مؤسسة الفرقان - وأَنتُمُ الأعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ تفريغ الكلمة الصوتية للمتحدّث ...

مؤسسة الفرقان - وأَنتُمُ الأعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ



تفريغ الكلمة الصوتية للمتحدّث الرّسمي للدّولة الإسلاميّة الشّيخ المهاجر أبي حمزة القرشيّ (حفظه الله تعالى) بعنوان:
{ وأَنتُمُ الأعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ }



إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:

قال الله تبارك وتعالى: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحجّ: 15].

هذا إخبارٌ من الله تعالى أنه ناصر دينه ورسوله عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة، ومن حكمته سبحانه أن جعل تجديد أمر الدين على رأس كل زمان، رغم أنف الكافرين، ورغم مكر الماكرين، ورغم حقد الحاقدين، نعم، فليمْدد كل منكم أيها الطواغيت والصليبيون بسببٍ إلى السماء، ثم اقطعوا وانظروا، هل يُذهبن كيدكم ما تغيظون!، أم حسبتم أنّ بحربكم وبمكركم لنور الله تعالى ستطفئون!، وعن سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ستصدون!، أو على عباده الموحدين الذين حملوا الرسالة ستقضون!، كلا وربي، بل وكأنكم للماء بالغربال تجمعون، فهنا حملات فشلكم تطلقون، وهناك أجناد دولتنا لكم ولعبيدكم راصدون كامنون لقتالكم يتسابقون، فموتوا بغيظكم فما حسبتم أنفسكم وماذا تتأملون؟، موتوا بغيظكم وجددوا حسراتكم على ما أنفقتموه في حرب الله تعالى ورسوله وعباده الموحدين، موتوا بغيظكم واستمروا بمكركم، فأنتم تمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، أظننتم أن بوسعكم أن تمنعوا نصر الله تعالى وتصدوه عن عباده المؤمنين؟، موتوا بغيظكم كلما سمعتم بصولات الموحدين، موتوا بغيظكم، فها هي الدولة التي حاربتموها وصببتم على أجنادها جام حقدكم ونار غضبكم في العراق والشام وخراسان، قد صبّحتكم بفضل الله تعالى عملياتها في غرب ووسط إفريقية، وإنها الدولة التي كذبتموها، نعم، إنها الخلافة التي حاربتموها، وإنها رغم أنوفكم باقية بإذن الله تعالى شئتم أم أبيتم، فلقد غركم غروركم وكبركم، وظننتم أنكم بجبروتكم وطغيانكم ستقضون عليها وعلى أجنادها وأنصارها، فاعلموا أن دولة الإسلام اليوم على غير ما تظنون، وعلى خلاف ما تتأملون وتنتظرون.
حرِّضوا وكيدوا وامكروا
أُسْدُ الخلافة للمعالي شمَّروا
بجهادهم كلّ البرايا حيَّروا
لثباتهم تُصغي الجبال وتنظرُ

وها قد بذلتم كل ما بوسعكم لقتالنا، والصد عن سبيل ربنا، فما ازددنا بفضل الله تعالى إلا إصرارا وعزيمة وصلابة، فلن نبالي بجموع الكفر وأتباعه وأحزابه، ولا بجيوشه وجنده وكلابه، فأرعدوا وأزبدوا وهدِّدوا وتوعدوا، فوالله ما خرجنا إلا لنصرة دين الله القائل سبحانه في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمّد: 7].

فكيف لكم بقتالنا؟ والله تعالى بفضله ناصرنا ومثبت أقدامنا، وتكفي السنوات الماضية، أن تكون دليلا على ما نقول، فإننا بمعية الله تعالى نقاتل ونصول ونجول، وأما الظهور والانحسار، فما هو إلا امتحان واختبار من المولى العزيز الجبار، واصطفاء لعباده المؤمنين الأخيار، {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 140].

