*التأسيس الشرعي لتأصيل أصول اﻹستدلال إن تحديد إطار المعرفة الدينية بالأصول الأربعة وعلي ترتيبها ...

*التأسيس الشرعي لتأصيل أصول اﻹستدلال

إن تحديد إطار المعرفة الدينية بالأصول الأربعة وعلي ترتيبها المعروف بحسب حجيتها: القرآن والسنة ثم الإجماع ثم القياس،هو منطوق الشرع ومقتضي المنطق السليم.
هو المنطق الذي لايستطيع أن يتصور العقل السليم غيره، فإنه إذا كان اﻹيمان بالله تعالي وبكتابه المحفوظ من التغيير والتبديل ،وبسنة نبيه وأنها وحي الله تعالي إليه، فإنه لايجوز حينئذ تجاوز مادلا عليه، فإن خفيت الدلالة ففهم الجماعة وما أجمعوا عليه هو الحق لأن مظنة الخطأ تكون حينئذ منتفية، فإن لم يجمعوا علي شئ واستجدت حوادث بعد عصر التنزيل وعصر اﻹجماع فالمنهاج الذي يجب اتخاذه في اﻹجتهاد هو منهجية القياس الشرعي الذي يرتبط بالنص فتقل مظنة الوقوع في خطأ التأويل، وحتي لايقال في شرع الله ماليس منه .

كما أن تأطير المعرفة بهذه اﻷصول هو الذي يقرره الشرع وتقتضيه أصول الشريعة، فإن اﻷخذ بالوحي مقدم علي اﻷخذ بالرأي، والرأي المأخوذ به هو الرأي المستند إلي الوحي، وأقوي درجاته اﻹجماع ،ثم يكوت من بعده رأي الفرد صاحب اﻷهلية فس اﻹجتهاد، واﻷهلية هي المعرفة بنصوص الوحي حفظاً وفقها ،والمعرفة بمقاصده.

من اﻷدلة علي ذلك قوله تعالي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء : 59]
وقال بعدها {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء : 83]
وهاتان الاياتان أصل في تأصيل أصول اﻹستدلال .

من كتاب موقف الفكر الحداثي العربي من أصول اﻹستدلال في اﻹسلام