الحلم حلة أهل الإيمان والعقل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبد القيس: إن فيك ...
الحلم حلة أهل الإيمان والعقل
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبد القيس: إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "قيل للأحنف بن قيس: ما الحلم؟ قال: أن تصبر على ما تكره قليلا" [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين].
ورُوي أن رجلاً سبَّ ابن عباس، رضي الله عنهما، فلما فرغ الرجل قال ابن عباس: "يا عكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها؟" فنكَّس الرجل رأسه واستحى.
ومثلها أن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- قال لعرابة بن أوس: "بم سُدْت قومك يا عرابة؟" قال: "يا أمير المؤمنين، كنت أحلم عن جاهلهم وأعطي سائلهم وأسعى في حوائجهم، فمن فعل فعلي فهو مثلي، ومن جاوزني فهو أفضل مني".
إنه الحِلم -أخي المجاهد- الذي يعتبر من أهم الصفات التي يجب على المسلم التحلي بها إذا ما أراد أن يكون من أصحاب الخلق الحسن، فهو يعني الطمأنينة عند الغضب، والتفكر قبل الحكم على الشيء، والتعقل والروية.
وقال الإمام ابن القيم: "أوثق غضبك بسلسلة الحلم، فإنه كلب إن أفلت أتلف" [الفوائد].
أخي المجاهد، لقد وصف الله -تعالى- نفسه بهذه الصفة فقال عزَّ من قائل: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235]، وفي آية أخرى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]، وقال أيضا: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17]. ووصف -تعالى- خليله إبراهيم -عليه السلام- بها فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114].
وما نال أحد من النبي -صلى الله عليه وسلم- فينتقم منه إلا إذا انتَهَك محارم الله فينتقم لله، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: خَدَمْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع سنين، أو تسع سنين، ما علمتُ قال لشيء صنعتُ: لم فعلت كذا وكذا؟ ولا لشيء تركت: هلا فعلت كذا وكذا [رواه مسلم].
أخي المجاهد، إن الحلم مطلوب في كل الأوقات وفي جميع الظروف وهو كنز ثمين، وهو في زمن الشدائد والفتن أثمن وأحوج، حيث تحار العقول، وتختلج القلوب، وتضطرب المواقف، ولا يسع المرء عند ذلك سوى تقوى الله والحلم.
واعلم أن ذلك ليس دعوة للبلادة في الطباع، تجعل المرء محط تلقي الإهانات والإساءات دون رد، ولكنه تريُّث وتعقُّل، ونظر في العواقب وتدبُّر، وتقدير للمصالح والمفاسد، وما لم يكن هناك تدبر للإساءة وأسبابها، فلن يكون هناك قدرة على تجاوزها أو ردها.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 هـ
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبد القيس: إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "قيل للأحنف بن قيس: ما الحلم؟ قال: أن تصبر على ما تكره قليلا" [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين].
ورُوي أن رجلاً سبَّ ابن عباس، رضي الله عنهما، فلما فرغ الرجل قال ابن عباس: "يا عكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها؟" فنكَّس الرجل رأسه واستحى.
ومثلها أن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- قال لعرابة بن أوس: "بم سُدْت قومك يا عرابة؟" قال: "يا أمير المؤمنين، كنت أحلم عن جاهلهم وأعطي سائلهم وأسعى في حوائجهم، فمن فعل فعلي فهو مثلي، ومن جاوزني فهو أفضل مني".
إنه الحِلم -أخي المجاهد- الذي يعتبر من أهم الصفات التي يجب على المسلم التحلي بها إذا ما أراد أن يكون من أصحاب الخلق الحسن، فهو يعني الطمأنينة عند الغضب، والتفكر قبل الحكم على الشيء، والتعقل والروية.
وقال الإمام ابن القيم: "أوثق غضبك بسلسلة الحلم، فإنه كلب إن أفلت أتلف" [الفوائد].
أخي المجاهد، لقد وصف الله -تعالى- نفسه بهذه الصفة فقال عزَّ من قائل: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235]، وفي آية أخرى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]، وقال أيضا: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17]. ووصف -تعالى- خليله إبراهيم -عليه السلام- بها فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114].
وما نال أحد من النبي -صلى الله عليه وسلم- فينتقم منه إلا إذا انتَهَك محارم الله فينتقم لله، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: خَدَمْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع سنين، أو تسع سنين، ما علمتُ قال لشيء صنعتُ: لم فعلت كذا وكذا؟ ولا لشيء تركت: هلا فعلت كذا وكذا [رواه مسلم].
أخي المجاهد، إن الحلم مطلوب في كل الأوقات وفي جميع الظروف وهو كنز ثمين، وهو في زمن الشدائد والفتن أثمن وأحوج، حيث تحار العقول، وتختلج القلوب، وتضطرب المواقف، ولا يسع المرء عند ذلك سوى تقوى الله والحلم.
واعلم أن ذلك ليس دعوة للبلادة في الطباع، تجعل المرء محط تلقي الإهانات والإساءات دون رد، ولكنه تريُّث وتعقُّل، ونظر في العواقب وتدبُّر، وتقدير للمصالح والمفاسد، وما لم يكن هناك تدبر للإساءة وأسبابها، فلن يكون هناك قدرة على تجاوزها أو ردها.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 هـ