مقال: خذوا حذركم (7) - مصائد في طريق الجهاد في سعيهم لعمل الخير يندفع كثير من المسلمين طلبا ...

مقال: خذوا حذركم (7) - مصائد في طريق الجهاد


في سعيهم لعمل الخير يندفع كثير من المسلمين طلبا للطرق التي توصلهم إليه، فمن باحث عن طريق يوصله إلى أرض الدولة الإسلامية وساحات الجهاد، ومن منقّب عن ثقة أمين ينقل من خلاله المال إلى المجاهدين في الثغور ليعينهم على جهادهم، أو إلى أُسرهم ليخلفهم من خلالها بخير، أو لمن يعينهم على فكاك أسراهم، ومن حريص على دينه فلا يستفتي إلا من وثق بدينهم.

وهذه الأمور كلها خير بحمد الله، إلا أنها باتت تستغل بكثرة من قبل أعداء الإسلام وضعاف النفوس من المنتسبين إليه، بما يعود بالضرر على المسلمين وعلى المجاهدين، ولذلك ينبغي الحذر من الطرق التي يرجو العبد أن يتوصل من خلالها إلى الخير، فيعمل بها بشكل لا يهدده أو يمنع تحقيق غرضه، فضلا أن يقوده إلى عكس مراده منه، فيعود بالضرر على إخوانه في الوقت الذي أراد إعانتهم فيه.

فإن كثيرا من أدعياء الجهاد ونصرته هم بين مخابرات تتربص بالمجاهدين الشر، وتقعد لهم على طريق هجرتهم لاعتقالهم، أو تتربص بهم لمعرفة مخططاتهم لإفشالها، وبين لصوص قعدوا يتصيدون أهل الأموال ليسرقوهم بحجة إيصال الدعم إلى المجاهدين وعوائلهم، أو تمويل عملياتهم، وبين لصوص دين جهلة ومفسدين نصّبوا أنفسهم علماء على من لا يعرفهم ليفتوا لهم بغير علم فيضلّون ويضلّون، وبين أشقياء فاسدين يبحثون عن شهرة في أوساط الأغرار والمراهقين بنشرهم الأوهام وتفاهات الكلام ليصنعوا لأنفسهم هالة من الخبرة والحكمة ثم يقدموا لهم النصائح التي تهلكهم في دينهم أو دنياهم.

والواجب على المسلمين أن يحذروا من ذلك كله، فلا يدفعهم التشوق للجهاد أن يلقوا بأنفسهم في أيدي مخابرات الصليبيين والطواغيت، ويكونوا لهم صيدا سهلا، ولا حبهم لإعانة المجاهدين بالمال إلى أن ينخدعوا بكل مدّع أثيم يسرق منهم الأموال، بل ربما يستعملها في حرب المسلمين، ولا يسوقهم حرصهم على الدين إلى استفتاء كل مجهول صدّر نفسه عالما، وقدّم لهم نفسه مفتيا.


- لا تثق بمن لا تعرف

فلا زال تصيد المجاهدين في طرق وصولهم إلى ساحات الجهاد من أسهل الأساليب لديهم لاعتقالهم، ففي بلدانهم الأصلية يكونون مختفين عن عيونهم غالبا لا يعرفون نواياهم، وعند وصولهم إلى إخوانهم المجاهدين يكونون في حمايتهم، ولا يتوصل إلى اعتقالهم إلا بمعارك، أما على الطريق فهم مكشوفو النوايا غالبا بما عليهم من أدلة جعلوها في أيدي المنسقين المفترضين، وهم منزوعو الحماية غالبا لكونهم في طريق سفرهم لا يحملون أي سلاح، ولذلك يكون اعتقالهم في هذه المرحلة أجدى وأسهل بالنسبة لأعداء الله.

وكثيرا ما وقع المجاهدون ضحايا لأشخاص لا يعرفون عنهم شيئا إلا ما يظهرونه من مناصرة للمجاهدين في شبكة الإنترنت، فيطمئنون لهم، ثم يسألونهم إيجاد طريق لهم إلى المجاهدين، وقد يهدي الله المهاجر إلى مناصر صادق ينصحه ويهديه إلى ما يحقق غايته بأسهل وآمن طريقة، وقد يقع فريسة الجواسيس وعملاء المخابرات الذين يملؤون الشبكات، ويستخدمون أقنعة ظاهرها نصرة الجهاد وأهله، ليستدرجوا من خلالها قليلي الاحتراس ويوقعوهم في حبائلهم ثم تستمر عملية الاستدراج رويدا رويدا حتى إيصالهم إلى الفخ المنصوب لهم في المكان الذي يمكن لهم فيه الإمساك بالمهاجر أو القضاء عليه، ثم استعراض ما فعلوه على الإعلام على أنه نصر استخباراتي عظيم، وقد يظهر هؤلاء مصداقية بتسهيل وصول أخ أو أكثر، في سبيل الوصول إلى عدد أكبر من المهاجرين، مما يعطيهم الفرصة للإمساك بصيد ثمين كما أو نوعا فيما بعد.

