الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 512 الافتتاحية: • ليبيا الأمجاد "تحظى ليبيا بأهمية ...
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 512
الافتتاحية:
• ليبيا الأمجاد
"تحظى ليبيا بأهمية بالغة لأمة الإسلام، كونها قلب إفريقية وجنوب أوروبا، إضافة لكونها مفتاح الصحراء الإفريقية التي تمتد لعدة دول مهمة".
بهذه الكلمات لخّص أمير الولايات الليبية أبو المغيرة القحطاني -تقبله الله تعالى- في إحدى لقاءاته الصحفية، أهمية الساحة الليبية بالنسبة للمسلمين في المنطقة، ومدى خطورتها على أوروبا الصليبية.
ولا ريب أنّ ما قاله القائد المحنك الذي أدار الولايات الليبية وأشعل الحرب فيها لسنوات على النصارى والمرتدين؛ لم يكن وليد لحظة آنية وحماسة عابرة، بل هو فهم راسخ لطبيعة المنطقة، متصل بالتاريخ القديم، معايش للواقع المعاصر، متفرّس للمستقبل القادم الذي هو قطعا للإسلام كما وعدنا الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وبالعودة للتاريخ الإسلامي، وتحديدا في عهد الخليفة عمر الفاروق، تحركت جيوش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص وعقبة بن نافع وغيرهم باتجاه ليبيا حتى أخضعوها للفتح الإسلامي بمناطقها الثلاث؛ برقة وطرابلس وفزان، واستمر الفاتحون يتوغلون في الساحة الإفريقية دعوة وجهادا حتى وصلوا إلى سواحل الأطلسي.
وفي الماضي القريب، قبل نحو عقد من الزمان، سار أجناد الدولة الإسلامية على درب أسلافهم الفاتحين في معركة الشريعة، ووصلت سنابك خيولهم إلى أرض ليبيا بمناطقها الثلاث، حتى صارت ساحة لصولاتهم وجولاتهم التي قوبلت بقلق وفرَق كبير من الحكومات المرتدة والصليبية للأسباب التي تقدّم ذكرها؛ كونها قلب إفريقية وبوابة أوروبا الجنوبية، وعقدة المواصلات بين ستّ دول بحدود شاسعة، ناهيك عن الإقبال الكبير لأبناء المسلمين في شمال إفريقية على الالتحاق بالولايات الليبية، وهو ما شكّل تهديدا حقيقيا للمشاريع الطاغوتية المحلية، والأطماع والمخططات الصليبية الدولية.
وكان مما جذب الأنظار في المشهد الليبي، نظام الحكم الإسلامي الذي طبقته الدولة الإسلامية، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، صونا للفضيلة وقمعا للرذيلة، وهو ما فسّر التدخل القوي للتحالف الصليبي وأوباشه المرتدين ضد الولايات الفتية آنذاك، لأن سيادة حكم الشريعة يعني بالضرورة نهاية أطماع الكافرين وأحلام المنافقين وانقطاع مؤامراتهم ومتاجراتهم.
لكن سرعان ما تداعى أولياء حزب الشيطان لحرب هذا المشروع المبارك، فأقيمت التحالفات الإبليسية بين ثوار "الإخوان والقاعدة" في غرف الردة المشتركة يقودهم وينفخ فيهم إبليس، حتى قاتَلوا المجاهدين كافة كتفا بكتف بغية تحقيق هدف مشترك هو إخراج الدولة الإسلامية وإسقاط حكمها، وهو نفس الهدف الذي مهّدت له الطائرات الصليبية بكثافة كبيرة.
وبعد أن تمالؤوا على إسقاط حكم الشريعة؛ انقلب الحلفاء على بعضهم وباع قادة الحكومات المحلية ميليشيا القاعدة وقضوا عليها بعد أن قضوا وطرهم منها في الحرب على الدولة الإسلامية، فخسروا الدين والدنيا معا ونافسوا الإخوان المرتدين على حجز مقعد في قائمة التيه والمهانة، وانتهى المشهد الليبي على هذا الحال، حيث تقاسم الشركاء والفرقاء المرتدون الحكم مع استمرار الصراعات فيما بينهم، حتى صار كثير من الناس يحنون لأيام الطاغوت القذافي! في اعتراف ضمني متأخر بأن الثورات ليست سوى دورة من دورات الجاهلية المتعاقبة تذهب بطاغوت وتأتي بآخر.