فلله دركم يا أجناد الخلافة، لله دركم أيها الغرباء، في زمن التيه والخذلان والضياع، ونخص منكم أجناد غرب ووسط إفريقية، بارك الله تعالى فيكم وفي جهادكم، وجزاكم الرحمن عنا وعن المسلمين خير الجزاء، كنتم خير من لبى النداء، فأتاكم النصر والتأييد من رب السماء، فاحمدوا الله الكريم يا أجناد الخلافة على نعمه التي غمرتكم وشفت صدور قوم مؤمنين، قال الله تبارك وتعالى: {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]. فاحمدوا الله الكريم على نعمه، واعلموا وفقكم الله، أننا لا حول لنا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلا تغتروا بما فتح الله تعالى عليكم، وتبرأوا من حولكم وقوتكم، وجددوا نواياكم، وأصلحوا طواياكم، وتواضعوا لمن حولكم، وكونوا درعا للمسلمين، وارفعوا عنهم ظلم الطغاة الحاقدين.

وإلى عامة المسلمين في غرب ووسط إفريقية: التفوا حول دولتكم وإمامكم وإخوانكم المجاهدين، وكونوا خير معين لنصرة وتحكيم شرع رب العالمين، وليكن لكم ما حصل لإخوانكم في العراق والشام درسا لم ولن يتكرر، بعد أن تخاذل الكثير منهم وتثاقلوا عن نصرة دينهم ودولتهم، حتى أتاهم اليوم من يسومهم ودينهم وأعراضهم وذراريهم وأموالهم سوء العذاب، بعد أن عاشوا مكرّمين منعّمين آمنين مطمئنين في أرض الخلافة، فسارِعوا وسابقوا والتحقوا بدولتكم وانصروها، وأرهبوا عدو الله وعدوكم، قال الله تبارك وتعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60].

فلا تتخاذلوا عن نصرة دينكم ومِن حمل لواء التوحيد، وإن الدولة تفتح أبوابها لكل من يبغي الجهاد؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]. فاستجيبوا لله تعالى وتمسكوا بحبله المتين، ولا تلتفتوا إلى أقوال المخذلين، واحذروا مكر الطاعنين المنافقين، واسعوا للنفير، فما بقي وقت للتبرير والتنظير.

وإلى الولاة الأفاضل في غرب ووسط إفريقية -سددكم الله تعالى-، نبلغكم سلام ووصية الشيخ أمير المؤمنين -حفظه الله تعالى-، يوصيكم برأس الأمر تقوى الله العظيم وطاعته سبحانه فيما آتاكم وفتح على أيديكم، وأن تسعوا في ردّ الحقوق إلى أهلها وأن تأخذوا حق كل مظلوم تجرأ الطغاة على حقه، وأن لا تفتر عزائمكم، وأن تواصلوا جهاد عدوكم، وأن تستغلوا الفرص وتكثفوا الغزوات، ويثني الشيخ على عملكم المبارك في تطبيق ما أمر الله تعالى به: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحجّ: 41].

وكما نثني على عملكم المبارك باستئصال ووأد فتنة الخوارج، ونحمد الله الكريم أن وفّق من كان سائرا خلفهم بالعودة لجادة الصواب، وإننا والله لندعو لهم بالهداية، أن يعودوا لجماعة المسلمين تاركين خلفهم طرق التيه والضياع والغواية، وأن يلتفوا حول إمام المسلمين الشيخ المجاهد أبي إبراهيم الهاشمي -حفظه الله-، ولقد فرحنا كثيرا بخبر بيعتهم، ونبلغهم أن أمير المؤمنين قبل بيعتهم ويخصهم بالسلام، ويوصيهم بالثبات على أمر دينهم، وأن لا يكونوا أداة لكل صاحب هوى وبدعة، وأن يتقوا الله تعالى في أنفسهم، وأن لا يعطوا الدنية في دينهم، وعليهم أن يبلوا بلاء حسنا في قتال جيوش الطواغيت، ليعوّضوا ما خسروه من أيام قد أضاعوها في اتباع الفتن والخوض في الشبهات، وهنا نود الإشارة، بأن هذا -بفضل الله تعالى- أكبر بيان وبرهان، على صحة طريق الدولة الإسلامية وبراءتها من انحراف وضلال المرجئة والغلاة منذ تأسيسها وإلى يومنا هذا، وأنها على منهاج النبوة -بإذن الله تعالى- لن تزيد ولن تحيد، وإن الدولة -بفضل الله تعالى- شامخة راسخة كالجبال، ما أثرت فيها رياح وأعاصير الفتن والمحن أو استمرار المعارك والقتال، باقية على منهجها، موقنة بنصر ربها، لن تحابي أحدا أو تداهن، قدم القادة فيها والأجناد أرواحهم ودماءهم رخيصة في سبيل نصرة دين الله تعالى وإعلاء كلمته سبحانه، فللدين خطوط حمراء، نرخص من أجلها الأرواح وتتناثر الأشلاء وتسال الدماء.