والمفروض أن يحرص طالب الهجرة على إيجاد طريق مضمون له ولمن معه، وأن يعتمد في ذلك على تزكيات موثوقة من قبل إخوة يعرفهم حق المعرفة من أبناء بلده الذين سبقوه بالهجرة، أو من المسؤولين عن الهجرة من جنود الدولة الإسلامية، وأن لا يلقي بنفسه وإخوانه في كل باب يفتح أمامه، وليعلم أنه في جهاد ما دام يسعى في البحث عن طريق آمن إليه، وأن يتأخر شهورا في بحثه خير من أن يعرض نفسه وإخوانه للهلاك أو الفتنة، وقد يودي بإخوة آخرين لم يكونوا معروفين لأعداء الله، فالحرص الحرص في هذا الباب، والدعاء الدعاء أن ييسر له طريق الخير، وتجديد النية في كل يوم على الهجرة والجهاد حتى يأذن الله تعالى له بتحقق ذلك.- إعمل بصمت واكتف بما في يديك

وأخطر من ذلك، أن يتواصل مجاهد ينوي تنفيذ عمل جهادي ذي طبيعة أمنية، بمفرده أو بمعونة بعض إخوانه، مع من لا يعرفهم من الأسماء في شبكة الإنترنت، طالبا الدعم المالي أو السلاح أو مجرد إيصاله بالقائمين على العمليات الخارجية في الدولة الإسلامية ليوصل إليهم خبر بيعته وإعلانه تنفيذ الهجوم استجابة لأمر الإمام حفظه الله، وهو لا يدري لعل من يتواصل معهم عناصر أمنية تابعة للصليبيين، يلتقطون رسالته ويحددون هويته ويخضعونه فورا للمراقبة والمتابعة، في الوقت الذي يكملون معه مسيرة الاستدراج، بطلب تفاصيل العمل، وعرض تقديم الخدمات، ليجمعوا عليه أدلة أكثر، ويعرفوا تفاصيل عمله أكثر، حتى يقترب موعد التنفيذ فيفاجأ الأخ بالقبض عليه، ويتفاجأ أكثر بأن كل ما تكلم به مع من ظنهم إخوانه، موجود في ملف قضيته أمام التحقيق.

بل قد سمعنا كثيرا عن عملاء للـ FBI وغيرها من أجهزة الصليبيين، أنهم يلتقطون أي مناصر على الشبكة، ربما لا يفكر في تنفيذ عمل قتالي ضد المشركين، فيعرضون عليه الأمر، ويعدونه بتقديم ما يلزم من سلاح ومال وغيره، حتى يوافق الأخ، ويطلب ما وُعد به، ليتفاجأ بعناصر الأمن تداهمه ساعة لقائه مع "المحرّض" وتلقي القبض عليه وقت استلامه للسلاح، ليكون في ملف قضيته بالإضافة إلى أرشيف مراسلاته الطويل معهم.

والسؤال هنا، ما الداعي لأن يلتقي الأخ الذي يريد تنفيذ هجوم بمن لا يعرفه ليساعده في تنفيذه بطريقة ما؟! وما الداعي لتهديد نفسه وسلامة مخططه بإطلاع غيره عليه وهو يعلم يقينا أن اتصاله بمن لا يعرف ومنحه الثقة مخاطرة كبيرة غير واجبة عليه.

فاتصال الأخ مع إخوانه في الدولة الإسلامية لتنسيق العمل بطريقة مناسبة وطلب العون منهم في ذلك أمر حسن، ولكنه لا يقدّم أبدا على أمن الأخ، وعلى نجاح عمله، فالأخ إن لم يجد طريقا موثوقا، يستعين بالله ويعمل بما هو موجود في يديه من الأدوات، ولقد رأى ما صنعه إخوان له من قبل من نكاية في المشركين باستخدام ما توفر بأيديهم من سلاح، أو حولوه إلى سلاح من سيارات وشاحنات، وأعواد ثقاب وغيرها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

أما الإعلان عن العمل فيكفيه ورقة في جيبه أحيانا يعلم الصليبيون من خلالها أن من أثخن فيهم هو من جنود الخلافة وإن شاء الله تصل أخبار عمليته إلى الإعلام بطريقة أو بأخرى.

والخلاصة في هذا الباب، ألا يُعطي مسلم ثقته لمن لا يوثق به من المجاهيل، ولو قدم إثباتات لمصداقيته بأن لديه تواصلا مع بعض جنود الدولة الإسلامية، أو أنه قدم مساعدة لبعض المجاهدين، فهذه كلها يمكن لأجهزة المخابرات تحصيلها بسهولة، وبوسائل كثيرة.

فليبذل المسلم كل ما بوسعه لتحصيل أفضل الطرق وآمنها للوصول إلى مبتغاه، ثم ليتوكل على الله تعالى، وليمض في طريقه، فإن أصابه مكروه أو وقع في خطأ، لا يلوم نفسه على ما فات، ولا يجد في نفسه إثما أو تقصيرا، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ العدد - 188
الخميس 24 شوال 1440 هـ