موجة الردة والحرب على الشريعة لم تكن استثناء في التاريخ الليبي، فقد سبقها حقبات تاريخية مشابهة ارتدت فيها طوائف عن الإسلام في عهد عمرو بن العاص، وذكر "ابن خلدون" وغيره أن بعض هؤلاء "ارتدوا اثنتي عشرة مرة من طرابلس إلى طنجة، وزحفوا في كلها على المسلمين! ولم يثبت إسلامهم إلا في أيام موسى بن نصير"، وكانت كلما تركها القادة الفاتحون ارتدت عن الإسلام، وبعد مقتل الخليفة الفاروق ارتدت بعض هذه القبائل، فأرسل الخليفةُ عثمان القائد عبد الله بن أبي السرح لقتال المرتدين وتأديبهم.
ومع تكرار هذا الواقع اليوم، فلا بد لأبناء الإسلام وحراس العقيدة أن يحذوا حذو أسلافهم في تأديب المرتدين وأن يتأسوا بصنيع الفاتحين الأولين، وذلك بالسعي الحثيث لقلب هذه المعادلة والعمل الدؤوب لكسر حالة الجمود والركود التي طالت، والنهوض من جديد لإعادة ليبيا إلى مجدها التليد تحت حكم الإسلام لا حكم الطاغوت، ولن يتم ذلك إلا بالاجتماع على درب التوحيد والجهاد فكل الدروب غيره مبتورة مقطوعة.أجناد الإسلام في ليبيا، لقد كان لكم تاريخ قريب ينبض بالعزة ويحفل بالبطولات ويضج بالمكرمات، وهو ما ينبغي عليكم إحياؤه وتجديد عهده، فصحائف الأعمال ماضية والشمس لم تشرق من مغربها، والواجبات والفروض لم تتبدل، والأحكام لم تُنسخ، فما زال الولاء والبراء واجبا متحتما، وما زال الجهاد فرض عين بل فرض الساعة الذي يتأكد حكمه في مثل هذا الظرف، حيث الشريعة معطلة والمستضعفون يستغيثون، والطاغوت بكل أنواعه رافع رأسه يشرّق ويغرّب وينفث شركه في البلاد.
فعملا بواجب التحريض، نخاطب المجاهدين في ليبيا وما جاورها؛ نستنهض عزائمهم ونستثير طاقاتهم ونشحذ هممهم ونذكرهم بتجديد نواياهم وإخلاص طواياهم، ونحرضهم على السعي الجاد لإحياء الساحة الليبية بالجهاد على منهاج النبوة، عملا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، قال الإمام البغوي: "قال ابن إسحاق: هو الجهاد أعزكم الله به بعد الذل، وقال غيره: بل الشهادة". وبين الجهاد والشهادة تجتمع كل أسباب الحياة في الدنيا والآخرة، فاستجيبوا لما يحييكم.
وليتذكر المجاهدون في ليبيا أن إخوانهم في الولايات القريبة ينتظرون منهم الكثير في تسخير الطبيعة الميدانية والحدود الرخوة في رفد الجهاد بالطاقات، فدور ساحة ليبيا وأثرها في دفع عجلة الجهاد المحلي لا يخفى، وإنْ تعثّر فلا بد أن ينهض ويستمر.
والأمر لا يقتصر على البعد المحلي بل يتعداه إلى البعد الدولي عبر استغلال الساحة الليبية المتاخمة لأوروبا الجنوبية، في تهديد المصالح الصليبية القريبة أو على الأقل إشغالها، ولا يكن "طلاب اللجوء" أجرأ منكم -فوارس التوحيد- على تقحُّم الأخطار وركوب الأهوال وأنتم "طلاب الشهادة" الفارون بدينهم إلى باريهم سبحانه، وليس من سابق وبادر كمن جاء في الصف الآخر، ولينصرن الله من ينصره.
• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 512
السنة السابعة عشرة - الخميس 19 ربيع الأول 1447 هـ
الافتتاحية:
• ليبيا الأمجاد
"تحظى ليبيا بأهمية بالغة لأمة الإسلام، كونها قلب إفريقية وجنوب أوروبا، إضافة لكونها مفتاح الصحراء الإفريقية التي تمتد لعدة دول مهمة".
بهذه الكلمات لخّص أمير الولايات الليبية أبو المغيرة القحطاني -تقبله الله تعالى- في إحدى لقاءاته الصحفية، أهمية الساحة الليبية بالنسبة للمسلمين في المنطقة، ومدى خطورتها على أوروبا الصليبية.
ولا ريب أنّ ما قاله القائد المحنك الذي أدار الولايات الليبية وأشعل الحرب فيها لسنوات على النصارى والمرتدين؛ لم يكن وليد لحظة آنية وحماسة عابرة، بل هو فهم راسخ لطبيعة المنطقة، متصل بالتاريخ القديم، معايش للواقع المعاصر، متفرّس للمستقبل القادم الذي هو قطعا للإسلام كما وعدنا الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وبالعودة للتاريخ الإسلامي، وتحديدا في عهد الخليفة عمر الفاروق، تحركت جيوش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص وعقبة بن نافع وغيرهم باتجاه ليبيا حتى أخضعوها للفتح الإسلامي بمناطقها الثلاث؛ برقة وطرابلس وفزان، واستمر الفاتحون يتوغلون في الساحة الإفريقية دعوة وجهادا حتى وصلوا إلى سواحل الأطلسي.
وفي الماضي القريب، قبل نحو عقد من الزمان، سار أجناد الدولة الإسلامية على درب أسلافهم الفاتحين في معركة الشريعة، ووصلت سنابك خيولهم إلى أرض ليبيا بمناطقها الثلاث، حتى صارت ساحة لصولاتهم وجولاتهم التي قوبلت بقلق وفرَق كبير من الحكومات المرتدة والصليبية للأسباب التي تقدّم ذكرها؛ كونها قلب إفريقية وبوابة أوروبا الجنوبية، وعقدة المواصلات بين ستّ دول بحدود شاسعة، ناهيك عن الإقبال الكبير لأبناء المسلمين في شمال إفريقية على الالتحاق بالولايات الليبية، وهو ما شكّل تهديدا حقيقيا للمشاريع الطاغوتية المحلية، والأطماع والمخططات الصليبية الدولية.
وكان مما جذب الأنظار في المشهد الليبي، نظام الحكم الإسلامي الذي طبقته الدولة الإسلامية، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، صونا للفضيلة وقمعا للرذيلة، وهو ما فسّر التدخل القوي للتحالف الصليبي وأوباشه المرتدين ضد الولايات الفتية آنذاك، لأن سيادة حكم الشريعة يعني بالضرورة نهاية أطماع الكافرين وأحلام المنافقين وانقطاع مؤامراتهم ومتاجراتهم.
لكن سرعان ما تداعى أولياء حزب الشيطان لحرب هذا المشروع المبارك، فأقيمت التحالفات الإبليسية بين ثوار "الإخوان والقاعدة" في غرف الردة المشتركة يقودهم وينفخ فيهم إبليس، حتى قاتَلوا المجاهدين كافة كتفا بكتف بغية تحقيق هدف مشترك هو إخراج الدولة الإسلامية وإسقاط حكمها، وهو نفس الهدف الذي مهّدت له الطائرات الصليبية بكثافة كبيرة.
وبعد أن تمالؤوا على إسقاط حكم الشريعة؛ انقلب الحلفاء على بعضهم وباع قادة الحكومات المحلية ميليشيا القاعدة وقضوا عليها بعد أن قضوا وطرهم منها في الحرب على الدولة الإسلامية، فخسروا الدين والدنيا معا ونافسوا الإخوان المرتدين على حجز مقعد في قائمة التيه والمهانة، وانتهى المشهد الليبي على هذا الحال، حيث تقاسم الشركاء والفرقاء المرتدون الحكم مع استمرار الصراعات فيما بينهم، حتى صار كثير من الناس يحنون لأيام الطاغوت القذافي! في اعتراف ضمني متأخر بأن الثورات ليست سوى دورة من دورات الجاهلية المتعاقبة تذهب بطاغوت وتأتي بآخر.
