وطالما شكّك أهل الوهن والعينة في طريق الجهاد والشهادة، مع أن الله تولى الرد عليهم بذاته العلية، قال ...

وطالما شكّك أهل الوهن والعينة في طريق الجهاد والشهادة، مع أن الله تولى الرد عليهم بذاته العلية، قال ابن كثير: "لمّا كان من شأن القتال أن يُقتل كثير من المؤمنين، قال: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي: لن يُذهبها، بل يكثرها وينميها ويضاعفها، ومنهم من يجري عليه عمله في طول برزخه". اهـ.

ثم تدبر قوله تعالى: {وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} هل هو إلا سلوى للمؤمنين وبلسمٌ للسائرين على هذا الدرب، الذي يلاقي فيه المجاهد القابض على الجمر، ما يهدّ الجبال ويفتت جلامد الصخر، وهو مع ذلك ثابت لا يتزعزع ماض لا يتضعضع، وكأنها بشارة إلهية إلى عباده الغرباء الذين ينصر بهم ملته والناس عنهم صدود؛ أنّ الله سيصلح بالكم ويعوضكم أضعاف ما عانيتم وقاسيتم في درب الجهاد، ومن ذاق عرف، ولا يفقه القرآن مثل مجاهد.

وما هذه النصوص الثابتة إلا نزر يسير من غزير فضل الشهادة، نسوقها لنحرّك الأشواق إلى مصارع العشاق ونثير الغرام إلى دار السلام، فهبّوا للجهاد حماة الإسلام، تقافزوا للمنون وتواثبوا إلى الطعان، وانفروا خفافا وثقالا، وتذكروا أن الشهادة منازل تتفاضل، ألا فتنافسوها كما تنافسها الربّيون قبلكم، وكلهم من باب الإخلاص جازوا فما كل قتيل في الصف شهيد، والله أعلم بمن يقاتل في سبيله، وهذا الذي عليه العهدة، فيا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا بالإسلام حتى نلقاك عليه مقبلين غير مدبرين.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 511
السنة السابعة عشرة - الخميس 12 ربيع الأول 1447 هـ