أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ تتعلق قلوب مرتدي الصحوات ...
أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
تتعلق قلوب مرتدي الصحوات في ليبيا والشام اليوم بكلمة من الطاغوت الأمريكي ترامب يظهر فيها عدم رضاه على هجوم أعدائهم عليهم، وتهديدهم لسلطانهم الموهوم على الأرض التي يحكمونها بغير شريعة الله رب العالمين.
وقد ظن أولئك المرتدون أنهم بطاعتهم أوامر من فوقهم من الصليبيين، من امتناع عن شريعة رب العالمين، ومظاهرة للمشركين على المسلمين، واتباعهم أهواء من تحتهم من الناس، ستسلم لهم دنياهم، التي بها باعوا دينهم وأخراهم، وما علموا أن من اتكل على غير الله تعالى وُكل إليه، ومن أرضى غيره سبحانه بسخطه سخط عليه وأسخط عليه من سواه.
فاليوم يهاجم المرتد (حفتر) -المدعوم من روسيا وطواغيت الجزيرة ومصر- طرابلس يريد إخراج حكومة (الوفاق) المرتدة منها، في الوقت الذي يستنجد فيه مرتدو الصحوات في مصراتة وطرابلس بالصليبيين لينقذوهم، وهم يذكّرونهم بما فعلوه سابقا من قتال للدولة الإسلامية وتدمير لمدينة (سرت) وقتل أهلها طاعة للأوامر الصليبية بذلك، يتزامن ذلك مع هجوم الجيش النصيري على إدلب مدعوما بحلفائه من الروس والروافض ليُنهي وجود مرتدي الصحوات فيها.
وينسى المرتدون الذين اتخذوا الصليبيين والطواغيت و"الحاضنة الشعبية" أربابا من دون الله تعالى، يطيعونهم في معصيته، ويرضونهم بسخطه، ويتوكلون عليهم من دونه، أن أولئك الأرباب متنافسون متشاكسون، وأن ما يُرضي أحدهم لا يُرضي بالضرورة غيره، بل ربما يغضبه، وما تراه دولة صليبية أو طاغوت من الطواغيت في مصلحته، قد تراه دولة أخرى أو طاغوت آخر تهديدا له، وهكذا فإنه لا يمكن لمرتدي الصحوات مهما فعلوا أن يُرضوا عنهم جميع الدول الكافرة في الوقت نفسه، وهم إن أمِنوا جانب طرف ما بما قدموه له من الطاعة والاتباع، فإنهم لا يأمنون جانب غيره، ممن قد يرى مجرد طاعتهم لغيره خروجا على طاعته وعمالة لسواه، يقتضي منه الغيرة والغضب.
فسياسة أمريكا ومعها الدول الأوربية تقوم على الرضا ببعض الكفر دون بعض إن لم يمكن الحصول على الكفر كله، فيرضون بذلك عن الحكومات الكفرية التي أنشأها مرتدو الصحوات، قانعين بما تحصلوا عليه من امتناع عن بعض الدين دون بعض، وهذا ما يجعل طواغيت المنطقة وحلفاؤهم يرون أن مجرد الرضا الأمريكي عن هذه الفصائل هو تهديد لهم يستعجلون التخلص منه مخافة أن تقوى شوكتهم ويصبحوا مؤهلين لاستبدالهم بهم إن أصبحوا أكثر فائدة للصليبيين في الحرب على الدين ومقاتلة المسلمين.
وهكذا يجد المرتدون أنفسهم اليوم مدعوين للدخول في الطاعة الكاملة التي يريدها منهم في ليبيا (حفتر) ومَن وراءه مِن الطواغيت، وفي الشام (بشار) ومِن وراءه حلفاؤه، أو التعرض للحرب التي فروا منها إلى معصية الله سبحانه، وقد تخلى عنهم من أطاعوهم وتوكلوا عليهم من دون الله تعالى.
وقد وصف الله حالة هؤلاء المرتدين والفارق بينهم وبين الموحّدين له سبحانه بالعبادة والطاعة، في قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 29].
فمن يأبى توحيد رب العالمين بالعبادة والطاعة، ويتخذ معه الشركاء الذي يطيعهم في معصيته ويرضيهم بسخطه، فإنه يعجز عن إرضاء جميع الأرباب المشتركين في طاعته، في الوقت الذي يكتفي الموحد لله بطاعته عن طاعة غيره، ويستغني بالتوكل على الله العظيم عن التوكل على المخلوقين.
فالموحد هو الآمن المطمئن في الدنيا والآخرة، بطاعته لله وتوكله عليه، والمشرك هو الخائف المخذول في الدنيا والآخرة، بعجزه عن تحقيق الطاعة لكل الطواغيت، وخذلانهم له، كما قال ذو الجلال والإكرام على لسان نبيه الكريم يوسف عليه السلام: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 39 - 40].
وإن جنود الدولة الإسلامية -أعزها الله تعالى- لما وحّدوا الله سبحانه بطاعته، وكفروا بكل الأرباب من دونه، وقاهم من التعلق بهم والاتكال على غيره، نحسبهم كذلك، وهكذا التوحيد بعضه يكمل بعض، كما أن كفر مرتدي الصحوات بعضه يؤدي إلى بعض، ومن توكل على الله فهو حسبه، ومن توكل على أمريكا وغيرها من الطواغيت وُكل إليهم، والله لا يهدي القوم الظالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 181
الخميس 4 رمضان 1440 هـ
تتعلق قلوب مرتدي الصحوات في ليبيا والشام اليوم بكلمة من الطاغوت الأمريكي ترامب يظهر فيها عدم رضاه على هجوم أعدائهم عليهم، وتهديدهم لسلطانهم الموهوم على الأرض التي يحكمونها بغير شريعة الله رب العالمين.
