وقفة استراحة. عجبا والله أمر الأطفال الصغار!! فيهم خصال طيبة لو كانت عندنا مع عملنا الصالح ...
وقفة استراحة.
عجبا والله أمر الأطفال الصغار!! فيهم خصال طيبة لو كانت عندنا مع عملنا الصالح لأصبحنا أولياء الله بدون شكّ -بإذن الله-.
لا يفكرون بالماضي، ولا يذكرون الزمن الغابر، ولا يعيدون عجلة التاريخ الأول، ولا يهتمون للمستقبل، ولا يبالون بما يحصل فيه، ولا يركنون إلى الدنيا، ولا يفكرون بعمارتها، همهم الوحيد ساعة حاضرهم كيف يسعدون فيها أنفسهم، وكيف يلعبون ويمرحون، ويأكلون ويشربون، حتى إذا أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، ناموا على فراش الراحة متلذذين بنومهم، قلوبهم كاللبن الأبيض صافية، وصدروهم كالزجاجة ناقية، لا يحملون حقدا لأحد، ولا غلا لأحد، ولا كرها لأحد، حتى إذا طلع الفجر بنوره، قاموا في نشاط تام، وحيوية كاملة، يبتسمون ويضحكون وكأنهم عصافير تغرّد وتغنّي في مطلع الفجر..
في يوم من الأيام والناس يصيحون ويتذمرون، نظروا إلى اليمين فرأوا فيروس كورونا قادم إليهم، فنظروا إلى اليسار فرأوا غلا الأسعار قد حلّ في بلادهم، ونظروا إلى السماء فوقهم فرأوها قطعت الغيث عنهم، ونظروا إلى الأرض تحتهم فرأوها أجدبت نباتها عنهم، فنظروا في صدورهم فوجدوها كثقب إبرة ضاقت عليهم، ونظروا في دماءهم فإذا هي تجمدت في عروقهم، ولا تضخ إلى قلوبهم، فهم في حالة رعب وخوف وحزن ما الله به عليم، فجلستُ على مائدة الغداء بحضرة الوالد والإخوان نتذاكر الألم الذي يعانيه الناس من هذه المصائب فأمعنتُ النظر في وجه أخي الصغير وهو صامتٌ يأكل الطعام بشهية وبسرعة، فقلت لهم: يا سبحان الله!! ما أجمل البراءة في وجوه الصغار، العالم اليوم يصيح والناس خائفون, وهذا الصغير لا يهمه غير مأكله ومشربه لا يبالي بما يحدث، ولا يهتم لما سيقع، ولا يحزن على ما مضى.
ما أجمل الطفولة تجد في ابتسامتهم البراءة، وفي تعاملاتهم البساطة, لا يحقدون ولا يحسدون, وإن أصابهم مكروه لا يتذمرون, يعيشون يومهم بيومهم بل ساعتهم بساعته, لا يأخذهم التفكير ولا التخطيط لغد, ولا يفكرون كيف سيكون وماذا سيعملون, أحاسيسهم مرهفة، وأحاديثهم مشوقة، وتعاملاتهم محببة, إن أساءت إليهم اليوم في الغد ينسون، وبكلمة تستطيع أن تمحو تلك الإساءة؛ ذلك لان قلوبهم بيضاء لا تحمل على أحد، وبتعاملك اللطيف معهم يعطوك كامل مشاعرهم حباً واحتراماً وتعلقاً, صحيح أنها صفات طفولية, ولكنها جميلة ورائعة, والأروع من ذلك أن تكون فينا نحن الكبار فنكتسب منهم فنّ التعامل، ونأخذ منهم نقاء القلب، وصفاء النفس، وسعة الصدر، وسلامة المقصد، وحسن التوكل، وطرح مثاقل الجبال..
رأيتُ طفلين في سنّ الرابعة يتحدثان فقال الأول: لا تعبر على القبور فإن الله سيحرقك بالنار، وأخذ يرددها على الآخر، ما كان منه إلا أن أسرع إلى البيت وهو يبكي ويشكتي إلى أمّه ويقول: فلان قال لي: إن الله سيحرقني بالنار إن أنا مشيت على القبور، وأنا والله ما مشيتُ عليها..
يا الله ما هذه البراءة الطفولية، والفطرة الإيمانية؟!.
لو أننا دخلنا بتواضع وتذلل مدرسة الأطفال الصغار وأخذنا منهم دروس سعادتنا لأصبحنا من السعداء.
نتوكل على الله، ونحسن الظنّ به، وننشغل بيومنا الحاضر، ونذكر الله فيه، ونحمل الخير للآخرين، ولا نحمل لهم غلّا ولا حقدا ولا حسدا، وننسى الماضي وما مضى، وخبره وما جرى، ولا نهتم للمستقبل الآتي، ولا نخاف من الأمر الغيبي، ونؤمن بقضاء الله وقدره، ونرضى عن الله وأمره، فنحصل على السعادة، وستأتي إلينا راغمة..
📙📙 من كتاب دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان. ص:(147).
🖋🖋 أبي الليث العريقي، هشام عبده حبيب عبيد ناصر العريقي.
