهم "نتنياهو" أو أي نتن غيره، وهذا يدفعنا لتذكير القُراء بما سبق وطرقناه منذ الساعات الأولى لحرب غزة الجريحة، بأن من يقود أمريكا وأوروبا هم اليهود وليس العكس، وذلك عبر "لوبيّات" الاقتصاد والإعلام وغيرها، وهذا يناسب الطرح الشرعي الواقعي بوجوب قتال اليهود أينما حلوا وليس فقط داخل فلسطين، لأن وجودهم في فلسطين هو ثمرة جهودهم وأنشطتهم خارجها، ومن لم يدرك ذلك فقد ضلّ الطريق إلى القدس.
عودا على ذي بدء، إنّ اليهود والرافضة كفار أعداء للمسلمين، تحالفوا وتمالؤوا هم والصليبيون على حربنا بالأمس، واليوم خالف الله بين قلوبهم ومكر بهم فاشتعلت الحرب فيما بينهم، وبقدر ما تحتدم الحرب بين الطرفين؛ بقدر ما يربح المسلمون ويغنمون، لكن هذا لا يعفيهم من السعي الحثيث لامتلاك أسباب القوة التي تمكّنهم من مجابهة علو اليهود القادم وحقد الرافضة المزمن، ولينصرن الله من ينصره.
المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 500
السنة السادسة عشرة - الخميس 23 ذو الحجة 1446 هـ
الافتتاحية:
دولة فارس ودولة اليهود
على مرّ التاريخ كان اشتعال الحروب بين صفوف أهل الباطل يصبّ في مصلحة الحق، وكان المسلمون يدركون ذلك ويفرحون به ويستبشرون، لأن نصرة الحق كانت غايتهم ومقصدهم بل محور حياتهم، فحياتهم ومماتهم كانت لله وفي سبيل الله.
لكن في عصرنا الحالي حُرم الناس الهداية فتغيرت مواقفهم وتبدّلت مقاصدهم واضطربت موازينهم، ولم يعودوا يرون الحق حقا والباطل باطلا، كما لم يعد الحق غايتهم ومحور حياتهم، بل قدّموا عليه كثيرا من الغايات والمقاصد الوطنية والقومية، ومن نتائج ذلك؛ ما نراه اليوم من تأييد الكثيرين للمحور الإيراني الرافضي تحت ذريعة قتالهم لليهود وتمسُّحهم بفلسطين.
إنّ اصطفاف كثير من الناس خلف المعسكر الرافضي وتألمهم لألمه وحزنهم لمصابه، سببه الانحراف عن عقيدة التوحيد، والالتقاء مع الباطل في طرقاته والذوبان في معسكراته، فهؤلاء القوم قد أسلموا الرافضة وانخرطوا في محاورهم وصدّقوا وعودهم في الدفاع عن فلسطين، في حين أثبتت الحرب اليهودية الإيرانية بجولاتها الثلاث؛ أنّ إيران انطلقت في جميع ردودها العسكرية من مصلحتها الخاصة، فوعودها الكاذبة ثلاثا جاءت ردا على مقتل قادتها وضرب مقدراتها، ولم يكن للقدس أو لغزة فيها نصيب.
وعند التعمُّق أكثر في واقع أشياع إيران، نجد أنّ تقديس هؤلاء للمحور الإيراني؛ سببه تقديس القضية الفلسطينية وجعلها فوق مقام الإسلام لا تبعا له، إذْ أنه لمّا غاب ميزان الإسلام من حياة هؤلاء ونبذوا شريعة الله وراءهم ظهريًّا؛ اتخذوا موازين أخرى للحكم على الأشياء، ومن ذلك أنهم جعلوا قضية فلسطين ميزانا ومقياسا لتزكية الأفراد والجماعات بغضّ النظر عن دينهم أو مناهجهم، وبهذا المقياس الجاهلي الوطني حاز الرافضة على ولاء وتأييد هؤلاء الأشياع.
هذا هو الواقع الذي يطغى على مشهد الصراع اليهودي الرافضي اليوم، وهو نفس الواقع الذي طغى على القضية الفلسطينية منذ أول طلقة فيها، ولذلك لا تجد في قضية فلسطين قتيلا واحدا لم ينل مرتبة الشهادة، يستوي عندهم في ذلك المسلم والمرتد والكافر! بل حتى لو كان من "الجيش الأحمر الياباني" الذي كتبوا على قبور جنوده في جنوب لبنان "شهداء!".
أما الذين أنار الله بصيرتهم فأراهم الحق حقا والباطل باطلا؛ فإنهم يرون تدبير الله تعالى لأوليائه ومكره بأعدائه في مقتل قادة الفرس الإيرانيين الذين قادوا الحرب ضد المسلمين في العراق والشام بالتحالف مع الروم الصليبيين، ثم دارت الدائرة عليهم بعد أنْ تعدّوا حدود العتبة الدولية؛ فعادوا يُقتلون بنفس الطائرات الأمريكية التي شكّلت من قبل غطاءً جويا لحشودهم في الموصل وغيرها، والجزاء من جنس العمل.
إنّ التوصيف الدقيق للحرب الجارية بين اليهود والرافضة، أنها صراع بين مشروعين متنافسين في محاربة الإسلام؛ مشروع دولة اليهود الكبرى ومشروع دولة فارس الكبرى!، وكلاهما تحرّكه أطماعه وأحقاده في غزو بلادنا وتدنيس مقدساتنا، ولا عجب فالطرفان عدوان لدودان للإسلام وسجلاتهما تضج بذلك قديما وحديثا.
