الدولة الإسلامية - مقال: • ألا إن القوة الرمي أمر ربنا عز وجل عباده بإعداد كل أسباب القوة ...

الدولة الإسلامية - مقال:

• ألا إن القوة الرمي

أمر ربنا عز وجل عباده بإعداد كل أسباب القوة التي ترهب أعداءه وتمنعهم عن إيقاع الأذى بالمسلمين وتعين على التنكيل فيهم، كما في قوله سبحانه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60]، وفسّر النبي عليه الصلاة والسلام القوة التي أمر الله تعالى بالإعداد لها بوسائل الرمي المختلفة، كما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: ({وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ)" [رواه مسلم]، والإعداد المأمور به يشمل صناعة تلك الوسائل، أو شراءها، وحسن التدرب عليها، بما يضمن الاستفادة الكبرى منها.

والرمي يشمل ولا شك كل وسائل إطلاق الأسلحة بشكل موجه نحو أهداف محددة، سواء كانت الأسلحة نصلا معدنيا مركبا في رأس طلقة بندقية، أو قنابل مختلفة الأنواع والأحجام تحملها الصواريخ وقذائف المدفعية والطائرات، وبمقدار ما يكون لهذا الرمي مدى أبعد في إيصال الأسلحة، ودقة أكبر في الوصول إلى الأهداف، وقدرة أكبر على حمل الأسلحة التي تحدث ضررا أكبر، بمقدار ما يكون فعالا، ويؤدي الدور المطلوب منه في إرهاب العدو أو النكاية فيه عند الحاجة إليه.
وإن من أعظم الواجبات على المسلمين اليوم الاهتمام بهذا الجانب، وتطويره في الجوانب الثلاث المطلوبة (المدى، الدقة، التدمير)، خاصة وأن العلوم اللازمة للنجاح في ذلك صارت مبذولة لا محصورة بأيدي الدول الكافرة المستكبرة فحسب كما كانت خلال الأزمنة الماضية، ووسائل تصنيعها متوفرة يمكن تأمينها بسهولة نسبيا في كل مكان، والحاجة إليها تزداد أكثر في ظل زيادة تحصين الصليبيين والمرتدين لثغورهم ومراكز قوتهم منعا من وصول المجاهدين إليهم وإحداث النكاية فيهم، في الوقت الذي يمتلكون فيه أقوى الوسائل التي تمكنهم من ضرب المجاهدين حتى في مناطق العمق البعيدة عن الجبهات بما لديهم من طيران وصواريخ مختلفة المدى.

ونحن نرى هذه الأيام وقبلها مقدار الإرهاب والردع الذي يفعله امتلاك دولة ما لصواريخ بعيدة المدى، أو امتلاك فصيل ما لصواريخ متوسطة بل وقصيرة المدى، حتى لو كانت ضعيفة التوجيه محدودة القدرة على حمل الأسلحة المدمرة، فإنها بذلك تهدد أعداءها بنقل الحرب إلى داخل ديارهم وإلى وسط قواعدهم العسكرية التي يفترض أن تكون آمنة، ومنعهم بذلك من حصر ساحة المعركة في أراضيها.

كما رأينا أعداءنا في كل مرحلة تنشط فيها عمليات عصابات المجاهدين فإنهم ينكفؤون على أنفسهم داخل قواعدهم الحصينة ولا يتحركون إلا بإجراءات أمنية مشددة لتقليل الخسائر في صفوفهم، ومنع المجاهدين من الوصول إليهم، وكذلك يشددون في حماية المدن التي يسيطرون عليها منعا من دخول مجاهدي المفارز الأمنية إليها أو تمكنهم من إدخال أسلحتهم ومتفجراتهم إلى حيث يمكنهم الاستفادة منها لإحداث النكاية في أعدائهم.

وكذلك فنحن نعلم أن أي مسعى لضرب العدو من مسافة قريبة أو بالاشتباك المباشر معه فإن فيها تعريضا لحياة المجاهدين للخطر بدرجة ما، في حين أن تمكنهم من ضرب العدو من مسافة بعيدة نسبيا يمكنهم من الانسحاب من الأماكن الخطرة بعد إحداث النكاية في العدو بإذن الله تعالى.
وقد رأينا كيف قذف الله تعالى الرعب في قلوب المرتدين في بعض مناطق العراق بمجرد أن قصف المجاهدون قراهم ومزارعهم ببضعة قذائف هاون، فأخلوا قرى كاملة مخافة أن يصيبهم أذى المجاهدين، وهم يرون أنفسهم عاجزين عن التصدي للقذائف بعد أن ظنوا أنفسهم قد أمّنوا مناطق سيطرتهم بالحواجز والسواتر والحراسات المشددة التي تعيق وصول المجاهدين إلى داخلها.