ملاحظة/ المصادر والمراجع في متن الكتاب او على نسخة pdf.
عجبا والله أمر الأطفال الصغار!! فيهم خصال طيبة لو كانت عندنا مع عملنا الصالح لأصبحنا أولياء الله بدون شكّ -بإذن الله-.
لا يفكرون بالماضي، ولا يذكرون الزمن الغابر، ولا يعيدون عجلة التاريخ الأول، ولا يهتمون للمستقبل، ولا يبالون بما يحصل فيه، ولا يركنون إلى الدنيا، ولا يفكرون بعمارتها، همهم الوحيد ساعة حاضرهم كيف يسعدون فيها أنفسهم، وكيف يلعبون ويمرحون، ويأكلون ويشربون، حتى إذا أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، ناموا على فراش الراحة متلذذين بنومهم، قلوبهم كاللبن الأبيض صافية، وصدروهم كالزجاجة ناقية، لا يحملون حقدا لأحد، ولا غلا لأحد، ولا كرها لأحد، حتى إذا طلع الفجر بنوره، قاموا في نشاط تام، وحيوية كاملة، يبتسمون ويضحكون وكأنهم عصافير تغرّد وتغنّي في مطلع الفجر..
في يوم من الأيام والناس يصيحون ويتذمرون، نظروا إلى اليمين فرأوا فيروس كورونا قادم إليهم، فنظروا إلى اليسار فرأوا غلا الأسعار قد حلّ في بلادهم، ونظروا إلى السماء فوقهم فرأوها قطعت الغيث عنهم، ونظروا إلى الأرض تحتهم فرأوها أجدبت نباتها عنهم، فنظروا في صدورهم فوجدوها كثقب إبرة ضاقت عليهم، ونظروا في دماءهم فإذا هي تجمدت في عروقهم، ولا تضخ إلى قلوبهم، فهم في حالة رعب وخوف وحزن ما الله به عليم، فجلستُ على مائدة الغداء بحضرة الوالد والإخوان نتذاكر الألم الذي يعانيه الناس من هذه المصائب فأمعنتُ النظر في وجه أخي الصغير وهو صامتٌ يأكل الطعام بشهية وبسرعة، فقلت لهم: يا سبحان الله!! ما أجمل البراءة في وجوه الصغار، العالم اليوم يصيح والناس خائفون, وهذا الصغير لا يهمه غير مأكله ومشربه لا يبالي بما يحدث، ولا يهتم لما سيقع، ولا يحزن على ما مضى.
ما أجمل الطفولة تجد في ابتسامتهم البراءة، وفي تعاملاتهم البساطة, لا يحقدون ولا يحسدون, وإن أصابهم مكروه لا يتذمرون, يعيشون يومهم بيومهم بل ساعتهم بساعته, لا يأخذهم التفكير ولا التخطيط لغد, ولا يفكرون كيف سيكون وماذا سيعملون, أحاسيسهم مرهفة، وأحاديثهم مشوقة، وتعاملاتهم محببة, إن أساءت إليهم اليوم في الغد ينسون، وبكلمة تستطيع أن تمحو تلك الإساءة؛ ذلك لان قلوبهم بيضاء لا تحمل على أحد، وبتعاملك اللطيف معهم يعطوك كامل مشاعرهم حباً واحتراماً وتعلقاً, صحيح أنها صفات طفولية, ولكنها جميلة ورائعة, والأروع من ذلك أن تكون فينا نحن الكبار فنكتسب منهم فنّ التعامل، ونأخذ منهم نقاء القلب، وصفاء النفس، وسعة الصدر، وسلامة المقصد، وحسن التوكل، وطرح مثاقل الجبال..
رأيتُ طفلين في سنّ الرابعة يتحدثان فقال الأول: لا تعبر على القبور فإن الله سيحرقك بالنار، وأخذ يرددها على الآخر، ما كان منه إلا أن أسرع إلى البيت وهو يبكي ويشكتي إلى أمّه ويقول: فلان قال لي: إن الله سيحرقني بالنار إن أنا مشيت على القبور، وأنا والله ما مشيتُ عليها..
يا الله ما هذه البراءة الطفولية، والفطرة الإيمانية؟!.
لو أننا دخلنا بتواضع وتذلل مدرسة الأطفال الصغار وأخذنا منهم دروس سعادتنا لأصبحنا من السعداء.
نتوكل على الله، ونحسن الظنّ به، وننشغل بيومنا الحاضر، ونذكر الله فيه، ونحمل الخير للآخرين، ولا نحمل لهم غلّا ولا حقدا ولا حسدا، وننسى الماضي وما مضى، وخبره وما جرى، ولا نهتم للمستقبل الآتي، ولا نخاف من الأمر الغيبي، ونؤمن بقضاء الله وقدره، ونرضى عن الله وأمره، فنحصل على السعادة، وستأتي إلينا راغمة..
📙📙 من كتاب دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان. ص:(147).
🖋🖋 أبي الليث العريقي، هشام عبده حبيب عبيد ناصر العريقي.
ملاحظة/ المصادر والمراجع في متن الكتاب او على نسخة pdf.