صحيفة النبأ العدد 107 - قصة شهيد: قُتل منغمساً بالمشركين الحوثة في الصف الأول أبو صالح ...
صحيفة النبأ العدد 107 - قصة شهيد:
قُتل منغمساً بالمشركين الحوثة في الصف الأول
أبو صالح العولقي:
قائد عسكري أقسم أن ينصر دينه وألَّا ينام على ضيم
كان قليل الكلام، شديد التواضع، كريم النفس، طيب السجايا، عفيفا، شهد له إخوانه برُقيّه وسمو أخلاقه، مع ما اكتسى به من شجاعة مفرطة، أقسم أن ينصر دينه وألا ينام على ضيم، عُرض عليه أن يأخذ كفالة مالية من الدولة فلم يرض وقال: لكي نبني الدولة يجب أن نقدم لها لا أن نأخذ منها.
إنه الأخ المجاهد والقائد العسكري أبو صالح العولقي، تقبله الله، من قبيلة العوالق، إحدى أكبر قبائل ولاية شبوة في اليمن، خرَّجت هذه القبيلة كثيرا من المجاهدين الأبطال على مر العصور، وكان للدولة الإسلامية منهم نصيبٌ ليس بالقليل.
تزوج أبو صالح في أرض اليمن وجلس فيها فترة، ثم ضرب في الأرض متجهاً لبلاد الحرمين طلبا للرزق، فعمل في مجال التسويق، لما تميز به من أسلوب قوي في الإقناع وشخصية رزينة في الإلقاء والتعامل، وبينما هو كذلك إذ أراد الله له الخير فساقه له سوقاً.
كان شقيقه يتابع أخبار الدولة الإسلامية، ويحدثه عنها ويبشره بالخير العظيم الذي تحمله وما يناله من ينتسب إليها ومن يكون مؤيدا وناصرا لها من أجر وثواب، ثم ما طفق أن بات يبحث عن أخبار المجاهدين، ويتابع ويواكب أحداث الدولة الإسلامية وتحركاتها في جميع بقاع العالم، حتى تعلق قلبه بها تعلقا كبيرا، وصار جل اهتمامه أن يكون مجاهداً في صفوفها، ويقدم كل ما يستطيع في سبيل نصرتها ونصرة جنودها.
• التحاقه بالركب:
أصبح فؤاد أبي صالح يموج بخلجات النفير والالتحاق بركب جيش الخلافة، وأثناء هذا التماوج ظهر إصدار "جند الخلافة في اليمن" فترك سعيه في الدنيا واكتفى بما رزقه الله منها في بلاد الحرمين وعاد إلى اليمن باحثاً عن سبب أو سبيل يربطه بجند الخلافة، فيسر الله -تعالى- له الأمر وهداه إلى إخوانه وانضم إليهم.
لقد كان لإعلان الخلافة من قِبل الدولة الإسلامية الأثر الكبير في انتشار منهجها، ومؤشرا كبيرا على الهمة العظيمة التي حملها قادة الدولة وأمراؤها من الجيل الأول الذين قدموا دماءهم فداء دينهم وفداء أمتهم، تقبل الله منهم وتقبلهم، لقد حملوا همّ الأمة على عاتقهم ولموا شملها بعد ضياع استمر لمئات الأعوام، فجمعوا الأمة ووحدوا صفها وأقاموا الفريضة المغيبة، فريضة الخلافة، ففرح بها وأحبها كل مؤمن، وكذلك فعلت بأبي صالح العولقي، واغتاظ منها وعارضها وكرهها كل كافر ومنافق.
نفر أبو صالح والتحق بإخوانه في المعسكر، وظهر تميزه -تقبله الله- بين إخوانه منذ بداية نفيره وجهاده، في المضافات والمعسكرات والكتائب، ورأى منه إخوانه الصلاح والسمت والوقار، ما جعله محل ثقة بين إخوانه وأمرائه، فأسلموا إليه المهام تلو المهام، معينا لإخوانه وأميرا عليهم وخادما وناصحا لهم، حتى سلموه إمارة كتيبة "الصديق"، فأجاد وأحسن فصار خير أمير لجنده، إن جالسهم أحبوه، وإن أمرهم أطاعوه، إن شكوا إليه مشكلة أو بثوا إليه هماً لم يجدوا منه إلا أذناً مصغية وقلباً عطوفاً، ومع لين الجانب لإخوانه إلا أنه كان شديداً على أعداء الله، كثيراً ما يشارك في صد حملات الحوثة المشركين، فتجده أول الحاضرين للصف، وكثيرا ما كان يخرج مع إخوانه في مفارز القنص لاصطياد الحوثة المشركين، ويرابط على ثغور المسلمين.
ومن كانت هذه صفاته كان جديراً أن يزيده الله رفعة، فعُيِّن بعدها إداريا عسكريا للجيش.