وقد ظن أولئك المرتدون أنهم بطاعتهم أوامر من فوقهم من الصليبيين، من امتناع عن شريعة رب العالمين، ومظاهرة للمشركين على المسلمين، واتباعهم أهواء من تحتهم من الناس، ستسلم لهم دنياهم، التي بها باعوا دينهم وأخراهم، وما علموا أن من اتكل على غير الله تعالى وُكل إليه، ومن أرضى غيره سبحانه بسخطه سخط عليه وأسخط عليه من سواه.
فاليوم يهاجم المرتد (حفتر) -المدعوم من روسيا وطواغيت الجزيرة ومصر- طرابلس يريد إخراج حكومة (الوفاق) المرتدة منها، في الوقت الذي يستنجد فيه مرتدو الصحوات في مصراتة وطرابلس بالصليبيين لينقذوهم، وهم يذكّرونهم بما فعلوه سابقا من قتال للدولة الإسلامية وتدمير لمدينة (سرت) وقتل أهلها طاعة للأوامر الصليبية بذلك، يتزامن ذلك مع هجوم الجيش النصيري على إدلب مدعوما بحلفائه من الروس والروافض ليُنهي وجود مرتدي الصحوات فيها.
وينسى المرتدون الذين اتخذوا الصليبيين والطواغيت و"الحاضنة الشعبية" أربابا من دون الله تعالى، يطيعونهم في معصيته، ويرضونهم بسخطه، ويتوكلون عليهم من دونه، أن أولئك الأرباب متنافسون متشاكسون، وأن ما يُرضي أحدهم لا يُرضي بالضرورة غيره، بل ربما يغضبه، وما تراه دولة صليبية أو طاغوت من الطواغيت في مصلحته، قد تراه دولة أخرى أو طاغوت آخر تهديدا له، وهكذا فإنه لا يمكن لمرتدي الصحوات مهما فعلوا أن يُرضوا عنهم جميع الدول الكافرة في الوقت نفسه، وهم إن أمِنوا جانب طرف ما بما قدموه له من الطاعة والاتباع، فإنهم لا يأمنون جانب غيره، ممن قد يرى مجرد طاعتهم لغيره خروجا على طاعته وعمالة لسواه، يقتضي منه الغيرة والغضب.
فسياسة أمريكا ومعها الدول الأوربية تقوم على الرضا ببعض الكفر دون بعض إن لم يمكن الحصول على الكفر كله، فيرضون بذلك عن الحكومات الكفرية التي أنشأها مرتدو الصحوات، قانعين بما تحصلوا عليه من امتناع عن بعض الدين دون بعض، وهذا ما يجعل طواغيت المنطقة وحلفاؤهم يرون أن مجرد الرضا الأمريكي عن هذه الفصائل هو تهديد لهم يستعجلون التخلص منه مخافة أن تقوى شوكتهم ويصبحوا مؤهلين لاستبدالهم بهم إن أصبحوا أكثر فائدة للصليبيين في الحرب على الدين ومقاتلة المسلمين.
وهكذا يجد المرتدون أنفسهم اليوم مدعوين للدخول في الطاعة الكاملة التي يريدها منهم في ليبيا (حفتر) ومَن وراءه مِن الطواغيت، وفي الشام (بشار) ومِن وراءه حلفاؤه، أو التعرض للحرب التي فروا منها إلى معصية الله سبحانه، وقد تخلى عنهم من أطاعوهم وتوكلوا عليهم من دون الله تعالى.
وقد وصف الله حالة هؤلاء المرتدين والفارق بينهم وبين الموحّدين له سبحانه بالعبادة والطاعة، في قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 29].
فمن يأبى توحيد رب العالمين بالعبادة والطاعة، ويتخذ معه الشركاء الذي يطيعهم في معصيته ويرضيهم بسخطه، فإنه يعجز عن إرضاء جميع الأرباب المشتركين في طاعته، في الوقت الذي يكتفي الموحد لله بطاعته عن طاعة غيره، ويستغني بالتوكل على الله العظيم عن التوكل على المخلوقين.
فالموحد هو الآمن المطمئن في الدنيا والآخرة، بطاعته لله وتوكله عليه، والمشرك هو الخائف المخذول في الدنيا والآخرة، بعجزه عن تحقيق الطاعة لكل الطواغيت، وخذلانهم له، كما قال ذو الجلال والإكرام على لسان نبيه الكريم يوسف عليه السلام: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 39 - 40].
وإن جنود الدولة الإسلامية -أعزها الله تعالى- لما وحّدوا الله سبحانه بطاعته، وكفروا بكل الأرباب من دونه، وقاهم من التعلق بهم والاتكال على غيره، نحسبهم كذلك، وهكذا التوحيد بعضه يكمل بعض، كما أن كفر مرتدي الصحوات بعضه يؤدي إلى بعض، ومن توكل على الله فهو حسبه، ومن توكل على أمريكا وغيرها من الطواغيت وُكل إليهم، والله لا يهدي القوم الظالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 181
الخميس 4 رمضان 1440 هـ