موجة الردة والحرب على الشريعة لم تكن استثناء في التاريخ الليبي، فقد سبقها حقبات تاريخية مشابهة ارتدت فيها طوائف عن الإسلام في عهد عمرو بن العاص، وذكر "ابن خلدون" وغيره أن بعض هؤلاء "ارتدوا اثنتي عشرة مرة من طرابلس إلى طنجة، وزحفوا في كلها على المسلمين! ولم يثبت إسلامهم إلا في أيام موسى بن نصير"، وكانت كلما تركها القادة الفاتحون ارتدت عن الإسلام، وبعد مقتل الخليفة الفاروق ارتدت بعض هذه القبائل، فأرسل الخليفةُ عثمان القائد عبد الله بن أبي السرح لقتال المرتدين وتأديبهم.
ومع تكرار هذا الواقع اليوم، فلا بد لأبناء الإسلام وحراس العقيدة أن يحذوا حذو أسلافهم في تأديب المرتدين وأن يتأسوا بصنيع الفاتحين الأولين، وذلك بالسعي الحثيث لقلب هذه المعادلة والعمل الدؤوب لكسر حالة الجمود والركود التي طالت، والنهوض من جديد لإعادة ليبيا إلى مجدها التليد تحت حكم الإسلام لا حكم الطاغوت، ولن يتم ذلك إلا بالاجتماع على درب التوحيد والجهاد فكل الدروب غيره مبتورة مقطوعة.أجناد الإسلام في ليبيا، لقد كان لكم تاريخ قريب ينبض بالعزة ويحفل بالبطولات ويضج بالمكرمات، وهو ما ينبغي عليكم إحياؤه وتجديد عهده، فصحائف الأعمال ماضية والشمس لم تشرق من مغربها، والواجبات والفروض لم تتبدل، والأحكام لم تُنسخ، فما زال الولاء والبراء واجبا متحتما، وما زال الجهاد فرض عين بل فرض الساعة الذي يتأكد حكمه في مثل هذا الظرف، حيث الشريعة معطلة والمستضعفون يستغيثون، والطاغوت بكل أنواعه رافع رأسه يشرّق ويغرّب وينفث شركه في البلاد.
فعملا بواجب التحريض، نخاطب المجاهدين في ليبيا وما جاورها؛ نستنهض عزائمهم ونستثير طاقاتهم ونشحذ هممهم ونذكرهم بتجديد نواياهم وإخلاص طواياهم، ونحرضهم على السعي الجاد لإحياء الساحة الليبية بالجهاد على منهاج النبوة، عملا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، قال الإمام البغوي: "قال ابن إسحاق: هو الجهاد أعزكم الله به بعد الذل، وقال غيره: بل الشهادة". وبين الجهاد والشهادة تجتمع كل أسباب الحياة في الدنيا والآخرة، فاستجيبوا لما يحييكم.
وليتذكر المجاهدون في ليبيا أن إخوانهم في الولايات القريبة ينتظرون منهم الكثير في تسخير الطبيعة الميدانية والحدود الرخوة في رفد الجهاد بالطاقات، فدور ساحة ليبيا وأثرها في دفع عجلة الجهاد المحلي لا يخفى، وإنْ تعثّر فلا بد أن ينهض ويستمر.
والأمر لا يقتصر على البعد المحلي بل يتعداه إلى البعد الدولي عبر استغلال الساحة الليبية المتاخمة لأوروبا الجنوبية، في تهديد المصالح الصليبية القريبة أو على الأقل إشغالها، ولا يكن "طلاب اللجوء" أجرأ منكم -فوارس التوحيد- على تقحُّم الأخطار وركوب الأهوال وأنتم "طلاب الشهادة" الفارون بدينهم إلى باريهم سبحانه، وليس من سابق وبادر كمن جاء في الصف الآخر، ولينصرن الله من ينصره.
• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 512
السنة السابعة عشرة - الخميس 19 ربيع الأول 1447 هـ