وما بعد العجز إلّا الاستسلام إنّ من يتابع الإعلام الصليبي هذه الأيّام يجد إجماعاً غريباً من ...

وما بعد العجز إلّا الاستسلام

إنّ من يتابع الإعلام الصليبي هذه الأيّام يجد إجماعاً غريباً من قادتهم وخبرائهم على القول بأنّ الدّولة الإسلاميّة باقية، بفضل الله تعالى.

بل أصدرت وزارة الدفاع الأمريكيّة توقعات متشائمة بخصوص مستقبل الحملة الصليبيّة ضدّ الدّولة الإسلاميّة واعترفت بإمكان عودة جنودها خلال بضعة أشهر للسيطرة على المناطق التي انحازوا منها خلال الحرب الماضية والتي استمرت 5 سنين.

ويبرر قادة جيوش الصليب وضباط استخباراتهم ومسؤولوهم السياسيون وصحفيوهم المتابعون تحذيراتهم من مزاعم انتصار جديدة قد يتورّط فيها زعماؤهم بفشلهم في هزيمة الدّولة الإسلاميّة في الجانب العقائدي رغم محاولاتهم الكبيرة في الضغط عليها لدفعها إلى هذا الاتجاه أو تحقيق اختراقات في هذا الجانب، ما يعني أن الأصول العقديّة والمنهجيّة التي قامت عليها دولة الخلافة قبل سنوات لاتزال -بفضل الله تعالى- راسخة صلبة يمكن أن يقوم عليها البناء من جديد، بإذنه سبحانه.

وكذلك فإنّهم يشيرون إلى فشلهم -بفضل الله العظيم- في هزيمة نفوس المجاهدين، باستمرارهم في قتال المشركين رغم كل ما أصابهم من جراح، وسرعتهم في تغيير أساليبهم في الحرب بتغير ظروفهم وأحوالهم، الأمر الذي سيساعد في استمرار إنهاك أعدائهم، وجذب المزيد من المجاهدين إلى صفوفهم، واستعادة الكثير من القاعدين إلى جبهات قتالهم، ما يمهّد -بإذن الله تعالى- إلى تسعير الحرب من جديد خلال فترة زمنيّة وجيزة.

الأمر الآخر الذي يعترف المشركون بأنّه يشكّل نقطة ضعف كبيرة في خطّة حربهم على الدّولة الإسلاميّة هو عدم قدرة أي من جيوش المرتدّين في المنطقة على الوقوف في وجه جنود الخلافة -بفضل الله العزيز القدير- إن توقّفت الجيوش الصليبية عن تقديم الدعم الجوي الكبير لهم، ما يعني وجوب استمرار الجيوش الصليبية في حرب لا منتهية ضدّ الموحّدين، أو توقّع انهيار جيوش المرتدّين خلال أشهر فقط إن قررت الخروج من ساحة المعركة.

وإننا نؤمن أنّ كلّ هذا هو محض فضل الله تعالى على عباده الموحّدين، فحفظ عقيدة الدّولة الإسلاميّة ومنهجها، وثبّت -بفضله سبحانه- جنودها أن يجتمعوا على ضلالة أو يقعدوا كلّهم عن جهاد، وأوهن جيوش المرتدّين أن تقوى على قتالهم، وحتّى ما يبالغ فيه الصليبيون من معلومات بخصوص قوّتهم وأعدادهم ليبرّروا فشلهم في الحرب ضدّهم هو من نصر الله تعالى لهم بما يزرعه في قلوب أعدائهم من خوف من مجابهتهم ويأس من القضاء على دولتهم.

وفي الوقت الذي يسعى فيه الصليبيون إلى حصر تركيز الناس على المعارك في البركة وإظهارها أن ما يجري فيها هي نهاية الحرب ضدّ الدّولة الإسلاميّة، يبذلون جهدهم للتعمية عن الحرب التي يخوضها جنود الخلافة ضد المشركين في شتّى البلاد، وتجاهل أخبار فتوحاتهم المباركة وعملياتهم المدويّة أملاً في إقناع شعوبهم أن حملتهم المستمرّة منذ 55 شهراً آتت بعض أكلها على العراق والشّام، ويأساً من إمكان نقل هذه الحملة إلى كل أرض يمكّن الله تعالى فيها جند الخلافة من إقامة دينه وسياسة عبيده بشرعه.

وإن أكبر نصر للدّولة الإسلاميّة -بفضل الله تعالى- أن يعترف عدوّها بعجزه عن الانتصار عليها، رغم حشده لأكبر أسطول من الطائرات المقاتلة لحربها، ورغم تشكيله لأكبر حلف عسكري عرفه التاريخ لقتالها، ضمّ 70 دولة من دول الكفر، بالإضافة إلى عشرات الفصائل والتنظيمات والجماعات، ويعلن أن أقصى ما تمكّن منه هو تحويل البلاد التي تحكم بالشريعة إلى أكوام من الحجارة ثم يسلّمها للمرتدّين ليحكموها بشريعة الطاغوت.

وما بعد العجز إلا الاستسلام بإذن الله تعالى، خاصّة أنّ الحرب بيننا وبينهم لم تضع أوزارها، ولم تخرج كل أثقالها، فلا زالت راية الدّولة الإسلاميّة باقية بفضل الله تعالى، ولا زالت حربها على المشركين في توسّع وامتداد حتّى تحكم الأرض بشريعة ربّ العباد، ولا زال اعداؤها تضعف قوّتهم ويتشتّت شملهم، ويزدادون يأساً بعد يأس، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36].

إن أمريكا اليوم تعلن عجزها عن هزيمة الدّولة الإسلاميّة بمفردها، وتدعو حلفاءها الغارقين في مشاكلهم أن يزيدوا من مساهمتهم في حربها، بل وتلقي على أكتافهم مسؤولية قيادة هذه الحرب التي أتعبتها وما زالت -بفضل الله تعالى- مستمرّة ويأست من تحقيق النصر فيها، وسيهزم الله تعالى حلفاءها كما هزمت هي بأيدي عباده الموحّدين، ولله الأمر من قبل ومن بعد، والحمد لله ربّ العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 170
الخميس 16 جمادى الآخرة 1440 هـ