ومنها: لو نصر الله سبحانه وتعالى المؤمنين دائما وأظفرهم بعدوهم في كل موطن وجعل لهم التمكين والقهر ...
ومنها: لو نصر الله سبحانه وتعالى المؤمنين دائما وأظفرهم بعدوهم في كل موطن وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبدا لطغت نفوسهم وشمخت وارتفعت فلو بسط لهم النصر والظفر لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء والشدة والرخاء والقبض والبسط فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته إنه بهم خبير بصير.
ومنها: استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء فيما يحبون وفيما يكرهون وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم عبيده حقا وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية.
ومنها: أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا فاستوجبوا منه العز والنصر فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123]، وقال: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25]، فهو سبحانه إذا أراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولا ويكون جبره له وانكساره له ونصره على مقدار ذله وانكساره.
ومنها: أن الله سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لم تبلغها أعمالهم ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها.
ومنها: أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغيانا وركونا إلى العاجلة وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواءً لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه ولو تركه لغلبته الأدواء حتى يكون فيها هلاكه. ومنها: أن الشهادة عند الله من أعلى مراتب أوليائه الشهداء هم خواصه والمقربون من عباده وليس بعد درجة الصديقية إلا الشهادة وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء تراق دماؤهم في محبته ورضائه ويؤثرون رضاه ومحابَّه على نفوسهم ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسلط العدو. انتهى كلامه رحمه الله.
فيا أيها الموحدون المجاهدون المرابطون، يا أبناء الإسلام وحملة لوائه في زمن الغربة، خذوا الكتاب بقوة، واقبضوا على جمر التكاليف، واقتفوا أثر الرسل والأنبياء والصديقين: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [الأحزاب: 39] وقد قص لنا ربنا في كتابه العزيز من قصصهم ما فيه مدكر، وذكر لنا حال أقوامهم ومقالهم تسلية لكل من سار على درب من هدى الله، ليقتدي بهم ويستمسك بما استمسكوا به واعتصموا، فهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نبي الملحمة والمرحمة يعلم أمته، ويهب للأجيال المتعاقبة أسفارا من التضحية والبذل والفداء ليستن به من خلفه ويسير على نهجه القويم وصراط الله المستقيم، فقد شج وجهه صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته، وقتل عمه وأصحابه وأحبابه، وآذاه أهل الإفك، وأصابه والصحابة الكرام الجوع والعناء حتى زلزلوا زلزالا شديدا، وحل بهم من الكرب والضيق طوال سيرته ودعوته ما قضى الله وقدر لأهل الإيمان والتقوى،( روى البخاري في صحيحه عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).
ومنها: استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء فيما يحبون وفيما يكرهون وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم عبيده حقا وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية.
ومنها: أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا فاستوجبوا منه العز والنصر فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123]، وقال: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25]، فهو سبحانه إذا أراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولا ويكون جبره له وانكساره له ونصره على مقدار ذله وانكساره.
ومنها: أن الله سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لم تبلغها أعمالهم ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها.
ومنها: أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغيانا وركونا إلى العاجلة وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواءً لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه ولو تركه لغلبته الأدواء حتى يكون فيها هلاكه. ومنها: أن الشهادة عند الله من أعلى مراتب أوليائه الشهداء هم خواصه والمقربون من عباده وليس بعد درجة الصديقية إلا الشهادة وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء تراق دماؤهم في محبته ورضائه ويؤثرون رضاه ومحابَّه على نفوسهم ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسلط العدو. انتهى كلامه رحمه الله.
فيا أيها الموحدون المجاهدون المرابطون، يا أبناء الإسلام وحملة لوائه في زمن الغربة، خذوا الكتاب بقوة، واقبضوا على جمر التكاليف، واقتفوا أثر الرسل والأنبياء والصديقين: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [الأحزاب: 39] وقد قص لنا ربنا في كتابه العزيز من قصصهم ما فيه مدكر، وذكر لنا حال أقوامهم ومقالهم تسلية لكل من سار على درب من هدى الله، ليقتدي بهم ويستمسك بما استمسكوا به واعتصموا، فهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نبي الملحمة والمرحمة يعلم أمته، ويهب للأجيال المتعاقبة أسفارا من التضحية والبذل والفداء ليستن به من خلفه ويسير على نهجه القويم وصراط الله المستقيم، فقد شج وجهه صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته، وقتل عمه وأصحابه وأحبابه، وآذاه أهل الإفك، وأصابه والصحابة الكرام الجوع والعناء حتى زلزلوا زلزالا شديدا، وحل بهم من الكرب والضيق طوال سيرته ودعوته ما قضى الله وقدر لأهل الإيمان والتقوى،( روى البخاري في صحيحه عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).