ولا يحق لأحد أن يخيّرنا بين معسكر اليهود ومعسكر الرافضة فهما سيّان لا يمكن المفاضلة بينهما، وليس أمام المسلم سوى الانحياز التام إلى معسكر الإسلام وقوامه التوحيد والجهاد، وإنّ فرحنا باقتتال اليهود والرافضة وخسائرهما المتبادلة في هذه الحرب، فرح مشروع بتضرُّر عدوين رئيسين للإسلام؛ أحدهما أشدّ كفرا والثاني أشدّ خطرا، ولا أدل على اشتداد خطر الرافضة من انخداع كثيرين من أهل القبلة بإيران ومحورها، في حين أنك لا تجد هذا الانخداع ولا عشر معشاره باليهود الكافرين.
ولو قتلت إيران آلاف اليهود فإن ذلك لا يجعلها وليًّا ولا حليفًا للمسلمين، لأنها دولة رافضية كافرة، محاربة لنا والغة في دمائنا، معادية لصحابة نبينا صلى الله عليه وسلم، فبماذا اختلفوا عن اليهود الكافرين؟! وليدرك المسلمون أنّ من تحالف مع أمريكا في غزو بلادنا في العراق والشام، لن يحرر لهم فلسطين، ومن خان وخذل أذرعه الوظيفية في لبنان وسوريا وغزة تقديمًا لمصالحه القومية الفارسية، فهو لغيرهم أشدّ خيانة وخذلانا.
في الشأن الميداني العملياتي، يجب على المسلمين المسارعة إلى استغلال الفوضى الناجمة عن هذه الحروب، في مضاعفة الجهاد على كل الصُعد، في الإمداد والإسناد والإعداد والاستقطاب والتجنيد والتسليح، والحذر من تفويت الفرصة لأن السنن لا تحابي والنصر لا يأتي بالتمني، فخذوا بالأسباب واعقلوها وتوكلوا، فإنْ لم تبادروا بادر عدوكم.
فهذه الحروب والصراعات بين صفوف اليهود والرافضة والصليبيين، لن تتوقف كمّا ونوعا، فمسافات الأمان التي حرصوا على إبقائها فيما بينهم، قد تقلصت وبدأت دورة الصدامات فيما بينهم، فاضطربت علاقاتهم وتبعثرت تحالفاتهم، وانتقل شطر كبير من حروبهم إلى داخل معسكراتهم بعد أنْ كانت جميعها تطحن ديار المسلمين، وهذا خير لا يماري فيه مسلم.
في الشأن الدولي، أكّد طواغيت بريطانيا وفرنسا وألمانيا ومعهم أمريكا على حق اليهود في الدفاع عن أنفسهم، جاء ذلك بعد موجة الأوهام التي تحدثت عن "قطيعة بين إسرائيل وأوروبا" بسبب حرب غزة!، تلك الأوهام التي لم يصدّقها ويتفاعل معها إلا "دراويش الإخوان" أشياع إيران.
فما جرى من اصطفاف أوروبا وأمريكا خلف اليهود في حربهم، يؤكد تصاعد سيطرة اليهود على المشهد الدولي، خصوصا بعد إسقاطهم "أذرع" إيران في لبنان وغزة وسوريا وصولا إلى "رؤوسها" في طهران وبرنامجها النووي الذي وضعته يهود على قائمة أهدافها منذ نشأته، واخترقته حتى نخاعه، واختارت الوقت المناسب لتحييده وضربه في مكامن قوته، كما لو أنه نشأ على عينها!
كل ما جرى يؤكد استمرار علوّ اليهود وتفرُّدهم في السيطرة، وتجاوزهم أمريكا وأوروبا اللتين لا تملكان سوى الإذعان لهم طوعا أو كرها سواء حكمهم "نتنياهو" أو أي نتن غيره، وهذا يدفعنا لتذكير القُراء بما سبق وطرقناه منذ الساعات الأولى لحرب غزة الجريحة، بأن من يقود أمريكا وأوروبا هم اليهود وليس العكس، وذلك عبر "لوبيّات" الاقتصاد والإعلام وغيرها، وهذا يناسب الطرح الشرعي الواقعي بوجوب قتال اليهود أينما حلوا وليس فقط داخل فلسطين، لأن وجودهم في فلسطين هو ثمرة جهودهم وأنشطتهم خارجها، ومن لم يدرك ذلك فقد ضلّ الطريق إلى القدس.
عودا على ذي بدء، إنّ اليهود والرافضة كفار أعداء للمسلمين، تحالفوا وتمالؤوا هم والصليبيون على حربنا بالأمس، واليوم خالف الله بين قلوبهم ومكر بهم فاشتعلت الحرب فيما بينهم، وبقدر ما تحتدم الحرب بين الطرفين؛ بقدر ما يربح المسلمون ويغنمون، لكن هذا لا يعفيهم من السعي الحثيث لامتلاك أسباب القوة التي تمكّنهم من مجابهة علو اليهود القادم وحقد الرافضة المزمن، ولينصرن الله من ينصره.
المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 500
السنة السادسة عشرة - الخميس 23 ذو الحجة 1446 هـ