وكما نثني على عمل أجناد الخلافة المبارك في ولايات العراق والشام وسيناء وخراسان والصومال وليبيا وباكستان والهند، ونخص آساد الخلافة في ولاية العراق على ما بذلوه في بغداد وشمالها وجنوبها، وصلاح الدين والأنبار وديالى، وكركوك ونينوى والجزيرة، لله دركم يا أباة الضيم، يا مَن حيرتم الرافضة وجعلتموهم مستنفرين طوال حياتهم، وقد فقدوا -بفضل الله تعالى- آمالهم وباتوا يصرّحون بعجزهم وفشلهم عن إيقاف عملياتكم المباركة، والمتكابر منهم من لا يريد الاعتراف بمرارة ما لاقوه على أيديكم خلال الأيام الماضية؛ لم يكن بوسعه إلا أن يطلق حملات فشلهم لتمشيط الصحاري والبراري، فاعلموا يا رافضة العراق، لو كان ما تسعون إليه ممكنا لفعله أسيادكم الأمريكان قبلكم، ولئن تُخففوا الضغط على أهل الزراعة والفلاحة، وتدفعوا جيشكم وحشودكم لحرث الصحاري وحصد الزروع، بدلا من تضييع وقتكم في ملاحقة الموحدين بالآليات والدروع، فانشغلوا بأنفسكم يا رافضة ويا حشود، وجنّبوا طيش أنفسكم عرين وأفعال الأسود، ومن شدة إفلاسكم، بتّم ترون حصولكم على قطعة قماش أو حديد بالية هنا أو هناك، نصرا تعلنون عنه في الفضائيات، وتحضّرون من أجله اللقاءات، وتعقد عليه الاجتماعات والندوات، فما أحمقكم، فنقول لكم: ارجعوا لجحوركم، وجهزوا نعوشكم، واحفروا قبوركم، وأعدوا ملاطمكم، فما أن تعلنوا عن بدء انطلاق إحدى حملات فشلكم الجديدة، إلا ويليها إعلانكم عن دخولكم الطوارئ والإنذار، ثم يليها البؤس والدمار، وتناثر الأشلاء وتطاير الرؤوس كالأحجار، وإننا نعدكم بالمزيد، ولنجري من دمائكم النجسة -بإذن الله- أنهارا من جديد.

وأما أنتم يا حشود العشائر، يا من تشتهون العيش تحت المقابر، أما كفاكم ما حل بأسلافكم من صحوات العراق، أن يكونوا لكم عبرة وعظة، أوَ تظنون بأنكم أشد بأسا منهم أو من أسيادهم وداعميهم، فوفروا نصائحكم لأنفسكم وأسلافكم اليوم، قبل أن تقعوا غدا بأيدينا وتبدؤوا حينها بالنصح والتذكير، لمن يرى أو يسمع مصيركم المعلوم العسير، فلا تخدعوا أنفسكم بأنكم في مأمن من أسيافنا، بل إننا لنؤخّر اقتحام بيوتكم مرات ومرات، عسى أن ترجعوا وتتوبوا قبل أن نقدر عليكم وترونا على فرشكم وفوق رؤوسكم، فلا ينفعكم حينها البكاء والندم، أوَ ما سمعتم ما قاله الله تعالى في سورة القلم: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.