• من أشد ما مرّ به:
ومن أشد ما مرّ به -تقبله الله- أنه لما تزوج لم يُرزق بذرية وبقي على ذلك مدة طويلة، وقد حاول أن يتعاطى العلاج علّه يُرزق بمولود وسعى لذلك سعياً حثيثاً، لكن دون جدوى، ولما وفقه الله للنفير والجهاد أتاه خبر بأن امرأته حامل، وما هي إلا أشهر معدودة حتى وضعت له مولوداً، فشكر الله وحمده، وعرف أنه فتنة له وأنها الدنيا تزيّنت، ولم يكن ضعيفاً أو مفتوناً فيترك الجهاد أو يستأذن، بل احتسب الأمر عند الله وواصل جهاده، ورباطه وقتاله لأعداء الله.
• استشهاده -تقبله الله-:
عند إعداد جنود الخلافة للغزوة المباركة على منطقة "حمة لقاح"، كلَّفه أمير الجيش بترتيب السرايا وتوزيعها، وكان مما أمره به تجهيز 6 من الانغماسيين، فجهَّز له 5 أسماء وقدمها له، فقال له: أين السادس؟ قال: موجود، ولم يخبره أنه سيجعل نفسه السادس مخافة أن يُمنع من المشاركة في الغزوة، فكان يماطل أميره، وكلما سأله أين الأخ الانغماسي السادس؟ يجيبه بأنه: موجود، حتى اقترب موعد الغزوة، فقال له الأمير: ستبدأ الغزوة ولم تخبرني من السادس؟ فقال أبو صالح: أنا سادسهم، فرفض الأمير والإخوة مشاركته في الغزوة، وبعد إلحاحه الشديد وافقوا، فكان أمير سرية الانغماسيين في اقتحام الجبل.
ولما كانت ليلة الغزوة أخذ يحرض إخوانه على القتال والثبات، وحب لقاء الله، ويذكرهم بالتضرع إلى الله والتوكل عليه وحده دون سواه، وتعظيم الأمر الذي هموا عليه، والانكسار لله عز وجل، ولما طلع فجر يوم الغزوة، سلّم على إخوانه الذين كانوا موجودين فردا فردا وطلب منهم السماح، ثم شد هو وإخوانه الانغماسيون كالصقور الجارحة على مواقع الحوثة المشركين، فقاتلوا قتال الأبطال الشجعان وأثخنوا بالحوثة المشركين، فارتقى -تقبله الله- شهيداً كما نحسبه والله حسيبه، مقبلاً في الصف الأول لم يلفت وجهه حتى قتل، مسطراً بدمه معنىً لمن بعده أن قادة المجاهدين أحرص الناس على نيل الشهادة في سبيل الله، وأنهم يتقدمون الصفوف قبل إخوانهم ولا يتأخرون، وبذلك يكونون خير قدوة وخير محرض لثبات إخوانهم وتنكيلهم بأعدائهم.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 107
الخميس 5 ربيع الأول 1439 هـ
قُتل منغمساً بالمشركين الحوثة في الصف الأول
أبو صالح العولقي:
قائد عسكري أقسم أن ينصر دينه وألَّا ينام على ضيم
كان قليل الكلام، شديد التواضع، كريم النفس، طيب السجايا، عفيفا، شهد له إخوانه برُقيّه وسمو أخلاقه، مع ما اكتسى به من شجاعة مفرطة، أقسم أن ينصر دينه وألا ينام على ضيم، عُرض عليه أن يأخذ كفالة مالية من الدولة فلم يرض وقال: لكي نبني الدولة يجب أن نقدم لها لا أن نأخذ منها.
إنه الأخ المجاهد والقائد العسكري أبو صالح العولقي، تقبله الله، من قبيلة العوالق، إحدى أكبر قبائل ولاية شبوة في اليمن، خرَّجت هذه القبيلة كثيرا من المجاهدين الأبطال على مر العصور، وكان للدولة الإسلامية منهم نصيبٌ ليس بالقليل.
تزوج أبو صالح في أرض اليمن وجلس فيها فترة، ثم ضرب في الأرض متجهاً لبلاد الحرمين طلبا للرزق، فعمل في مجال التسويق، لما تميز به من أسلوب قوي في الإقناع وشخصية رزينة في الإلقاء والتعامل، وبينما هو كذلك إذ أراد الله له الخير فساقه له سوقاً.
كان شقيقه يتابع أخبار الدولة الإسلامية، ويحدثه عنها ويبشره بالخير العظيم الذي تحمله وما يناله من ينتسب إليها ومن يكون مؤيدا وناصرا لها من أجر وثواب، ثم ما طفق أن بات يبحث عن أخبار المجاهدين، ويتابع ويواكب أحداث الدولة الإسلامية وتحركاتها في جميع بقاع العالم، حتى تعلق قلبه بها تعلقا كبيرا، وصار جل اهتمامه أن يكون مجاهداً في صفوفها، ويقدم كل ما يستطيع في سبيل نصرتها ونصرة جنودها.
• التحاقه بالركب:
أصبح فؤاد أبي صالح يموج بخلجات النفير والالتحاق بركب جيش الخلافة، وأثناء هذا التماوج ظهر إصدار "جند الخلافة في اليمن" فترك سعيه في الدنيا واكتفى بما رزقه الله منها في بلاد الحرمين وعاد إلى اليمن باحثاً عن سبب أو سبيل يربطه بجند الخلافة، فيسر الله -تعالى- له الأمر وهداه إلى إخوانه وانضم إليهم.
