خطبة عن اليقين الخطبة الأولى الحمد لله الذي أيقن عباده بوعده، فاستبشروا بنصره ورحمته، وأشهد أن ...
خطبة عن اليقين
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي أيقن عباده بوعده، فاستبشروا بنصره ورحمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تُنجّي قائلها يوم يقوم الأشهاد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد الموقنين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أوصيكم ونفسي المقصّرة بتقوى الله، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء:131].
عباد الله، حديثنا اليوم عن مقام عظيم من مقامات الدين، وركن ركين من أركان الإيمان، ألا وهو اليقين .
ومعنى اليقين:
اليقين هو العلم الجازم الذي لا يتطرق إليه شك ولا ريب، وهو تمام التصديق بالله وبما أخبر به، حتى كأن العبد يشاهد ذلك عيانًا.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله".
قال تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:99]. أي حتي يأتيك الموت.
وقال سبحانه: ﴿وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة:4]، فمدح الموقنين.
وقال جل شأنه: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة:24].
وفي الحديث الصحيح قال ﷺ:
"اسألوا الله اليقين والمعافاة، فما أُعطي أحد بعد اليقين خيرًا من العافية" [رواه أحمد والنسائي].
وأما درجات اليقين فقد ذكر الله في كتابه ثلاث مراتب:
١. علم اليقين: وهو ما يحصل بالخبر والدليل. قال تعالى:
﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾ [التكاثر:٥].
مثاله: أن نؤمن بالجنة والنار إيمانًا جازمًا بخبر الله ورسوله.
٢. عين اليقين: وهو ما يحصل بالمشاهدة والمعاينة. قال سبحانه:
﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾ [التكاثر:٧].
مثاله: حين يرى أهل النار النار بأعينهم.
٣. حق اليقين: وهو ما يحصل بالذوق والمباشرة. قال تعالى:
﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ [الواقعة:٩٥].
مثاله: من دخل الجنة وتمتع بنعيمها، أو من دخل النار وذاق عذابها.
أثر اليقين في حياة المؤمن:
اليقين يورث طمأنينة القلب: قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد:٢٨].
اليقين يورث التوكل على الله: قال ﷺ: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا" [رواه الترمذي].
كذا يورث الثبات عند الشدائد: كما قال موسى عليه السلام عند البحر: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء:62].
نماذج من يقين الأنبياء:
إبراهيم عليه السلام لما أُلقي في النار قال: "حسبي الله ونعم الوكيل" فأنجاه الله.
النبي ﷺ في الغار يقول لصاحبه: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:40].
🕌 الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أيها المسلمون:
اليقين بالله هو زاد القلوب، وبه يعيش المؤمن في سكينة مهما تقلبت به الدنيا. قال بعض السلف: "بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين".
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا". وهذا من كمال يقينه بربه
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "اليقين على أربعة أركان: تبصرة الفطنة، وتأويل الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين، فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة، ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة كأنما كان في الأولين".
وقال الحسن البصري: "اليقين: أن لا ترضى الناس بسخط الله، ولا تحمدهم على رزق الله، ولا تلومهم على ما لم يؤتك الله، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره، فإن الله بقسطه وعدله جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط".
وقد قيل: "من عرف الله باليقين لم يبالِ بمفقود، ولم يفرح بموجود".
وقالوا: "اليقين نور يقع في القلب، يميز به العبد بين الحق والباطل، والصدق والكذب".
كيف نغرس اليقين في قلوبنا؟
١. تدبر القرآن الكريم فهو كتاب اليقين.
٢. التفكر في خلق الله: ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات:21].
٣. العمل الصالح: لأنه يورث نورًا في القلب وزيادة في الإيمان.
٤. ملازمة الدعاء: فقد كان من دعاء النبي ﷺ: "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تُبلّغنا به جنتك، ومن اليقين ما تُهوّن به علينا مصائب الدنيا" [رواه الترمذي].
الدعاء
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي أيقن عباده بوعده، فاستبشروا بنصره ورحمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تُنجّي قائلها يوم يقوم الأشهاد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد الموقنين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أوصيكم ونفسي المقصّرة بتقوى الله، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء:131].
عباد الله، حديثنا اليوم عن مقام عظيم من مقامات الدين، وركن ركين من أركان الإيمان، ألا وهو اليقين .
ومعنى اليقين:
اليقين هو العلم الجازم الذي لا يتطرق إليه شك ولا ريب، وهو تمام التصديق بالله وبما أخبر به، حتى كأن العبد يشاهد ذلك عيانًا.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله".
قال تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:99]. أي حتي يأتيك الموت.
وقال سبحانه: ﴿وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة:4]، فمدح الموقنين.
وقال جل شأنه: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة:24].
وفي الحديث الصحيح قال ﷺ:
"اسألوا الله اليقين والمعافاة، فما أُعطي أحد بعد اليقين خيرًا من العافية" [رواه أحمد والنسائي].
وأما درجات اليقين فقد ذكر الله في كتابه ثلاث مراتب:
١. علم اليقين: وهو ما يحصل بالخبر والدليل. قال تعالى:
﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾ [التكاثر:٥].
مثاله: أن نؤمن بالجنة والنار إيمانًا جازمًا بخبر الله ورسوله.
٢. عين اليقين: وهو ما يحصل بالمشاهدة والمعاينة. قال سبحانه:
﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾ [التكاثر:٧].
مثاله: حين يرى أهل النار النار بأعينهم.
٣. حق اليقين: وهو ما يحصل بالذوق والمباشرة. قال تعالى:
﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ [الواقعة:٩٥].
مثاله: من دخل الجنة وتمتع بنعيمها، أو من دخل النار وذاق عذابها.
أثر اليقين في حياة المؤمن:
اليقين يورث طمأنينة القلب: قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد:٢٨].
اليقين يورث التوكل على الله: قال ﷺ: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا" [رواه الترمذي].
كذا يورث الثبات عند الشدائد: كما قال موسى عليه السلام عند البحر: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء:62].
نماذج من يقين الأنبياء:
إبراهيم عليه السلام لما أُلقي في النار قال: "حسبي الله ونعم الوكيل" فأنجاه الله.
النبي ﷺ في الغار يقول لصاحبه: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:40].
🕌 الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أيها المسلمون:
اليقين بالله هو زاد القلوب، وبه يعيش المؤمن في سكينة مهما تقلبت به الدنيا. قال بعض السلف: "بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين".
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا". وهذا من كمال يقينه بربه
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "اليقين على أربعة أركان: تبصرة الفطنة، وتأويل الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين، فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة، ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة كأنما كان في الأولين".
وقال الحسن البصري: "اليقين: أن لا ترضى الناس بسخط الله، ولا تحمدهم على رزق الله، ولا تلومهم على ما لم يؤتك الله، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره، فإن الله بقسطه وعدله جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط".
وقد قيل: "من عرف الله باليقين لم يبالِ بمفقود، ولم يفرح بموجود".
وقالوا: "اليقين نور يقع في القلب، يميز به العبد بين الحق والباطل، والصدق والكذب".
كيف نغرس اليقين في قلوبنا؟
١. تدبر القرآن الكريم فهو كتاب اليقين.
٢. التفكر في خلق الله: ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات:21].
٣. العمل الصالح: لأنه يورث نورًا في القلب وزيادة في الإيمان.
٤. ملازمة الدعاء: فقد كان من دعاء النبي ﷺ: "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تُبلّغنا به جنتك، ومن اليقين ما تُهوّن به علينا مصائب الدنيا" [رواه الترمذي].
الدعاء