وإلى أسد البوادي في ولاية الشام، لله دركم من رجال، تعجز الكلمات عن وصفكم ولو كتبنا لذلك ألف مقال، يا من أرغمتم أنف النصيرية، وأحلافهم وحشودهم من الروس وإيران الصفوية، وقد خابت -بفضل الله تعالى- حملاتهم وفتحت عليهم أبوابا من الاستنزاف والجحيم، بعد أن ظنوا أنهم خارجون نحوكم نزهة وزيادة خير ونعيم، حتى بلغ بهم الحال من هول ما رأوه، أنهم -بفضل الله تعالى- لا يجرؤون على السير والعبور إلا وفوق رؤوسهم الطائرات، أو تحيط أرتالهم الدبابات، وكذلك نثني على العمليات المباركة لآساد المفارز الأمنية في الخير والبركة والرقة وحلب، وتسطيرهم الملاحم في تصفية وقتل قادة الملاحدة وفصائل الصحوات، وإننا نعزم ونشد عليكم يا كماة بقتل واستئصال خبث عمائم السوء ومشايخ العار، المتسلقين على أظهر العشائر، الذين ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون، أن تشردوا بهم من خلفهم، قال الله تبارك وتعالى: {الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأنفال: 56 - 57].

فلقد عزمنا عليكم يا أجناد الخلافة في الرقة والخير والبركة أن ترونا فيهم القتل والبؤس والدمار، اقتلوهم في الطرقات، أو ادخلوا عليهم بيوتهم وأروهم بأس الاقتحامات، واجعلوهم يتمنون الموت ولا يجدونه، فلقد باعوا دينهم وأعراضهم لملاحدة الأكراد بالأمس، واليوم حرَّضوا على انتخاب طاغوت النصيرية، فيا للعجب من أمرهم، أينتخبون ويحرضون على انتخاب من قتل أولادهم واغتصب نساءهم؟! وسلب خيراتهم ودمر مدنهم وقراهم، فما قرأنا في التاريخ من هو أشد منهم خسة ونذالة!

وإلى آساد الخلافة في ولاية سيناء العز والثبات، أرض الملاحم والبطولات، نعم الحصاد حصادكم سقط على إثره القادات، ودمرت فيه الثكنات، وسالت دماء الصحوات، فواصلوا المسير، فإن جيش فرعون مصر لا يقل سوءا عن جيش الرافضة في العراق، بعد أن فتحوا على أنفسهم قائمة طويلة من الاستنزاف لقادتهم وضباطهم وآلياتهم وأموالهم قبل جنودهم الذين أعدوهم للمحرقة والمهلكة دون مبالاة، وإننا نعزم عليكم يا آساد الخلافة في سيناء أن توسعوا وتمدوا عملياتكم المباركة إلى داخل المدن، وأن تجهزوا مفارز للكواتم واللاصقات، للعمل على تصفية رؤوس الضباط والاستخبارات، واجعلوا لعملياتكم هذه نفسا طويلا، ولا تستعجلوا قطف ثمارها.

وإلى آساد الخلافة في ولاية خراسان، شدوا العزائم والهمم ونغصوا عيش الروافض المشركين وطالبان المرتدين، كما نوصيكم بانتقاء أهداف أشد وأنكى برأس حكومة الطاغوت ومفاصلها، فإذا مكنكم الله تعالى من رأس الأفعى سقط ذيلها وكل ما عليها.

وكما نثني على العملية المباركة لآساد الخلافة في ولاية ليبيا، فهذه بداية انطلاق الشرارة، فأتبعوها غارة إثر غارة.

فيا أجناد الخلافة في كل مكان، لا تهنوا ولا تحزنوا لاجتماع ملل الكفر عليكم، فأنتم الأعلون -بإذن الله تعالى- إن ثبتم على إيمانكم وواصلتم مسير جهادكم، فما كان العلو يوما مقرونا بالتمكين، قال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].

لم يقل سبحانه إن كنتم ممكنين أو في الأرض ظاهرين، بل قال عز شأنه إن كنتم مؤمنين، فنحن الأعلون بإيماننا، ونحن الأعلون باتباع أمر ربنا وهدي نبينا -عليه الصلاة والسلام-، فطوبى لكم أيها الغرباء إن تمسكتم بإيمانكم، والسعي في إقامة شرع ربكم، فمنه سبحانه وحده العون والسداد، فكونوا لدولتكم ونصرة دينكم خير أجناد، وكونوا كالجبال الراسيات، كالأسد في الميدان لا تخشى الممات، واستشعروا خشية الرحمن، تنالوا مالم يكن في الحسبان، واعلموا أن أقدار الله تبارك وتعالى إذا حانت، فكما ينزل المطر من السماء، لا يقدر أحد صده أو منعه، فتيقنوا أن الأمر كله بيد الله العظيم، وأن النصر من عنده سبحانه وحده.

