وإن من البغي الاستطالة على المخالف، واتهامه في نيته، وقذف المسلم بالكفر أو البدعة تعديا وظلما جزافا ...

وإن من البغي الاستطالة على المخالف، واتهامه في نيته، وقذف المسلم بالكفر أو البدعة تعديا وظلما جزافا من غير بينة ...

أخرج ابن حبان في صحيحه عن حذيفة ؓ، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه، وكان ردئا للإسلام، غيره إلى ما شاء الله، فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشـرك»، قال: قلت: يا نبي الله، أيهما أولى بالشـرك، المرمي أم الرامي؟ قال: «بل الرامي».

وقال الآجري ؒ: "إن الله عز وجل بمنه وفضله أخبرنا في كتابه عمن تقدم من أهل الكتابين اليهود والنصارى، أنهم إنما هلكوا لما افترقوا في دينهم، وأعلمنا مولانا الكريم أن الذي حملهم على الفرقة عن الجماعة والميل إلى الباطل الذي نهوا عنه، إنما هو البغي والحسد، بعد أن علموا ما لم يعلم غيرهم، فحملهم شدة البغي والحسد إلى أن صاروا فرقا فهلكوا، فحذرنا مولانا الكريم أن نكون مثلهم فنهلك كما هلكوا، بل أمرنا عز وجل بلزوم الجماعة، ونهانا عن الفرقة، وكذلك حذرنا النبي ﷺ من الفرقة وأمرنا بالجماعة، وكذلك حذرنا أئمتنا ممن سلف من علماء المسلمين، كلهم يأمرون بلزوم الجماعة, وينهون عن الفرقة". ([4]) انتهى كلام الآجري ؒ.

وننكر أشد النكير على من يبغي ويتعدى فيكفر العلماء أمثال ابن قدامة المقدسـي والنووي وابن حجر العسقلاني وغيرهم ô ممن لهم على أمة الإسلام أياد بيضاء في نشـر العلم ونصـرة الشـريعة، بل نحفظ مكانتهم ونترحم عليهم، ونعتذر عما بدر منهم من أخطاء وزلات.

قال الشعبي -أحد أئمة التابعين- ؒ: "كل أمة علماؤها شرارها، إلا المسلمين؛ فإن علماءهم خيارهم". ([5])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ؒ: دفع التكفير عن علماء المسلمين وإن أخطئوا هو من أحق الأغراض الشرعية". ([6]) انتهى كلامه ؒ.

وقال الشيخ عبد الله بن الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ؒ: "ونحن كذلك: لا نقول بكفر من صحت ديانته، وشهر صلاحه، وعلم ورعه وزهده، وحسنت سيرته، وبلغ من نصحه الأمة ببذل نفسه لتدريس العلوم النافعة والتأليف فيها، وإن كان مخطئا في هذه المسألة أو غيرها". انتهى كلامه ؒ.

وممن نثني عليهم، ونحفظ حقهم علينا أمراء الدولة الإسلامية من أبي مصعب الزرقاوي؛ أمير الاستشهاديين، الصادع بالحق والتوحيد، وقتّال أهل الشـرك والتنديد، مرورا بالشيخ المجاهد أبي عمر البغدادي صاحب العقيدة الراسخة والمواقف الشامخة، ووزيره الشيخ المجاهد أبي حمزة المهاجر صاحب التآليف والتصانيف النافعة، والشيخ أبي محمد العدناني قامع المنحرفين، وكاسر حدود الكافرين، والعالم الرباني أبي علي الأنباري، وغيرهم من أمراء هذه الدولة الذين قضوا في سبيل الله، نحسبهم والله حسيبهم، ولا نزكي على الله أحدا.

وستشتمل هذه السلسلة بإذن الله تعالى على بيان أمور منها:
* حكم التوقف في تكفير المشركين أو الكفار.
* حكم الطوائف الممتنعة، وحكم المخالف فيها.
* حكم ساكني ديار الكفر الطارئ.
ونسأل الله تعالى أن يبارك في هذه السلسلة العلمية، وأن يجعلها سببا لجمع كلمة المجاهدين على الكتاب والسنة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


[1])) مجموع الفتاوى (3/279).
[2])) مصنف ﭐبن أبي شيبة (7/562/37931).
[3])) الاستقامة (1/37(.
[4])) الشـريعة (1/270).
[5])) مجموع الفتاوى (7/284).
[6])) مجموع الفتاوى (35/103).



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 98
الخميس 1 محرم 1439 ه‍ـ