لقد كان لإعلان الخلافة من قِبل الدولة الإسلامية الأثر الكبير في انتشار منهجها، ومؤشرا كبيرا على الهمة العظيمة التي حملها قادة الدولة وأمراؤها من الجيل الأول الذين قدموا دماءهم فداء دينهم وفداء أمتهم، تقبل الله منهم وتقبلهم، لقد حملوا همّ الأمة على عاتقهم ولموا شملها بعد ضياع استمر لمئات الأعوام، فجمعوا الأمة ووحدوا صفها وأقاموا الفريضة المغيبة، فريضة الخلافة، ففرح بها وأحبها كل مؤمن، وكذلك فعلت بأبي صالح العولقي، واغتاظ منها وعارضها وكرهها كل كافر ومنافق.
نفر أبو صالح والتحق بإخوانه في المعسكر، وظهر تميزه -تقبله الله- بين إخوانه منذ بداية نفيره وجهاده، في المضافات والمعسكرات والكتائب، ورأى منه إخوانه الصلاح والسمت والوقار، ما جعله محل ثقة بين إخوانه وأمرائه، فأسلموا إليه المهام تلو المهام، معينا لإخوانه وأميرا عليهم وخادما وناصحا لهم، حتى سلموه إمارة كتيبة "الصديق"، فأجاد وأحسن فصار خير أمير لجنده، إن جالسهم أحبوه، وإن أمرهم أطاعوه، إن شكوا إليه مشكلة أو بثوا إليه هماً لم يجدوا منه إلا أذناً مصغية وقلباً عطوفاً، ومع لين الجانب لإخوانه إلا أنه كان شديداً على أعداء الله، كثيراً ما يشارك في صد حملات الحوثة المشركين، فتجده أول الحاضرين للصف، وكثيرا ما كان يخرج مع إخوانه في مفارز القنص لاصطياد الحوثة المشركين، ويرابط على ثغور المسلمين.
ومن كانت هذه صفاته كان جديراً أن يزيده الله رفعة، فعُيِّن بعدها إداريا عسكريا للجيش.
• من أشد ما مرّ به:
ومن أشد ما مرّ به -تقبله الله- أنه لما تزوج لم يُرزق بذرية وبقي على ذلك مدة طويلة، وقد حاول أن يتعاطى العلاج علّه يُرزق بمولود وسعى لذلك سعياً حثيثاً، لكن دون جدوى، ولما وفقه الله للنفير والجهاد أتاه خبر بأن امرأته حامل، وما هي إلا أشهر معدودة حتى وضعت له مولوداً، فشكر الله وحمده، وعرف أنه فتنة له وأنها الدنيا تزيّنت، ولم يكن ضعيفاً أو مفتوناً فيترك الجهاد أو يستأذن، بل احتسب الأمر عند الله وواصل جهاده، ورباطه وقتاله لأعداء الله.
• استشهاده -تقبله الله-:
عند إعداد جنود الخلافة للغزوة المباركة على منطقة "حمة لقاح"، كلَّفه أمير الجيش بترتيب السرايا وتوزيعها، وكان مما أمره به تجهيز 6 من الانغماسيين، فجهَّز له 5 أسماء وقدمها له، فقال له: أين السادس؟ قال: موجود، ولم يخبره أنه سيجعل نفسه السادس مخافة أن يُمنع من المشاركة في الغزوة، فكان يماطل أميره، وكلما سأله أين الأخ الانغماسي السادس؟ يجيبه بأنه: موجود، حتى اقترب موعد الغزوة، فقال له الأمير: ستبدأ الغزوة ولم تخبرني من السادس؟ فقال أبو صالح: أنا سادسهم، فرفض الأمير والإخوة مشاركته في الغزوة، وبعد إلحاحه الشديد وافقوا، فكان أمير سرية الانغماسيين في اقتحام الجبل.
ولما كانت ليلة الغزوة أخذ يحرض إخوانه على القتال والثبات، وحب لقاء الله، ويذكرهم بالتضرع إلى الله والتوكل عليه وحده دون سواه، وتعظيم الأمر الذي هموا عليه، والانكسار لله عز وجل، ولما طلع فجر يوم الغزوة، سلّم على إخوانه الذين كانوا موجودين فردا فردا وطلب منهم السماح، ثم شد هو وإخوانه الانغماسيون كالصقور الجارحة على مواقع الحوثة المشركين، فقاتلوا قتال الأبطال الشجعان وأثخنوا بالحوثة المشركين، فارتقى -تقبله الله- شهيداً كما نحسبه والله حسيبه، مقبلاً في الصف الأول لم يلفت وجهه حتى قتل، مسطراً بدمه معنىً لمن بعده أن قادة المجاهدين أحرص الناس على نيل الشهادة في سبيل الله، وأنهم يتقدمون الصفوف قبل إخوانهم ولا يتأخرون، وبذلك يكونون خير قدوة وخير محرض لثبات إخوانهم وتنكيلهم بأعدائهم.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 107
الخميس 5 ربيع الأول 1439 هـ