واعلموا يا من تحاربون الدولة بمختلف أسمائكم وأشكالكم، أن حربها -بفضل الله تعالى- قد أنهكتكم، وستنتهون عن كذب انتصاراتكم المزعومة التي لكم سنوات خلف سرابها تلهثون، فلقد أنهكتم جيوشكم التي هنا تطلقون، ومن هناك أذيال خيب تجرون، وحسرات عليها تتجرعون، وقلوبكم تتفطر لصولاتنا وما عنها من أخبار تسمعون، وحرب جعلتكم تائهون حائرون خائرون مرعوبون، هنا ماذا تفعلون؟، وهناك ماذا تنفقون؟!، كلا وربي ولو بعد حين ستغلبون، قال الله تبارك وتعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: 12].

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-: من ظن أن الباطل سينتصر على الحق، فقد أساء الظن بالله تعالى.

ما بالكم والأُسْد تقتحم الغمار
تبغي هدى الرحمن أنْ يعلو الديار
أيخيفهم أجناد طاغوت وعار
إنْ عاودوا عدنا إليهم بالدمار

ونكرر نداءنا إلى كافة الولايات دون استثناء، ونخص منهم ولايتي العراق والشام، بأن الشيخ أمير المؤمنين -حفظه الله تعالى- قد عزم عليكم أن تبذلوا كل ما بوسعكم لتدمير أسوار السجون، وفكاك أسرى المسلمين من سجون الملاحدة والمرتدين، فلا تدخروا وسعا في ذلك، واستعينوا على قضاء حوائجكم بالسر والكتمان، ولا تفشوا أسرار عملكم إلا لمن لزمه الأمر، من أجل التنفيذ واتخاذ ساعة الصفر، كما نعزم عليكم يا أجناد الخلافة أن تشدوا وطأتكم على القضاة والمحققين انتقاما لأسرانا، ونعلمكم أن الشيخ أمير المؤمنين قد رصد مكافآت مالية لكل من يمكنه الله تعالى من قطف رؤوس طغاة القضاء، والجزارين من المحققين، فاستعينوا بالله تعالى وارصدوا أهدافكم، واستخيروه سبحانه ثم شاوروا إخوانكم، وإذا عزمتم فتوكلوا على الله العظيم، وإذا نزلتم بساحتهم فانزلوها ببأس وجحيم.

وإلى أحبتنا وقرة عيوننا إخواننا الأسرى في كل مكان، نعلم أن فكاك أسركم واجب شرعي علينا، وأنه دين في أعناقنا ما حيينا، وأن إخوانكم قد سعوا لذلك ما أمكنهم، فاعلموا أن الأمر كله بيد الله العظيم، إذا أراد سبحانه أمرا قال له كن فيكون، فيا أحبتنا وقرة عيوننا كونوا كما عهدناكم، رجالا مؤمنين بأقدار الله تعالى خيرها وشرها، ولا تجزعوا أو تفتروا، فالأمر أمر الله تعالى وقضاؤه، فاصبروا وتصابروا، واستغفروا وتذاكروا، قال الله تبارك وتعالى: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107].

