فيا مسعِّرة الحروب في أرض السواد ومهد الخلافة، يا رجالات الدولة وحماة الدين والملة، لا تدعوا مفصلا ...

فيا مسعِّرة الحروب في أرض السواد ومهد الخلافة، يا رجالات الدولة وحماة الدين والملة، لا تدعوا مفصلا أمنيا أو عسكريا أو اقتصاديا أو إعلاميا لحكومة الرافضة، إلا وجعلتموه أثرا بعد عين، ولا تُبقوا رأس عشيرة عفن مرتد إلا وقطفتموه، ولا قرية محاربة إلا وتركتموها آية لمعتبر وعظة لكل مغتر أشر، فهؤلاء هم من وقفوا أنفسهم خداما للرافضة وعبيدا لهم، وعينا ساهرة تحول بين المجاهدين وعدوِّهم، واكتموا أنفاس دعاة الفتنة والضلالة، من تواصوا وتعاهدوا على تبديل عقائد الناس، من الأئمة والخطباء والمعممين والأساتذة والمعلمين، فلا تأخذكم بهم رأفة أو شفقة في دين الله، فهم مرتدون زنادقة مجرمون، يذلِّلون الناس ليكونوا طوع قياد الرافضة، وافلقوا هام كل من آذى عباد الله الموحدين، ممن ارتد وإن كان يوما في ركاب المجاهدين، واقبلوا توبة من تاب قبل القدرة عليه، وأحسنوا إلى من آوى وناصر ورعى العهد ولم يخفُر ذمته مع المسلمين، وكونوا له عونا وسندا، وآتوه من مال الله الذي آتاكم، واخفضوا له الجناح.

ولتعلموا يا أهل السنة في العراق والشام وكل مكان أنه ما عاد لكم بعد الله سوى أجناد الخلافة في دولة الإسلام، فآووهم وانصروهم وكونوا لهم يدا على من سواهم، وننوِّه إلى أن حكومة الحشد الرافضي الإيراني في العراق، مقبلة على ما يسمونه انتخابات، فكلُّ من يسعى في قيامها بالمعونة والمساعدة فهو مُتَولٍ لها ولأهلها، وحكمه كحكم الداعين إليها والمظاهرين لها، والمرشحون للانتخاب هم أدعياء للربوبية والألوهية، والمنتخِبون لهم قد اتخذوهم أربابا وشركاء من دون الله، وحكمهم في دين الله الكفر والخروج عن الإسلام، فإنا نحذركم يا أهل السنة في العراق من تولي هؤلاء القوم الذين ما تركوا باب ردة إلا وولجوه، وإن مراكز الانتخاب ومن فيها هدف لأسيافنا فابتعدوا عنها واجتنبوا السير بقربها، ومن ضنَّ منكم بنفسه وأخلد إلى الأرض عن نصرة دولة المسلمين وموئل أهل السنة فليسعه بيته ولينشغل بخاصة نفسه، ولا يكونن نصيرا وظهيرا للرافضة المشركين وأذنابهم المرتدين المحسوبين على أهل السنة.

ويا جنود الخلافة وأنصارها في كل مكان، اعلموا أننا اليوم نمرُّ بمرحلة جديدة، ومنعطف شدة في طريق جهاد عدو حقود، يرجو السيطرة على بلاد المسلمين، وأن يرث ما خلَّفته أمريكا، بعد أن أنهكها المجاهدون بعملياتهم، ومطاولتهم لها ما يقرب عقدين من الزمان، فبدأت تعود القهقرى لا تلوي على شيء، وهي ترى تنكُّر الحلفاء لها، عاجزة عن كبح جماح الروس ودولة المجوس إيران، فاجعلوا هاتين الضُرَّتين هدفا لمسرح عملياتكم وجهادكم، ليذوق المجوس ومن ورائهم الروس شيئا من جحيم طغيانهم، وحرقهم مناطق أهل السنة في العراق والشام، فخذوا لهذه الحرب أهبتها، وتزوَّدوا لها فإن خير الزاد التقوى، ثم امضوا وأنتم على يقين بوعد الله ونصره، والزموا الطاعة واحفظوا وارعوا الجماعة، وإياكم والاختلاف، فإنه شر ما تُصابون به وهو أحدُّ عليكم من كل لهذم قاطع، واقضوا حوائجكم بالكتمان، واستنفذوا الوسع والطاقة في استطلاع الأهداف وكشف ثغرات العدو، واحذروا الجاسوس اللصيق، أجهزة الاتصال فإنها دليل النصال، واتخذوا كل وسيلة من شأنها النكاية بعدوكم والإثخان فيه، فهاهم الصليبيون الأمريكان قد استمرأوا ما فيه هلاكهم بإذن الله، وتجرأوا بالنزول بين فينة وأخرى، فلا يفوتن أحدَكم نصيبه منهم وقد حلُّوا بساحتكم.

وتذكروا في كل وقت وحين تذكروا دائما، أن قبَّة النصر -كما قال ابن القيم- لا تُبتنى إلا على خمسة أشياء ذكرها ربنا في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45 - 46]، ففي هذه الآية أمر الله المجاهدين بخمسة أشياء، ما اجتمعت في فئة قط إلا نُصرت وإن قلت وكثر أعداؤها؛ أولاها الثبات، وثانيها كثرة ذكره سبحانه وتعالى، وثالثها طاعته وطاعة رسوله، ورابعها اتفاق الكلمة وعدم التنازع، الذي يوجب الفشل والوهن، وهو جند يقوِّي به المتنازعون عدوهم عليهم، فإنهم في اجتماعهم كالحزمة من السهام، لا يستطيع أحدٌ كسرها، فإذا فرقها وصار كل منهم وحده كسرها كلها، وأما خامسها ملاكُ ذلك كله وقوامه وأساسه وهو الصبر، فهذه خمسة أشياء تُبتنى عليها قبة النصر، ومتى زالت أو بعضها زال من النصر بحسب ما نقص منها، وإذا اجتمعت قوَّى بعضها بعضا، وصار لها أثر عظيم في النصر، ولما اجتمعت في الصحابة لم تقم لهم أمة من الأمم، وفتحوا الدنيا ودانت لهم العباد والبلاد، ولما تفرقت فيمن بعدهم وضعفت، آل الأمر إلى ما آل، والله المستعان وعليه التكلان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 129
الخميس 10 شعبان 1439 ه‍ـ