وأما رسالتنا إلى غثاء السيل،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)،فقال قائل:من قلة نحن يومئذ؟ قال: (بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن)، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال:(حب الدنيا، وكراهية الموت). أما آن لكم أن تصحوا من سكركم وغفلتكم؟!، أما آن لكم أن تعوا حقيقة ما يدور من حولكم؟!، أما بان لكم اجتماع الأكلة من جميع الأمم عليكم؟!، أما رأيتم بأم أعينكم تسابقهم وتنافسهم لأكلكم وتضييعكم؟!، فلما رأوا منكم صمت القبور، تجرؤوا عليكم ونزعت المهابة من صدورهم تجاهكم، حتى أخذوا بأيدكم نحو الضياع والثبور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).فهذا هو ملخص الداء، وما لكم غير الجهاد دواء، ولقد جربتم السلم لسنوات طويلة، حتى أصبحتم خبراء سلم دون منازع، فماذا تنتظرون؟!،وماذا تتأملون؟!، بعد أن انكشفت لكم جميع الحقائق التي ذكرناها لكم قبل سنين،بأن طواغيت العرب المرتدين هم خدم لمشروع اليهود، وقد عمل بلاعمتهم من علماء الانبطاح تكذيب صريح القول الذي أشرنا إليه مرارا وتكرارا، فها هو جيش طاغوت الأردن، وها هو جيش فرعون مصر، قد سارعوا بالعمل على حماية حدود أسيادهم اليهود، لمجرد سماعهم بتوجه بعض الشباب إليها، فها قد بان كذب بلاعمتهم وحمير علمهم وخداعهم لكم، بعد أن ظننتم أن الطواغيت سينصرون قضية فلسطين ويأخذوا بثأر أهلها، وهنا لكم حق السؤال: أين أسراب طائرات ما يسمى "التحالف العربي" عن نصرة فلسطين، التي صبت نار حقدها بالأمس على المسلمين في الشام والعراق؟!،بزعمهم أننا عملاء لليهود، فإن كانت تلك حربهم على العملاء كما زعموا!،فأين هم اليوم عن قتال اليهود أنفسهم واستنقاذ أهل فلسطين منهم؟!، وأين طائرات دجال تركيا، التي قصفت بالأمس مدن ومناطق ريف حلب الشمالي عندما كانت تحت سلطان دولة الإسلام؟،أتدرون متى ستشارك طائرات كفر التحالف العربي؟عندما تجدون أجناد الخلافة يقاتلون اليهود في فلسطين، في ذلك الحين ستُصدر الأوامر من أسيادهم بالدفاع عن اليهود، فها هي الحقائق قد انجلت أمام عُمْي البصر والبصيرة، ولكن أكثركم للحق كارهون، قال الله تبارك وتعالى:{لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}[الزّخرف: 78]، وقال سبحانه: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}[يوسف: 103]. ويا للعجب من بعض الحثالات في فلسطين، يا للعجب لأمركم،أتستنكرون بالأمس من تطبيع طواغيت الخليج وأتباعهم ومطاياهم مع اليهود!،وأنتم اليوم أظهرتم تطبيعكم بكل بجاحة ووقاحة مع إيران الصفوية المجوسية،الطعانة اللعانة السبابة بعرض وصحب خير البرية -عليه الصلاة والسلام-؟!،أوَ بعد كل هذا تسألون عن سبب خذلانكم؟!،وتجرُّؤ كل من تاجر بكم وعمل على ظلمكم وقتلكم والتعدي على حرماتكم، فوالذي رفع السبع الطباق، لا تقوم لكم قائمة حتى تتوبوا وتؤوبوا وترجعوا لدينكم،فمن ابتغى العزة بغير الإسلام أذله الله العلي العزيز، فأي ذل بعد ذلكم!، وأي حال بعد حالكم!،فلم تعد القضية عندكم إلا قضية هتافات وتصفيق وتطبيل، ورفع صور هلكى الروافض عند بيت المقدس والترحم عليهم، والثناء على الحشود الرافضية في العراق الذين ساموا أهل السنة سوء العذاب.

وهنا نخاطب من بقي له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد، الذين سلموا من فتنة موالاة الروافض وعبيدهم، نقول لهم: يا أهل فلسطين اعلموا أن الحق لا يسترد بالسلم والانبطاح،بل بالجهاد وبذل الدماء ونزف الجراح،فيا قومنا أفيقوا لحالكم، وتنبهوا لمآلكم، واصحوا من سباتكم وغفلتكم، وعودوا لرشدكم وصوابكم،وحق عليكم يا أهل فلسطين وجميع أهل الشام،أن تلعنوا فصائل صحوات العار، ما بقيت لكم باقية وشهدت عيونكم الدمار، فلقد أخروا زحف أجناد الخلافة عن نصرتكم وقتال اليهود، بعد أن باتوا حجر عثرة في طريقنا، فبالله عليكم، مَن العملاء الذين يعملون لليهود والصليبيين بالوكالة؟! وها قد بانت لكم حقيقة إخوان الشياطين،وفصائلهم المرتزقة في فلسطين، أوَ بعد كل هذا ترتجون النصر منهم؟!، فلا يغرنكم ما أطلقوه من قذائف وصواريخ، فما أطلقت تلبية لصرخاتكم أو لرفع الظلم عنكم، بل تلبية لنداء أسيادهم الفرس،وما هي إلا سياسة خصوم بينهم وبين اليهود، وإلا، فليس ظلم وبطش اليهود بكم وليد اليوم واللحظة، فلمَ لا تستمر تلك الصواريخ لاسترداد حقوقكم وما سلبه اليهود منكم،ولدفع شرهم عنكم؟! فها قد اتضحت لكم الحقائق وعاينت أعينكم الداء،فعلى كل صادق منكم أن يسعى لطلب الجهاد ورفع البلاء،وقتال فصائل إيران حمير الإخوان،واعلموا أن الموت الذي تفرون منه والله إنه ملاقيكم، فاحرصوا على بذل أرواحكم في سبيل الله رخيصة وأنتم في سوح القتال، مخضبين بالدماء عند النزال، لا في سوح السلم والانبطاح والإذلال.

وإننا نكرر نداءنا لصحوات الردة والعار، خلوا بيننا وبين النصيرية، خلوا بيننا وبين اليهود، أما كفاكم ما خذلتم به الموحدين؟، أما كفاكم ما صنعتم من أنفسكم عبيدا وأحذية ومطية لأجندات الداعمين؟، فيا فصائل الصحوات، خلوا بيننا وبين أسيادكم؛ كي نعتقكم منهم وتكونوا أحرارا من رقهم.

ورسالتنا إلى الحاقدين الطاعنين المتشدقين المتنطعين، من زعموا أنهم على الحق المبين: عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير الناس في الفتن رجل آخذ بعنان فرسه أو قال برسن فرسه خلف أعداء الله يخيفهم ويخيفونه، أو رجل معتزل في باديته يؤدي حق الله تعالى الذي عليه).

فهذا توصيف لحال خير الناس إن أصابتهم الفتن، فما بالك يا من شرحتَ صدرك وأطلقت لسانك وقلمك وبنانك، وتجرأت بالطعن واللعن والهمز واللمز بالمجاهدين، ما بالكم، إذا أصابتكم الفتن لا تعرفون غير جماعة المسلمين لتطعنوا وتشوّهوا جهادها، وتسبوا أجنادها، أما كفاكم تخاذلكم وقعودكم عن نصرة دينكم؟! لكنه الباطل الذي زينتموه لأنفسكم ولمن سار خلفكم، قال الله تبارك وتعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن العاصي يعلم أنه عاص فيتوب، والمبتدع يحسب أن الذي يفعله طاعة فلا يتوب!"، وقد ذكر الله تعالى واصفا حال أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} فأجابوا من جملة ما قالوا: { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدّثرّ: 45].

فيا من تخوض مع الخائضين، وتطعن وتلعن بالموحدين، حتى تجرأت واستمرأت الطعن بمن سبقك في طريق الجهاد قبل قرابة العقدين من الزمان، والواحد منكم -في ذلك الوقت- لم يتم الرضاعة ولم يفصل بعد، واسمعوا ما قاله الله تعالى في كتابه العزيز: { لِّيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: 8].

فسبحان الله، سيسأل الصادق عن صدقه، فما بالكم يامن تفترون علينا الكذب، كيف سيكون حالكم وسؤالكم؟! وكيف ستجيبون المولى العظيم، فأعدوا لهذا السؤال جوابا، وتداركوا أنفسكم أيها المساكين قبل يوم الحساب، وكفوا شركم عن جهاد الموحدين، واحفظوا قدر أنفسكم أيها الصبية المارقين، فشتان بين رجال الدولة الذين يحملون هم الأمة، وبين الذكور الذين تحمل الأمة همهم.

ما ضرنا نبح الكلاب وفعلها
فالأُسد لا تخشى سوى الرحمن
أجناد دولتنا هلموا أقدِموا
لعداكم كونوا كما البركان
قد حار أهل الزيغ عن إيقافكم
كادوا لكم بمكائد الشيطان
وطلائع الإيمان تمضي ثابتة
تبغي الوصول لجنة الرحمن

قال الفضيل بن عياض -رحمه الله تعالى-: "عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل، ولا تغتر بكثرة الهالكين، وكلما استوحشت في تفردك، فانظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم، وغض الطرف عمن سواهم، فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، وإذا صاحوا بك في طريق سيرك، فلا تلتفت إليهم، فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك".

فيا رب نسألك من فضلك وكرمك وجودك، أن تربط على قلوبنا وتثبت أقدامنا، وألا تفارق أرواحنا أجسادنا إلا بشهادة في سبيلك ترضى بها عنا، مقبلين غير مدبرين، ثابتين غير مبدلين، قاهرين لعدوك مثخنين، ولسان الحال يقول لهم:
كالأسد في الميدان يوم لقائكم
كالصارم البتار فوق رقابكم

وختاما هذه بعض النصائح التي أذكر بها نفسي وإخواني المجاهدين، إياكم يا أجناد الخلافة، إياكم ثم إياكم من مأثمة الظنون وكذب الحديث، قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَقَاطَعُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا".

وتجنبوا الغيبة والنميمة، قال الله تبارك وتعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12]. ولكم أن تتخيلوا بشاعة المنظر، أن يكون أحدكم فوق جثة أخيه ويأكل من لحمه، والدم يسيل من فمه، فبشاعة الغيبة كبشاعة ذلك المنظر، فلا تتهاونوا في أمركم سددكم الله تعالى.

وتصدقوا ولو بالقليل الميسور، قال الله تبارك وتعالى: { وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: 10]. فيقول المتمني عند طلبه تأخير الموت عنه (فأصّدق) ولم يذكر شيئا غير الصدقة؛ لما لها من أثر مبارك، وما قد ادخره الله تعالى عنده للمتصدقين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ).

وإياكم ثم إياكم والظلم، احذروه وحذّروا منه واتقوه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الظُّلْمَ فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يومَ القيامة)، فلا تظلموا أنفسكم وإخوانكم ومَن ولاكم الله تعالى أمرهم، وإننا نبرأ إلى الله تعالى من كل ظلم يقع بقصد أو دون قصد، فسارعوا وبادروا وأعطوا لكل ذي حق حقه قبل يوم الحساب {وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النّحل: 93].

ولا بد عليكم يا أجناد الخلافة، أن تدركوا مكانتكم، والنعم العظيمة التي أفاء الله تعالى بها عليكم دون غيركم، وأن تشكروه سبحانه وتعالى على نعمه الظاهرة والباطنة، ما علمتم منها وما لم تعلموا، شكرا لا يفارق الألسن والقلوب، ووالله لتكفي نعمة الهداية لو بقيت وحدها من النعم، فهي لو وضعت في كفة، وتقابلها الدنيا في كفة أخرى، لرجحت كفة الهداية؛ فالدنيا فانية بالية، والهداية موصلة لجنةٍ باقيةٍ عاليةٍ -بإذن الله تعالى-، فاحتسبوا الأجر يا أجناد الخلافة، وحسبنا أنكم لا تؤجرون فقط على جهادكم وقتالكم في سبيل الله تعالى، بل قد أجري للموحدين -بإذن الله تعالى- أجرا من أفواه الطاعنين، مَن يغتابكم ويسفّه أحلامكم، أو يطعن بجهادكم وعقيدتكم ومسيركم ومنامكم وبكل شيء في حياتكم، اعلموا أنكم ستؤجرون عليه -بإذن الله تعالى-، وسيؤخذ أجر ذلك منهم رغم أنوفهم.

وهذا تذكير لعامة المسلمين، وكل من سمع ما ذكرناه من كلام رب العالمين، قال المولى عزَّ وجلّ: {لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21]. فبالله عليكم، أتعدلون حجارة أو حصى صغيرة من ذلك الجبل الذي يقف خاشعا متصدعا من خشية الله وما نزل عليه من الذكر؟! فيا من خلقتم من ماء مهين، متى ستقفون خاشعين متصدعين، لأمر وخشية الله رب العالمين؟! {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التّكوير: 26 - 29].

وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 291
الخميس 7 ذو القعدة 1442 هـ